وقت مستقطع

علي ميرزا
أيها المتربصون..
ما أن يتلمس المدرب خطوات ملموسة من النجاح خلال مسيرته التدريبية حتى يصطدم بالمتربصين الذين يتلامع الحسد في أعينهم تقليلا من شأنه، لا لشيء سوى أنه أخذ اسمه يتردد ويتداول بين الجماهير والمتابعين يسبقهم النقاد الفنيون.
هذه النوعية من المتربصين واحدة من اثنين، إما أنهم لا يفقهون شيئا أو أنهم من حزب «أعداء النجاح»، وفي كلا الحالتين لا يرون في المدرب سوى القشور، لكنهم يتغافلون – عمدا أو جهلا – عن الوجه الآخر الذي لا يراه سوى من عاش التجربة من الداخل.
المدرب في الحقيقة يدفع أثمانا باهظة مقابل أي لقب يضيفه إلى سجله، وخلف كل بطولة يقضي مئات الساعات من التفكير والقلق، ووراء كل خطة ناجحة ليال طويلة من الأرق والبحث عن أنجع الحلول، وخلف كل إنجاز جديد شعيرات سوداء انقلبت إلى بيضاء بفعل ضغط المسؤولية.
المشهد ليس رفاهية أو «حظا» كما يتبادر للبعض، لكنه رحلة مضنية من الضغوط النفسية والعاطفية التي قد تنال من عمر الإنسان وصحته قبل أن تنال من وقته وطاقته.
ما يغيب عن تفكير الحاسدين أن المدرب يعيش يوميا تحت مقصلة النتائج، مباراة واحدة قد تهدم ما بناه خلال أشهر، وقرار تكتيكي واحد قد يحول بطلا إلى متهم، في عالم الرياضة، الفرح عمره قصير، ومع ذلك، يبقى المدرب هو الحلقة الأكثر عرضة للنقد، وكأن نجاح الفريق أو إخفاقه يتوقف على شخصه وحده.
إن من ينظر بعين الغيرة للمدرب ينبغي أن يتذكر أن وراء الإنجاز تضحيات إنسانية لا تقدر بثمن، فالراتب الذي يراه البعض مبالغا فيه ليس سوى تعويض رمزي عن ضغط نفسي هائل، وعن حياة شخصية عائلية غالبا ما تضحى في سبيل الوظيفة.
والنجاح الذي يراه الناس سهلا هو في الحقيقة نتاج سنوات من الصبر والكد، وربما أيضا خيبات مريرة.
في النهاية، لا يلام الناجح على نجاحه، بل يلام من اعتاد أن يقيس الآخرين بأفق ضيق لا يرى إلا جانبا واحدا من الصورة، فالمدرب، مثل أي إنسان ناجح في مجاله، ينتظر التقدير منا لا الحسد، والاحترام لا التربص، لأن نجاحه لم يأته على طبق من ذهب، بل نقشه بعرق الجبين، وباللون الأبيض الذي يزحف مبكرا إلى رأسه.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك