العدد : ١٧٣٤٤ - الأربعاء ١٧ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤٤ - الأربعاء ١٧ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

أيها المتربصون..

ما‭ ‬أن‭ ‬يتلمس‭ ‬المدرب‭ ‬خطوات‭ ‬ملموسة‭ ‬من‭ ‬النجاح‭ ‬خلال‭ ‬مسيرته‭ ‬التدريبية‭ ‬حتى‭ ‬يصطدم‭ ‬بالمتربصين‭ ‬الذين‭ ‬يتلامع‭ ‬الحسد‭ ‬في‭ ‬أعينهم‭ ‬تقليلا‭ ‬من‭ ‬شأنه،‭ ‬لا‭ ‬لشيء‭ ‬سوى‭ ‬أنه‭ ‬أخذ‭ ‬اسمه‭ ‬يتردد‭ ‬ويتداول‭ ‬بين‭ ‬الجماهير‭ ‬والمتابعين‭ ‬يسبقهم‭ ‬النقاد‭ ‬الفنيون‭.‬

هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬المتربصين‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬اثنين،‭ ‬إما‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يفقهون‭ ‬شيئا‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬‮«‬أعداء‭ ‬النجاح‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬كلا‭ ‬الحالتين‭ ‬لا‭ ‬يرون‭ ‬في‭ ‬المدرب‭ ‬سوى‭ ‬القشور،‭ ‬لكنهم‭ ‬يتغافلون‭ ‬‭ ‬عمدا‭ ‬أو‭ ‬جهلا‭ ‬‭ ‬عن‭ ‬الوجه‭ ‬الآخر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يراه‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬عاش‭ ‬التجربة‭ ‬من‭ ‬الداخل‭.‬

المدرب‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬يدفع‭ ‬أثمانا‭ ‬باهظة‭ ‬مقابل‭ ‬أي‭ ‬لقب‭ ‬يضيفه‭ ‬إلى‭ ‬سجله،‭ ‬وخلف‭ ‬كل‭ ‬بطولة‭ ‬يقضي‭ ‬مئات‭ ‬الساعات‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬والقلق،‭ ‬ووراء‭ ‬كل‭ ‬خطة‭ ‬ناجحة‭ ‬ليال‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الأرق‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬أنجع‭ ‬الحلول،‭ ‬وخلف‭ ‬كل‭ ‬إنجاز‭ ‬جديد‭ ‬شعيرات‭ ‬سوداء‭ ‬انقلبت‭ ‬إلى‭ ‬بيضاء‭ ‬بفعل‭ ‬ضغط‭ ‬المسؤولية‭.‬

المشهد‭ ‬ليس‭ ‬رفاهية‭ ‬أو‭ ‬‮«‬حظا‮»‬‭ ‬كما‭ ‬يتبادر‭ ‬للبعض،‭ ‬لكنه‭ ‬رحلة‭ ‬مضنية‭ ‬من‭ ‬الضغوط‭ ‬النفسية‭ ‬والعاطفية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تنال‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬الإنسان‭ ‬وصحته‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنال‭ ‬من‭ ‬وقته‭ ‬وطاقته‭.‬

ما‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬تفكير‭ ‬الحاسدين‭ ‬أن‭ ‬المدرب‭ ‬يعيش‭ ‬يوميا‭ ‬تحت‭ ‬مقصلة‭ ‬النتائج،‭ ‬مباراة‭ ‬واحدة‭ ‬قد‭ ‬تهدم‭ ‬ما‭ ‬بناه‭ ‬خلال‭ ‬أشهر،‭ ‬وقرار‭ ‬تكتيكي‭ ‬واحد‭ ‬قد‭ ‬يحول‭ ‬بطلا‭ ‬إلى‭ ‬متهم،‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الرياضة،‭ ‬الفرح‭ ‬عمره‭ ‬قصير،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبقى‭ ‬المدرب‭ ‬هو‭ ‬الحلقة‭ ‬الأكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للنقد،‭ ‬وكأن‭ ‬نجاح‭ ‬الفريق‭ ‬أو‭ ‬إخفاقه‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬شخصه‭ ‬وحده‭.‬

إن‭ ‬من‭ ‬ينظر‭ ‬بعين‭ ‬الغيرة‭ ‬للمدرب‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتذكر‭ ‬أن‭ ‬وراء‭ ‬الإنجاز‭ ‬تضحيات‭ ‬إنسانية‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬بثمن،‭ ‬فالراتب‭ ‬الذي‭ ‬يراه‭ ‬البعض‭ ‬مبالغا‭ ‬فيه‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬تعويض‭ ‬رمزي‭ ‬عن‭ ‬ضغط‭ ‬نفسي‭ ‬هائل،‭ ‬وعن‭ ‬حياة‭ ‬شخصية‭ ‬عائلية‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تضحى‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الوظيفة‭.‬

والنجاح‭ ‬الذي‭ ‬يراه‭ ‬الناس‭ ‬سهلا‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬نتاج‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الصبر‭ ‬والكد،‭ ‬وربما‭ ‬أيضا‭ ‬خيبات‭ ‬مريرة‭.‬

في‭ ‬النهاية،‭ ‬لا‭ ‬يلام‭ ‬الناجح‭ ‬على‭ ‬نجاحه،‭ ‬بل‭ ‬يلام‭ ‬من‭ ‬اعتاد‭ ‬أن‭ ‬يقيس‭ ‬الآخرين‭ ‬بأفق‭ ‬ضيق‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬إلا‭ ‬جانبا‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬الصورة،‭ ‬فالمدرب،‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬ناجح‭ ‬في‭ ‬مجاله،‭ ‬ينتظر‭ ‬التقدير‭ ‬منا‭ ‬لا‭ ‬الحسد،‭ ‬والاحترام‭ ‬لا‭ ‬التربص،‭ ‬لأن‭ ‬نجاحه‭ ‬لم‭ ‬يأته‭ ‬على‭ ‬طبق‭ ‬من‭ ‬ذهب،‭ ‬بل‭ ‬نقشه‭ ‬بعرق‭ ‬الجبين،‭ ‬وباللون‭ ‬الأبيض‭ ‬الذي‭ ‬يزحف‭ ‬مبكرا‭ ‬إلى‭ ‬رأسه‭.‬

 

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا