العدد : ١٧٣٥٦ - الاثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٥٦ - الاثنين ٢٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

وفي السينما تضليل وضلال

كنت‭ ‬عاشقا‭ ‬لأفلام‭ ‬الكرتون،‭ ‬سنوات‭ ‬طوال،‭ ‬ولم‭ ‬أتوقف‭ ‬عن‭ ‬متابعتها‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انصرف‭ ‬عنها‭ ‬الأطفال‭ ‬أنفسهم‭ ‬بظهور‭ ‬الوسائط‭ ‬الجديدة‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭. ‬وعندما‭ ‬بدأ‭ ‬عرض‭ ‬فيلم‭ ‬هاري‭ ‬بوتر‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭ ‬حيث‭ ‬أقيم،‭ ‬طفت‭ ‬ببيوت‭ ‬أقاربي،‭ ‬واتصلت‭ ‬بأصدقائي‭ ‬حاثا‭ ‬إياهم‭ ‬على‭ ‬اصطحاب‭ ‬عيالهم‭ ‬لمشاهدة‭ ‬الفيلم،‭ ‬الذي‭ ‬حلق‭ ‬بي‭ ‬عاليا‭ ‬في‭ ‬دنيا‭ ‬الخيال‭ ‬الطفولي،‭ ‬وبكل‭ ‬فخر‭ ‬فقد‭ ‬قرأت‭ ‬مجلدات‭ ‬هاري‭ ‬بوتر‭ ‬السبعة‭ ‬كلها‭ ‬فور‭ ‬صدورها،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬مؤلفتها‭ ‬كتبتها‭ ‬للأطفال،‭ ‬ولكن‭ ‬وبما‭ ‬أن‭ ‬لأهلي‭ ‬‮«‬متأخرات‭ ‬وفروقات‮»‬‭ ‬مستحقة‭ ‬لي‭ ‬عن‭ ‬فترة‭ ‬طفولتي‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يزودوني‭ ‬ببلاي‭ ‬ستيشن‭ ‬أو‭ ‬آيباد‭ ‬أو‭ ‬بلاك‭ ‬بيري‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أفلام‭ ‬توم‭ ‬آند‭ ‬جيري،‭ ‬فإنني‭ ‬لم‭ ‬أقصر‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬نفسي‭ ‬وتعويضها‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬حرمت‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الطفولة،‭ ‬فشاركت‭ ‬عيالي‭ ‬في‭ ‬أكل‭ ‬السيريلاك‭ ‬ولعبت‭ ‬معهم‭ ‬على‭ ‬المراجيح،‭ ‬بل‭ ‬وظللت‭ ‬أوفر‭ ‬المال‭ ‬طوال‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬حتى‭ ‬جمعت‭ ‬ما‭ ‬يكفيني‭ ‬لزيارة‭ ‬مدينة‭ ‬ديزني‭ ‬وشبعت‭ ‬فيها‭ ‬لعبا‭ ‬طوال‭ ‬عشرة‭ ‬أيام‭ (‬يعني‭ ‬مدخرات‭ ‬سنة‭ ‬كاملة‭ ‬بيوم‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬ديزني‭.. ‬يا‭ ‬مفتري‭)‬

عموما‭ ‬فإنني‭ ‬وكلما‭ ‬شاهدت‭ ‬فيلما‭ ‬أمريكيا‭ ‬تحصنت‭ ‬أكثر‭ ‬ضد‭ ‬الأفلام‭ ‬العربية،‭ ‬واكتسبت‭ ‬مناعة‭ ‬أكثر‭ ‬ضدها،‭ ‬وفي‭ ‬تقديري‭ ‬فإن‭ ‬مفاسد‭ ‬السينما‭ ‬العربية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مفاسد‭ ‬السينما‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وعلى‭ ‬الأقل‭ ‬فإنك‭ ‬إذا‭ ‬رأيت‭ ‬مفسدة‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬أمريكي‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬إنك،‭ ‬اذا‭ ‬كان‭ ‬عودك‭ ‬الأخلاقي‭-‬الثقافي‭ ‬قويا‭: ‬لست‭ ‬منهم‭ ‬وليسوا‭ ‬مني،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يفترض‭ ‬أنه‭ ‬يعكس‭ ‬جوانب‭ ‬من‭ ‬حياتك‭ ‬وحياة‭ ‬قومك،‭ ‬فلا‭ ‬عاصم‭ ‬لك‭ ‬سوى‭ ‬الهجر،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬تفلت‭ ‬بعقلك‭ ‬من‭ ‬ملوثاته‭ ‬وتهجر‭ ‬الفيلم‭ ‬العربي‭ ‬بغير‭ ‬معروف‭!!‬

هل‭ ‬تابعت‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬تتردد‭ ‬في‭ ‬أفلام‭ ‬الجريمة‭ ‬العربية‭ ‬عندما‭ ‬يقول‭ ‬لص‭ ‬لزميله‭ ‬وهم‭ ‬يخططون‭ ‬لسرقة‭ ‬منزل‭ ‬أو‭ ‬قتل‭ ‬ثري‭ ‬لسرقة‭ ‬أمواله‭: ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬ستكون‭ ‬هذه‭ ‬آخر‭ ‬عملية‭ ‬ونستثمر‭ ‬ما‭ ‬سيأتينا‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬ونعيش‭ ‬بـ‮«‬الحلال‮»‬‭!! ‬ويقف‭ ‬اللص‭ ‬أمام‭ ‬الخزينة‭ ‬التي‭ ‬كسرها‭ ‬ويقول‭ ‬لصاحبه‭: ‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬خير‭ ‬ربنا‭ ‬كتير‭!!! ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬اللص‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬مخرج‭ ‬الفيلم‭ ‬يلوذ‭ ‬بالله‭ ‬ليّاذ‭ ‬لئيم‭ ‬جبان؟‭ ‬ويعتقد‭ ‬من‭ ‬ينتجون‭ ‬ويخرجون‭ ‬الفيلم‭ ‬العربي‭ ‬أن‭ ‬نثر‭ ‬عبارات‭ ‬‮«‬ما‭ ‬شاء‭ ‬الله‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‮»‬‭ ‬تضفي‭ ‬على‭ ‬أحداثه‭ ‬بعدا‭ ‬دينيا‭ ‬وأخلاقيا،‭ ‬فتجد‭ ‬ماجنا‭ ‬يتغزل‭ ‬بجسم‭ ‬راقصة‭: ‬تبارك‭ ‬الله‭ ‬إيه‭ ‬ده‭ ‬كله،‭ ‬أو‭ ‬يشرب‭ ‬زجاجة‭ ‬خمر‭ ‬كاملة‭ ‬ويقول‭ ‬للكاميرا‭: ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬أخدت‭ ‬كفايتي‭!! ‬ويسأل‭ ‬محششاتي‭ ‬صاحبه‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لديه‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬للسلطنة‭ ‬وتغييب‭ ‬العقل،‭ ‬فيرد‭ ‬عليه‭ ‬بأن‭ ‬يعرض‭ ‬أمامه‭ ‬لفافة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المخدرات‭ ‬فيأتي‭ ‬التعليق‭: ‬اللهم‭ ‬زد‭ ‬وبارك‭!! ‬ومثل‭ ‬هذا‭ ‬الوسخ‭ ‬كثير‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬السينما‭ ‬والتلفزيون‭ ‬عندنا‭! ‬وقائلوها‭ ‬كالسارق‭ ‬أو‭ ‬تاجر‭ ‬المخدرات‭ ‬الذي‭ ‬يحسب‭ ‬أنه‭ ‬يطهر‭ ‬ماله‭ ‬الملوث،‭ ‬بالتصدق‭ ‬بجزء‭ ‬منه‭! ‬وبإقامة‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالموائد‭ ‬الرمضانية،‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬‮«‬موائد‭ ‬الرحمن‮»‬‭ ‬ودَعك‭ ‬من‭ ‬الأب‭ ‬الذي‭ ‬يصيح‭ ‬في‭ ‬ابنه‭ ‬في‭ ‬الفيلم‭ ‬أو‭ ‬المسلسل‭: ‬تعال‭ ‬هنا‭ ‬يا‭ ‬ابن‭ ‬الكلب‭!  ‬عملت‭ ‬كده‭ ‬ليه‭ ‬يا‭ ‬معفِّن؟‭ ‬ماذا‭ ‬تقول‭ ‬لعيالك‭ ‬وهم‭ ‬يسمعون‭ ‬ويرون‭ ‬أناسا‭ ‬تجمعهم‭ ‬بهم‭ ‬قواسم‭ ‬مشتركة‭ ‬في‭ ‬الدين‭ ‬واللغة‭ ‬والعادات‭ ‬وهم‭ ‬يرددون‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬العبارات‭ ‬أو‭ ‬مثل‭: ‬الرقص‭ ‬مهنة‭ ‬شريفة‭! ‬وأكتب‭ ‬للمرة‭ ‬الألف‭ ‬عن‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬وجهته‭ ‬الراقصة‭ ‬المزمنة‭ ‬فيفي‭ ‬عبده‭ ‬لعالم‭ ‬أزهري‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الرقص‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬محرما‭ ‬فرد‭ ‬عليها‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬حرام‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬رمضان‭ ‬حرام‭ ‬في‭ ‬رمضان‭.. ‬كان‭ ‬شيخنا‭ ‬ذكيا‭ ‬لأن‭ ‬سؤال‭ ‬فيفي‭ ‬كان‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬رقصها‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬إن‮»‬‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الدينية،‭ ‬وكانت‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬‮«‬السليم‮»‬‭ ‬خلال‭ ‬رمضان‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬وفي‭ ‬معظم‭ ‬الأفلام‭ ‬العربية‭ ‬تنهض‭ ‬راقصة‭ ‬شريفة‭ ‬وتأتي‭ ‬بحركات‭ ‬لو‭ ‬رأيت‭ ‬زوجتك‭ ‬تأتي‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬معتمة،‭ ‬يتعذر‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬أرنبة‭ ‬أنفه‭ ‬وليس‭ ‬معها‭ ‬أحد،‭ ‬لطلقتها‭ ‬وأقنعت‭ ‬أباها‭ ‬بتطليق‭ ‬أمها‭ ‬بأثر‭ ‬رجعي‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا