وقت مستقطع

علي ميرزا
التبريرات الجاهزة = هروب
تعودنا أن نسمع في محيطنا الرياضي عبارات مثل «الفريق ليس في يومه»، أو «اللاعبون بعيدون عن مستواهم»، أو «المباراة أكبر من طاقم التحكيم» وغيرها بعد أي خسارة تتعرض لها بعض الفرق، ومثل هذه الجمل ما هي إلا جمل عابرة، رغم أنها تحولت إلى قاموس تبريري جاهز يستحضره المدربون والإداريون واللاعبون وحتى بعض الإعلاميين عند كل إخفاق أو خسارة، هذه المفردات التي يحفظها الجميع عن ظهر قلب، تكاد تستخدم كستار لإخفاء المشكلات الحقيقية التي تقف وراء التراجع أو الهزيمة.
الخطورة هنا ليست في العبارات التي تقال، بل فيما تمثله من عقلية الهروب من المسؤولية، فعندما يقال: إن الفريق لم يكن في يومه، يتبادر السؤال: لماذا لم يكن في يومه؟ وعندما يلقى اللوم وحده على التحكيم، يغيب النقاش الجاد حول الأداء الفني وخطط اللعب والإعداد النفسي والبدني، إن هذه العبارات تعني وكأن الأطراف ذات العلاقة المباشرة بعيدون عن المحاسبة، وتأجيل مواجهة الحقيقة يؤدي إلى تكرار الإخفاقات نفسها بصور مختلفة.
الحقيقة إن الخسارة في الرياضة مثلها في الحياة لها أسبابها الملموسة: ضعف في الإعداد، أخطاء تكتيكية، سوء إدارة، أو حتى غياب الرؤية بعيدة المدى، لكن مواجهة هذه الأسباب تتطلب شجاعة وشفافية، وهو ما يفتقره أصحاب التبريرات المعلبة.
الأندية والمنتخبات التي تقدمت لم تصل إلى ما وصلت إليه عبر البحث عن شماعات، وإنما تسلحت بثقافة النقد الذاتي قبل النقد الخارجي، والاعتراف بالخلل والعمل على إصلاحه. فالتبرير لا يغير النتيجة، لكنه يغير العقلية، فيحول الخسارة من فرصة للتعلم إلى فرصة للهروب.
ألم يحن الأوان بعد كي نخرج من دائرة الأعذار الجاهزة، ونرسخ لغة جديدة في رياضتنا: لغة المسؤولية والمكاشفة، إذ نعترف بالخطأ مثل ما نتراقص عند أي إنجاز، حتى لو أنه لا يضيف شيئا. لأن الفريق الذي يجيد التبرير أكثر مما يجيد اللعب، لن يعرف طعم البطولات والإنجازات مهما طال الانتظار.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك