العدد : ١٧٣٥٧ - الثلاثاء ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٧ - الثلاثاء ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

التبريرات الجاهزة = هروب

تعودنا‭ ‬أن‭ ‬نسمع‭ ‬في‭ ‬محيطنا‭ ‬الرياضي‭ ‬عبارات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الفريق‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬يومه‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬اللاعبون‭ ‬بعيدون‭ ‬عن‭ ‬مستواهم‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬المباراة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬طاقم‭ ‬التحكيم‮»‬‭ ‬وغيرها‭ ‬بعد‭ ‬أي‭ ‬خسارة‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬بعض‭ ‬الفرق،‭ ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬الجمل‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬جمل‭ ‬عابرة،‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬قاموس‭ ‬تبريري‭ ‬جاهز‭ ‬يستحضره‭ ‬المدربون‭ ‬والإداريون‭ ‬واللاعبون‭ ‬وحتى‭ ‬بعض‭ ‬الإعلاميين‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬إخفاق‭ ‬أو‭ ‬خسارة،‭ ‬هذه‭ ‬المفردات‭ ‬التي‭ ‬يحفظها‭ ‬الجميع‭ ‬عن‭ ‬ظهر‭ ‬قلب،‭ ‬تكاد‭ ‬تستخدم‭ ‬كستار‭ ‬لإخفاء‭ ‬المشكلات‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬التراجع‭ ‬أو‭ ‬الهزيمة‭.‬

الخطورة‭ ‬هنا‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬تقال،‭ ‬بل‭ ‬فيما‭ ‬تمثله‭ ‬من‭ ‬عقلية‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬المسؤولية،‭ ‬فعندما‭ ‬يقال‭: ‬إن‭ ‬الفريق‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬يومه،‭ ‬يتبادر‭ ‬السؤال‭: ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬يومه؟‭ ‬وعندما‭ ‬يلقى‭ ‬اللوم‭ ‬وحده‭ ‬على‭ ‬التحكيم،‭ ‬يغيب‭ ‬النقاش‭ ‬الجاد‭ ‬حول‭ ‬الأداء‭ ‬الفني‭ ‬وخطط‭ ‬اللعب‭ ‬والإعداد‭ ‬النفسي‭ ‬والبدني،‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬العبارات‭ ‬تعني‭ ‬وكأن‭ ‬الأطراف‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬المباشرة‭ ‬بعيدون‭ ‬عن‭ ‬المحاسبة،‭ ‬وتأجيل‭ ‬مواجهة‭ ‬الحقيقة‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تكرار‭ ‬الإخفاقات‭ ‬نفسها‭ ‬بصور‭ ‬مختلفة‭.‬

الحقيقة‭ ‬إن‭ ‬الخسارة‭ ‬في‭ ‬الرياضة‭ ‬مثلها‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬لها‭ ‬أسبابها‭ ‬الملموسة‭: ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬الإعداد،‭ ‬أخطاء‭ ‬تكتيكية،‭ ‬سوء‭ ‬إدارة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬غياب‭ ‬الرؤية‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى،‭ ‬لكن‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬تتطلب‭ ‬شجاعة‭ ‬وشفافية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفتقره‭ ‬أصحاب‭ ‬التبريرات‭ ‬المعلبة‭.‬

الأندية‭ ‬والمنتخبات‭ ‬التي‭ ‬تقدمت‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬عبر‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬شماعات،‭ ‬وإنما‭ ‬تسلحت‭ ‬بثقافة‭ ‬النقد‭ ‬الذاتي‭ ‬قبل‭ ‬النقد‭ ‬الخارجي،‭ ‬والاعتراف‭ ‬بالخلل‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬إصلاحه‭. ‬فالتبرير‭ ‬لا‭ ‬يغير‭ ‬النتيجة،‭ ‬لكنه‭ ‬يغير‭ ‬العقلية،‭ ‬فيحول‭ ‬الخسارة‭ ‬من‭ ‬فرصة‭ ‬للتعلم‭ ‬إلى‭ ‬فرصة‭ ‬للهروب‭. ‬

ألم‭ ‬يحن‭ ‬الأوان‭ ‬بعد‭ ‬كي‭ ‬نخرج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬الأعذار‭ ‬الجاهزة،‭ ‬ونرسخ‭ ‬لغة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬رياضتنا‭: ‬لغة‭ ‬المسؤولية‭ ‬والمكاشفة،‭ ‬إذ‭ ‬نعترف‭ ‬بالخطأ‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬نتراقص‭ ‬عند‭ ‬أي‭ ‬إنجاز،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يضيف‭ ‬شيئا‭. ‬لأن‭ ‬الفريق‭ ‬الذي‭ ‬يجيد‭ ‬التبرير‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يجيد‭ ‬اللعب،‭ ‬لن‭ ‬يعرف‭ ‬طعم‭ ‬البطولات‭ ‬والإنجازات‭ ‬مهما‭ ‬طال‭ ‬الانتظار‭.‬

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا