العدد : ١٧٤١٤ - الأربعاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤١٤ - الأربعاء ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

حكاية ديبرا ومثيلاتها

ديبرا‭ ‬لي‭ ‬لورينزانا‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬قنبلة‭ ‬موقوتة‭ ‬تنفجر‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬وشرايين‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬ينظر‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬الرجال،‭ ‬يعني‭ ‬فاتنة‭.. ‬أنثى‭ ‬من‭ ‬اللحم‭ ‬الصقيل‭ ‬توهجت‭ ‬خصبا‭ ‬وضج‭ ‬النسل‭ ‬في‭ ‬أعضائها،‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬فقدت‭ ‬وظيفتها‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬فروع‭ ‬بنك‭ ‬سيتي‭ ‬الأمريكي‭. ‬نعم‭ ‬فصلوها‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬لأن‭ ‬إدارة‭ ‬البنك‭ ‬لاحظت‭ ‬أن‭ ‬الموظفين‭ ‬يركزون‭ ‬نظراتهم‭ ‬عليها،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬العملاء،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬موظف‭ ‬وقف‭ ‬أمامه‭ ‬عميل‭ ‬طالبا‭ ‬قرضا‭ ‬بقيمة‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬دولار،‭ ‬وأعطى‭ ‬الموافقة‭ ‬على‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬دولار،‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬يقوم‭ ‬بتقييم‭ ‬مواهب‭ ‬ديبرا‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أوراق‭ ‬طالب‭ ‬القرض‭.‬

بررت‭ ‬إدارة‭ ‬البنك‭ ‬قرارها‭ ‬بطرد‭ ‬ديبرا‭ ‬من‭ ‬الخدمة‭ ‬بأن‭ ‬أداءها‭ ‬ضعيف،‭ ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬القرائن‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التبرير‭ ‬الحقيقي‭ ‬للقرار‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬البنك‭ ‬يجعل‭ ‬أداء‭ ‬الموظفين‭ ‬ضعيفا،‭ ‬وبالطبع‭ ‬ليس‭ ‬ذنب‭ ‬امرأة‭ ‬أنها‭ ‬جميلة‭ ‬وفاتنة،‭ ‬ولكن‭ ‬بالتأكيد‭ ‬تكون‭ ‬مذنبة‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬ملابسها‭ ‬متعددة‭ ‬فتحات‭ ‬التهوية‭ ‬بما‭ ‬يسمح‭ ‬بكشف‭ ‬مواقع‭ ‬الألغام‭ ‬التي‭ ‬تفتك‭ ‬بعقول‭ ‬وقلوب‭ ‬الرجال‭..  ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تفعله‭ ‬ديبرا،‭ ‬ففوق‭ ‬أنها‭ ‬كانت‭ ‬تملك‭ ‬وجها‭ ‬وقواما‭ ‬يشد‭ ‬الانتباه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ملفوفا‭ ‬بالـ«خيش‮»‬‭ ‬فإنها‭ ‬كانت‭ ‬تأتي‭ ‬الى‭ ‬العمل‭ ‬بملابس‭ ‬بليغة‭ ‬تعتبر‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مباشر‭ ‬عن‭ ‬إمكاناتها‭ ‬الفتاكة،‭ ‬وقد‭ ‬رفعت‭ ‬ديبرا‭ ‬قضية‭ ‬على‭ ‬البنك‭ ‬بزعم‭ ‬ان‭ ‬قرار‭ ‬فصلها‭ ‬تعسفي،‭ ‬معلنة‭ ‬لوسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬أنها‭ ‬انتقلت‭ ‬الى‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬آخر‭ ‬وما‭ ‬تزال‭ ‬ترتدي‭ ‬نفس‭ ‬الملابس‭ ‬ذات‭ ‬أنظمة‭ ‬التهوية‭ ‬المتعددة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬يقال‭ ‬لها‭ ‬إن‭ ‬إبراز‭ ‬مفاتنها‭ ‬يسبب‭ ‬ارتباكا‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬زملائها‭ ‬من‭ ‬الرجال،‭ ‬وقد‭ ‬رأيت‭ ‬لديبرا‭ ‬هذه‭ ‬عدة‭ ‬صور‭ ‬وهي‭ ‬بـ«هدوم‭ ‬الشغل‮»‬‭ ‬وبصراحة‭ ‬لم‭ ‬أر‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الملابس‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬إلا‭ ‬وهن‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬بحر‭.‬

قضيت‭ ‬حياتي‭ ‬العملية‭ ‬كلها‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬تضم‭ ‬الجنسين،‭ ‬يعني‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬مدرسا‭ ‬عملت‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬بنات،‭ ‬وفي‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬خلالها‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬بنين‭ ‬نظامية،‭ ‬كنت‭ ‬أدرس‭ ‬مساء‭ ‬في‭ ‬مدارس‭ ‬مختلطة‭ (‬يديرها‭ ‬اتحاد‭ ‬المعلمين‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬قابلت‭ ‬صنف‭ ‬ديبرا‭ ‬هذه‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬العمل،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإنني‭ ‬أتعاطف‭ ‬مع‭ ‬بنك‭ ‬سيتي‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬بإنهاء‭ ‬خدماتها،‭ ‬لأنني‭ ‬أعرف‭ ‬عن‭ ‬تجربة‭ ‬كيف‭ ‬تستخدم‭ ‬بعض‭ ‬الحسناوات‭ ‬المدفعية‭ ‬الثقيلة‭ ‬لدك‭ ‬حصون‭ ‬المديرين‭ ‬ورؤساء‭ ‬الأقسام،‭ ‬وعرفت‭ ‬أيضا‭ ‬كيف‭ ‬حقق‭ ‬بعضهن‭ ‬‮«‬النصر‭ ‬الوظيفي‮»‬‭ ‬بتلك‭ ‬الأسلحة‭ ‬الفتاكة،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬مصرف‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭- ‬حيث‭ ‬التعري‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬عام‭ ‬ليس‭ ‬جريمة‭ - ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬عرض‭ ‬قطع‭ ‬وشرائح‭ ‬منتقاة‭ ‬من‭ ‬اللحم‭ ‬النسائي‭ ‬يعطل‭ ‬و‮«‬يبرجل‮»‬‭ ‬العمل‭ ‬فمعنى‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬ديبرا‭ ‬هذه‭ ‬كانت‭ ‬تحسب‭ ‬أنها‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬فيديو‭ ‬كليب‭ ‬موسيقي‭!! ‬بعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬فإنها‭ ‬كانت‭ ‬تستخدم‭ ‬مفاتنها‭ ‬كما‭ ‬الكوبرا‭ ‬للإيقاع‭ ‬بالفرائس‭.‬

تذكرت‭ ‬واقعة‭ ‬الهجوم‭ ‬الكاسح‭ ‬على‭ ‬نائبة‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬البلجيكي‭ ‬قبل‭ ‬سنوات،‭ ‬عندما‭ ‬ضبطتها‭ ‬الكاميرا‭ ‬وهي‭ ‬ترضع‭ ‬وليدها‭ ‬ابن‭ ‬الشهرين‭ ‬خلال‭ ‬جلسة‭ ‬برلمانية،‭ ‬بل‭ ‬ان‭ ‬رئيس‭ ‬الجلسة‭ ‬أمرها‭ ‬بالخروج‭ ‬من‭ ‬القاعة،‭ ‬وفي‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬جلست‭ ‬النائبة‭ ‬في‭ ‬قاعة‭ ‬المجلس‭ ‬وجوارها‭ ‬ثلاث‭ ‬من‭ ‬الزميلات‭ ‬شرعن‭ ‬في‭ ‬ارضاع‭ ‬صغارهن،‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬شرفات‭ ‬المجلس‭ ‬المخصصة‭ ‬للجمهور‭ ‬نحو‭ ‬خمسين‭ ‬امرأة‭ ‬يمارسن‭ ‬ارضاع‭ ‬الصغار،‭ ‬وهكذا‭ ‬وصلت‭ ‬الرئاسة‭ ‬الى‭ ‬رئيس‭ ‬الهيئة‭ ‬البرلمانية‭ ‬ولم‭ ‬يطالب‭ ‬بخروج‭ ‬النائبة‭ ‬وزميلاتها،‭ ‬وصار‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬نائبات‭ ‬البرلمان‭ ‬البلجيكي‭ ‬ارضاع‭ ‬اطفالهن‭ ‬خلال‭ ‬الجلسات‭.‬

قديما‭ ‬قالت‭ ‬العرب‭: ‬‮«‬تجوع‭ ‬الحرة‭ ‬ولا‭ ‬تأكل‭ ‬بثدييها‮»‬‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬أصون‭ ‬لكرامة‭ ‬المرأة‭ ‬ان‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬والمسغبة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ترتزق‭ ‬بجسمها،‭ ‬وكشف‭ ‬النهود‭ ‬والأفخاذ‭ ‬وهزهزة‭ ‬الأرداف‭ ‬بطريقة‭ ‬متعمدة‭ ‬ومدروسة،‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬لغزو‭ ‬قلوب‭ ‬من‭ ‬بيدهم‭ ‬قرارات‭ ‬الترقية‭ ‬والعلاوات‭ ‬والبدلات‭ ‬‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الدعارة‭.. ‬وبالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬الموظف‭ ‬ماسح‭ ‬الجوخ‭ ‬الذي‭ ‬ينافق‭ ‬رؤساءه‭ ‬ويحمل‭ ‬للمدير‭ ‬حقيبته‭ ‬اليدوية‭ ‬و‮«‬يتطوع‮»‬‭ ‬للقيام‭ ‬بدور‭ ‬السائق‭ ‬والدادة‭ ‬وعامل‭ ‬النظافة‭ ‬يمارس‭ (‬‭****‬‭) ‬ويتاجر‭ ‬بكرامته،‭ ‬ولأن‭ ‬من‭ ‬يقبل‭ ‬لنفسه‭ ‬طائعا‭ ‬مختارا‭ ‬أن‭ ‬يسقط‭ ‬أخلاقيا‭ ‬بضع‭ ‬درجات،‭ ‬يسقط‭ ‬عموديا‭ ‬إلى‭ ‬القاع‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا