الوزير اليوناني: تأثير البحرين ودول الخليج ليس إقليميا فقط بل عالميا
أكد بدر البوسعيدي وزير الخارجية بسلطنة عُمان أن الحوار الشامل والتفاهم المتبادل بين جميع الأطراف هو من يحقق أمن واستقرار الخليج والمنطقة، ولا يمكن تحقيقهما بسياسات العزلة أو الإقصاء، مشددًا على أن نهج المواجهة والانغلاق أثبت فشله في تحقيق الأمن الدائم. جاء ذلك خلال الجلسة الثانية من فعاليات حوار المنامة التي جاءت بعنوان «القوة الإقليمية وفن الحكم في ظل التغيرات العالمية».
وأوضح أن سلطنة عُمان ترى أن الانخراط البنّاء مع جميع الدول، بما في ذلك إيران واليمن، ضرورة لتحقيق الأمن الإقليمي، مشيرًا إلى أن استبعاد أي طرف فاعل يفاقم التوترات ويطيل أمد الأزمات، مشيرا إلى أن التاريخ يقدم شواهد كثيرة على أن الحوار والتعاون الاقتصادي والأمني المشترك هما الطريق الأمثل لضمان أمن المنطقة وازدهارها.
وأشار إلى أن السلطنة كانت ومازالت تؤمن بأهمية إقامة آلية شاملة للحوار الإقليمي تضم جميع دول المنطقة، بما يسهم في تعزيز الثقة المتبادلة، ودعم جهود حماية الملاحة ومكافحة التهريب والتطرف، وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة.
وشدد البوسعيدي على أن النهج القائم على الشمولية والانفتاح هو الضمانة الحقيقية لمستقبلٍ أكثر أمنًا واستقرارًا، مؤكدًا أن عُمان ستواصل دعم المبادرات التي تعزز التعاون الدبلوماسي وتدعم مسارات التنمية والسلام.
وأكد أن الأمن الخليجي لا ينفصل عن الأمن الإقليمي، وأن الحوار البنّاء يظل الخيار الأنجع لتحقيق استقرارٍ دائم ومصالح مشتركة تصون كرامة الشعوب وتضمن ازدهارها.
فيما أكد وزير الخارجية اليوناني جورجيوس غيرابيتريتس أن البحرين ودول الخليج ليست جهات فاعلة اقليمية فقط وإنما أصبحت عالمية، مشددا أن أمن الخليج يشكل ركيزة أساسية لاستقرار الاقتصاد العالمي وتدفق الطاقة والتجارة الدولية، وأن تأمين الخليج يعني تأمين حياة البشر لما يمثله من أهمية استراتيجية في معادلة الأمن العالمي.
وقال غيرابيتريتس أن الخليج أصبح قوى عالمية مؤثرة بفضل قوتها الاقتصادية وقيادتها في مجال الطاقة واستثماراتها في التكنولوجيا والتعليم والتحول الأخضر، مشيرًا إلى أن اليونان ترى نفسها شريكًا موثوقًا لهذه الدول، قائمًا على الدبلوماسية واحترام القانون الدولي والدفاع المشترك.
وأضاف أن اليونان تلتزم بدعم أمن الملاحة البحرية وحماية طرق التجارة العالمية، موضحًا أن بلاده تمتلك أكبر أسطول تجاري في العالم وتعد مركزًا للطاقة واللوجستيات بين أوروبا والشرق الأوسط، وأن التعاون الدفاعي مع السعودية والإمارات يشكل نموذجًا للعلاقات الاستراتيجية الناجحة.
وأشار إلى أن اتفاقات الربط الكهربائي ومشاريع الطاقة المشتركة بين اليونان ومصر والسعودية وقبرص تمثل خطوات مهمة لتعزيز أمن الطاقة العالمي، لافتًا إلى أن بلاده تستهدف أن يكون 80% من مزيج الطاقة لديها من مصادر متجددة بحلول عام 2030.
وتحدث الوزير عن التطورات في الشرق الأوسط، مثنيًا على الجهود الدبلوماسية التي قادت إلى خطة السلام الأمريكية ووقف إطلاق النار في غزة، مشيرًا إلى أن إعادة الإعمار وإحياء مسار حل الدولتين يتطلبان مشاركة فاعلة من دول الخليج، نظرًا إلى ما تملكه من قدرات واستثمارات ومكانة إقليمية مؤثرة.
ودعا وزير الخارجية اليوناني المجتمع الدولي إلى بناء هيكل جديد للدبلوماسية والاقتصاد والدفاع يقوم على الشراكة والاحترام المتبادل، مؤكدًا أن أمن الخليج والشرق الأوسط قضية عالمية تتطلب تعاونًا جماعيًا يتجاوز الحدود من أجل استقرار اليوم وازدهار الغد.
من جانبه أكد الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لشؤون الخليج لويدجي دي مايو أن أمن الخليج والشرق الأوسط هو جزء لا يتجزأ من أمن أوروبا، مشيرًا إلى أن الترابط الاقتصادي والإنساني والدفاعي بين المنطقتين يجعل التعاون بينهما ضرورة استراتيجية وليس خيارًا دبلوماسيًا.
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي يرى أن مستقبل أمن الخليج يجب أن يقوم على «عملية تقودها المنطقة نفسها»، مشيرًا إلى أن نجاح الوساطات الإقليمية، منها الجهود العُمانية بين واشنطن وطهران، يُبرز أهمية الحلول التي تأتي من داخل المنطقة لا من خارجها.
وأضاف أن الاتحاد الأوروبي يدعم بقوة عملية السلام الجارية في غزة، مشيرًا إلى أن المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي ترامب أسهمت في تحقيق وقف إطلاق النار وإطلاق المحتجزين، وأن المرحلة التالية يجب أن تركز على إعادة الإعمار وبناء الحكم المحلي تمهيدًا لحل الدولتين، مؤكدًا أن أوروبا ودول الخليج تعملان معًا لتحقيق هذا الهدف.
وأشار دي مايو إلى أن التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون يشهد تطورًا نوعيًا، من خلال برامج التدريب المشترك للدبلوماسيين الشباب، والحوار المنظَّم حول الأمن السيبراني والبحري والاستعداد للكوارث، لافتًا إلى أن هذه المبادرات تشكل الأساس لبناء ثقة متبادلة طويلة الأمد.
كما نوّه إلى أن الرؤى الوطنية الخليجية الطموحة في مجالات التنمية والطاقة والتحول الأخضر جذبت اهتمام الشركات الأوروبية، موضحًا أن الشراكات الاقتصادية بين الجانبين لا تقتصر على التجارة بل تمتد إلى ربط المجتمعات والأفراد وخلق مستقبل مشترك أكثر ازدهارًا.
وأكد دي مايو في كلمته أن القمة الخليجية-الأوروبية المقبلة ستكون محطة مهمة لتعزيز التعاون وتقديم «نتائج ملموسة» في مجالات الأمن والطاقة والاقتصاد، قائلاً: لدينا عامٌ واحد فقط لتحقيق إنجازات حقيقية تعكس عمق الشراكة بين الخليج وأوروبا.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك