وسط مشهد تتسابق فيه العلامات التجارية لإثبات حضورها على خريطة المجوهرات الراقية تبرز «جواهر حميدان» كقصة بحرينية تنبض بالعزيمة والإصرار والوفاء لإرث عائلي متجذر؛ حيث بدأت الحكاية قبل ما يقارب ثلاثة عقود، حين أسس السيد عبد الغني حميدان رحمه الله متجر «نفرتيتي للمجوهرات» في مجمع السيف بمدينة عيسى، ليكون عنوانًا للجودة وحسن التعامل والمعروضات المميزة التي رسخت سمعة طيبة للمحل في السوق المحلي. ومع مرور الزمن نشأت لدى كريماته رغبة في صياغة هوية جديدة تحمل روحًا بحرينية معاصرة وتكمل ما بدأه المؤسس، فكانت ولادة علامة «جواهر حميدان» قبل ثلاث سنوات بمثابة فصل جديد من الحكاية، ليجمع بين الوفاء للتاريخ والطموح نحو المستقبل. ورغم أن العائلة تتكون من خمس بنات وأخ واحد، فإن ثلاثًا من الأخوات فقط هن من قررن مواصلة مسيرة الوالد الراحل بروح الفريق الواحد.
ومع أن كلّا منهن تملك خلفية أكاديمية مختلفة عن الأخرى إلا انهن حرصن على توظيف ذلك في اثراء العلامة وإضافة ابعادٍ جديدة إليها؛ فمنحت فاطمة المشروع من خلال دراستها تخصص الخدمات المصرفية والمالية قاعدة حسابية متينة، فيما جاءت ندى بخبرتها الهندسية ومنهجيتها الدقيقة في مجال الطيران لتعكس الانضباط والابتكار، بينما أسهمت زينب بخلفيتها في الموارد البشرية برسم ملامح إدارة متوازنة تجمع بين الكفاءة والابتكار. وشكّل هذا التنوع مصدر قوة وجمع ما بين الفكر المالي والهندسي والإداري في مزيج متكامل ترجم الشغف إلى إنجازات فنية ملموسة.
انطلقت الخطوة الأولى عبر المنصات الإلكترونية، حيث لاقت إقبالًا واسعًا عزز ثقة الفريق بقدرته على المنافسة. ثم جاءت المشاركة في معرض الجواهر العربية لتكون منعطفًا مهمًا، إذ وفرت فرصة لعرض التصاميم أمام جمهور أوسع، وحصدت إعجابًا لافتًا، ما منح العلامة دفعة قوية نحو التوسع والاستمرار. وتُوّج هذا النجاح بافتتاح فرع جديد في سيف المنامة، في موقع يعكس عمق العلاقة التي جمعت العائلة بالمكان منذ البدايات. لكن لم يكن هذا الطريق مفروشًا بالورود، فالتحديات تمثلت في ضيق الوقت، واستيفاء التراخيص، وتجهيز المعرض والمتجر، وشراء الذهب وتوظيف الكوادر وتدريبها خلال فترة قصيرة. وبالرغم من كل هذه العقبات، كان الإصرار والإيمان بالتوفيق الإلهي هو البوصلة التي قادت مبدعات حميدان إلى تجاوز الصعاب والانطلاق بثبات نحو آفاق أوسع.
أما على مستوى الإبداع فقد وجدت «جواهر حميدان» في السماء مصدرًا ملهمًا لمجموعاتها، فصاغت تشكيلة «الثريا» المستوحاة من النجوم المتلألئة، و«السحاب» التي تجسد النعومة والانسيابية. وتنطق مجموعة «أمنيات» بعبارات تعبر عما تحمله القلوب من أحلام، إلى جانب «الذكريات» التي ضمت تعليقات تحمل بداخلها صورا شخصية وعبارات قابلة للطباعة لتمنح كل قطعة قيمة عاطفية مضاعفة. كما قدّمت العلامة «سلاسل الجسم» بتصاميم عصرية جريئة أثبتت حضورها كخيار مفضل للباحثات عن التفرّد. هذه المجموعات تجاوزت كونها مجرد مجوهرات، لتصبح قصصًا قصيرة تترجم العاطفة إلى فن، وتستحضر هوية خليجية وعالمية تنبض بالحداثة والرمزية وتلبي جميع الاذواق وتمنح التفرد والخصوصية.
واليوم، تقف الأخوات الثلاث بكل فخر واعتزاز وكامتداد لمسيرة والدهن المشرفة متسلحات بروح الفريق الواحد والإيمان العميق بأن القادم سيكون أكثر إشراقًا. ومع كل خطوة يخطينها إلى الأمام يتجدد حلم أن تصبح «جواهر حميدان» علامة بحرينية رائدة تطمح إلى التوسع في أسواق دول الخليج والوصول إلى العالمية، لتكون سفيرة للحرفة البحرينية ومثالًا على البراعة والهوية الأصيلة في عالم الذهب والمجوهرات؛ فخطط التوسع ليست مجرد خطوة تجارية، بل رؤية استراتيجية تهدف إلى تعزيز المكانة وترسيخ السمعة عبر الأجيال في عالم الفخامة الذي يتسع للنخبة وأصحاب الأفكار الخلاقة.


هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك