تشهد السعودية طفرة استثنائية في قطاع الألعاب الإلكترونية، عززت من خلالها موقعها كلاعب محوري في هذه الصناعة عالمياً، مدفوعة ببنية تحتية رقمية متقدمة واستثمارات حكومية تجاوزت 38 مليار دولار حتى الآن. وتُظهر البيانات الرسمية أن المملكة استوردت خلال عامي 2024 و2025 ما يزيد على 2.4 مليون جهاز ألعاب، ما يعكس النمو المتسارع في الطلب ويضع الألعاب الإلكترونية ضمن ركائز الاقتصاد الرقمي في إطار رؤية السعودية 2030.
وأصبح قطاع الألعاب الإلكترونية جزءاً من أسلوب الحياة اليومية، حيث أشار تقرير «إنترنت السعودية 2024» إلى تحسن ملحوظ في أداء الشبكات وزمن الاستجابة للألعاب بنسبة 88%. وفي عام 2024 وحده بلغ حجم السوق 1.84 مليار دولار بعدد لاعبين يقدر بـ23 مليوناً، أي نحو 67% من السكان. وتوقعت دراسات أن يتجاوز حجم السوق 3.5 مليارات دولار بحلول 2030، مع سيطرة الألعاب على الهواتف المحمولة على أكثر من نصف الإيرادات.
ويرى مختصون أن المملكة قادرة على التحول من مجرد مستهلك إلى منتج ومصدر للألعاب، شريطة بناء منظومة متكاملة تشمل تطوير المهارات المحلية، ودعم الشركات الناشئة، وخلق بيئة تنظيمية مرنة. ويقترح الخبراء تأسيس أكاديمية وطنية للألعاب، وتقديم حوافز لجذب الاستوديوهات العالمية، إلى جانب استثمار الثقافة المحلية لإنتاج ألعاب تحمل طابعاً سعودياً يعكس الهوية ويجذب الأسواق الخارجية.
وتحول قطاع الألعاب في المملكة إلى صناعة مزدهرة تتجاوز الترفيه، إذ تُقدّر عوائدها المتوقعة بنحو 13.3 مليار دولار بحلول 2030، كما تستهدف المملكة توفير 39 ألف وظيفة جديدة في مجالات متنوعة ضمن القطاع. وبدعم الاستراتيجية الوطنية للألعاب يتم إنشاء مجمعات تطوير واستضافة بطولات عالمية كبرى، ما يجعل السعودية مركزاً إقليمياً للابتكار في الرياضات الإلكترونية.
وترتكز خطط السعودية أيضاً على الشباب، الذين يشكلون 89% من السكان تحت سن 35 عاماً، ما يجعلهم القوة الدافعة لهذه الصناعة. وتسهم مبادرات مثل أكاديميات التدريب والبطولات المحلية في إعداد جيل جديد من المحترفين، تُوج ذلك بإنجازات عالمية مثل فوز مساعد الدوسري وفريق «روكيت ليج» السعودي، إلى جانب إطلاق مشاريع طموحة كمجمع الألعاب المتكامل في مدينة نيوم.
وتهدف المملكة إلى تأسيس 250 شركة ألعاب بحلول 2030، في خطوة تؤكد عزمها على أن تصبح رائدة عالمية في هذه الصناعة. ولا تقتصر الفوائد على الاقتصاد فقط، بل تمتد لتشمل السياحة والترفيه والتعليم، حيث تمثل الفعاليات العالمية منصة لتعزيز الهوية الثقافية السعودية من خلال تجارب تدمج بين التراث المحلي والتكنولوجيا الحديثة، مدعومة بشراكات استراتيجية مع كبرى الشركات العالمية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك