برلين – الوكالات: صنّفت ألمانيا موسكو على أنّها «أكبر تهديد للسلام»، بينما وصفت بكين بأنّها «خصم منهجي»، في قلب استراتيجيتها للأمن القومي، وهي وثيقة غير مسبوقة تمّ الكشف عنها أمس.
وبعد أشهر من النقاشات والتوترات داخل الائتلاف الحاكم، عرضت حكومة أولاف شولتس هذه الخلاصة المؤلّفة من نحو 80 صفحة، والتي تحدّد التحدّيات الأمنية التي تواجهها القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا.
وقال المستشار الألماني أمام الصحافة محاطاً بعدد من وزرائه الرئيسيين «للمرة الأولى في تاريخ بلادنا، وضعنا استراتيجية للأمن القومي».
تمّ الإعلان عن هذه الوثيقة وتأجيلها مراراً، غير أنّها رأت النور أخيراً فيما يشهد التحالف الحكومي تراجعاً في استطلاعات الرأي، بينما تظهر توترات بين أعضائه المنتمين إلى حزب الخضر والليبراليين بشأن الميزانية ومكافحة الاحتباس الحراري.
تقدّم هذه الوثيقة، التي تعدّ أقلّ طموحاً مما نصّ عليه عقد التحالف المبرم في نهاية عام 2021، نظرة عامة على القضايا الأمنية، من العلاقات مع موسكو وبكين إلى الأمن السيبراني والتهديدات المناخية.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية انالينا بيربوك التي تنتمي لحزب «الخضر»، أثناء عرض الوثيقة، «الأمن في القرن الحادي والعشرين يتعلّق بالحصول على الأدوية الحيوية من الصيدليات على نحو موثوق. الأمن يعني عدم التجسّس من قبل الصين عند الدردشة مع الأصدقاء أو التلاعب من قبل الروبوتات الروسية عند تصفّح شبكات التواصل الاجتماعي».
ومن دون مفاجآت، رأت المانيا أن روسيا تحتلّ مرتبة «أكبر تهديد للسلام والأمن في المنطقة الأوروبية الأطلسية في المستقبل المنظور». وكانت العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير 2022 بمثابة «تغيير تاريخي» للسياسية الخارجية والدفاعية الألمانية، وفقاً لشولتس، الأمر الذي يجب أن يؤدي إلى إعادة تسليح البلاد.
وفي هذ السياق، تستعدّ ألمانيا لتخصيص أربعة مليارات يورو للحصول على نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي «آرو».
كذلك، تؤكد برلين رغبتها في تخصيص 2 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي للدفاع، على الرغم من أنّ المسار المالي لهذه الغاية لا يزال غير واضح.
من جهة أخرى، تستهدف الاستراتيجية الأمنية الصين، مشيرة في الوقت ذاته إلى أنّها «شريك ومنافس وخصم منهجي».
وقالت الحكومة الألمانية في وثيقتها، إنّ «الصين تحاول بطرق مختلفة إعادة تشكيل النظام الدولي القائم على أسس، وتدّعي بشكل عدواني أكثر فأكثر السيادة الإقليمية وتتصرف باستمرار بشكل يتعارض مع مصالحنا وقيَمنا».
وأضافت «نرى أنّ عناصر الخصومة والمنافسة قد ازدادت في السنوات الأخيرة».
ومن المتوقع أن يصل وفد من المسؤولين الصينيين برئاسة رئيس الوزراء لي تشيانغ إلى برلين الأسبوع المقبل، لإجراء مشاورات ألمانية-صينية.
ومن منظور برلين، «يتعرّض الاستقرار الإقليمي والأمن الدولي للضغوط بشكل متزايد»، في ظل تصرّفات بكين، كما أنّ «حقوق الإنسان لا تُحترم».
غير أنّ الوثيقة تؤكد أنّه رغم كلّ شيء، «تبقى الصين في الوقت نفسه شريكاً لا يمكن بدونه حلّ العديد من التحديات والأزمات العالمية».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك