العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٧ - الأحد ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٢ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

عربية ودولية

تحليل: الإسلاميون السودانيون ينقلبون على أهم حليف لهم الجنرال البرهان

الثلاثاء ٣٠ مايو ٢٠٢٣ - 02:00

الخرطوم‭ - (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬بدأت‭ ‬بوادر‭ ‬صراع‭ ‬وشيك‭ ‬بين‭ ‬الإسلاميين‭ ‬السودانيين‭ ‬وقائد‭ ‬الجيش‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬البرهان،‭ ‬إذ‭ ‬يسعى‭ ‬هؤلاء‭ ‬اليوم‭ ‬للتخلص‭ ‬منه‭ ‬ويعتبرونه‭ ‬متساهلا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اللزوم،‭ ‬بينما‭ ‬يخوض‭ ‬الرجل‭ ‬منذ‭ ‬ستة‭ ‬أسابيع‭ ‬حربا‭ ‬على‭ ‬جبهة‭ ‬أخرى‭ ‬ضد‭ ‬نائبه‭ ‬السابق‭ ‬محمد‭ ‬حمدان‭ ‬دقلو‭. ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حكم‭ ‬عمر‭ ‬البشير‭ ‬الذي‭ ‬امتد‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود،‭ ‬هيمن‭ ‬الإسلاميون‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وأسسوا‭ ‬شبكة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المصالح‭ ‬المالية‭ ‬والتجارية‭ ‬والسياسية‭.‬

وحكم‭ ‬عسكريون‭ ‬السودان‭ ‬مدة‭ ‬55‭ ‬عاما‭ ‬منذ‭ ‬حقق‭ ‬استقلاله‭ ‬قبل‭ ‬67‭ ‬عاما،‭ ‬بحسب‭ ‬ريفت‭ ‬فالي‭ ‬إنستيتوت‭. ‬ويؤكد‭ ‬هذا‭ ‬المركز‭ ‬البحثي‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السياسة‭ ‬السودانية‭ ‬مرتبطة‭ ‬ارتباطا‭ ‬عضويا‭ ‬بالعسكريين،‭ ‬والجيش‭ ‬هناك‭ ‬مؤسسة‭ ‬مسيسة‮»‬‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬عندما‭ ‬اضطر‭ ‬الجيش‭ ‬إلى‭ ‬إطاحة‭ ‬البشير‭ ‬تحت‭ ‬ضغط‭ ‬الشارع،‭ ‬ابتعد‭ ‬الإسلاميون‭ ‬عن‭ ‬الواجهة‭. ‬وتم‭ ‬حظر‭ ‬حزب‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتزعمه‭ ‬البشير‭ ‬ووضع‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬السجن‭. ‬

واختار‭ ‬الجيش،‭ ‬لتهدئة‭ ‬خواطر‭ ‬الشارع‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬‮«‬ضابطا‭ ‬مجهولا‮»‬‭ ‬هو‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬البرهان،‭ ‬لوضعه‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬البلاد،‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقول‭ ‬الباحث‭ ‬أليكس‭ ‬دي‭ ‬فول‭. ‬وراح‭ ‬البرهان‭ ‬يكثر‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬المناوئة‭ ‬للإسلاميين‭ ‬وحزب‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭. ‬لكن‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬أدى‭ ‬اشتعال‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬15‭ ‬ابريل‭ ‬إلى‭ ‬الفوضى‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬وإلى‭ ‬هرب‭ ‬قادة‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬السجون،‭ ‬ظهر‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬مجددا‭ ‬ليعلن‭ ‬دعمه‭ ‬للجيش‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬التي‭ ‬يتزعمها‭ ‬دقلو‭. ‬

ويقول‭ ‬عثمان‭ ‬ميرغني‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬يومية‭ ‬التيار‭ ‬المستقلة‭: ‬‮«‬الإسلاميون‭ ‬يستثمرون‭ ‬في‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاستثنائية‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البلاد‭ ‬ليضمنوا‭ ‬وضعا‭ ‬في‭ ‬التسوية‭ ‬السياسية‭ ‬المقبلة‮»‬‭. ‬وتجلت‭ ‬عودتهم‭ ‬بقوة‭ ‬عندما‭ ‬وجه‭ ‬البرهان‭ ‬الجمعة‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬انطونيو‭ ‬غوتيريش‭ ‬يطلب‭ ‬فيها‭ ‬تغيير‭ ‬موفده‭ ‬إلى‭ ‬السودان‭ ‬فولكر‭ ‬بيرثيس‭. ‬وقال‭ ‬البرهان‭ ‬إن‭ ‬الموفد‭ ‬الأممي‭ ‬صار‭ ‬‮«‬طرفا‭ ‬وليس‭ ‬وسيطا‮»‬‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬واتهمه‭ ‬بارتكاب‭ ‬‮«‬تدليس‭ ‬وتضليل‮»‬‭ ‬أثناء‭ ‬قيادته‭ ‬عملية‭ ‬سياسية،‭ ‬ما‭ ‬‮«‬شجع‮»‬،‭ ‬وفقا‭ ‬له،‭ ‬دقلو‭ ‬على‭ ‬‮«‬شن‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‮»‬‭. ‬

وكان‭ ‬الإسلاميون‭ ‬يعترضون‭ ‬على‭ ‬المبعوث‭ ‬الأممي‭ ‬ويتظاهرون‭ ‬منذ‭ ‬أشهر‭ ‬للمطالبة‭ ‬باستبداله‭. ‬لكن‭ ‬ميرغني‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬البرهان‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬‮«‬قطعة‭ ‬شطرنج‭ ‬في‭ ‬السياسية‭ ‬السودانية‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬تيارا‭ ‬سياسيا،‭ ‬لكن‭ ‬دوره‭ ‬يرتبط‭ ‬بوظيفته‭ ‬كضابط‭ ‬بالقوات‭ ‬المسلحة‮»‬‭. ‬ويشير‭ ‬أليكس‭ ‬دي‭ ‬فال‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬البرهان‭ ‬‮«‬يواجه‭ ‬عوائق‭ ‬عدة‮»‬‭. ‬ويتابع‭ ‬هذا‭ ‬الخبير‭ ‬بالشؤون‭ ‬السودانية‭: ‬‮«‬خلافا‭ ‬لدقلو‭ ‬والبشير‭ ‬من‭ ‬قبله،‭ ‬ليست‭ ‬لديه‭ ‬موارد‭ ‬مالية‭ ‬خاصة‭ ‬لكي‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬عقد‭ ‬تسويات‭ ‬سياسية‮»‬‭. ‬ويضيف‭: ‬‮«‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬أجبر‭ ‬دوما‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬العسكريين‭ ‬ومع‭ ‬الحرس‭ ‬القديم‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬القرارات‭ ‬المهمة‮»‬‭. ‬

ويرى‭ ‬أمير‭ ‬بابكر‭ ‬رئيس‭ ‬تحرير‭ ‬موقع‭ ‬مواطنون‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬القرن‭ ‬الإفريقي‭ ‬أن‭ ‬البرهان‭ ‬‮«‬خلق‭ ‬علاقة‭ ‬مع‭ ‬الإسلاميين‭ ‬لتحقيق‭ ‬طموحه‭ ‬في‭ ‬الحكم‮»‬‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬محاولته‭ ‬‮«‬إظهار‭ ‬الابتعاد‭ ‬عنهم‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬استجاب‭ ‬لضغوطهم‭ ‬بسبب‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬ونفذ‭ ‬انقلاب‭ ‬الخامس‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‮»‬‭ ‬2021،‭ ‬وفقا‭ ‬له‭. ‬قام‭ ‬البرهان‭ ‬بالانقلاب‭ ‬قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أسابيع‭ ‬من‭ ‬الموعد‭ ‬المحدد‭ ‬لتسليم‭ ‬السلطة‭ ‬الى‭ ‬المدنيين‭. ‬وسمح‭ ‬ذلك‭ ‬أيضا‭ ‬بتجميد‭ ‬أنشطة‭ ‬لجنة‭ ‬تفكيك‭ ‬شبكات‭ ‬نظام‭ ‬البشير‭ ‬وإمبراطوريته‭ ‬الاقتصادية‭. ‬واضطر‭ ‬أخيرا‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬تغيير‭ ‬موفد‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬

وقال‭ ‬محلل‭ ‬عسكري‭ ‬طلب‭ ‬عدم‭ ‬كشف‭ ‬هويته‭: ‬‮«‬الإسلاميون‭ ‬لديهم‭ ‬وجود‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬العسكرية‭ ‬عملوا‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬وصولهم‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬انقلاب‭ ‬البشير‭ ‬عام‭ ‬1989‮»‬‭. ‬وتابع‭: ‬‮«‬حاول‭ ‬البرهان‭ ‬إبعاد‭ ‬بعضهم،‭ ‬ولكنه‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬أبقى‭ ‬على‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‮»‬‭. ‬اليوم‭ ‬يجد‭ ‬البرهان‭ ‬نفسه‭ ‬وحيدا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الإسلاميين‭ ‬الذين‭ ‬يتهمونه‭ ‬بالتساهل‭ ‬مع‭ ‬قوات‭ ‬الدعم‭ ‬السريع‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬جيدة‭ ‬معها،‭ ‬إذ‭ ‬عمل‭ ‬ضابطا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬وسط‭ ‬دارفور‭ ‬العسكرية‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬اندلع‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬الواقع‭ ‬غرب‭ ‬البلاد‭ ‬عام‭ ‬2003‭. ‬وكان‭ ‬يومها‭ ‬دقلو‭ ‬قائدا‭ ‬لقوات‭ ‬الجنجويد‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬الرعب‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭. ‬

ويقول‭ ‬ميرغني‭: ‬‮«‬هو‭ ‬مجرد‭ ‬ضابط‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬تنتهي‭ ‬مهمته‭ ‬بانتهاء‭ ‬وظيفته،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يتحقق‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬مباشرة‮»‬‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا