تعد نبتة البقلة، المعروفة أيضًا باسم الرجلة أو الفرفحين، من النباتات الورقية التي لطالما ارتبطت بالمائدة الشعبية في العديد من المجتمعات، وخاصة في البيئات الزراعية والريفية، حيث تنمو بشكل طبيعي في الحقول وأطراف الحدائق من دون الحاجة إلى عناية زراعية خاصة. ورغم هذه البساطة الظاهرة فإن البقلة تحمل في طياتها قيمة غذائية وعلاجية جعلتها محط اهتمام متزايد من قبل خبراء التغذية والباحثين في الطب الطبيعي.
من حيث الاستخدامات في المطبخ تعد البقلة مكونًا غذائيًا مرنًا وغنيًا يمكن توظيفه في عدد واسع من الوصفات التقليدية والعصرية على حد سواء، ويقبل عليها الطهاة في مختلف الثقافات لما تضيفه من نكهة حمضية خفيفة وقوام غني بالألياف. وتستخدم أوراقها الطازجة بشكل أساسي في تحضير السلطات الشرقية، ولا سيما التبولة اللبنانية، حيث تضاف كبديل عن البقدونس أو مكمل له، ما يمنح الطبق نكهة لاذعة معتدلة وطابعًا ريفيًا مميزًا.
كما تدخل البقلة في حشوات الفطائر والمعجنات، وخاصة في المطبخ الشامي والمغاربي، حيث تطهى مع البصل وزيت الزيتون والتوابل وتحشى في رقائق العجين أو العجائن المخمرة، وتخبز أو تقلى لتقدم كوجبة خفيفة أو مقبلات. وفي بلاد الشام تدخل في تحضير «السبانخية» أو «اليخنة» بدلًا من السبانخ أو معها، مع العدس أو الحمص، لتكون وجبة نباتية متكاملة العناصر الغذائية.
وتعد البقلة أيضًا إضافة قيمة إلى الشوربات النباتية، حيث تطهى مع الخضراوات الأخرى وتضاف في المراحل الأخيرة للحفاظ على فوائدها الغذائية، أو تستخدم كعنصر أساسي في «شوربة البقلة» التقليدية في بعض المناطق الريفية، حيث تُطهى مع الثوم والزيت وتقدّم مع الخبز المحمص.
وفي المطبخ الآسيوي تجد البقلة مكانًا لها في أطباق القلي السريع، حيث تضاف إلى المزيج الساخن من الخضار أو الأرز، وتكتسب نكهة محمصة خفيفة من دون أن تفقد قوامها. كما يمكن استخدامها في العصائر الخضراء، حيث تخلط مع السبانخ أو الكرفس أو الخيار، ما يعزز من محتوى العصير من الفيتامينات والمعادن ويمنحه طعمًا منعشًا وفريدًا.
وتجدر الإشارة إلى أن البقلة، رغم شعبيتها، لا تزال مكونًا غير مستغل بالكامل في المطابخ الحديثة، ما يفتح المجال أمام الطهاة والمبدعين لتوظيفها في وصفات مبتكرة تجمع بين التراث والتغذية والذوق الرفيع.
لم تعد البقلة مجرد نبات بسيط يستهلك على هامش المائدة، بل غدت تمثل رمزًا حقيقيًا للتوازن بين المكونات الشعبية والفائدة الصحية. ويأتي ذلك في ظل التوجه العالمي المتزايد نحو الغذاء الصحي والمكونات الطبيعية ذات القيمة الغذائية العالية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك