في إنجاز تنظيمي غير مسبوق على مستوى القارة، تستعد مملكة البحرين لاحتضان النسخة الثالثة من دورة الألعاب الآسيوية للشباب 2025 خلال الفترة من 22 إلى 31 أكتوبر المقبل، بعد أن اعتمد المجلس الأولمبي الآسيوي (OCA) رسميًا استضافة البحرين في 26 ديسمبر 2024 عقب انسحاب أوزبكستان من التنظيم، وبذلك تخوض المملكة سباقًا مع الزمن لإقامة أكبر نسخة في تاريخ الألعاب الآسيوية للشباب خلال 300 يوم فقط، في تجربة تُعد الأسرع في تاريخ المجلس الأولمبي الآسيوي من حيث فترة التحضير والاستضافة.
منذ لحظة الإعلان الرسمي، جاءت توجيهات سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، لتفعيل كافة الإمكانات وتسخيرها من أجل ضمان نجاح المملكة في استضافة الحدث القاري الكبير، حيث انطلقت تحت إشراف اللجنة التنظيمية العليا فرق العمل المنبثقة عن اللجنة التنفيذية، ضمن خطة عمل تشغيلية دقيقة تشمل كافة النواحي والمجالات المطلوبة لتنظيم الدورة.
من جانبها باشرت اللجنة التنفيذية بمختلف لجانها العاملة، بما في ذلك اللجان الفنية والإدارية والإعلامية والأمنية واللوجستية، مهامها بشكل متسارع وفق جدول زمني يومي يضمن الجاهزية الكاملة قبل موعد الافتتاح، ومنذ ذلك الحين تحوّلت البحرين إلى ورشة رياضية متكاملة تعمل على مدار الساعة لتجهيز المنشآت والمرافق الرياضية بأعلى المعايير الدولية استعدادًا لاستقبال القارة الآسيوية.
وتُعد دورة البحرين 2025 الأكبر منذ انطلاق هذه السلسلة من البطولات، إذ ستشهد مشاركة أكثر من 6000 رياضي ورياضية يمثلون 45 دولة ومنطقة آسيوية، يتنافسون في 26 رياضة تضم أكثر من 250 فعالية تنافسية، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الدورات الشبابية الآسيوية، ويقترب من نصف عدد المشاركين في دورة الألعاب الآسيوية للكبار (الآسياد) التي تضم عادة نحو 12 ألف رياضي، ما يجعل هذه النسخة بمثابة نقلة نوعية في حجم وأهمية الحدث.
وتتوزع المنافسات في مختلف مدن المملكة، حيث تم اعتماد مدينة عيسى الرياضية مركزًا رئيسيًا للبطولة، إلى جانب مدينة خليفة الرياضية، ومجمع الصالات في أم الحصم، ومركز البحرين العالمي للمعارض، إضافة إلى مواقع مخصصة للتدريبات ومعسكرات الفرق، كما يجري تجهيز مقرات السكن المخصصة لاستيعاب الوفود القادمة من 45 دولة، بما يضمن بيئة متكاملة تجمع بين الإقامة والتدريب والتغذية والرعاية الطبية، في تجربة تضاهي المعايير الأولمبية.
ورغم ضيق المدة الزمنية، استطاعت البحرين أن تحقق قفزات تنظيمية قياسية بفضل التنسيق الفاعل بين الجهات الحكومية والرياضية والخاصة، فخلال الأشهر الأولى بعد اعتماد الاستضافة، تم تطوير العديد من المنشآت الرياضية، وتحديث أنظمة الإضاءة والتكييف والتصوير الرقمي في الملاعب، إلى جانب اعتماد خطة للنقل والإقامة والمطاعم والتغطية الإعلامية، وفق اشتراطات المجلس الأولمبي الآسيوي ومعايير الاتحادات الدولية لكل لعبة، حيث يؤكد هذا العمل المتسارع أن البحرين تسعى لتقديم نموذج آسيوي في الكفاءة والالتزام والجودة خلال زمن قياسي.
ولا تقتصر أهمية الاستضافة على بعدها الرياضي فحسب، بل تمتد إلى أبعاد اقتصادية وسياحية وتنموية، فمن المتوقع أن تستقطب الدورة آلاف الزوار والمرافقين من مختلف دول القارة، إلى جانب مئات الإعلاميين والمصورين وممثلي القنوات الرياضية العالمية. كما تُعد الدورة فرصة لعرض التجربة البحرينية في الإدارة الرياضية الحديثة، وإبراز البنية التحتية المتقدمة التي تمتلكها المملكة رغم مساحتها الصغيرة، ما يعزز مكانتها كوجهة رياضية متكاملة في منطقة الخليج والشرق الأوسط.
وفي الوقت ذاته، تولي اللجنة التنفيذية أهمية كبيرة لتأهيل الكوادر الوطنية، إذ تم استقطاب أكثر من 3000 متطوع بحريني من مختلف الفئات العمرية، خضعوا لبرامج تدريبية متخصصة في التنظيم والبروتوكول والإعلام والإشراف الميداني، ليكونوا جزءًا من الفريق الوطني الذي يقف خلف نجاح الحدث، كما تسعى الجهات المعنية إلى تحويل الدورة إلى احتفالية رياضية شبابية تسهم في تعزيز الهوية البحرينية والانتماء الوطني، وإبراز الطاقة الإيجابية لشباب المملكة أمام العالم.
ومن الناحية الرياضية، ستشمل الدورة 26 رياضة متنوعة بين الألعاب الأولمبية التقليدية والحديثة، من بينها ألعاب القوى، السباحة، كرة القدم للصالات، الجودو، كرة الطاولة، التايكواندو، فنون القتال المختلطة، رفع الأثقال، الألعاب الإلكترونية، الريشة الطائرة، كرة اليد، الملاكمة، كرة السلة 3×3، الدراجات، كرة الطائرة في الصالات والشاطئية بالإضافة الى المصارعة، حيث تمثل هذه التشكيلة انعكاسًا للتنوع الكبير في الرياضة الآسيوية، وتهيئة مثالية للرياضيين الشباب قبل مشاركاتهم المستقبلية في البطولات الآسيوية والأولمبية للكبار.
وتكمن فرادة النسخة البحرينية في أنها تجمع بين الجاهزية والتنظيم والكثافة المشاركة في وقت قياسي لم يتجاوز 300 يوم، فقد تحولت المملكة خلال أقل من عام إلى مركز قاري للحركة الرياضية، بعد أن تمكنت من تسلم الملف وتنفيذه باحترافية عالية، مع التزام كامل بجداول المجلس الأولمبي الآسيوي ومعايير الاستضافة الدولية.
إن استضافة البحرين لدورة الألعاب الآسيوية للشباب 2025 تمثل قصة نجاح سيكتب لها النجاح في تاريخ الرياضة الآسيوية، حيث استطاعت المملكة أن تبرهن للعالم أن حجم الإنجاز لا يُقاس بالمساحة أو الزمن، بل بالإرادة والتخطيط والعمل الجماعي، ومع اقتراب موعد الافتتاح في 22 أكتوبر 2025، تترقب القارة نسخة استثنائية بكل المقاييس، عنوانها: البحرين... تنجز المستحيل في 300 يوم وتكتب فصلًا جديدًا في تاريخ الرياضة الآسيوية للشباب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك