زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
هو مخطئ وهي مجرمة
هي شابة جامعية مصرية، تزوجت عن اقتناع، وليس عن يأس، برجل يكبرها بعدد قليل من السنوات، وفي بداية الشهر الثالث من الزواج كانت تتنزه معه في مكان عام عندما استوقفتهم إحدى قريبات الزوج وسألته: ازاي بناتك.. ماشين كويس في المدرسة؟ قالت العروس لنفسها: بنات إيه يا مخبولة؟ دا أحنا يدوب متجوزين من سبعين يوم بالضبط! وبعدين مش بنت واحدة.. لا، بنات كده بالجملة!! ولكن ما جعلها تحس بأن السيدة التي سألت عن أحوال «البنات» ليست مخبولة، هو أن زوجها تلجلج وارتبك، وهكذا أحست أن الحكاية فيها «إنّ»، ولما عادا إلى البيت سألته عن حكاية «البنات»، فانهار وقال لها: بصراحة أنا متجوز من ست طيبة وبحبها وعندي منها أربع بنات وتجوزتك عشان نفسي أخلف ولد!! فقدت العروس الشابة توازنها العقلي ووجدت سكينا في يدها فغرستها في صدره وقتلته.
في محكمة المرور في السودان كانت هناك مقولة معروفة يتداولها الجمهور والشرطة وهي أن «المرحوم غلطان»، أي أنه وفي معظم الحوادث المرورية المؤدية إلى الوفاة فإن المتوفى يكون على خطأ.. الزوج القتيل كان على خطأ – والله أعلم – لأنه أخفى عن الزوجة الشابة كونه متزوجا سلفا وعنده أربع بنات، وهو وغيره مخطئون عندما يحسبون أن بويضة أو رحم المرأة هو من يحدد جنس الجنين. في العالم العربي تطلقت آلاف مؤلفة من النساء باعتبار أنهن «نحس» ولم ينجبن سوى البنات (ونحن أمة لا حاجة بها إلى البنات بل إلى الرجال لأن البنات لا يستطعن أن يخرجن في مظاهرات للهتاف بسقوط اسرائيل.. فهذا «شغل رجالة»).. والعروس الشابة الجامعية مجرمة بمعايير القوانين السماوية والوضعية، فالرجل القتيل لم يخدعها وتزوج «عليها» سرا، بل فقط لم يصارحها بكونه متزوجا سلفا. وهذه ليست «جريمة» وحتى لو كانت جريمة فالمسألة مش سايبة فيمسك كل منا القانون بيديه!! وبحسب فهمي للقانون فإنها تواجه تهمة القتل غير العمد وعليها قضاء دهر طويل في السجن. وهكذا ضاع على الزوجة الشابة شريك الحياة وضاعت عليها الشهادة الجامعية وستضيع سنوات شبابها خلف القضبان.
يحلو لنا القول إن معدلات الجريمة في الغرب عالية ومريعة، وهذا قول صحيح في معظمه، ولكن معدلات العنف عندنا صارت عالية جدا. عندنا يتحول الجدل الى اشتباك بالأيدي لأتفه الأسباب، ولا يمر شهر من دون أن أقرأ في صحيفة عن مشاجرة نسائية جماعية في حفل زواج لسبب او لآخر (ونسمي حفل الزواج «فرح»).. نحو 90% من الأمهات والآباء في الغرب لا يضربون عيالهم بينما عندنا يعاني 90% من العيال من الضرب على أيدي الوالدين او المدرسين. تابع برامج الكاميرا الخفية العربية لتعرف ما أعنيه: لن تجد حلقة واحدة تنتهي بدون مشاجرة.. ولكن المجتمعات الغربية تعرف العنف المفرط، والاشتباكات عندهم تكون بالسلاح، ومع هذا فإنني اعتقد بأن جرائم العنف ضد الأطفال والنساء عندنا عالية.
هذه الشابة الحمقاء قلبت الموازين: فالنساء في مجتمعاتنا عادة ضحايا العنف الذكوري، بينما هي مارست أقصى درجات العنف مع زوجها وقتلته! صحيح أنه أمر يثير الغضب الشديد أن تعرف شابة انها صارت زوجة ثانية وهي لا تعلم بأمر الزوجة الأولى لأن الرجل ينظر إليها كـ«فقاسة» في مزرعة دواجن تتم برمجتها كي تجعل البيض يفرخ ديوكا فقط، ولكن ألم يكن كافيا أن تضربه بكفها أو بكرسي؟ ولكن أيضا لماذا تضربه ولو بريشة كتكوت؟ كان من حقها ان تحصل على الطلاق بسهولة.
ولأخفف عنكم النكد سأختمها بحكاية زوج أمريكي (98 سنة) وزوجته (95) سنة وقفا أمام القاضي طالبين الطلاق بالتراضي لأنهما على حد قولها عاشا سويا 70 عاما من النكد، فسألهما القاضي: ولماذا صبرتما كل هذه السنين؟ فكان الرد: لم نكن نريد كسر خاطر عيالنا وانتظرنا إلى أن ماتوا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك