أكد المشاركون في جلسة «جيوسياسية الطاقة» أن أزمات الطاقة أصبحت احدى التحديات العالمية، ما انعكس على ضرورة دمج سياسات الطاقة ضمن السياسات الخارجية وسياسات الدفاع للدول، كما بحث المشاركون في الجلسة التي تحدث فيها يان ليبافسكي وزير الخارجية – جمهورية التشيك، وروبين بريكلمانس وزير الدفاع – مملكة هولندا ووزير الطاقة الامريكي، وأسامة مبارز الأمين العام – منتدى غاز شرق المتوسط، استراتيجية وطموحات الدول والمنظمات الدولية في تعزيز مصادر الطاقة، ودور التكنولوجيا في دعم سياسات الطاقة.
أزمة الحرب الروسية
وزير خارجية التشيك بدأ كلمته بالتأكيد أن بلاده أسهمت بمواردها الهائلة في تشكيل ديناميكيات الطاقة العالمية، وقال إن اوروبا على مدى سنوات عديدة كانت ترى الطاقة مجرد سلعة في الأسواق، أما الآن أصبحنا نعرف أن هذا الرأي لم يعد صحيحا، خاصة مع عام 2022 الذي شهدت أوروبا صحوة عميقة فيما يتعلق بهذا الرابط بين الطاقة والأمن.
وقال: بناء على دوافع الامبريالية الجديدة كشف النظام الروسي عن طبيعته الحقيقية وسلح كل شيء تقريبا ضمن حرب مفتوحة وكانت الطاقة من بين الأدوات الأولى التي استخدمتها روسيا فاستغلت الاعتماد العميق على الإمدادات الروسية، قائلا إن قصر النظر الاستراتيجي وضغوط روسيا المستمرة التي عززتها روابط البنية الأساسية في مجال الطاقة وضعت أوروبا في موقع ضعيف وأصبحت رهائن للطاقة وحولت روسيا خطوط الأنابيب للطاقة إلى سلاسل.
وأضاف إن تجربة بلاده تمثل نموذجًا ناجحًا لكيفية قدرة دولة غير ساحلية على تجاوز القيود الجغرافية وتحقيق استقلالية في مجال الطاقة، موضحا أن التشيك تمكنت من تنويع مصادر النفط عبر مشروع خط «التال» الذي ينقل النفط من إيطاليا إلى النمسا ثم إلى التشيك، ما أتاح لها استيراد مليوني طن سنويًا من النفط الخام دون الاعتماد على مصادر تقليدية.
كما أشار إلى أن التشيك أنهت اعتمادها بنسبة 92% على الغاز الطبيعي من روسيا، وانضمت إلى مشاريع تحويل الغاز الطبيعي المسال، حيث يسهم 16 مليار متر مكعب في شبكة الغاز الأوروبية. كذلك نجحت في تنويع إمدادات الوقود النووي لمفاعلاتها، واستكشاف موردين جدد بالتعاون مع فرنسا.
وأكد أن هذه الإنجازات تعكس قدرة التشيك على تحويل مزيج الطاقة لديها لمواجهة المخاطر، من خلال الاستثمار في البنية التحتية، وتحديث خطوط الأنابيب والمضخات، وتعزيز الربط مع دول الجوار مثل النمسا، المجر، بولندا، وأوكرانيا.
من جانبه أوضح وزير الدفاع الهولندي لماذا يتحدث عن الطاقة رغم أنه وزير للدفاع، مؤكدا أن سياسات الطاقة حاليا هي نفسها أصبحت سياسات الأمن والدفاع، وقال نحن في أوروبا واجهنا أكبر تهديد عسكري وهو روسيا وآلة الحرب الروسية التي تمولها موارد الطاقة وتستخدم موارد الطاقة كسلاح من أجل ممارسة الضغوط على الآخرين.
وقال أود أن أشير إلى ثلاث نقاط، أولاً علينا أن نبذل المزيد من الجهد من أجل دمج سياسات الطاقة ضمن سياساتنا الخارجية وسياسات الدفاع، مشيرا الى أن اوروبا طالما ظنت أن التجارة وشراء النفط والغاز من روسيا لن يؤدي يوما إلى الحرب حتى بعد اجتياح أوكرانيا ظننا أنه بإمكاننا إعادة إقامة العلاقات مع روسيا، ولكن اتضح أن هذا الأمر ليس صحيحاً لأنه لا يمكننا أن نتعامل مع معتد.
وأضاف قائلا نحن كهولندا في الوقت الحالي لسنا في حرب مع روسيا ولكننا لا نعيش في السلام نحن نعيش في منطقة رمادية، حيث إن الأدوات المختلطة تستخدم كأدوات من أجل ممارسة الضغوط موضحا أن روسيا تمكنت من تفادي العقوبات.
وقال أنا بالطبع أود هنا أن أشيد بالقوات البحرية المشتركة الموجودة في البحرين وأن نهنئ البحرين والولايات المتحدة في حماية الممرات البحرية وخاصة أن الأمن البحري والبنية التحتية تحت المياه يستخدم من خلاله 80% بالمائة من التجارة كم أن 85% من البيانات تمر عبر الكابلات تحت البحار ونحن نرى أن أساليب التواصل وقنوات التواصل هذه والبنية التحتية الحاسمة تحت المياه تكون فعلا هشة ورأينا أن هناك بعض السفن الروسية التي تقوم بتخريب بعض الكابلات الموجودة في بحر البلطيق.
وأكد ضرورة تعزيز الوعي وتعزيز القدرات الرقابية وتبادل المزيد من المعلومات والممارسات لكي نمنع كل الأعمال التخريبية من الحدوث بالإضافة إلى القدرة على تعزيز القدرات الردعية والعسكرية وأن نستثمر أيضاً في الابتكار التكنولوجي وأن نحرص على أن الأطر القانونية المناسبة موجودة وأننا نقوم بتعزيز عملية إنفاذ القانون، وهذه الأمور ستجعل الطاقة في مأمن.
سياسات الطاقة الأمريكية
بدوره أكد وزير الطاقة الأمريكي أن مسألة الأمن والطاقة هي مسألة أمن قومي قائلا «يمكنني القول بأنه من المهم جدا التركيز على أن الهدف الفيصل هو الوصول إلى الأمان ورخاء للجميع، والهدف من الأمن القومي هو ضمان الاستقرار الذي يمكن أن يقود العالم إلى مرحلة سلام وأمن واطمئنان حتى نسير قدماً ونتأكد من أن كل شعوب العالم والمنطقة يستطيعون أن يعيشوا بطريقة مزدهرة وجيدة».
أما فيما يتعلق بالمنطقة، فقال نريد أن نتأكد من أنه لدينا ما يكفي من روابط ما بين أنحاء المنطقة، وأن نتعلم الدرس من الاعتماد على الغاز والنفط الروسي خاصة أن الأصدقاء والحلفاء يستطيعون أن يصلوا إلى ترتيبات تجارية جيدة وذلك من أجل أن يستفيد الجميع من الرخاء وتتمكن كافة الدول من تحقيق تجارة متبادلة ومفيدة للجميع.
وتطرق إلى الاتفاق الامريكي مع العراق والتوقيع على نقل الغاز المسال إلى العراق بهدف توليد الكهرباء في العراق، مشيرا أنه في حالات الفوضى من الصعب أن يكون هناك بنية تحتية مناسبة من أجل توفير ما يكفي من الطاقة ويكون من الصعب جدا الدخول في تلك الترتيبات التجارية وأن ذلك التعاون سيكون بدايةً لسلسلة من النشاطات مع كل المنطقة في الشرق الأوسط خاصة سوريا.
وأشار أن الولايات المتحدة بدأت بالعمل على تطوير القدرات النووية وتوفير عدد كبير من المفاعلات الصغيرة التي نعمل على نشرها بالإضافة إلى جدول زمني واضح جداً وقصيراً جداً، وأضاف قائلا «نأمل أن نوفر ذلك قبل سنة ونصف من انتهاء ولاية الرئيس وعندما نتمكن من الحصول على المصادقة وعلى التشغيل سوف نصل إلى تحول كبير لأن هذه المفاعلات الصغيرة ستوفر الطاقة الجيدة وتخفف من القيود المتعلقة بنقل الطاقة وتوفر جودة أكثر مما كانت عليه سابقا».
بدوره أوضح أسامة مبارز الأمين العام – منتدى غاز شرق المتوسط، أن الشرق الأوسط منطقة حساسة من الناحية الجيوسياسية، وخاصة أن هناك العديد من التحديات التي شهدناها خلال العامين الماضيين لا سيما حرب إسرائيل على غزة والنزاعات المجاورة، مشير الى أن ما وقع لم يؤثر على المنطقة فقط ولكنه أثر على العالم، متداركا القول بأنه على الرغم مما يحصل فإن المنطقة لديها الكثير من الإمكانات في مجال مصادر الطاقة خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وهذا الأمر ما يقود إلى تغذية النزاعات ايضا.
وأشار نحن بحاجة إلى تحديد واستحداث الفرص المناسبة التي تؤمن الربح للجميع وتستحدث رخاءً مشتركاً، وتطوير سياسات تستطيع جذب المزيد من الاستثمارات بالإضافة إلى تقاسم التكنولوجيا واستحداث البنية التحتية التي تستطيع أن تعزز التكامل الإقليمي وتعزز أمن الطاقة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك