تقرير: علي عبدالخالق
تؤكد استضافة مملكة البحرين للقمة الخليجية السادسة والأربعين مركزية الدور الذي تضطلع به في دعم مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وترسيخ وحدة الصف وتعزيز منظومة العمل المشترك، وتأتي هذه القمة في مرحلة تتسارع فيها المتغيرات الاقتصادية العالمية، الأمر الذي يضاعف من أهمية التنسيق الخليجي واتخاذ خطوات أكثر تكاملاً لحماية المكتسبات الاقتصادية وتوسيع آفاق التنمية المستدامة.
وأكد خبراء اقتصاديون أن مجلس التعاون شكل منذ تأسيسه إطارًا استراتيجيًا موحدًا للدول الخليجية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت دفعًا مضاعفًا نحو التكامل الاقتصادي على المستويات التشريعية والتنظيمية والمالية، وهو ما انعكس في جملة من القرارات التي تمثل اليوم حجر الزاوية في بناء اقتصاد خليجي موحد أكثر قدرة على المنافسة. وأضافوا في هذا السياق: «برزت مبادرات حيوية تهدف إلى توحيد السياسات المالية والنقدية وتعزيز البنية الأساسية المشتركة، بما يضمن بيئة اقتصادية أكثر استقرارًا وجاذبية، ويتيح فرصًا وظيفية نوعية للمواطنين في مختلف دول المجلس». وأوضحوا لـ«أخبار الخليج»: أبرز الخطوات الداعمة لمسار التكامل منها اعتماد القوانين الخليجية الموحدة في مجالات الزراعة والصناعة والتي تتيح توحيد المعايير والإجراءات بين الدول الأعضاء وتُسهم في رفع مستويات الإنتاج وخلق قاعدة صناعية متناسقة ذات قدرة أكبر على المنافسة إقليميًا وعالميًا. كما شهدت المرحلة الماضية تقدّمًا ملحوظًا في توحيد أنظمة الشركات، وهو ما يفتح الباب أمام إقامة استثمارات عابرة للحدود بسهولة أكبر، ويمنح القطاع الخاص منصة مشتركة للعمل في بيئة موحدة، وتُعد هذه الخطوة بالغة الأهمية في ظل الدور الكبير الذي يلعبه القطاع المصرفي والمالي، إذ يسهم تنسيق هذه الأنظمة في تعزيز كفاءة البنوك الخليجية وقدرتها على التوسع الإقليمي وتقديم خدمات أكثر تنوعًا وتنافسية.
مشروع النقطة الواحدة الخليجية يزيد مستويات التكامل اللوجستي
الرئيس التنفيذي لصادرات البحرين:
2 مليار دينار الصادرات وطنية المنشأ خلال النصف الأول.. ودول الخليج في الصدارة

وقالت الرئيس التنفيذي لصادرات البحرين صفاء شريف عبدالخالق: «سجلنا صادرات وطنية المنشأ بلغت خلال النصف الأول من عام 2025 نحو 2.014 مليار دينار بحريني، مدفوعة بشكل رئيس بنمو صادرات المعادن والمنتجات الصناعية الأساسية، في مقدمتها خلائط الألومنيوم الخام وخامات الحديد ومركزاتها المكتلة، اللتيان تصدرتا قائمة الصادرات من حيث القيمة والكمية على التوالي، وذلك بحسب تقرير هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية للنصف الاول من العام ما يعكس حيوية القطاع غير النفطي».
وأضافت لـ«أخبار الخليج»: «جاءت دول الخليج في الصدارة، حيث استحوذت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر على الحصة الكبرى من صادرات خامات الحديد، بإجمالي تجاوز 215 مليون دينار بحريني».
ولفتت عبدالخالق: «إن توحيد السياسات المالية والنقدية وتكامل البنية التحتية وتبني قوانين موحّدة في المجالات الزراعية والصناعية، بالإضافة إلى تسهيل أنظمة الشركات، كلها عناصر أساسية لتسهيل التجارة البينية بين دول المجلس، هذه التشريعات تشكل بيئة مواتية للاستثمارات الخليجية المشتركة، وتفتح آفاقًا واسعة أمام الصادرات البحرينية نحو الأسواق الخليجية والأوسع كذلك». وختمت: «نحن نتطلع إلى أن تمنح هذه الإصلاحات والمواءمة التشريعية للصناعة والتجارة الخليجية دفعة قوية نحو مزيد من التكامل، ما يعزز تنافسية منتجاتنا ويرفع مستوى التعاون الاقتصادي الاستراتيجي بين دول المجلس».
فوزي كانو: «التكامل الاقتصادي» ضرورة استراتيجية لضمان الاستدامة

أكد فوزي أحمد كانو، رئيس مجلس إدارة مجموعة يوسف بن أحمد كانو، أن استضافة مملكة البحرين للقمة الخليجية السادسة والأربعين تمثّل محطة مفصلية جديدة في مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتعكس المكانة التي تحظى بها البحرين ودورها الفاعل في تعزيز العمل الخليجي المشترك وترسيخ مبادئ الوحدة والتكامل بين دول المجلس.
وأوضح أن القمة تأتي في مرحلة تشهد فيها المنطقة تحولات اقتصادية متسارعة، ما يجعل من تعميق التكامل الاقتصادي الخليجي ضرورة استراتيجية لضمان الاستقرار والتنمية المستدامة، وأشار إلى أن مجلس التعاون قطع شوطًا مهمًا في هذا المسار من خلال العديد من المبادرات المشتركة، ومنها توحيد السياسات المالية والنقدية وتعزيز تكامل البنية الأساسية وتطوير القدرات الإنتاجية بما يسهم في توفير فرص عمل وزيادة تنافسية الاقتصاد الخليجي عالميًا.
وأضاف كانو أن إقرار القوانين الموحدة، وعلى رأسها قانون التنظيم الصناعي الموحد، يمثّل خطوة بنّاءة نحو خلق بيئة تشريعية متسقة تشجع على نمو الصناعات الخليجية ورفع كفاءة الإنتاج، إلى جانب توحيد أنظمة الشركات وتطوير القطاع المصرفي الخليجي بما يعزز جاذبية البيئة الاستثمارية ويفتح المجال أمام القطاع الخاص ليكون شريكًا رئيسيًا في التنمية.
ولفت إلى أن مشروع «النقطة الواحدة» واعتماد مرحلته الأولى بين مملكة البحرين ودولة الإمارات يشكّلان نقلة نوعية في تسهيل التجارة البينية وتقليص الإجراءات وتعزيز حركة السلع والخدمات بين دول المجلس.
وأكد أن دول مجلس التعاون حققت في السنوات الأخيرة خطوات واضحة في تنويع اقتصاداتها وتقليل الاعتماد على النفط، من خلال رؤى تنموية طموحة واستثمارات جديدة تعزّز التنمية المستدامة وترفع التنافسية الدولية وتوسّع القاعدة الاقتصادية. وقد أثبتت دول المجلس قدرتها على تجاوز التحديات حتى في أصعب الظروف بفضل السياسات الحكيمة والرؤى الاستراتيجية التي حافظت على الاستقرار واستمرارية النمو، ورسّخت مكانتها كقوة اقتصادية عالمية صاعدة.
وشدد كانو على أن القطاع الخاص الخليجي يمتلك إمكانات كبيرة ليكون لاعبًا محوريًا في المرحلة المقبلة، مؤكدًا أن القمة المرتقبة تمثّل فرصة لتعميق التعاون وفتح آفاق جديدة للشراكات والدفع بمسيرة التكامل الاقتصادي نحو مستويات أرحب تخدم التنمية والازدهار في دول مجلس التعاون كافة.
نبيل كانو: إزالة العوائق وتناسق الأنظمة جعلت المنطقة أكثر جذباً للمستثمرين

وأكد نبيل خالد كانو، رئيس مجلس إدارة شركة كانو للمشاريع الاستثمارية، أن انعقاد القمة الخليجية السادسة والأربعين في مملكة البحرين يأتي ليجدد تأكيد مسيرة التكاتف التي تنتهجها دول مجلس التعاون بهدف الوصول إلى أعلى درجات التكامل الاقتصادي والتنمية المستدامة.
وأوضح أن السنوات الأخيرة شهدت خطوات متقدمة على صعيد تنسيق السياسات الاقتصادية والتجارية بين الدول الأعضاء، الأمر الذي عزز البيئة الاستثمارية وخلق فرص أوسع للنمو الإقليمي المشترك.
وأشار كانو إلى أن دول المجلس حققت تقدمًا لافتًا في عدد من الملفات المحورية، أبرزها تنظيم الرسوم الجمركية وتسهيل حركة التجارة، إلى جانب إطلاق مشاريع مشتركة في البنية التحتية وفتح مجالات جديدة للتعاون في الاقتصاد الرقمي والتعليم واللوجستيات، ما يمهّد لفضاء اقتصادي خليجي متكامل وأكثر قدرة على المنافسة عالميًا.
وأضاف أن الجهود المبذولة لتوسيع آفاق الاستثمارات الخليجية داخل دول المجلس، عبر إزالة العوائق وتعزيز تناسق الأنظمة والتشريعات، جعلت المنطقة اليوم أكثر جذبًا للمستثمرين وعززت مكانتها كمركز مالي واستثماري عالمي. كما أشار إلى أن الدول الأعضاء أرست دعائم صلبة للتكامل الاقتصادي من خلال التقدم في مشاريع التكامل المالي، وتطوير الهياكل التنظيمية التي تتيح للقطاع الخاص دورًا أكبر في بناء الاقتصاد الخليجي الحديث. وأكد كانو أن القمة المرتقبة ستدعم هذه المنجزات، وستفتح صفحة جديدة من التعاون العميق بين الدول الشقيقة، بما يعزز الاستقرار الاقتصادي، ويحفز الاستثمارات، ويطور الفرص الواعدة أمام الشركات الخليجية. وشدد على أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة توسع ونمو، مدفوعة برؤية قيادية مشتركة تضع الخليج بقوة وثبات على خارطة الاقتصاد العالمي.
الفيحاني: فرصة لتسريع وتيرة «المشاريع المشتركة»

بدورها، أكدت الخبيرة الاقتصادية نورا الفيحاني أن استضافة مملكة البحرين للقمة الخليجية السادسة والأربعين تُعد محطة استراتيجية تعكس التزام المملكة المتجدد بدفع عجلة التكامل الخليجي إلى الأمام، مشيرةً إلى أن انعقاد القمة في ظل مشهد اقتصادي عالمي متقلب يبرز أهميتها كمنصة حيوية لتعميق الترابط الاقتصادي بين الدول الشقيقة.
وقالت الفيحاني: إن القمة تمثل فرصة مهمة لمراجعة الإنجازات وتسريع وتيرة التنفيذ في المشاريع المشتركة، حيث أصبح التكامل الاقتصادي ضرورة استراتيجية لتعزيز الأمن الاقتصادي الجماعي، وخلق كتلة اقتصادية قادرة على المنافسة عالميًا، وضمان مستقبل مزدهر للمواطن الخليجي.
وأضافت أن الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها دول مجلس التعاون خلال السنوات الماضية تشكل دليلًا ملموسًا على التقدم المستمر، مؤكدةً أن الاتحاد النقدي يُعد هدفًا استراتيجيًا طويل الأمد، وعلى الرغم من التحديات فإن توحيد السياسات المالية والنقدية يمهّد لمرحلة من الاستقرار تزيد القدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتقلل تكاليف المعاملات بين الدول وتحمي اقتصادات المنطقة من الصدمات الخارجية.
وأوضحت الفيحاني أن تكامل البنية التحتية الخليجية من خلال المشاريع العملاقة – مثل الربط الكهربائي وخط أنابيب الغاز الطبيعي ومشاريع النقل البري والسكك الحديدية – يعزز من كفاءة سلاسل الإمداد والإنتاج ويخفض التكاليف على الشركات والمستهلكين على حد سواء، ما يرسّخ دعائم اقتصاد خليجي مترابط وأكثر فاعلية.
الديري: بناء «تكتل اقتصادي» قادر على المنافسة

من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي د. عبدالحسن الديري أن القمة الخليجية السادسة والأربعين تأتي في توقيت استراتيجي، في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، مضيفًا: «إن القرارات والمشاريع الاقتصادية المشتركة التي تعمل عليها دول المجلس اليوم ليست مجرد إجراءات تنظيمية بل هي مسار عملي لبناء تكتل اقتصادي قادر على المنافسة وخلق فرص عمل وتنويع مصادر الدخل، فالتكامل الحقيقي يبدأ من توحيد التشريعات والأنظمة والإجراءات، وهذا ما نشهده بوضوح في المرحلة الحالية من العمل الخليجي المشترك».
وأضاف الديري: «إن انعقاد القمة في مملكة البحرين يرسّخ دور المملكة المحوري في تعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة، ويمثل امتدادًا لما حققته من خطوات عملية في توحيد السياسات المالية والنقدية وتكامل البنية الأساسية، فقد لمسنا بشكل ملموس سهولة تأسيس الشركات وإقرار عدد من القوانين الموحدة في القطاعين الزراعي والصناعي، من بينها قانون التنظيم الصناعي الموحّد، ونحن نتطلع إلى قيام صناعات خليجية مشتركة واعدة، فالسوق الخليجية بالنسبة إلينا هي سوق واحدة متضامنة ومتعاونة، وتملك مقومات هائلة للنجاح والنمو».
الغافري : الاتحاد الجمركي أحد أهم ركائز التكامل

أكد الدكتور سليمان بن مسعود الغافري المدير التنفيذي لهيئة الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن الاتحاد الجمركي منذ تأسيسه عام 2003م يمثل أحد أهم ركائز التكامل الاقتصادي الخليجي وأبرز إنجازات العمل المشترك بين دول المجلس.
وأوضح في تصريح لوكالة أنباء البحرين (بنا)، بمناسبة استضافة مملكة البحرين لأعمال القمة الخليجية السادسة والأربعين لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن تطبيق أسس الاتحاد الجمركي شمل التعرفة الجمركية الموحدة تجاه العالم الخارجي، واعتماد نقطة الدخول الواحدة لتحصيل الرسوم الجمركية الموحدة على البضائع المستوردة، إضافة إلى القانون الجمركي الموحد وتوحيد الأنظمة وتبسيط الإجراءات، مما أسهم في تسهيل حركة السلع بين الدول الأعضاء وتعزيز البيئة التجارية والاستثمارية، إلى جانب تمكين القطاع الخاص الخليجي من التوسع في نشاطاته الاقتصادية والإنتاجية وفتح آفاق أوسع للتبادل التجاري والتكامل الصناعي.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك