ضمن تعاون مشترك بين هيئة البحرين للسياحة والمعارض، قوة دفاع البحرين، وزارة الداخلية واللجنة الأولمبية البحرينية، نظمت شركة ريد بُل، فعالية استثنائية شهدتها العاصمة المنامة، تم خلالها تنفيذ مشروع طيران فريد من نوعه بالبدلة الجناحية، ليُسجّل أحد أبرز الإنجازات الرياضية العالمية في قلب العاصمة.
حقق لاعبا البدلة الجناحية داني رومان وفريد فوجن إنجازًا عالميًا فريدًا في مركز البحرين التجاري العالمي، حيث قاما بعبور متزامن ومباشر بين البرجين من اتجاهين متقابلين. وقد هبط كل منهما بسرعة بلغت 220 كيلومترًا في الساعة، بإجمالي سرعة اقتراب قدرها 440 كيلومترًا في الساعة، أي ما يزيد على 120 مترًا في الثانية، قبل أن يمرّا بنقطة العبور في اللحظة نفسها، وبفارق لا يتجاوز 10 أمتار بينهما.
وانطلق الرياضيان من طائرة هليكوبتر من طراز بلاك هوك على ارتفاع 4,000 قدم، حيث تسارعا فوق أفق المنامة قبل أن ينفصلا إلى مسارين متعاكسين، ثم يعودا للدخول بدقة نحو خط المنتصف بين البرجين على ارتفاع 40 مترًا فوق مراوح التوربينات الهوائية الشهيرة للمبنى.
وكان رومان وفوجن قد اكتشفا مركز البحرين التجاري العالمي لأول مرة خلال زيارة عام 2022، ولاحظا فورًا ملاءمته لتنفيذ عبور متزامن. وقد أعقب ذلك جهودًا امتدت عامين شملت التخطيط، واستصدار التصاريح، وإجراء المحاكاة، وإعداد الخرائط الفنية، وتنفيذ تدريبات الطيران.
وقال فوجن، الرياضي الفرنسي الحاصل على ثلاثة ألقاب عالمية في الطيران الحر وصاحب 20,000 قفزة مظلية و1,500 قفزة BASE: «كان العبور المتزامن عبر هذا المبنى حلمًا نسعى إلى تحقيقه منذ عامين. أن نتخيل شيئًا لم نقم به من قبل، ثم نحققه في هذا المبنى الجميل، هو شعور لا يوصف».
وقد كان اجتياز الممر بين البرجين الجزء الأسهل، إذ تمثّل التحدي الأكبر في توحيد المسار بدقة بحيث يصل كلا الرياضيين إلى خط المنتصف في اللحظة ذاتها. ولم تكن لديهما أي أجهزة أو بيانات مباشرة يعتمد عليها، بل استندا فقط إلى الرؤية والنقاط المرجعية والإحساس الجسدي لضبط السرعة والتوقيت.
وأوضح رومان، الرياضي الإسباني في فريق ريد بُل المعروف بمشاريعه الدقيقة في الطيران بالبدلة الجناحية ورياضة BASE: «لا نستخدم GPS ولا بيانات الطائرات، ونعرف سرعتنا فقط من خلال الإحساس الجسدي. الأمر معقد بسبب اختلاف الرياح أثناء التدريب، لكن في اليوم الأول من التصوير نجح كل شيء كالمعجزة!»
وبدأت التحضيرات في فرنسا بأكثر من 35 قفزة تدريبية، باستخدام طائرة من دون طيار ثابتة على ارتفاع 200 متر لمحاكاة نقطة العبور وتطوير خطوط مرجعية قابلة للتكرار. ثم جرى إسقاط بيانات أجهزة GPS على مركز البحرين التجاري العالمي، ليعقب ذلك مرحلة تدريبية ثانية في صحراء البحرين بهدف التكيف مع ظروف الطيران المحلية بالتعاون مع طاقم المروحية المحلي.
وبعيدًا عن الأرقام، اعتمد المشروع بشكل كبير على الثقة المتبادلة التي بُنيت عبر سنوات من الطيران المشترك. وقال فوجن: «إن الوقت الذي نمضيه معًا على الأرض يفوق لحظات تحليقنا في السماء، ومن ثم كانت العلاقات الوثيقة بيننا أساسية. فجوهر عملنا يكمن في الصداقة والاستمتاع بوقتنا معًا». وأضاف رومان: «فريد من أساطير هذه الرياضة، والعمل معه في هذا المشروع كان رائعًا».
تجسد هذا الإنجاز بفضل الدعم الكبير من هيئة البحرين للسياحة والمعارض، التي قامت بدور محوري في تيسير الإجراءات وإصدار التصاريح اللازمة، وتنسيق الجوانب اللوجستية بكفاءة عالية. وتعزز هذا النجاح من خلال التعاون المثمر مع شركاء استراتيجيين، وفي مقدمتهم اللجنة الأولمبية البحرينية وفريق ريد بُل البحرين، الذين أسهموا في توفير أعلى معايير السلامة للرياضيين وضمان تحقيق أهداف المشروع.
وقد تم توثيق هذا الحدث الاستثنائي خلال الشهر الماضي في قلب العاصمة المنامة، ليتم عرضه اليوم في فيديو يبرز المهارة الفائقة والأداء المتميز للرياضيين، ويسلط الضوء على جمال المدينة التي كانت مصدر إلهام وعنصرًا أساسيًا في تشكيل ملامح هذا المشروع الفريد.
وأشار رومان قائلاً: «ما شهدناه في البحرين من دعم استثنائي يصعب تكراره في دول أخرى. فقد لمسنا دعمًا كبيرًا سواء من المواطنين أو الجهات الحكومية وتعاونًا غير مسبوق في تنفيذ هذا المشروع».
بعد سنوات من التخطيط والإعداد، اختُزل المشهد الأخير في لحظات خاطفة. حيث اندفع الرياضيان نحو الممر بتناغم مدروس، متسارعين في مسار محسوب بدقة، حتى تلاقت مساراتهما في نقطة التقاطع المثالية.
وعبّر فوجن عن تلك اللحظة الاستثنائية قائلًا: «عندما رأينا بعضنا نقترب وأدركنا أننا حققنا العبور بتلك الدقة المتناهية، غمرنا شعور لا يوصف. لقد تجسد حلمنا على أرض الواقع بصورة مثالية تفوق كل توقعاتنا».

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك