تكوين لاعب الكرة الطائرة الناجح لا يبدأ من الفريق الأول، ولا يتوقف عند حدود البطولات، بل ينطلق من العمل الجاد مع الفئات العمرية، إذ من خلالها تتشكل القيم وتبنى المهارات وتزرع روح الفريق. والمدرب في هذه المرحلة ليس مجرد ناقل للمعرفة الفنية، بل هو مرب، وقدوة، ومؤثر في مستقبل اللاعبين واللعبة بشكل عام، وفي هذا الحوار مع الكابتن عبدالله عيسى مدرب فئات طائرة نادي النصر نسلط الضوء على رؤيته للمدرب المثالي لفرق الفئات العمرية، والصعوبات التي يواجهها، والحلول التي يمكن أن تضمن استدامة التطوير في أنديتنا المحلية.
1. كيف تعرف شخصية المدرب المثالي لفرق الفئات العمرية في الكرة الطائرة؟
أرى أن المدرب الناجح في الفئات العمرية هو الذي يفهم خصوصية كل مرحلة، ويجيد التواصل مع لاعبيه، ويبني معهم علاقة إيجابية، ويجعلهم يحبون اللعبة قبل أن يتقنوا مهاراتها، هذه المهمة ليست بالسهلة، بل تتطلب نضجا فكريا وصبرا طويلا.
2. ما المهارات الفنية الأساسية التي يجب أن يمتلكها مدرب الفئات لضمان تكوين لاعب متكامل؟
من الضروري أن يمتلك المدرب وعيا بمراحل النمو البدني، وقدرة على مراعاة الفروق الفردية بين اللاعبين، إضافة إلى مهارة تكييف التدريبات بما يتلاءم مع قدراتهم ومستوياتهم العمرية.
3. إلى أي مدى تعتبر الجوانب التربوية والنفسية أهم من الجوانب الفنية في هذه المرحلة؟
القيم والأخلاق والانضباط لا تقل أهمية عن المهارة الفنية، تعليم احترام قرارات الحكام، تقبل الهزيمة بروح رياضية، والتعامل مع الضغوط النفسية، كلها أساسيات في هذه المرحلة التي يكثر فيها تحدي المراهقة والغرور المبكر.
4. كيف يمكن للمدرب الموازنة بين تحقيق النتائج السريعة وبناء اللاعب للمستقبل؟
التحدي الأكبر يكمن في تحديد الأولويات لكل مرحلة، والتدرج في الأهداف، والموازنة بين الأداء الفني والنتائج، لكن بحسب قناعتي يظل تكوين لاعب متكامل بدنيا ونفسيا وتربويا أهم من أي بطولة مؤقتة.
5. ما دور المدرب في غرس قيم الانضباط وروح الفريق في اللاعبين الصغار؟
المدرب قدوة قبل أن يكون معلما، كل سلوك يصدر منه يتحول إلى درس عملي للاعبين، وطريقة تعامله وانضباطه تصبح النموذج الذي يستنسخونه في الملعب وخارجه.
6. ما أبرز الصعوبات التي يواجهها مدرب الفئات العمرية محليا؟
من أبرز التحديات: ضعف شغف اللاعبين مقارنة بالماضي، ضغوط الجانب الأكاديمي على وقتهم، وانشغالهم بالهواتف الذكية التي أتت على البقية الباقية، وأثرت على تركيزهم وإقبالهم على الرياضة بشكل عام.
7. كيف تتعامل مع تفاوت المستويات البدنية والمهارية بين اللاعبين في الفريق الواحد؟
يعالج المدرب هذا التفاوت عبر خطط فردية تراعي الفروق الفردية بين اللاعبين، مع الحرص على اتخاذ قرارات مدروسة تساعد كل لاعب على التطور بما يناسبه، وهذا يحتاج إلى خبرة كبيرة.
8. هل ترى أن الدعم الإداري في الأندية كافٍ لتطوير قطاع الفئات؟
الدعم الحالي غير كاف، إذ تركز إدارات كثيرة على الفريق الأول باعتباره الواجهة الأساسية، بينما تهمل الفئات العمرية التي تمثل المستقبل الحقيقي للنادي، والإعلام ليس بريئا، ويتحمل مقدارا من المسؤولية.
9. ما أبرز التحديات في استمرارية اللاعبين وانتقالهم إلى الفريق الأول؟
ضعف الصقل الفني والنفسي في المراحل المبكرة، والاستعجال في حرق المراحل، إضافة إلى قلة الثقة بالنفس، كلها أسباب تجعل فرص الانتقال محدودة.
10. كيف تواجه مشكلة عزوف بعض اللاعبين عن الاستمرار في اللعبة بعد سن معينة؟
الحلول تكمن في التشجيع المادي، وتذليل العقبات أمامهم، وتقليل سن الانتقال الحر بين الأندية بما يحافظ على استمراريتهم.
11. كيف تقيم مستوى العمل على تطوير الفئات العمرية في الأندية المحلية؟
العمل ضعيف جدا ومقتصر على بعض الأندية فقط، وإذا استمر الوضع على هذا النحو فقل على اللعبة السلام.
12. ما رأيك في منظومة المسابقات الحالية للفئات العمرية؟
وهل تخدم عملية التطوير أم تحتاج إلى تعديل؟
النظام الحالي جيد، لكنه ليس وحده العامل الحاسم في التطوير، الأساس يكمن في العمل داخل الأندية، والتخطيط الجاد قبل أي بطولة.
13. كيف ترى تأثير توافر أو غياب الكوادر المؤهلة في هذه الفئة على مستقبل اللعبة؟
غياب الكفاءات الفنية أسهم في تراجع المستوى، والمدرب الذي لا يتقن أساسيات اللعبة لا يمكنه أن ينقلها إلى اللاعبين، و«فاقد الشيء لا يعطيه».
14. ما الدور الذي يمكن أن تلعبه المدارس والجامعات في رفد الأندية بالمواهب؟
المؤسسات التعليمية هي المنبع الأول للمواهب، ولا يقتصر دورها على التعليم الأكاديمي فقط، فهي قادرة على اكتشاف اللاعبين مبكرا، وصقل شخصياتهم، وتأسيسهم بدنيا وتربويا، حتى تبدأ رحلة اكتشاف الأندية ثم المنتخبات.
15. ما أهم الخطوات التي يجب اتخاذها لتطوير الفئات العمرية محليا خلال السنوات القادمة؟
الاكتشاف المبكر للمواهب، اختيار المدربين المؤهلين، الصبر على اللاعب حتى ينضج، واستمرارية التدريب طوال العام، كلها خطوات ضرورية لمستقبل اللعبة.
16. كيف يمكن للاتحاد والأندية التعاون بشكل أفضل في هذا القطاع؟
يتحقق عبر تنظيم بطولات مشتركة بعد نهاية المنافسات الرسمية، دعم مالي وفني متواصل، اجتماعات دورية، وتبادل الخبرات.
17. ما رأيك في فكرة إنشاء أكاديميات متخصصة في الكرة الطائرة للفئات العمرية؟
فكرة صائبة وواعدة، لكنها تحتاج إلى برامج ممنهجة، خبرات فنية، وقناعة من الأندية والمحيط الرياضي.
18. كيف تتصور شكل المنتخب البحريني للكرة الطائرة بعد عشر سنوات إذا تم الاستثمار الصحيح في الفئات العمرية؟
إذا تم الاستثمار الصحيح في الفئات، فخلال عشر سنوات سيكون للمنتخب شأن كبير، وخصوصا مع وجود لاعبين طوال القامة ينتظرهم برنامج تطويري مميز.
19. ما النصيحة التي توجهها للمدربين الجدد الراغبين في العمل مع الفئات العمرية؟
قدم التربية قبل البطولة، كن قدوة حسنة، افهم خصائص كل مرحلة، وازن بين الضغط والمتعة. لا تحضر أي تدريب من دون خطة مكتوبة، فالتخطيط أساس النجاح، والفشل في التخطيط هو تخطيط للفشل.
20. كلمة أخيرة لجماهير الكرة الطائرة حول دعم اللاعبين الصغار ودورهم في المستقبل.
ساعدوا اللاعبين والمدربين في تحمل الضغوط، شجعوا باستمرار، وامنحوا الصبر للنجوم الصغار. فأنتم شركاء في صناعة المستقبل، وغرس الروح الرياضية واجبكم قبل أن يكون واجب الأندية.
وعلينا بعد هذا الحوار أن نتفهم أن العمل مع الفئات العمرية في الكرة الطائرة ليس مهمة عابرة، بل هو استثمار طويل الأمد يحدد مستقبل اللعبة، وما بين صعوبات الواقع وتطلعات المستقبل، يبقى الدور الأكبر على المدرب الذي يجمع بين التربية والفن، وعلى المؤسسات الرياضية أن تمنح هذا القطاع ما يستحقه من دعم واهتمام، فالنجاح الحقيقي لا يقاس ببطولة آنية، بل بلاعب متكامل يرفع راية الوطن سنوات طويلة.
.jpg)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك