العدد : ١٧٣٤٠ - السبت ١٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤٠ - السبت ١٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

عربية ودولية

شبانا محمود أول مسلمة على رأس وزارة الداخلية البريطانية بين رمزية المنصب وثقل الملفات

الثلاثاء ٠٩ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

لندن‭: ‬دخلت‭ ‬شبانا‭ ‬محمود‭ ‬التاريخ‭ ‬بتعيينها‭ ‬وزيرة‭ ‬للداخلية‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬حزب‭ ‬العمال،‭ ‬لتكون‭ ‬أول‭ ‬مسلمة‭ ‬تتولى‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬السيادي‭ ‬الحساس‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬اعتبرها‭ ‬مراقبون‭ ‬محطة‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬السياسية‭ ‬البريطانية،‭ ‬تعكس‭ ‬تنوع‭ ‬المجتمع‭ ‬وتقدّمه،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬تضع‭ ‬محمود‭ ‬أمام‭ ‬ملفات‭ ‬معقدة‭ ‬تُعرف‭ ‬بأنها‭ ‬من‭ ‬‮«‬الأثقل‮»‬‭ ‬في‭ ‬أجندة‭ ‬الحكومة‭.‬

وُلدت‭ ‬شبانة‭ ‬محمود‭ ‬عام‭ ‬1980‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬برمنغهام‭ ‬لعائلة‭ ‬مهاجرة‭ ‬من‭ ‬إقليم‭ ‬كشمير‭ ‬الباكستاني،‭ ‬وقضت‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬طفولتها‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬حيث‭ ‬تلقت‭ ‬تعليمها‭ ‬الأساسي،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬بريطانيا‭ ‬لتدرس‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬أكسفورد‭. ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬الأكاديمي‭ ‬فتح‭ ‬أمامها‭ ‬أبواب‭ ‬العمل‭ ‬القانوني‭ ‬والسياسي،‭ ‬فانضمت‭ ‬مبكراً‭ ‬إلى‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬وانتُخبت‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬نائبة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العموم‭ ‬عن‭ ‬دائرة‭ ‬برمنغهام‭ ‬ليدزوود،‭ ‬لتصبح‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الوجوه‭ ‬النسائية‭ ‬المسلمة‭ ‬تحت‭ ‬قبة‭ ‬البرلمان‭.‬

ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬شغلت‭ ‬محمود‭ ‬مناصب‭ ‬وزارية‭ ‬مهمة‭ ‬داخل‭ ‬حزب‭ ‬العمال،‭ ‬أبرزها‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬والمستشار‭ ‬اللورد‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2024،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنتقل‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬حقيبة‭ ‬الداخلية،‭ ‬وهي‭ ‬وزارة‭ ‬توصف‭ ‬تقليدياً‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مقبرة‭ ‬السياسيين‮»‬‭ ‬بسبب‭ ‬حساسية‭ ‬الملفات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭.‬

وتواجه‭ ‬الوزيرة‭ ‬الجديدة‭ ‬عدداً‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الملحة،‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬ملف‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬عبر‭ ‬القنال‭ ‬الإنجليزي‭ ‬حيث‭ ‬تتزايد‭ ‬أعداد‭ ‬القوارب‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬فرنسا‭ ‬بشكل‭ ‬يومي،‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬غضب‭ ‬الشارع‭ ‬البريطاني‭ ‬ويضغط‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭. ‬كما‭ ‬يأتي‭ ‬ملف‭ ‬إيواء‭ ‬طالبي‭ ‬اللجوء‭ ‬ضمن‭ ‬أكثر‭ ‬القضايا‭ ‬جدلاً،‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬إسكان‭ ‬آلاف‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ ‬فنادق‭ ‬ومراكز‭ ‬مؤقتة‭ ‬وسط‭ ‬انتقادات‭ ‬لكلفتها‭ ‬وظروفها‭ ‬غير‭ ‬الإنسانية‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬تواجه‭ ‬محمود‭ ‬تحدي‭ ‬خفض‭ ‬صافي‭ ‬الهجرة‭ ‬الذي‭ ‬يُعد‭ ‬مطلباً‭ ‬سياسياً‭ ‬صعب‭ ‬التطبيق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حاجة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البريطاني‭ ‬إلى‭ ‬العمالة‭ ‬المهاجرة‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬حيوية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬قضايا‭ ‬الأمن‭ ‬الداخلي‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬جماعات‭ ‬مثيرة‭ ‬للجدل‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬Palestine‭ ‬Action‮»‬‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سيتم‭ ‬حظرها‭ ‬أو‭ ‬تقييد‭ ‬أنشطتها‭.‬

ويجمع‭ ‬المراقبون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تعيين‭ ‬شبانة‭ ‬محمود‭ ‬يحمل‭ ‬رمزية‭ ‬قوية‭ ‬كونها‭ ‬أول‭ ‬وزيرة‭ ‬داخلية‭ ‬مسلمة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬بريطانيا،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الرمزية‭ ‬وحدها‭ ‬لا‭ ‬تكفي،‭ ‬إذ‭ ‬تنتظرها‭ ‬مسؤوليات‭ ‬ضخمة‭ ‬واختبارات‭ ‬سياسية‭ ‬عسيرة‭. ‬ويبقى‭ ‬التحدي‭ ‬الأبرز‭ ‬أمامها‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬نهج‭ ‬إنساني‭ ‬يحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬المهاجرين‭ ‬واللاجئين،‭ ‬وبين‭ ‬سياسة‭ ‬صارمة‭ ‬ترضي‭ ‬الناخب‭ ‬البريطاني‭ ‬القلق‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬أعداد‭ ‬الوافدين‭.‬

ويرى‭ ‬متابعون‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬محمود‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التوازن‭ ‬سيحدد‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬مستقبلها‭ ‬السياسي،‭ ‬بل‭ ‬أيضاً‭ ‬صورة‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬أمام‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭. ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬تثبت‭ ‬أنها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬الرمزية‭ ‬التاريخية‭ ‬إلى‭ ‬إنجازات‭ ‬واقعية،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تقع‭ ‬ضحية‭ ‬جديدة‭ ‬لـ«مقبرة‭ ‬السياسيين‮»‬‭ ‬التي‭ ‬أطاحت‭ ‬بوزراء‭ ‬داخلية‭ ‬كثيرين‭ ‬قبلها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا