العدد : ١٧٣٢٨ - الاثنين ٠١ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٢٨ - الاثنين ٠١ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

مقالات

عائدون إلى المدارس

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الأحد ٣١ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

القراء‭ ‬الأعزاء،‭ ‬

سألتها‭ ‬هل‭ ‬تسلمتِ‭ ‬مبلغ‭ ‬القرطاسية‭ ‬الزهيد‭ ‬الذي‭ ‬حكمت‭ ‬به‭ ‬المحكمة‭ ‬للأبناء؟‭ ‬فكان‭ ‬جوابها‭: (‬لا‭.. ‬وين‭ ‬ووين،‭ ‬أنا‭ ‬توني‭ ‬مستلمة‭ ‬نفقة‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬نهاية‭ ‬الشهر‭)!!‬

كان‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬مع‭ ‬موكلة‭ ‬حاولت‭ ‬كثيراً‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬زواجها‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬تسعفها‭ ‬ظروف‭ ‬حياتها‭ ‬الزوجية‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬فيها،‭ ‬والتقيتها‭ ‬أثناء‭ ‬استعداداتها‭ ‬لعودة‭ ‬أبنائها‭ ‬إلى‭ ‬المدارس،‭ ‬فكان‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬مجمله‭ ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬ثقل‭ ‬حجم‭ ‬المصاريف‭ ‬التي‭ ‬تتطلبها‭ ‬مستلزمات‭ ‬الأبناء‭ ‬من‭ ‬أزياء‭ ‬مدرسية،‭ ‬وأزياء‭ ‬رياضية‭ ‬وقرطاسية‭ ‬وحقائب‭ ‬مدرسية‭ ‬لحملها،‭ ‬ومن‭ ‬جوابها‭ ‬السابق‭ ‬تأكد‭ ‬لي‭ ‬تفاقم‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬قمنا‭ ‬بطرحه‭ ‬في‭ ‬مقالات‭ ‬سابقة‭ ‬حول‭ ‬الهوّة‭ ‬الساحقة‭ ‬بين‭ ‬تنفيذ‭ ‬الأحكام‭ (‬أي‭ ‬إيصال‭ ‬الحقوق‭ ‬بشكل‭ ‬فعلي‭) ‬والواقع‭ ‬والبيروقراطية‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬بهذا‭ ‬الحجم‭ ‬قبل‭ ‬تطبيق‭ ‬قانون‭ ‬التنفيذ‭ ‬الجديد‭.‬

تخيّلوا‭ ‬معي‭ (‬نفقة‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭) ‬أي‭ ‬شهر‭ ‬ذو‭ ‬الحجة،‭ ‬بينما‭ ‬نحن‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬شهر‭ ‬ربيع‭ ‬الأول‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهرين‭ ‬على‭ ‬انقضاء‭ ‬العيد،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النفقات‭ ‬هي‭ ‬لقضاء‭ ‬حاجة‭ ‬وقتية‭ ‬وليست‭ ‬للرفاهية‭ ‬وبأنها‭ ‬مرتبطة‭ ‬بفرحة‭ ‬العيد‭ ‬وبمشاعر‭ ‬الأطفال‭ ‬وشعورهم‭ ‬بأنهم‭ ‬ليسوا‭ ‬بأقل‭ ‬من‭ ‬أقرانهم،‭ ‬لذا‭ ‬من‭ ‬المستغرب‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تستحصل‭ ‬وتصرف‭ ‬في‭ ‬وقتها‭ ‬المستحق‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬كسوة‭ ‬الأعياد‭ ‬وتكاليف‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬تُشكل‭ ‬عبئاً‭ ‬مالياً‭ ‬اضافياً‭ ‬على‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬ذوي‭ ‬الأسر‭ ‬المستقرة،‭ ‬فما‭ ‬بالك‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬امرأة‭ ‬حاضنة‭ ‬لأطفالها‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬تعاوناً‭ ‬ولا‭ ‬رحمة‭ ‬أو‭ ‬هوناً‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬طليقها،‭ ‬وأن‭ ‬تأخير‭ ‬استحصال‭ ‬وصرف‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬النفقات‭ ‬قد‭ ‬يُضار‭ ‬به‭ ‬الأبناء‭ ‬كما‭ ‬تُضار‭ ‬به‭ ‬الحاضنة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬دخلاً‭ ‬كافياً،‭ ‬وأجزم‭ ‬أن‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬الذين‭ ‬يقرأونني‭ ‬الآن‭ ‬يؤكدون‭ ‬ما‭ ‬سبق‭.‬

وهذا‭ ‬سيُعيدنا‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬التنفيذ‭ ‬الحالي‭ ‬المتعلق‭ ‬بتنفيذ‭ ‬الأحكام‭ ‬الشرعية،‭ ‬وهو‭ ‬نظام‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬نظر‭ ‬بشكل‭ ‬جدّي،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الأحكام‭ ‬الموضوعية‭ ‬بنفقة‭ ‬الأبناء‭ ‬وكسوة‭ ‬العيد‭ ‬والقرطاسية‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬مستلزمات‭ ‬الأبناء‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذها‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬واحد،‭ ‬ومن‭ ‬المستغرب‭ ‬أنه‭  ‬وفقاً‭ ‬للإجراءات‭ ‬المعمول‭ ‬بها‭ ‬بأنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬المنفذ‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يتقدم‭ ‬بطلب‭ ‬جديد‭ ‬للقاضي‭ ‬وقت‭ ‬استحقاقها‭ (‬أي‭ ‬قبل‭ ‬العيد‭ ‬أو‭ ‬قبل‭ ‬عودة‭ ‬المدارس‭) ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرّة،‭ ‬وبالطبع‭ ‬الطلب‭ ‬قد‭ ‬يواجه‭ ‬بالقبول‭ ‬أو‭ ‬بالرفض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قاضي‭ ‬التنفيذ‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تسبيب‭ (‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬آخر‭ ‬يثير‭ ‬الاستغراب‭)‬،‭ ‬وقد‭ ‬يتأخر‭ ‬الطلب‭ ‬أو‭ ‬تتأخر‭ ‬الموافقة‭ ‬وتتعارض‭ ‬مع‭ ‬أوقات‭ ‬اقتطاع‭ ‬الرواتب‭ ‬في‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬وغيرها،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يترتب‭ ‬عليه‭ ‬تأجيلها‭ ‬إلى‭ ‬الشهر‭ ‬التالي،‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النفقات‭ ‬تعتبر‭ ‬ضرورية‭ ‬وعاجلة‭.‬

والحل‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬اعتماد‭ ‬موضوع‭ ‬اقتطاع‭ ‬نفقة‭ ‬كسوة‭ ‬العيد‭ ‬وقرطاسية‭ ‬المدارس‭ ‬بصورة‭ ‬تلقائية‭ (‬آلية‭) ‬وثابتة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ (‬السيستم‭) ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يُفتح‭ ‬فيها‭ ‬ملف‭ ‬التنفيذ‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬المنفذ‭ ‬له‭ ‬بشكل‭ ‬متكرر،‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناسبات‭ ‬لها‭ ‬مواعيد‭ ‬ثابتة‭ ‬ويمكن‭ ‬برمجتها‭ ‬بشكل‭ ‬آلي‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬محاكم‭ ‬التنفيذ،‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬تسليم‭ ‬هذه‭ ‬النفقات‭ ‬قبل‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬حلول‭ ‬المناسبة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬العيد‭ ‬أو‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭ ‬بحيث‭ ‬يتسنى‭ ‬للأمهات‭ ‬الحاضنات‭ ‬استيفاء‭ ‬مستلزمات‭ ‬أبنائهن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬عناء‭ ‬مادي‭ ‬ونفسي‭.‬

اقتربت‭ ‬عودتهم‭ ‬إلى‭ ‬المدارس،‭ ‬فلنجتهد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مناسبة‭ ‬مفرحة‭ ‬لجميع‭ ‬أطرافها‭ ‬ونحرص‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬تثقل‭ ‬كاهل‭ ‬الأمهات‭ ‬الحاضنات،‭ ‬رفقاً‭ ‬بهن‭.‬

وعام‭ ‬دراسي‭ ‬موفق‭ ‬يا‭ ‬رب‭.‬

 

Hanadi‭_‬aljowder@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا