العدد : ١٧٣٧٧ - الاثنين ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٧٧ - الاثنين ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

الصفحة الأخيرة

مسكن ألم شائع يظهر خصائص مضادة للسرطان

الاثنين ٢٠ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

كشفت‭ ‬دراسة‭ ‬طبية‭ ‬حديثة‭ ‬أن‭ ‬الاستخدام‭ ‬المنتظم‭ ‬لدواء‭ ‬الإيبوبروفين‭ ‬المسكن‭ ‬للألم‭ ‬قد‭ ‬يرتبط‭ ‬بانخفاض‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬خطر‭ ‬الإصابة‭ ‬بسرطان‭ ‬بطانة‭ ‬الرحم،‭ ‬وهو‭ ‬أكثر‭ ‬أنواع‭ ‬سرطانات‭ ‬الرحم‭ ‬شيوعا‭.‬

وأظهرت‭ ‬النتائج‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬اللواتي‭ ‬تناولن‭ ‬30‭ ‬قرصا‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الإيبوبروفين‭ ‬شهريا‭ ‬انخفض‭ ‬لديهن‭ ‬خطر‭ ‬الإصابة‭ ‬بالمرض‭ ‬بنسبة‭ ‬25‭%‬‭ ‬مقارنة‭ ‬بمن‭ ‬تناولن‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬4‭ ‬أقراص‭ ‬شهريا‭.‬

وتعود‭ ‬جذور‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1983،‭ ‬عندما‭ ‬لاحظ‭ ‬الباحثون‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬أن‭ ‬أدوية‭ ‬مضادات‭ ‬الالتهاب‭ ‬غير‭ ‬الستيرويدية‭ -‬التي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليها‭ ‬الإيبوبروفين‭- ‬قد‭ ‬ترتبط‭ ‬بانخفاض‭ ‬معدلات‭ ‬الإصابة‭ ‬بسرطان‭ ‬القولون‭. ‬ومنذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬أخذ‭ ‬العلماء‭ ‬في‭ ‬دراسة‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬بشكل‭ ‬أعمق،‭ ‬محاولين‭ ‬فهم‭ ‬الآليات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تمكن‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭ ‬الشائع‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬هذه‭ ‬الحماية‭ ‬الإضافية‭.‬

وتكمن‭ ‬الإجابة‭ ‬جزئيا‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬عمل‭ ‬الإيبوبروفين‭ ‬الأساسية؛‭ ‬فكما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬يعمل‭ ‬هذا‭ ‬الدواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تثبيط‭ ‬إنزيمات‭ ‬الأكسدة‭ ‬الحلقية‭ (‬cyclooxygenases‭) ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬الالتهاب،‭ ‬والمعروفة‭ ‬اختصارا‭ ‬بـCOX‭. ‬وعندما‭ ‬يتم‭ ‬تثبيط‭ ‬الإنزيم‭ ‬COX-2‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬فإنه‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬‮«‬البروستاجلاندين‮»‬،‭ ‬تلك‭ ‬الجزيئات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تسبب‭ ‬الالتهاب‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬تحفز‭ ‬نمو‭ ‬الخلايا‭ ‬السرطانية‭ ‬أيضا‭.‬

وجاءت‭ ‬أحدث‭ ‬الأدلة‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬مكثفة‭ ‬شملت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬42‭ ‬ألف‭ ‬امرأة،‭ ‬حيث‭ ‬أظهرت‭ ‬النتائج‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬اللائي‭ ‬تناولن‭ ‬نحو‭ ‬حبة‭ ‬إيبوبروفين‭ ‬واحدة‭ ‬يوميا‭ ‬انخفض‭ ‬خطر‭ ‬إصابتهن‭ ‬بسرطان‭ ‬بطانة‭ ‬الرحم‭ ‬بنسبة‭ ‬ملحوظة‭ ‬بلغت‭ ‬25‭%‬‭. ‬وكان‭ ‬التأثير‭ ‬الوقائي‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحا‭ ‬بين‭ ‬النساء‭ ‬المصابات‭ ‬بأمراض‭ ‬القلب‭. ‬واللافت‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التأثير‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭ ‬مع‭ ‬الأسبرين،‭ ‬رغم‭ ‬كونه‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬الأدوية‭ ‬نفسها‭.‬

ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬الفوائد‭ ‬المحتملة‭ ‬على‭ ‬سرطان‭ ‬بطانة‭ ‬الرحم‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬تشير‭ ‬دراسات‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإيبوبروفين‭ ‬قد‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬مخاطر‭ ‬الإصابة‭ ‬بسرطانات‭ ‬الأمعاء‭ ‬والثدي‭ ‬والرئة‭ ‬والبروستاتا،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬بعض‭ ‬الأبحاث‭ ‬وجدت‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬عودة‭ ‬سرطان‭ ‬الأمعاء‭ ‬بعد‭ ‬العلاج‭.‬

وتكمن‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬التأثيرات‭ ‬قصة‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدا‭ ‬من‭ ‬مجرد‭ ‬تثبيط‭ ‬الالتهاب؛‭ ‬فالإيبوبروفين‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬جينات‭ ‬معينة‭ ‬مرتبطة‭ ‬بنمو‭ ‬الأورام،‭ ‬كما‭ ‬قد‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬طريقة‭ ‬تغليف‭ ‬الحمض‭ ‬النووي‭ ‬داخل‭ ‬الخلايا،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الخلايا‭ ‬السرطانية‭ ‬أكثر‭ ‬حساسية‭ ‬للعلاج‭ ‬الكيميائي‭.‬

لكن‭ ‬الصورة‭ ‬ليست‭ ‬وردية‭ ‬بالكامل،‭ ‬فبعض‭ ‬الدراسات‭ ‬تحذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬الأدوية‭ ‬بعد‭ ‬تشخيص‭ ‬السرطان‭ ‬قد‭ ‬يرتبط‭ ‬بنتائج‭ ‬عكسية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاستخدام‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬للإيبوبروفين‭ ‬يحمل‭ ‬مخاطر‭ ‬معروفة‭ ‬مثل‭ ‬قرحة‭ ‬المعدة‭ ‬وأمراض‭ ‬الكلى‭ ‬ومشاكل‭ ‬القلب،‭ ‬وخاصة‭ ‬عند‭ ‬تفاعله‭ ‬مع‭ ‬أدوية‭ ‬أخرى‭.‬

ويؤكد‭ ‬الخبراء‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المبكر‭ ‬جدا‭ ‬التوصية‭ ‬بتناول‭ ‬الإيبوبروفين‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬السرطان،‭ ‬وأن‭ ‬الطرق‭ ‬التقليدية‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وزن‭ ‬صحي،‭ ‬واتباع‭ ‬نظام‭ ‬غذائي‭ ‬متوازن،‭ ‬وممارسة‭ ‬النشاط‭ ‬البدني،‭ ‬تظل‭ ‬أركان‭ ‬الوقاية‭ ‬الأساسية‭. ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الأبحاث‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬إمكانية‭ ‬تطوير‭ ‬استراتيجيات‭ ‬وقائية‭ ‬جديدة،‭ ‬وخاصة‭ ‬للأشخاص‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للإصابة‭ ‬بالسرطان،‭ ‬مستفيدة‭ ‬من‭ ‬أدوية‭ ‬مألوفة‭ ‬ورخيصة‭ ‬قد‭ ‬تخفي‭ ‬في‭ ‬داخلها‭ ‬فوائد‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا