استضافت العاصمة البولندية وارسو في مستهل الصيف، فعاليات النسخة الثانية عشرة من منتدى النيكوتين العالمي (GFN) بمشاركة أكثر من 40 خبيرًا دوليًا، ناقشوا خلالها واحدة من أبرز قضايا الصحة العامة الراهنة: الانتشار المتزايد للمعلومات المضللة حول منتجات النيكوتين منخفضة المخاطر، وانعكاساتها على السياسات الصحية العالمية.
وجاء شعار المنتدى هذا العام تحت عنوان: «تحدي التصورات – التواصل الفعّال لتقليل مخاطر التبغ»، في تأكيد أهمية تبنّي حوار علمي شفاف يستند إلى الأدلة العلمية، ويسهم في تمكين المستهلكين من اتخاذ قرارات مستنيرة، بشأن استخدام منتجات النيكوتين، في إطار استراتيجيات الحد من المخاطر.
المعلومات المضللة..
عائق أمام التقدم
سلّط المشاركون في المنتدى الضوء على هيمنة السرديات المثيرة للقلق والتفسيرات الانتقائية للبيانات العلمية في الخطاب العام المتعلق بمنتجات النيكوتين. ورغم تنامي الأدلة العلمية التي تؤكد فعالية بدائل مثل أكياس النيكوتين، والتبغ المسخن، ومنتج «سنوس» في التقليل من مخاطر التدخين التقليدي، لا تزال المعلومات المضللة تشكل عائقًا كبيرًا أمام تبني هذه الحلول من قبل الأفراد وصنّاع القرار...
وأشار الخبراء إلى أن العديد من الحكومات لا تزال تتعامل مع النيكوتين بحذر ـ من دون التفرقة بينه وبين عملية التدخين نفسها، مما يسهم في خلق التباس خطير قد يقيد جهود هذه الحكومات والهيئات الصحية في مكافحة مخاطر التبغ.
وأكد الخبراء أن النيكوتين يُستخدم منذ تسعينيات القرن الماضي كأداة مساعدة للإقلاع عن التدخين، دون أن يكون هو المسبّب المباشر للأمراض المرتبطة به. وتشير الأبحاث إلى أن المخاطر الحقيقية تكمن في عملية احتراق التبغ، التي تنتج آلاف المركّبات الكيميائية السامة. إذ يحتوي دخان السجائر على أكثر من 6000 مادة كيميائية، من بينها نحو 100 مادة معروفة بتسببها في أمراض خطيرة مثل السرطان، وأمراض القلب، والرئة.
من جانبها، قالت الدكتورة منال عبد الخالق، استشارية أمراض الجهاز الهضمي من مصر: «النيكوتين لا يُصنف كمادة مسرطنة من قِبل الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)، ولا من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أو خدمة الصحة الوطنية البريطانية ((NHS وهذا التصنيف ليس مجرد مسألة أكاديمية، بل يُعد عنصرًا أساسيًا في صياغة واعتماد سياسات وبرامج فعّالة في مجال الصحة العامة».
وأضافت: «ينبغي أن تستند السياسات الصحية إلى الأدلة العلمية، لا إلى المخاوف أو الوصمة الاجتماعية. فعندما نُقصي العلم لصالح الأيديولوجيا، فإننا نخفق في حماية من نُفترض أننا نخدمهم. تقليل مخاطر التبغ ليس نوعًا من التهاون، بل هو التزام حقيقي بمبدأ العدالة الصحية».
انتقادات للمؤسسات
الصحية العالمية
ناقش المنتدى أيضًا دور منظمة الصحة العالمية (WHO) واستمرارها في الترويج لنهج «الامتناع التام»، وهو ما اعتبره بعض الخبراء تجاهلًا لاحتياجات ملايين المدخنين البالغين الذين يمكن أن يستفيدوا من بدائل أقل ضررًا.
قال البروفيسور ريكاردو بولوزا من جامعة كاتانيا: «تنتقي منظمة الصحة العالمية المراجع بشكل انتقائي وتشوه الأدلة العلمية، بهدف دعم سردية الامتناع التام. هذا النهج له عواقب وخيمة على حياة ملايين المدخنين حول العالم».

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك