العدد : ١٧٣٦٢ - الأحد ٠٥ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٦٢ - الأحد ٠٥ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

مقالات

«النموذج الغربي» في التحولات الدولية القادمة:
الديمقراطية الليبرالية بين مأزق الوعد بالرفاه وواقع اللاعدالة

بقلم: سميرة بن رجب

السبت ٠٤ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

نشرتُ‭ ‬مقالي‭ ‬الأول‭ ‬حولَ‭ ‬الديمقراطيَّةِ‭ ‬الليبراليَّةِ‭ ‬بتاريخ‭ ‬7‭ ‬سبتمبر‭/ ‬أيلول‭ ‬2019‭ ‬وبعنوان‭ ‬‮«‬عبء‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الثقيل‭.. ‬كيف‭ ‬الخلاص؟‮»‬‭ ‬في‭ ‬ظلِّ‭ ‬ظروفِ‭ ‬الأزماتِ‭ ‬الماليَّةِ‭ ‬والاقتصاديَّةِ‭ ‬المتصاعدةِ‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬بدول‭ ‬الغرب‭ ‬وهزَّت‭ ‬دولَ‭ ‬العالم‭. ‬ويأتي‭ ‬مقالي‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬انهياراتٍ‭ ‬اقتصاديَّةٍ‭ ‬وأزماتٍ‭ ‬اجتماعيَّةٍ‭ ‬شديدة‭ ‬تعيشُها‭ ‬دولُ‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬ويتفقُ‭ ‬أغلبُ‭ ‬المفكرين‭ ‬والسياسيين‭ ‬على‭ ‬إنها‭ ‬تتزامنُ‭ ‬مع‭ ‬فترةِ‭ ‬التحوِّلِ‭ ‬الدوليِّ‭ ‬الحرجة،‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬العهدين‭ ‬الدوليين‭ ‬السابق‭ ‬واللاحق،‭ ‬التي‭ ‬ترسمُ‭ ‬خطوطَ‭ ‬المستقبل‭ ‬والمتغيرات‭ ‬القادمة‭ ‬على‭ ‬كلِّ‭ ‬المستوياتِ‭ ‬والمجالاتِ‭ ‬السياسيَّة‭ ‬والاقتصاديَّة‭ ‬والإنسانيَّة‭. ‬ولما‭ ‬للموضوعِ‭ ‬من‭ ‬أهميةٍ‭ ‬في‭ ‬حياةِ‭ ‬الشعوب‭ ‬والأنظمة،‭ ‬أطرحُ‭ ‬هذه‭ ‬الأفكارَ‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬تفرشَ‭ ‬مساحةً‭ ‬للنقاشِ‭ ‬الفكريِّ‭ ‬والفلسفيِّ‭ ‬الجاد‭ ‬حول‭ ‬رؤيةٍ‭ ‬عربيَّةٍ‭ ‬للديمقراطيَّة‭ ‬تتجانسُ‭ ‬مع‭ ‬ثقافاتِ‭ ‬شعوب‭ ‬المنطقة‭ ‬وتاريخها‭ ‬وواقعها،‭ ‬بعد‭ ‬فشل‭ ‬محاولات‭ ‬عديدة‭ ‬استمرت‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬لنسخ‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬الغربية‭ ‬وزرعها‭ ‬في‭ ‬واقعِنا‭ ‬ونسيجِنا‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬رفضها‭ ‬كجزء‭ ‬غير‭ ‬متجانسٍ‭ ‬مع‭ ‬ثقافةِ‭ ‬وتاريخِ‭ ‬مجتمعاتنا‭. ‬

الديمقراطيَّةُ‭ ‬لرفاه‭ ‬الشعوب

إنَّ‭ ‬إحدى‭ ‬أكبر‭ ‬المفارقات‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحاضر‭ ‬هو‭ ‬فشلُ‭ ‬الديمقراطيَّة‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬في‭ ‬تحقيقِ‭ ‬هدف‭ ‬الرفاه،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الرضا،‭ ‬لشعوبها،‭ ‬وهو‭ ‬الهدفُ‭ ‬الأسمى‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬الفلاسفةُ،‭ ‬منظرو‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الأولون،‭ ‬بادعائه،‭ ‬ولم‭ ‬تتمكَّنُ‭ ‬الدولُ‭ ‬الرأسماليَّة‭ ‬من‭ ‬تحقيقه،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أغرقتها‭ ‬الليبراليَّةُ‭ ‬في‭ ‬نفقِ‭ ‬الاستهلاك،‭ ‬وطغيانِ‭ ‬رأس‭ ‬المال،‭ ‬وانحدارِ‭ ‬قيم‭ ‬العدالة،‭ ‬وهيمنةِ‭ ‬القلة‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬الثروات،‭ ‬واتساعِ‭ ‬رقعة‭ ‬الفقر،‭ ‬وتعميقِ‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الطبقات‭.‬

بنظرةٍ‭ ‬متوازنةٍ‭ ‬إلى‭ ‬الثوراتِ‭ ‬والاحتجاجات‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬التي‭ ‬لربما‭ ‬لا‭ ‬تمثِّلُ‭ ‬ظاهرةً‭ ‬واحدة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬انعكاسٌ‭ ‬لتحدياتٍ‭ ‬متنوعة،‭ ‬يمكن‭ ‬تأكيدُ‭ ‬الانحدارِ‭ ‬الاقتصاديِّ‭ ‬والاجتماعيِّ‭ ‬والسياسيِّ‭ ‬الذي‭ ‬تعيشُه‭ ‬أغلبُ‭ ‬المجتمعات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬بدءا‭ ‬بأزماتٍ‭ ‬اقتصاديَّة‭ ‬اجتماعيَّة‭ ‬حادة،‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬ظاهرة‭ ‬ارتفاع‭ ‬تكاليف‭ ‬المعيشة‭ ‬كقضية‭ ‬تحتلُ‭ ‬صدارةَ‭ ‬أسباب‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الشديدة‭ ‬والمتصاعدة،‭ ‬حيث‭ ‬غلاء‭ ‬الطاقة‭ ‬والوقود‭ ‬والغذاء‭ ‬والسكن‭ ‬يضعُ‭ ‬ضغوطًا‭ ‬هائلة‭ ‬على‭ ‬الطبقاتِ‭ ‬المتوسطة‭ ‬والفقيرة،‭ ‬ويولّد‭ ‬غضبًا‭ ‬شعبيًّا‭ ‬عارمًا‭.‬

والظاهرةُ‭ ‬الأكثرُ‭ ‬خطورة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنحدر‭ ‬هو‭ ‬اتساعُ‭ ‬فجوة‭ ‬اللامساواة،‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬عدالة‭ ‬توزيع‭ ‬الثروات،‭ ‬وفي‭ ‬تراكم‭ ‬أرباح‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى،‭ ‬بينما‭ ‬يعاني‭ ‬عامةُ‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬درجاتٍ‭ ‬متفاوتة‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬والحاجة،‭ ‬مما‭ ‬يغذي‭ ‬الاحتقانَ‭ ‬والاحتجاجات‭ ‬التي‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تستهدف‭ ‬سياساتِ‭ ‬التقشف‭ (‬فرنسا‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يُنظر‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬إنقاذٌ‭ ‬لأصحاب‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬عامة‭ ‬الشعب‭.‬

توجيه‭ ‬الغضب‭ ‬الشعبي‭ ‬ضد‭ ‬المهاجرين

في‭ ‬الجانبِ‭ ‬الآخر‭ ‬اتسعت‭ ‬مساحةُ‭ ‬الاحتقانِ‭ ‬والاحتجاجِ‭ ‬مع‭ ‬ازدياد‭ ‬عدم‭ ‬قناعة‭ ‬‮«‬الشارع‮»‬‭ ‬باستجابة‭ ‬سياسيَّة‭ ‬منصفة،‭ ‬وارتفاع‭ ‬معدل‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬‮«‬السلطة‮»‬،‭ ‬والنخب‭ ‬الحاكمة،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬قناعة‭ ‬المحتجين‭ ‬بأن‭ ‬الأحزابَ‭ ‬التقليديَّةَ‭ (‬يمين‭ ‬ويسار‭) ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬معالجةِ‭ ‬مشاكلهم‭ ‬اليومية،‭ ‬وإلى‭ ‬اتساع‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬‮«‬الشارع‮»‬‭ ‬و«السلطة‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬قناعة‭ ‬‮«‬الشارع‮»‬‭ ‬بأن‭ ‬القنوات‭ ‬السياسيَّةَ‭ ‬التقليديَّة‭ (‬الانتخابات‭) ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬معبّرة‭ ‬عن‭ ‬مطالبهم،‭ ‬فكان‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬أحزاب‭ ‬اليمين‭ ‬الشعبوية‭ ‬المتطرفة‭ ‬هو‭ ‬الملجأ،‭ ‬بحثاً‭ ‬عن‭ ‬الإنصاف‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬بدأت‭ ‬الظاهرةُ‭ ‬الجديدة‭ ‬الأكثر‭ ‬حدةً‭ ‬وتطرفًا،‭ ‬وهي‭ ‬ظاهرةُ‭ ‬استغلال‭ ‬أحزاب‭ ‬اليمين‭ ‬فرصة‭ ‬الغضب‭ ‬الشعبي‭ ‬وتوجيهها‭ ‬ضد‭ ‬المهاجرين،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الاستقطاب‭ ‬والاحتجاجات،‭ ‬ويقصم‭ ‬ظهرَ‭ ‬الديمقراطيَّة‭ ‬والعدالة‭ ‬المزعومة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المجتمعات‭. ‬

يدّعي‭ ‬الإعلامُ‭ ‬إن‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬ضد‭ ‬سياسات‭ ‬الهجرة‭ ‬واللجوء‭ ‬تعد‭ ‬انعكاساً‭ ‬لانقسامات‭ ‬مجتمعية‭ ‬حادة‭ ‬بين‭ ‬قيم‭ ‬الانفتاح‭ ‬والتعددية‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ومخاوف‭ ‬الهوية‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬تكشف‭ ‬هذه‭ ‬الاحتجاجاتُ‭ ‬والانقساماتُ‭ ‬عن‭ ‬زيف‭ ‬مفهوم‭ ‬التعددية‭ ‬الذي‭ ‬تبنته‭ ‬الديمقراطيَّةُ‭ ‬الغربيَّة‭ ‬شكلياً،‭ ‬أو‭ ‬تعبير‭ ‬واقعي‭ ‬عن‭ ‬صعوبة‭ ‬إدارة‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬خلقتها‭ ‬الديمقراطيَّةُ‭ ‬الليبرالية‭ ‬نفسها‭.‬

قضايا‭ ‬الحريات‭ ‬والحقوق‭ ‬المدنية

أمَّا‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬الحرياتِ‭ ‬والحقوق‭ ‬المدنية،‭ ‬فإن‭ ‬الاحتجاجاتِ‭ ‬ضد‭ ‬القوانين‭ ‬القمعيَّة،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬قوانين‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬الشامل‮»‬‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬كوفيد‭- ‬19،‭ ‬هي‭ ‬تعبيرٌ‭ ‬صارخٌ‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬انتهاك‭ ‬الحريات‭ ‬الفردية‭. ‬هذه‭ ‬الاحتجاجاتُ‭ ‬تكشف‭ ‬نقاشًا‭ ‬جوهريًا‭ ‬حول‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬حرية‭ ‬الفرد‭ ‬وسلطة‭ ‬الدولة،‭ ‬ونقاشاً‭ ‬حول‭ ‬الديمقراطية‭ ‬نفسها،‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬كشف‭ ‬واقع‭ ‬غير‭ ‬ديمقراطي‭.‬

تكشف‭ ‬جميعُ‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬بشكل‭ ‬أعمق‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬صحة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬متمثلاً‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬المحتجين‭ ‬الفوضى‭ ‬والعنف‭ ‬والتدمير‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬سخطهم،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬غضب‭ ‬وعنف‭ ‬السلطات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬استخدمت‭ ‬الضرب‭ ‬والسحل‭ ‬والاعتقال‭ ‬كوسيلة‭ ‬لقمع‭ ‬الاحتجاجات‭. ‬وبالمجمل‭ ‬تدلُّ‭ ‬كلُّ‭ ‬هذه‭ ‬المظاهر‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬حيوية‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬الممارسات‭ ‬الديمقراطية‭ ‬خارج‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع،‭ ‬بل‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬تشققات‭ ‬في‭ ‬‮«‬النموذج‭ ‬الأوروبي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬ادّعى‭ ‬طويلاً‭ ‬بأنه‭ ‬قائمٌ‭ ‬على‭ ‬الرفاهية‭ ‬والاستقرار‭ ‬واحترام‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي،‭ ‬بينما‭ ‬هو‭ ‬يترنح‭ ‬تحت‭ ‬ضغوط‭ ‬العولمة‭ ‬والأزمات‭ ‬المتتالية‭.‬

أوروبا‭ ‬في‭ ‬عاصفة‭ ‬المرحلة

‭ ‬الانتقالية‭ ‬العالمية

إن‭ ‬الاحتجاجاتِ‭ ‬المتصاعدة‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬ليست‭ ‬علامة‭ ‬على‭ ‬‮«‬انهيار‮»‬‭ ‬نموذج‭ ‬تلك‭ ‬المجتمعات‭ ‬بمظاهرها‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‮ ‬عَرَضٌ‭ ‬من‭ ‬أعراض‭ ‬المرحلة‭ ‬الانتقالية‭ ‬العالمية،‭ ‬تبَلوَرَ‭ ‬في‭ ‬صرخة‭ ‬ضد‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬والبؤس،‭ ‬وتعبير‭ ‬عن‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬المستقبل،‭ ‬ونقاش‭ ‬حيوي‭ ‬حول‭ ‬شكل‭ ‬المجتمع‭ ‬الذي‭ ‬يريده‭ ‬الناس‭... ‬إنها‭ ‬مظاهر‭ ‬تكشف‭ ‬أن‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأوروبية،‭ ‬رغم‭ ‬تقدمها،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تواجه‭ ‬أسئلة‭ ‬أساسية‭ ‬حول‭ ‬العدالة‭ ‬والهوية‭ ‬والاستدامة،‭ ‬وأن‭ ‬الحلول‭ ‬التقليدية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬كافية‭ ‬لشريحة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬مواطنيها،‭ ‬وإنها‭ ‬تعيش‭ ‬تفاعلات‭ ‬عميقة‭ ‬لتحولات‭ ‬قادمة،‭ ‬مما‭ ‬يأخذ‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬التساؤل‭ ‬حول‭ ‬مصير‭ ‬الديمقراطيَّة‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الذي‭ ‬سيولد‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬المخاضِ‭ ‬الطويل؟‭.‬

تساؤل‭ ‬يلامس‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬التحولات‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬في‭ ‬عصرنا؛‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مصير‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الليبرالية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬نظام‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب؟‭... ‬باختصار‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬مصيرها‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬حتمياً،‭ ‬أي‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬انتصاراً‭ ‬ولا‭ ‬انهياراً،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مسار‭ ‬صراع‭ ‬وتكيّف،‭ ‬أو‭ ‬انفصال‭ ‬مكونات،‭ ‬أو‭ ‬تراجع،‭ ‬يمكن‭ ‬رصده‭ ‬مع‭ ‬المتغيرات‭ ‬القادمة‭.‬

الديمقراطيَّةُ‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬أمام‭ ‬تحديات

كانت‭ ‬الديمقراطيَّةُ‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬تزدهرُ‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هيمنة‭ ‬الغرب‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والثقافية‭ (‬نظام‭ ‬الاستعمار‭)‬؛‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬صعود‭ ‬قوى‭ ‬غير‭ ‬ليبرالية،‭ ‬كالصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬تظهر‭ ‬نماذجُ‭ ‬بديلة‭ ‬للنمو‭ ‬والاستقرار‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ديمقراطية‭ ‬ليبرالية،‭ ‬مما‭ ‬يقلّص‭ ‬من‭ ‬جاذبية‭ ‬النموذج‭ ‬الغربي‭ ‬ويضعها‭ ‬أمام‭ ‬تحدي‭ ‬تآكل‭ ‬فكرة‭ ‬التفوق‭ ‬الذي‭ ‬يدَّعيه‭.‬

تروِّج‭ ‬الصين‭ ‬لنموذج‭ ‬‮«‬الديمقراطية‭ ‬الشعبية‮»‬‭ ‬مدعومة‭ ‬بنجاحات‭ ‬نهضتها‭ ‬الحضارية‭ ‬الفريدة‭ ‬والقائمة‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬السلم‭ ‬العالمي‭ ‬والمجتمعي‭ ‬وليس‭ ‬الحروب‭ ‬والنزاعات،‭ ‬وعلى‭ ‬إنجازاتٍ‭ ‬تنمويَّة‭ ‬واقتصاديَّة‭ ‬بارزة‭ ‬تشارك‭ ‬بها‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬ثروات‭ ‬الشعوب،‭ ‬وتميزت‭ ‬بالاهتمام‭ ‬بالكفاءة‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬القرار‭ ‬وليس‭ ‬على‭ ‬لغة‭ ‬القوة‭... ‬إنها‭ ‬نموذجٌ‭ ‬آخر‭ ‬للديمقراطية‭ ‬تعمل‭ ‬بمبادئ‭ ‬العدالة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الفقر؛‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يبرز‭ ‬البطء‭ ‬والخلافات‭ ‬والشيخوخة‭ ‬في‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬الليبرالية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬الحروب‭ ‬والهيمنة‭ ‬واللاعدالة‭ ‬وعدم‭ ‬المساواة‭ ‬والتضليل،‭ ‬والمثقلة‭ ‬بالمشاكل‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬تُضعفها،‭ ‬والاستقطاب‭ ‬السياسي‭ ‬الحاد الذي‭ ‬يشل‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬الحكم،‭ ‬وعدم‭ ‬الثقة‭ ‬والذي‭ ‬يغذي‭ ‬السخطَ‭ ‬والغضبَ‭ ‬الشعبي‭.‬

إن‭ ‬امتحانَ‭ ‬المقارنة‭ ‬هذا‭ ‬يُعدُّ‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬التحديات‭ ‬والضغوط‭ ‬التي‭ ‬تؤخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬عند‭ ‬تحديد،‭ ‬أو‭ ‬استشراف،‭ ‬مصير‭ ‬النموذج‭ ‬الغربي‭ ‬عموماً،‭ ‬ومصير‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الليبرالية‭ ‬خصوصاً‭.‬

متغيرات‭ ‬النظام‭ ‬الدولي

‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب

ومع‭ ‬المتغيراتِ‭ ‬القادمة،‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬نظامٍ‭ ‬دوليٍّ‭ ‬متعددِ‭ ‬الأقطاب‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬ستتغيرُ‭ ‬طبيعةُ‭ ‬السيادة‭ ‬عالمياً،‭ ‬حيث‭ ‬الدول‭ ‬تدافعُ‭ ‬عن‭ ‬سيادتها‭ ‬المطلقة،‭ ‬وتدافع‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬نموذج‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة‭ ‬لمبدأ‭ ‬عدم‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية،‭ ‬وهو‭ ‬مبدأ‭ ‬استثنت‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬نفسها‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬الأحادي‭ ‬القطب،‭ ‬وأعطت‭ ‬لنفسها‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التدخل‭ ‬بادعاء‭ ‬حماية‭ ‬مصالحها‭ ‬وأمنها‭ ‬القومي،‭ ‬وفعَّلت‭ ‬سيفَ‭ ‬التسلط‭ ‬في‭ ‬تهديد‭ ‬الدول‭ ‬وإلغاء‭ ‬سيادتها‭ (‬أفغانستان‭ ‬والعراق‭ ‬مثالاً‭). ‬

إن‭ ‬مبدأ‭ ‬عدم‭ ‬التدخل‭ ‬وحق‭ ‬حماية‭ ‬السيادة‭ ‬والحدود‭ ‬يشكلان‭ ‬ضغطا‭ ‬وتحديا‭ ‬لمبادئ‭ ‬التدخل‭ ‬التي‭ ‬تمارسها‭ ‬‮«‬الديمقراطيات‭ ‬الليبرالية‮»‬‭ ‬كسلاح‭ ‬للتهديد،‭ ‬والهيمنة،‭ ‬والاحتلال،‭ ‬والتفوق‭.‬

وتعدُّ‭ ‬هذه‭ ‬التحدياتُ‭ ‬الأكثر‭ ‬ضغطاً‭ ‬على‭ ‬مفهوم‭ ‬التفوق‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬متعدد‭ ‬الاقطاب،‭ ‬والأكثر‭ ‬ضغطاً‭ ‬نحو‭ ‬تراجع‭ ‬الدور‭ ‬الغربي‭ ‬في‭ ‬الهيمنة،‭ ‬وتراجع‭ ‬عوامل‭ ‬تفوق‭ ‬النموذج‭ ‬الغربي‭ ‬المستمد‭ ‬من‭ ‬الهيمنة‭ ‬السياسيَّة‭ ‬والاقتصاديَّة‭ ‬والثقافيَّة،‭ ‬مما‭ ‬يحدِّد‭ ‬مفهومَ‭ ‬المصير‭ ‬الحتمي‭ ‬للديمقراطية‭ ‬الليبرالية‭ ‬مستقبلاً‭. ‬

سيناريوهات‭ ‬محتملة‭ ‬للمستقبل

في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬مستقبلِ،‭ ‬أو‭ ‬مصيرِ،‭ ‬الديمقراطيَّة‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬نظام‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬هناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سيناريو‭ ‬يطرحه‭ ‬الأكاديميون‭ ‬والمفكرون‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يتجاهلون‭ ‬التحديات،‭ ‬لكنهم‭ ‬يتجادلون‭ ‬حول‭ ‬أن‭ ‬النظامَ‭ ‬الديمقراطيَّ‭ ‬الليبراليّ‭ ‬يمتلكُ‭ ‬مرونةً‭ ‬وقدرةً‭ ‬فريدة‭ ‬على‭ ‬التكيفِ‭ ‬والإصلاح‭ ‬الذاتي‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬ظل‭ ‬‮«‬جوزيف‭ ‬ناي‭ ‬Joseph‭ ‬Nye‮»‬،‭ ‬المفكر‭ ‬والمنظر‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدوليَّة،‭ ‬يجادلُ‭ ‬لعقود‭ ‬بأن‭ ‬قوةَ‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬الليبرالية‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادية‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬من‮ «‬قوة‭ ‬الجذب‮»‬‭ ‬النابعة‭ ‬من‭ ‬قيمها‭ ‬‮«‬الحرية،‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬الانفتاح‮»‬‭ ‬لمواجهة‭ ‬المنافسين،‭ ‬وعلى‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬أن‮ ‬تستثمر‭ ‬في‭ ‬قوتها‭ ‬الناعمة‭ (‬Soft‭ ‬Power‭) ‬والدبلوماسية‭ ‬وتعيد‭ ‬بناء‭ ‬مصداقيتها،‭ ‬وتتعاون‭ ‬بشكل‭ ‬أوثق‭ ‬مع‭ ‬حلفاء‭ ‬جدد‭.‬

وركّز‭ ‬أولئك‭ ‬المفكرون‭ ‬على‭ ‬سيناريو‭ ‬إصلاحي‭ ‬يُقرأ‭ ‬بمقاييس‭ ‬القدرةِ‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬والتكيف‭ (‬التجدد‭) ‬التي‭ ‬قد‭ ‬توازن‭ ‬الأمور‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬البقاء‭ ‬والإصلاح،‭ ‬إذ‭ ‬تمرُّ‭ ‬الديمقراطيَّةُ‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬بأزمة‭ ‬ولكن‭ ‬قد‭ ‬تتكيف‭ ‬وتخرج‭ ‬منها‭ ‬أقوى،‭ ‬من‭ ‬خلال‭: ‬1‭- ‬معالجة‭ ‬أوجه‭ ‬القصور‭ ‬الداخلية،‭ (‬مثال‭: ‬مكافحة‭ ‬عدم‭ ‬المساواة،‭ ‬إصلاح‭ ‬النظام‭ ‬الانتخابي،‭ ‬تنظيم‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭)‬؛‭ ‬2‭- ‬بناء‭ ‬تحالفات‭ ‬بين‭ ‬الديمقراطيات،‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والأمني‭ ‬ووضع‭ ‬معايير‭ ‬مشتركة‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬والتجارة‭ ‬البينية‭.‬

‭ ‬3-‭ ‬إثبات‭ ‬جدارة‭ ‬النظام‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الليبرالي،‭ ‬رغم‭ ‬تعقيده،‭ ‬على‭ ‬إنه‭ ‬الأكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬الابتكار،‭ ‬وحماية‭ ‬الحريات،‭ ‬وخلق‭ ‬مجتمعات‭ ‬تعددية‭.‬

ولنجاح‭ ‬هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬يتطلبُ‭ ‬تقديم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التنازلات‭ ‬في‭ ‬النظم‭ ‬الرأسماليَّة‭ ‬والاجتماعيَّة‭ ‬والاقتصاديَّة‭ ‬التي‭ ‬تأسست‭ ‬عليها‭ ‬مجتمعاتُ‭ ‬الغرب‭ ‬الليبرالية،‭ ‬فهل‭ ‬يا‭ ‬ترى‭ ‬هي‭ ‬قادرةٌ‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬التنازلات؟؟؟

وفي‭ ‬سيناريو‭ ‬آخر‭ ‬كتب‭ ‬فريد‭ ‬زكريا‭ ‬في‭ ‬تسعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬عن‭ ‬مقاييسِ‭ ‬التحوُّل‭ ‬وإعادة‭ ‬التشكل،‭ ‬مشيراً‭ ‬إلى‭ ‬الاتجاه‭ ‬نحو‭ ‬انفصال‭ ‬مكونات‭ ‬الديمقراطيَّة‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬عن‭ ‬بعضها،‭ ‬حيث‭ ‬قد‭ ‬تتبنى‭ ‬دولٌ‭ ‬كثيرة الجزءَ‭ ‬‮«‬الديمقراطي‮»‬‭ (‬الانتخابات،‭ ‬التعددية‭) ‬مع‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الجزء‭ ‬‮«‬الليبرالي‮»‬‭ (‬الحقوق‭ ‬الفردية‭ ‬المطلقة،‭ ‬التعددية‭ ‬الثقافية،‭ ‬العلمانية‭ ‬الصارمة‭)‬،‭ ‬وهذا‭ ‬نموذج‭ ‬لـ«الديمقراطية‭ ‬غير‭ ‬الليبرالية‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تروِّج‭ ‬له‭ ‬دولٌ‭ ‬مثل‭ ‬المجر‭ ‬وتركيا‭ (‬مقال‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬البيان‭: ‬‮«‬لغز‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الليبرالية‮»‬‭/ ‬للأكاديميَين‭ ‬داني‭ ‬رودريك،‭ ‬وشارون‭ ‬موكاند‭ ‬2015‭).‬

وهناك‭ ‬سيناريو‭ ‬يأخذ‭ ‬بمقاييس‭ ‬التراجع‭ ‬والاحتواء؛‭ ‬أي‭ ‬إن‭ ‬الديمقراطيَّة‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬قد‭ ‬تستمرُ‭ ‬في‭ ‬التراجع‭ ‬لصالح‭ ‬نماذج‭ ‬يمينية‭ ‬سلطوية،‭ ‬شعبوية،‭ ‬داخل‭ ‬دولها‭ ‬نفسها،‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬تشهد‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬دولِ‭ ‬العالم‭ ‬عصرًا‭ ‬جديداً‭ ‬من‭ ‬الديمقراطيَّة‭ ‬غير‭ ‬الليبراليَّة،‭ ‬مما‭ ‬يعطي‭ ‬للنظام‭ ‬الدولي‭ ‬الجديد‭ ‬زخماً‭ ‬أقوى،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬الشهير‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المجري‭ ‬فيكتور‭ ‬أوربان‭ (‬2014‭)‬،‭ ‬وإعلانه‭ ‬صراحة‭ ‬عن‭ ‬نيته‭ ‬بناء‭ ‬‮«‬دولة‭ ‬غير‭ ‬ليبرالية‮»‬‭ ‬في‭ ‬المجر،‭ ‬مُستشهداً‭ ‬بنماذج‭ ‬مثل‭ ‬روسيا‭ ‬وتركيا‭ ‬والصين‭.‬

وأخيراً‭ ‬قد‭ ‬تُحصر‭ ‬الديمقراطيَّةُ‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬في‭ ‬قلعة‭ ‬الغرب‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مجموعةٍ‭ ‬من‭ ‬التحالفاتِ‭ ‬الإقليميَّة،‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬أوروبا،‭ ‬أستراليا،‭ ‬وبعض‭ ‬الدول‭ ‬الآسيوية،‭ ‬بينما‭ ‬تسودُ‭ ‬أنظمةُ‭ ‬حكم‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬أجزاء‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬العالم‭ ‬منقسماً‭ ‬إلى‭ ‬كتلٍ‭ ‬أيديولوجية،‭ ‬ونظام‭ ‬جديد‭ ‬لحرب‭ ‬باردة،‭ ‬أو‭ ‬ساخنة،‭ ‬جديدة‭.‬

في‭ ‬المحصلة‭ ‬لن‭ ‬يحددَ‭ ‬العاملُ‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬وحده‭ ‬مصيرَ‭ ‬الديمقراطيَّةِ‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬بمقدار‭ ‬ما‭ ‬سيكون‭ ‬نتيجة‭ ‬صراع‭ ‬الأفكار‭ ‬والنماذج‭ ‬المتنافسة‭ ‬حول‭ ‬النظام‭ ‬الأكثر‭ ‬إنسانية‭ ‬ومرونة‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬المشاكل‭ ‬المعقدة التي‭ ‬تواجه‭ ‬البشرية،‭ ‬وأهمها‭ ‬الفقر‭ ‬واللاعدالة‭ ‬وعدم‭ ‬المساواة،‭ ‬حيث‭ ‬في‭ ‬نظامٍ‭ ‬دوليٍّ‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب‭ ‬ستصبحُ‭ ‬الديمقراطيَّةُ‭ ‬الليبراليَّة‭ ‬خيارًا‭ ‬بين‭ ‬عدة‭ ‬خيارات،‭ ‬وليست‭ ‬المصير‭ ‬الحتمي‭ ‬للبشرية‭ ‬كما‭ ‬روَّج‭ ‬لذلك‭ ‬فوكوياما‭ ‬في‭ ‬‮«‬نظرية‭ ‬نهاية‭ ‬التاريخ‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا