العدد : ١٧٤٣٢ - الأحد ١٤ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤٣٢ - الأحد ١٤ ديسمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

هو مخطئ وهي مجرمة

هي‭ ‬شابة‭ ‬جامعية‭ ‬مصرية،‭ ‬تزوجت‭ ‬عن‭ ‬اقتناع،‭ ‬وليس‭ ‬عن‭ ‬يأس،‭ ‬برجل‭ ‬يكبرها‭ ‬بعدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬السنوات،‭ ‬وفي‭ ‬بداية‭ ‬الشهر‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬كانت‭ ‬تتنزه‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬عام‭ ‬عندما‭ ‬استوقفتهم‭ ‬إحدى‭ ‬قريبات‭ ‬الزوج‭ ‬وسألته‭: ‬ازاي‭ ‬بناتك‭.. ‬ماشين‭ ‬كويس‭ ‬في‭ ‬المدرسة؟‭ ‬قالت‭ ‬العروس‭ ‬لنفسها‭: ‬بنات‭ ‬إيه‭ ‬يا‭ ‬مخبولة؟‭ ‬دا‭ ‬أحنا‭ ‬يدوب‭ ‬متجوزين‭ ‬من‭ ‬سبعين‭ ‬يوم‭ ‬بالضبط‭! ‬وبعدين‭ ‬مش‭ ‬بنت‭ ‬واحدة‭.. ‬لا،‭ ‬بنات‭ ‬كده‭ ‬بالجملة‭!! ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬تحس‭ ‬بأن‭ ‬السيدة‭ ‬التي‭ ‬سألت‭ ‬عن‭ ‬أحوال‭ ‬‮«‬البنات‮»‬‭ ‬ليست‭ ‬مخبولة،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬زوجها‭ ‬تلجلج‭ ‬وارتبك،‭ ‬وهكذا‭ ‬أحست‭ ‬أن‭ ‬الحكاية‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬إنّ‮»‬،‭ ‬ولما‭ ‬عادا‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬سألته‭ ‬عن‭ ‬حكاية‭ ‬‮«‬البنات‮»‬،‭ ‬فانهار‭ ‬وقال‭ ‬لها‭: ‬بصراحة‭ ‬أنا‭ ‬متجوز‭ ‬من‭ ‬ست‭ ‬طيبة‭ ‬وبحبها‭ ‬وعندي‭ ‬منها‭ ‬أربع‭ ‬بنات‭ ‬وتجوزتك‭ ‬عشان‭ ‬نفسي‭ ‬أخلف‭ ‬ولد‭!! ‬فقدت‭ ‬العروس‭ ‬الشابة‭ ‬توازنها‭ ‬العقلي‭ ‬ووجدت‭ ‬سكينا‭ ‬في‭ ‬يدها‭ ‬فغرستها‭ ‬في‭ ‬صدره‭ ‬وقتلته‭.‬

في‭ ‬محكمة‭ ‬المرور‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مقولة‭ ‬معروفة‭ ‬يتداولها‭ ‬الجمهور‭ ‬والشرطة‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المرحوم‭ ‬غلطان‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬الحوادث‭ ‬المرورية‭ ‬المؤدية‭ ‬إلى‭ ‬الوفاة‭ ‬فإن‭ ‬المتوفى‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬خطأ‭.. ‬الزوج‭ ‬القتيل‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬خطأ‭ ‬‭ ‬والله‭ ‬أعلم‭ ‬‭ ‬لأنه‭ ‬أخفى‭ ‬عن‭ ‬الزوجة‭ ‬الشابة‭ ‬كونه‭ ‬متزوجا‭ ‬سلفا‭ ‬وعنده‭ ‬أربع‭ ‬بنات،‭ ‬وهو‭ ‬وغيره‭ ‬مخطئون‭ ‬عندما‭ ‬يحسبون‭ ‬أن‭ ‬بويضة‭ ‬أو‭ ‬رحم‭ ‬المرأة‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يحدد‭ ‬جنس‭ ‬الجنين‭. ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬تطلقت‭ ‬آلاف‭ ‬مؤلفة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬باعتبار‭ ‬أنهن‭ ‬‮«‬نحس‮»‬‭ ‬ولم‭ ‬ينجبن‭ ‬سوى‭ ‬البنات‭ (‬ونحن‭ ‬أمة‭ ‬لا‭ ‬حاجة‭ ‬بها‭ ‬إلى‭ ‬البنات‭ ‬بل‭ ‬إلى‭ ‬الرجال‭ ‬لأن‭ ‬البنات‭ ‬لا‭ ‬يستطعن‭ ‬أن‭ ‬يخرجن‭ ‬في‭ ‬مظاهرات‭ ‬للهتاف‭ ‬بسقوط‭ ‬اسرائيل‭.. ‬فهذا‭ ‬‮«‬شغل‭ ‬رجالة‮»‬‭).. ‬والعروس‭ ‬الشابة‭ ‬الجامعية‭ ‬مجرمة‭ ‬بمعايير‭ ‬القوانين‭ ‬السماوية‭ ‬والوضعية،‭ ‬فالرجل‭ ‬القتيل‭ ‬لم‭ ‬يخدعها‭ ‬وتزوج‭ ‬‮«‬عليها‮»‬‭ ‬سرا،‭ ‬بل‭ ‬فقط‭ ‬لم‭ ‬يصارحها‭ ‬بكونه‭ ‬متزوجا‭ ‬سلفا‭. ‬وهذه‭ ‬ليست‭ ‬‮«‬جريمة‮»‬‭ ‬وحتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬جريمة‭ ‬فالمسألة‭ ‬مش‭ ‬سايبة‭ ‬فيمسك‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬القانون‭ ‬بيديه‭!! ‬وبحسب‭ ‬فهمي‭ ‬للقانون‭ ‬فإنها‭ ‬تواجه‭ ‬تهمة‭ ‬القتل‭ ‬غير‭ ‬العمد‭ ‬وعليها‭ ‬قضاء‭ ‬دهر‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬السجن‭. ‬وهكذا‭ ‬ضاع‭ ‬على‭ ‬الزوجة‭ ‬الشابة‭ ‬شريك‭ ‬الحياة‭ ‬وضاعت‭ ‬عليها‭ ‬الشهادة‭ ‬الجامعية‭ ‬وستضيع‭ ‬سنوات‭ ‬شبابها‭ ‬خلف‭ ‬القضبان‭.‬

يحلو‭ ‬لنا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬معدلات‭ ‬الجريمة‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬عالية‭ ‬ومريعة،‭ ‬وهذا‭ ‬قول‭ ‬صحيح‭ ‬في‭ ‬معظمه،‭ ‬ولكن‭ ‬معدلات‭ ‬العنف‭ ‬عندنا‭ ‬صارت‭ ‬عالية‭ ‬جدا‭. ‬عندنا‭ ‬يتحول‭ ‬الجدل‭ ‬الى‭ ‬اشتباك‭ ‬بالأيدي‭ ‬لأتفه‭ ‬الأسباب،‭ ‬ولا‭ ‬يمر‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أقرأ‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬عن‭ ‬مشاجرة‭ ‬نسائية‭ ‬جماعية‭ ‬في‭ ‬حفل‭ ‬زواج‭ ‬لسبب‭ ‬او‭ ‬لآخر‭ (‬ونسمي‭ ‬حفل‭ ‬الزواج‭ ‬‮«‬فرح‮»‬‭).. ‬نحو‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬الأمهات‭ ‬والآباء‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬لا‭ ‬يضربون‭ ‬عيالهم‭ ‬بينما‭ ‬عندنا‭ ‬يعاني‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬العيال‭ ‬من‭ ‬الضرب‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬الوالدين‭ ‬او‭ ‬المدرسين‭. ‬تابع‭ ‬برامج‭ ‬الكاميرا‭ ‬الخفية‭ ‬العربية‭ ‬لتعرف‭ ‬ما‭ ‬أعنيه‭: ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬حلقة‭ ‬واحدة‭ ‬تنتهي‭ ‬بدون‭ ‬مشاجرة‭.. ‬ولكن‭ ‬المجتمعات‭ ‬الغربية‭ ‬تعرف‭ ‬العنف‭ ‬المفرط،‭ ‬والاشتباكات‭ ‬عندهم‭ ‬تكون‭ ‬بالسلاح،‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬فإنني‭ ‬اعتقد‭ ‬بأن‭ ‬جرائم‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬الأطفال‭ ‬والنساء‭ ‬عندنا‭ ‬عالية‭.‬

هذه‭ ‬الشابة‭ ‬الحمقاء‭ ‬قلبت‭ ‬الموازين‭: ‬فالنساء‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬عادة‭ ‬ضحايا‭ ‬العنف‭ ‬الذكوري،‭ ‬بينما‭ ‬هي‭ ‬مارست‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬العنف‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬وقتلته‭! ‬صحيح‭ ‬أنه‭ ‬أمر‭ ‬يثير‭ ‬الغضب‭ ‬الشديد‭ ‬أن‭ ‬تعرف‭ ‬شابة‭ ‬انها‭ ‬صارت‭ ‬زوجة‭ ‬ثانية‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تعلم‭ ‬بأمر‭ ‬الزوجة‭ ‬الأولى‭ ‬لأن‭ ‬الرجل‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬كـ«فقاسة‮»‬‭ ‬في‭ ‬مزرعة‭ ‬دواجن‭ ‬تتم‭ ‬برمجتها‭ ‬كي‭ ‬تجعل‭ ‬البيض‭ ‬يفرخ‭ ‬ديوكا‭ ‬فقط،‭ ‬ولكن‭ ‬ألم‭ ‬يكن‭ ‬كافيا‭ ‬أن‭ ‬تضربه‭ ‬بكفها‭ ‬أو‭ ‬بكرسي؟‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭ ‬لماذا‭ ‬تضربه‭ ‬ولو‭ ‬بريشة‭ ‬كتكوت؟‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬ان‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬الطلاق‭ ‬بسهولة‭.‬

ولأخفف‭ ‬عنكم‭ ‬النكد‭ ‬سأختمها‭ ‬بحكاية‭ ‬زوج‭ ‬أمريكي‭ (‬98‭ ‬سنة‭) ‬وزوجته‭ (‬95‭) ‬سنة‭ ‬وقفا‭ ‬أمام‭ ‬القاضي‭ ‬طالبين‭ ‬الطلاق‭ ‬بالتراضي‭ ‬لأنهما‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬قولها‭ ‬عاشا‭ ‬سويا‭ ‬70‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬النكد،‭ ‬فسألهما‭ ‬القاضي‭: ‬ولماذا‭ ‬صبرتما‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنين؟‭ ‬فكان‭ ‬الرد‭: ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نريد‭ ‬كسر‭ ‬خاطر‭ ‬عيالنا‭ ‬وانتظرنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ماتوا‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا