رحل عن دنيانا والدي الغالي خالد بن محمد كانو، تاركاً خلفه إرثاً من القيم والمبادئ التي لا تُمحى، ومسيرة عطاء امتدت عبر عقودٍ من الزمن في خدمة الوطن والمجتمع والإنسان. لم يكن والدي مجرد رجل أعمال ناجح أو شخصية معروفة في ميادين الاقتصاد، بل كان منبراً للحث على الخير والتفكير والإبداع، وصوتاً للحكمة والعقل المستنير في كل مجلسٍ ومحفل.
كان -رحمه الله- حازماً في قراراته، عادلاً في أحكامه، بسيطاً في تعامله، دائم الابتسامة حتى في أحلك الظروف. علّمنا أن التواضع لا يُنقص من قدر الإنسان، بل يرفع من مكانته، وأن الكلمة الطيبة صدقة، وأن المسؤولية تجاه المجتمع هي شرف قبل أن تكون واجباً.
أذكر جيداً كيف كان يحثّنا دائماً على تقديم أفضل ما لدينا، وعلى الإبداع والتميّز في كل ما نقوم به. كان يؤمن بأن النجاح لا يتحقق إلا بالعلم والمعرفة، وأن الإنسان المتسلح بالفكر والثقافة هو القادر على صنع الفرق في مجتمعه. وكان الداعم والمشجع الأكبر لي في إكمال دراساتي العليا، حتى نلت درجة الدكتوراه في إدارة الأعمال، بفضل دعمه وإيمانه بي وتشجيعه المتواصل.
لقد كانت نظرته دائماً استشرافية، يستبق الزمن بأفكاره، يواكب التطور من دون أن يتخلى عن الأصالة، ويؤمن بأن المستقبل ملكٌ لمن يعمل له بعقلٍ منفتح وقلبٍ مخلص. وفي حياتنا الأسرية، كان الوالد الحنون، والصديق القريب، والأخ الأكبر الذي يجمعنا بالمودة والاحترام. حرص طوال حياته على أن تبقى روابط العائلة قوية، وأن تكون المحبة والتواصل عنواناً دائماً لعلاقاتنا.
ورغم معاناته الصحية في سنواته الأخيرة، لم يتخل يوماً عن واجباته الاجتماعية، بل كان يحرص على حضور المناسبات، ومشاركة الناس أفراحهم وأحزانهم، ليغرس الخير حيثما حلّ، وينشر الأمل بابتسامته وكلماته الطيبة.
برحيله، ترك والدي فراغاً كبيراً في حياتي وحياة كل من عرفه. غير أن ما يخفف ألم الفقد هو أن بصماته ستبقى حاضرة فينا، في أعماله التي خلدت اسمه، وفي قلوب كل من أحبه واحترمه.
رحمك الله يا والدي، وجزاك عنا وعن وطنك كل خير.
ستبقى قدوتي ومصدر إلهامي ما حييت.
 
 
                	
                	
                	
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك