زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
وفي السينما تضليل وضلال
كنت عاشقا لأفلام الكرتون، سنوات طوال، ولم أتوقف عن متابعتها إلا بعد أن انصرف عنها الأطفال أنفسهم بظهور الوسائط الجديدة عبر الإنترنت. وعندما بدأ عرض فيلم هاري بوتر في دولة قطر حيث أقيم، طفت ببيوت أقاربي، واتصلت بأصدقائي حاثا إياهم على اصطحاب عيالهم لمشاهدة الفيلم، الذي حلق بي عاليا في دنيا الخيال الطفولي، وبكل فخر فقد قرأت مجلدات هاري بوتر السبعة كلها فور صدورها، رغم أن مؤلفتها كتبتها للأطفال، ولكن وبما أن لأهلي «متأخرات وفروقات» مستحقة لي عن فترة طفولتي حيث لم يزودوني ببلاي ستيشن أو آيباد أو بلاك بيري أو حتى أفلام توم آند جيري، فإنني لم أقصر في حق نفسي وتعويضها عن كل ما حرمت منه في الطفولة، فشاركت عيالي في أكل السيريلاك ولعبت معهم على المراجيح، بل وظللت أوفر المال طوال عشر سنوات حتى جمعت ما يكفيني لزيارة مدينة ديزني وشبعت فيها لعبا طوال عشرة أيام (يعني مدخرات سنة كاملة بيوم واحد في ديزني.. يا مفتري)
عموما فإنني وكلما شاهدت فيلما أمريكيا تحصنت أكثر ضد الأفلام العربية، واكتسبت مناعة أكثر ضدها، وفي تقديري فإن مفاسد السينما العربية أكثر من مفاسد السينما الأمريكية، وعلى الأقل فإنك إذا رأيت مفسدة في فيلم أمريكي تستطيع أن تقول إنك، اذا كان عودك الأخلاقي-الثقافي قويا: لست منهم وليسوا مني، أما في الفيلم العربي الذي يفترض أنه يعكس جوانب من حياتك وحياة قومك، فلا عاصم لك سوى الهجر، أي أن تفلت بعقلك من ملوثاته وتهجر الفيلم العربي بغير معروف!!
هل تابعت العبارات التي تتردد في أفلام الجريمة العربية عندما يقول لص لزميله وهم يخططون لسرقة منزل أو قتل ثري لسرقة أمواله: إن شاء الله ستكون هذه آخر عملية ونستثمر ما سيأتينا منها في مشروع ونعيش بـ«الحلال»!! ويقف اللص أمام الخزينة التي كسرها ويقول لصاحبه: ما شاء الله خير ربنا كتير!!! مثل ذلك اللص أو بالأحرى مخرج الفيلم يلوذ بالله ليّاذ لئيم جبان؟ ويعتقد من ينتجون ويخرجون الفيلم العربي أن نثر عبارات «ما شاء الله» و «إن شاء الله» تضفي على أحداثه بعدا دينيا وأخلاقيا، فتجد ماجنا يتغزل بجسم راقصة: تبارك الله إيه ده كله، أو يشرب زجاجة خمر كاملة ويقول للكاميرا: الحمد لله أخدت كفايتي!! ويسأل محششاتي صاحبه عما إذا كان لديه ما يلزم للسلطنة وتغييب العقل، فيرد عليه بأن يعرض أمامه لفافة كبيرة من المخدرات فيأتي التعليق: اللهم زد وبارك!! ومثل هذا الوسخ كثير على شاشات السينما والتلفزيون عندنا! وقائلوها كالسارق أو تاجر المخدرات الذي يحسب أنه يطهر ماله الملوث، بالتصدق بجزء منه! وبإقامة ما يسمى بالموائد الرمضانية، تحت مسمى «موائد الرحمن» ودَعك من الأب الذي يصيح في ابنه في الفيلم أو المسلسل: تعال هنا يا ابن الكلب! عملت كده ليه يا معفِّن؟ ماذا تقول لعيالك وهم يسمعون ويرون أناسا تجمعهم بهم قواسم مشتركة في الدين واللغة والعادات وهم يرددون مثل تلك العبارات أو مثل: الرقص مهنة شريفة! وأكتب للمرة الألف عن السؤال الذي وجهته الراقصة المزمنة فيفي عبده لعالم أزهري عما إذا كان الرقص خلال شهر رمضان محرما فرد عليها بأن ما هو حرام في غير رمضان حرام في رمضان.. كان شيخنا ذكيا لأن سؤال فيفي كان يعني أنها تعرف أن رقصها فيه «إن» من الناحية الدينية، وكانت تريد أن تكون في «السليم» خلال رمضان على الأقل. وفي معظم الأفلام العربية تنهض راقصة شريفة وتأتي بحركات لو رأيت زوجتك تأتي بها في غرفة معتمة، يتعذر فيها على الإنسان أن يرى أرنبة أنفه وليس معها أحد، لطلقتها وأقنعت أباها بتطليق أمها بأثر رجعي!
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك