الكويت – (رويترز): أسفرت انتخابات مجلس الامة التي أجريت يوم الثلاثاء بالكويت عن مشهد برلماني معقد فاز فيه غالبية من النواب المعروفين تقليديا بمواقفهم المعارضة للحكومات السابقة وهو ما قد يعقد مهمة رئيس الوزراء الشيخ أحمد النواف الصباح في اصلاح الاقتصاد والمالية العامة إذا لم يتمكن من الوصول معهم إلى تفاهمات حول القضايا الشائكة.
نسبة التغيير في المجلس الجديد المكون من خمسين عضوا بلغت 24 في المائة مقارنة ببرلمان 2022 الذي تم انتخابه في 29 سبتمبر وحكمت المحكمة الدستورية ببطلانه في مارس الماضي اذ تمكن 38 عضوا من أعضائه من العودة مرة أخرى.
مقاعد الشيعة تقلصت من تسعة مقاعد في 2022 إلى سبعة فقط وفازت النائبة جنان محسن رمضان بمقعد وحيد للمرأة مقارنة بمقعدين للمرأة في 2022.
وحافظت الحركة الدستورية الاسلامية على نفس المقاعد الثلاث المعلنة لها لكن يعتقد أن لها نوابا آخرين غير معلنين بينما فاز السلفيون بعدد آخر من المقاعد.
التغير المهم في هذه الانتخابات هو فوز مرزوق الغانم رئيس البرلمان الاسبق الذي هيمنت شخصيته على الحياة السياسية والبرلمانية الكويتية طوال العقد الماضي بعضوية المجلس الجديد بعد أن عزف عن خوض انتخابات 2022.
ويرى محللون أن الغانم الذي كان متحالفا مع رؤساء الحكومات السابقة طوال عشر سنوات وكان هدفا لهجوم المعارضة التقليدية قد يشكل كتلة من «المعارضة الجديدة».
كما لا يستبعد هؤلاء تحول كثير من نواب المعارضة السابقة التي تضم اسلاميين وقبليين وليبراليين ومستقلين وسنة وشيعة الى تأييد رئيس الحكومة الحالي.
وقال المحلل السياسي الدكتور صالح السعيدي ان استمرار حالة الاضطراب السياسي مرهق للحكومة والبرلمان، متوقعا ألا يغامر النواب بصدام جديد مع الحكومة وصولا إلى حل البرلمان «لأن العودة إلى الانتخابات تشكل كابوسا لهم. أن يخوضوا أربع انتخابات في أربع سنوات هذا لم يحدث في تاريخ الكويت».
وتوقع السعيدي أن تستخدم الحكومة هذه الورقة «لتهدئة وترويض أي جموح للمجلس».
وقال السعيدي ان خلق توافق بين الحكومة والبرلمان يتطلب وجود عدد أكبر من النواب المنتخبين كوزراء في الحكومة لأن اختيار «وزيرين (من نواب البرلمان) لا يكفي لكي تكون هناك علاقة قوية بين المجلس والحكومة».
بينما اعتبر نصار الخالدي رئيس شركة مجموعة قياس للاستشارات السياسية الاستراتيجية أنه سيكون بمقدور مرزوق الغانم تشكيل كتلة من «المعارضة الجديدة» تزيد على عشرة نواب وهذا في حد ذاته قد يدفع أغلبية نواب البرلمان إلى التحالف مع رئيس الحكومة.
وقال الخالدي ان ما وصفها «بالكتلة الوطنية» التي شكلت المعارضة سابقا وتشكل الان أغلبية النواب «لا تمتلك مشاريع جماعية وإنما مشاريع فردية»، متوقعا أن يسعى رئيس الحكومة لتعيين وزراء يمكنهم اجراء حوار بين نواب هذه الكتلة والحكومة «رغم فشل تجربة الحوار في المجلس السابق».
وأضاف الخالدي أنه «عندما نشخص المشاكل نعرف الحل. الكل فاهم أنه لا بد من ايجاد حلول وسط»، مشيرا الى أن برنامج الحكومة وأولوياتها وكيفية التفاهم حولها مع النواب سيشكلان أهم قضايا المرحلة المقبلة.
وتعيش الكويت منذ سنوات صراعا مستمرا بين الحكومة والبرلمان عطّل مشاريع الاصلاح الاقتصادي والمالي ولا سيما اقرار قانون الدين العام حيث تعتمد الميزانية العامة على الايرادات النفطية بنحو 90 في المائة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك