العدد : ١٧٣٦٠ - الجمعة ٠٣ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ربيع الآخر١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٦٠ - الجمعة ٠٣ أكتوبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ربيع الآخر١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

بعد عدوان إسرائيل على قطر.. آن أوان الاتـحــاد الـدفــاعـــي الـخـليـجــي

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٠٣ أكتوبر ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬ظل‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬ذروته‭ ‬بقصف‭ ‬مفاوضي‭ ‬حماس‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العاصمة‭ ‬القطرية،‭ ‬ومع‭ ‬تزايد‭ ‬الشكوك‭ ‬الخليجية‭ ‬حول‭ ‬التزام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالدفاع‭ ‬عن‭ ‬حلفائها،‭ ‬برزت‭ ‬دعوات‭ ‬جدية‭ ‬لتأسيس‭ ‬اتحاد‭ ‬دفاعي‭ ‬خليجي‭ ‬رسمي،‭ ‬وإعادة‭ ‬صياغة‭ ‬المنظومة‭ ‬الأمنية‭ ‬الإقليمية‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬الاستقلالية‭ ‬والتكامل‭.‬

‮«‬في‭ ‬9‭ ‬سبتمبر‭ ‬2025،‭ ‬شنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬غارات‭ ‬جوية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬وقاتلة‭ ‬استهدفت‭ ‬مفاوضي‭ ‬حماس‭ ‬داخل‭ ‬قطر‭. ‬وقد‭ ‬أقرّ‭ ‬خبراء‭ ‬أمنيون‭ ‬غربيون‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬التصعيد،‭ ‬بقيادة‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬المتطرفة،‭ ‬ستكون‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬إقليمية‭ ‬هائلة‮»‬‭.‬

سلّطت‭ ‬منى‭ ‬يعقوبيان،‭ ‬مديرة‭ ‬برنامج‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬‮«‬تضارب‭ ‬الرؤى‮»‬‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬مركز‭ ‬ثقلها‮»‬‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬يعطي‭ ‬الأولوية‭ ‬لخفض‭ ‬التصعيد‭ ‬والوساطة‭ ‬في‭ ‬النزاعات،‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬الاعتداءات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‮«‬العنيفة‮»‬‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬اليمن‭.‬

وقد‭ ‬تطرق‭ ‬محللون‭ ‬إلى‭ ‬الآثار‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬التي‭ ‬ستطال‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭. ‬فقد‭ ‬كتبت‭ ‬سانام‭ ‬فاكيل،‭ ‬مديرة‭ ‬برنامج‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬أصبحت‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬التهديد‭ ‬الأمني‭ ‬الأكبر‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‮»‬،‭ ‬متجاوزة‭ ‬بذلك‭ ‬إيران‭. ‬واعتبر‭ ‬حسين‭ ‬إيبش،‭ ‬الباحث‭ ‬المقيم‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬معهد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‭ ‬بواشنطن،‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬على‭ ‬الدوحة‭ ‬أعاد‭ ‬رسم‭ ‬‮«‬البنية‭ ‬الأمنية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج‮»‬‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬جورجيو‭ ‬كافييرو،‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لشركة‭ ‬‮«‬جلف‭ ‬ستيت‭ ‬أناليتيكس‮»‬‭ ‬أستاذ‭ ‬مساعد‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬جورج‭ ‬تاون،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التطورات‭ ‬الأمنية‭ ‬الأخيرة‭ ‬‮«‬تفرض‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬مراجعة‭ ‬أمنية‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬قمة‭ ‬القادة‭ ‬الإقليميين‭ ‬التي‭ ‬عُقدت‭ ‬في‭ ‬الدوحة‭ ‬بعد‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬الهجوم،‭ ‬برزت‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬الرد‭ ‬بشكل‭ ‬يتجاوز‭ ‬الإدانات‭ ‬التقليدية‭ ‬لسلوك‭ ‬إسرائيل‭ ‬والدعوات‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬حيث‭ ‬رأى‭ ‬بلال‭ ‬صعب،‭ ‬الزميل‭ ‬المشارك‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬يوضح‭ ‬‮«‬أهمية‭ ‬إنشاء‭ ‬اتحاد‭ ‬دفاعي‭ ‬خليجي‭ ‬رسمي‮»‬‭.‬

إن‭ ‬تقييمات‭ ‬الخبراء‭ ‬الغربيين‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬الدوحة‭ ‬غيَّر‭ ‬المشهد‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬رافعًا‭ ‬مستوى‭ ‬التهديد‭ ‬من‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬مماثل،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أعلى،‭ ‬من‭ ‬الخطر‭ ‬المزمن‭ ‬الذي‭ ‬يشكّله‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬طهران‭. ‬وكما‭ ‬وثّقت‭ ‬سانام‭ ‬فاكيل،‭ ‬فإن‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬عقود،‭ ‬كانت‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬ومحور‭ ‬المقاومة‭ ‬التهديد‭ ‬الرئيسي‭ ‬للأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ولكن‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬وبفعل‭ ‬تدمير‭ ‬إسرائيل‭ ‬لغزة،‭ ‬ومحاولتها‭ ‬إبادة‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وتصعيدها‭ ‬للضم‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وهجماتها‭ ‬العنيفة‭ ‬الممتدة‭ ‬إلى‭ ‬لبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬وإيران،‭ ‬والآن‭ ‬قطر،‭ ‬تغيّرت‭ ‬طبيعة‭ ‬الحوار،‭ ‬وتم‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬استنتاج‭ ‬واضح‭ ‬بأن‭ ‬إسرائيل‭ ‬باتت‭ ‬‮«‬التهديد‭ ‬الأكبر‭ ‬للاستقرار‭ ‬الإقليمي‮»‬‭.‬

وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬قمة‭ ‬الدوحة،‭ ‬وصف‭ ‬مهران‭ ‬كامرافا،‭ ‬أستاذ‭ ‬الشؤون‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬جورج‭ ‬تاون‭ ‬‭ ‬قطر،‭ ‬البيان‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬الذي‭ ‬أدان‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬تعبير‭ ‬رمزي‭ ‬قوي‭ ‬عن‭ ‬الوحدة‮»‬‭. ‬كما‭ ‬رأت‭ ‬أندريا‭ ‬ديسي،‭ ‬الأستاذة‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بجامعة‭ ‬روما،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬بداية‭ ‬لتقارب‭ ‬في‭ ‬المواقف،‭ ‬وتغيرًا‭ ‬في‭ ‬اللهجة،‭ ‬وتحولًا‭ ‬في‭ ‬العقلية‮»‬‭ ‬إزاء‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يبرز‭ ‬أيضًا‭ ‬دور‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كضامن‭ ‬تقليدي‭ ‬للأمن‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬فقد‭ ‬كتبت‭ ‬فاكيل‭ ‬أن‭ ‬‮«‬رسالة‮»‬‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬المفاوضين‭ ‬الساعين‭ ‬لإنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬تُعدّ‭ ‬تحديًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬لافتراض‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬القائم‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭ ‬بأن‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬والقواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬الأمريكية‭ ‬ستحميهم‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭.‬

وأضاف‭ ‬بلال‭ ‬صعب‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الاتفاقيات‭ ‬الأمنية‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬واشنطن‭ ‬بدول‭ ‬الخليج،‭ ‬ومنها‭ ‬قطر‭ ‬التي‭ ‬صُنّفت‭ ‬حليفًا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الناتو‭ ‬منذ‭ ‬2022،‭ ‬لم‭ ‬تمنع‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬ضرب‭ ‬العاصمة‭ ‬القطرية‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬أصبح‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬عرضة‭ ‬للهجوم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬صديق‭ ‬إسرائيل‭- ‬وعدو‭ -‬إيران‭- ‬للولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬كلتا‭ ‬الحالتين‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬واشنطن‭ ‬‭ ‬أو‭ ‬الأسوأ،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مستعدة‭ ‬‭ ‬لحمايتهم‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬تنامي‭ ‬الشكوك‭ ‬لدى‭ ‬القادة‭ ‬الإقليميين‭ ‬بشأن‭ ‬التزام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالدفاع‭ ‬عنهم‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬تقاعس‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬عن‭ ‬الوفاء‭ ‬بتعهداتها‭ ‬الدفاعية،‭ ‬تشير‭ ‬فاكيل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬ستسرّع‭ ‬من‭ ‬جهودها‭ ‬لتنويع‭ ‬شراكاتها‭ ‬الخارجية‭ ‬والأمنية‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬واشنطن،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬اقتصادية‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬وتوسيع‭ ‬التعاون‭ ‬الدفاعي‭ ‬مع‭ ‬تركيا‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬نال‭ ‬الاتفاق‭ ‬الدفاعي‭ ‬المشترك‭ ‬الذي‭ ‬وُقّع‭ ‬بين‭ ‬السعودية‭ ‬وباكستان‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬سبتمبر‭ ‬2025‭ ‬اهتمامًا‭ ‬بالغًا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المعاهد‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭. ‬فقد‭ ‬وصف‭ ‬نيفيل‭ ‬لازاروس‭ ‬من‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬بأنها‭ ‬قد‭ ‬‮«‬تُغيّر‭ ‬مسار‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭ ‬عبر‭ ‬تزويد‭ ‬المملكة‭ ‬بـ‮«‬رادع‭ ‬نووي‮»‬‭ ‬قد‭ ‬يتوسع‭ ‬لاحقًا‭ ‬ليشمل‭ ‬دولًا‭ ‬أخرى‭.‬

مع‭ ‬ذلك،‭ ‬شدد‭ ‬صعب‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يوفر‭ ‬ضمانة‭ ‬دفاعية‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأولوية‭ ‬القصوى‭ ‬لإسلام‭ ‬آباد‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬هي‭ ‬التنافس‭ ‬مع‭ ‬الهند‮»‬‭. ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬تيم‭ ‬ويلاسي‭ ‬ويلسي،‭ ‬الزميل‭ ‬المشارك‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬أسبابًا‭ ‬واضحة‭ ‬لعدم‭ ‬إمكانية‭ ‬اعتماد‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬بشكل‭ ‬مفرط‭ ‬على‭ ‬الاتفاق‮»‬‭.‬

أكد‭ ‬إيبش‭ ‬أن‭ ‬الصفقة‭ ‬الأمنية‭ ‬الأخيرة‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬قيد‭ ‬الإعداد‭ ‬سنوات‮»‬‭ ‬وليست‭ ‬ردًا‭ ‬مفاجئًا‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬قطر،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬اتفاقية‭ ‬ثنائية‭ ‬لا‭ ‬تعزز‭ ‬بالضرورة‭ ‬موقف‭ ‬بقية‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭. ‬ورغم‭ ‬ذلك،‭ ‬يتوقع‭ ‬مراقبون‭ ‬أن‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬توسيع‭ ‬شراكاتها‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تراجع‭ ‬التزام‭ ‬واشنطن‭ ‬بالدفاع‭ ‬الإقليمي‭ ‬وتصاعد‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أشارت‭ ‬فاكيل‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬باتوا‭ ‬مستعدين‭ ‬‮«‬لتعميق‭ ‬التعاون‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‮»‬،‭ ‬بينما‭ ‬أوضح‭ ‬إيبش‭ ‬أن‭ ‬التوجه‭ ‬نحو‭ ‬اعتبار‭ ‬أي‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬‮«‬هجوم‭ ‬على‭ ‬الجميع‮»‬،‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬إمكانات‭ ‬الرد‭ ‬العسكري‭ ‬ويمنح‭ ‬المنطقة‭ ‬‮«‬عمقًا‭ ‬استراتيجيًا‮»‬‭ ‬أكبر‭ ‬لمواجهة‭ ‬التهديدات،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬أو‭ ‬إيران‭ ‬أو‭ ‬غيرهما‭. ‬كما‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬توحيد‭ ‬الأولويات‭ ‬الأمنية‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬ورأى‭ ‬إيبش‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تستغل‭ ‬قدراتها‭ ‬المالية‭ ‬والعسكرية‭ ‬لبناء‭ ‬‮«‬أمن‭ ‬جماعي‭ ‬فعال‮»‬،‭ ‬محذرًا‭ ‬من‭ ‬الإفراط‭ ‬في‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الشراكة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تلتزم‭ ‬‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬المادة‭ ‬5‭ ‬من‭ ‬ميثاق‭ ‬الناتو‭ ‬بالتدخل‭ ‬العسكري‭ ‬الفوري‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬الحلفاء‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬موافقة‭ ‬قادة‭ ‬الخليج‭ ‬خلال‭ ‬قمة‭ ‬الدوحة‭ ‬على‭ ‬تفعيل‭ ‬‮«‬آلية‭ ‬دفاع‭ ‬مشترك‮»‬،‭ ‬رأى‭ ‬صعب‭ ‬أن‭ ‬التكامل‭ ‬الأمني‭ ‬لا‭ ‬يشترط‭ ‬تأسيس‭ ‬تحالف‭ ‬مشابه‭ ‬للناتو‭ ‬من‭ ‬البداية‭. ‬بل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬محددة،‭ ‬أبرزها‭: ‬الخدمات‭ ‬اللوجستية‭ ‬وسلاسل‭ ‬التوريد،‭ ‬الابتكار‭ ‬التكنولوجي،‭ ‬إدارة‭ ‬وإنتاج‭ ‬الصناعات‭ ‬الدفاعية،‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية،‭ ‬والدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬والصاروخي‭. ‬وقد‭ ‬ركز‭ ‬المحللون‭ ‬على‭ ‬المجال‭ ‬الأخير،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الهجوم‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬إيبش‭ ‬إلى‭ ‬افتقار‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لمنظومات‭ ‬دفاع‭ ‬صاروخي‭ ‬وطائرات‭ ‬دون‭ ‬طيار‭ ‬متقدمة،‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭.‬

ورغم‭ ‬عدم‭ ‬وضوح‭ ‬إطار‭ ‬زمني‭ ‬محدد‭ ‬لتفعيل‭ ‬التعاون‭ ‬الدفاعي‭ ‬العميق،‭ ‬يرى‭ ‬المحللون‭ ‬‭ ‬بمن‭ ‬فيهم‭ ‬إيبش‭ ‬أن‭ ‬الضربة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الدوحة‭ ‬تمثل‭ ‬نقطة‭ ‬تحول‭ ‬مفصلية‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمنية‭ ‬الخليجية،‭ ‬سواء‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الأوسع‭. ‬في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬أشارت‭ ‬فاكيل‭ ‬إلى‭ ‬قلق‭ ‬الحكومات‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬‮«‬تقاعس‮»‬‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬التصعيد‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬فيما‭ ‬اعتبر‭ ‬صعب‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة‭ ‬مناسبة‭ ‬لترسيخ‭ ‬قناعة‭ ‬بضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬‮«‬الجبهة‭ ‬الداخلية‭ ‬الجماعية‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الشركاء‭ ‬الخارجيين‭.‬

ومع‭ ‬أن‭ ‬الاتجاه‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬السعي‭ ‬نحو‭ ‬استقلالية‭ ‬استراتيجية‭ ‬أكبر،‭ ‬أشار‭ ‬صعب‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬للعب‭ ‬دور‭ ‬‮«‬الميسّر‭ ‬والمحفّز‮»‬‭ ‬لتعميق‭ ‬التعاون‭ ‬الدفاعي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬الوجود‭ ‬العسكري‭ ‬المباشر‭.‬

وفي‭ ‬تطور‭ ‬لافت،‭ ‬نقلت‭ ‬يعقوبيان‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬‮«‬التهديد‭ ‬الأبرز‭ ‬المتصور‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تهديدات‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬بشن‭ ‬هجمات‭ ‬جديدة‭ ‬ضد‭ ‬خصوم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬تساءل‭ ‬كافييرو‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬تهديدات‭ ‬أمنية‭ ‬متزايدة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬‮«‬غياب‭ ‬المظلة‭ ‬الواقية‮»‬‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬توفرها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

ورجّح‭ ‬كافييرو‭ ‬أن‭ ‬تتسارع‭ ‬الجهود‭ ‬لتعزيز‭ ‬التنسيق‭ ‬الدفاعي‭ ‬داخل‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إحياء‭ ‬التطلعات‭ ‬نحو‭ ‬إطار‭ ‬أمني‭ ‬مستقل‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الناتو،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬يتطلبه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬استثمارات‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭. ‬وقد‭ ‬ختم‭ ‬كافييرو‭ ‬بالقول‭: ‬‮«‬إن‭ ‬بناء‭ ‬قدرات‭ ‬ردع‭ ‬موثوقة‭ ‬‮«‬أصبح‭ ‬مسارًا‭ ‬ضروريًّا‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‮»‬‭.‬

مع‭ ‬تحوّل‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬التهديد‭ ‬الأمني‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬نظر‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وتآكل‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬المظلة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الدعوات‭ ‬لاتحاد‭ ‬دفاعي‭ ‬خليجي‭ ‬خيارًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬ضرورة‭ ‬إقليمية‭ ‬ملحة‭ ‬لبناء‭ ‬جبهة‭ ‬داخلية‭ ‬موحدة‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬المتغيرات‭ ‬المتسارعة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا