العدد : ١٧٣٩٢ - الثلاثاء ٠٤ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٩٢ - الثلاثاء ٠٤ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

مقالات

في رثاء والدي المرحوم خالد كانو:
كان منبرا للخير والإبداع وقلما مستشرفا للمستقبل

بقلم: د. فيصل خالد كانو

الأحد ٠٢ نوفمبر ٢٠٢٥ - 02:00

رحل‭ ‬عن‭ ‬دنيانا‭ ‬والدي‭ ‬الغالي‭ ‬خالد‭ ‬بن‭ ‬محمد‭ ‬كانو،‭ ‬تاركاً‭ ‬خلفه‭ ‬إرثاً‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تُمحى،‭ ‬ومسيرة‭ ‬عطاء‭ ‬امتدت‭ ‬عبر‭ ‬عقودٍ‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والمجتمع‭ ‬والإنسان‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬والدي‭ ‬مجرد‭ ‬رجل‭ ‬أعمال‭ ‬ناجح‭ ‬أو‭ ‬شخصية‭ ‬معروفة‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬الاقتصاد،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬منبراً‭ ‬للحث‭ ‬على‭ ‬الخير‭ ‬والتفكير‭ ‬والإبداع،‭ ‬وصوتاً‭ ‬للحكمة‭ ‬والعقل‭ ‬المستنير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجلسٍ‭ ‬ومحفل‭.‬

كان‭ -‬رحمه‭ ‬الله‭- ‬حازماً‭ ‬في‭ ‬قراراته،‭ ‬عادلاً‭ ‬في‭ ‬أحكامه،‭ ‬بسيطاً‭ ‬في‭ ‬تعامله،‭ ‬دائم‭ ‬الابتسامة‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أحلك‭ ‬الظروف‭. ‬علّمنا‭ ‬أن‭ ‬التواضع‭ ‬لا‭ ‬يُنقص‭ ‬من‭ ‬قدر‭ ‬الإنسان،‭ ‬بل‭ ‬يرفع‭ ‬من‭ ‬مكانته،‭ ‬وأن‭ ‬الكلمة‭ ‬الطيبة‭ ‬صدقة،‭ ‬وأن‭ ‬المسؤولية‭ ‬تجاه‭ ‬المجتمع‭ ‬هي‭ ‬شرف‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬واجباً‭.‬

أذكر‭ ‬جيداً‭ ‬كيف‭ ‬كان‭ ‬يحثّنا‭ ‬دائماً‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬لدينا،‭ ‬وعلى‭ ‬الإبداع‭ ‬والتميّز‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬نقوم‭ ‬به‭. ‬كان‭ ‬يؤمن‭ ‬بأن‭ ‬النجاح‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بالعلم‭ ‬والمعرفة،‭ ‬وأن‭ ‬الإنسان‭ ‬المتسلح‭ ‬بالفكر‭ ‬والثقافة‭ ‬هو‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬صنع‭ ‬الفرق‭ ‬في‭ ‬مجتمعه‭. ‬وكان‭ ‬الداعم‭ ‬والمشجع‭ ‬الأكبر‭ ‬لي‭ ‬في‭ ‬إكمال‭ ‬دراساتي‭ ‬العليا،‭ ‬حتى‭ ‬نلت‭ ‬درجة‭ ‬الدكتوراه‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الأعمال،‭ ‬بفضل‭ ‬دعمه‭ ‬وإيمانه‭ ‬بي‭ ‬وتشجيعه‭ ‬المتواصل‭.‬

لقد‭ ‬كانت‭ ‬نظرته‭ ‬دائماً‭ ‬استشرافية،‭ ‬يستبق‭ ‬الزمن‭ ‬بأفكاره،‭ ‬يواكب‭ ‬التطور‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬الأصالة،‭ ‬ويؤمن‭ ‬بأن‭ ‬المستقبل‭ ‬ملكٌ‭ ‬لمن‭ ‬يعمل‭ ‬له‭ ‬بعقلٍ‭ ‬منفتح‭ ‬وقلبٍ‭ ‬مخلص‭. ‬وفي‭ ‬حياتنا‭ ‬الأسرية،‭ ‬كان‭ ‬الوالد‭ ‬الحنون،‭ ‬والصديق‭ ‬القريب،‭ ‬والأخ‭ ‬الأكبر‭ ‬الذي‭ ‬يجمعنا‭ ‬بالمودة‭ ‬والاحترام‭. ‬حرص‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬روابط‭ ‬العائلة‭ ‬قوية،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬المحبة‭ ‬والتواصل‭ ‬عنواناً‭ ‬دائماً‭ ‬لعلاقاتنا‭.‬

ورغم‭ ‬معاناته‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬سنواته‭ ‬الأخيرة،‭ ‬لم‭ ‬يتخل‭ ‬يوماً‭ ‬عن‭ ‬واجباته‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬حضور‭ ‬المناسبات،‭ ‬ومشاركة‭ ‬الناس‭ ‬أفراحهم‭ ‬وأحزانهم،‭ ‬ليغرس‭ ‬الخير‭ ‬حيثما‭ ‬حلّ،‭ ‬وينشر‭ ‬الأمل‭ ‬بابتسامته‭ ‬وكلماته‭ ‬الطيبة‭.‬

برحيله،‭ ‬ترك‭ ‬والدي‭ ‬فراغاً‭ ‬كبيراً‭ ‬في‭ ‬حياتي‭ ‬وحياة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عرفه‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يخفف‭ ‬ألم‭ ‬الفقد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬بصماته‭ ‬ستبقى‭ ‬حاضرة‭ ‬فينا،‭ ‬في‭ ‬أعماله‭ ‬التي‭ ‬خلدت‭ ‬اسمه،‭ ‬وفي‭ ‬قلوب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أحبه‭ ‬واحترمه‭.‬

رحمك‭ ‬الله‭ ‬يا‭ ‬والدي،‭ ‬وجزاك‭ ‬عنا‭ ‬وعن‭ ‬وطنك‭ ‬كل‭ ‬خير‭.‬

ستبقى‭ ‬قدوتي‭ ‬ومصدر‭ ‬إلهامي‭ ‬ما‭ ‬حييت‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا