هل يمثل البيت الملك الأمان الدائم للشخص؟ هل الأفضل دائما ان تمتلك بيتا حتى لو وقعت في ضائقة مالية بسبب الأقساط، بدل البقاء تحت رحمة الإيجار؟ متى يكون البقاء في الإيجار أفضل، ومتى يجب التفكير جديا بالبدء في شراء بيت السكن؟
تساؤلات يناقشها المستشار والمحلل العقاري وخبير إدارة الثروات عماد منشي في لقاء نشرته منصة «مختلف».
ويبدأ الخبير العقاري حديثه بالاستشهاد برجل الاعمال والكاتب الأمريكي روبرت كيوساكي، المتخصص في التنمية البشرية، صاحب كتاب الأب الغني والأب الفقير، والذي يعارض فكرة ان بيت السكن هو الأمان.
يقول عماد منشي: شخصيا أؤيد هذا الرأي، فالبيت الملك ليس بالضرورة ان يكون الأمان، أو ليس من أولويات الأمان. لأن كل انسان لديه قرارات استثمارية تتعلق بالأولويات. وهنا إطلاق الامر بان البيت الملك هو الأمان، يستوجب أن نتوقف عند تعريف ومفهوم الأمان بالنسبة لكل شخص، وتعريف الخطر المالي؟
وعندما نسأل الافراد، نجد ان أغلبهم يعرف الخطر المالي بأنه عدم امتلاك دخل ثابت وبنفس الوقت عدم امتلاك قدرة مالية تغطي احتياجاته للفترة المقبلة.
وهنا لا نجد ان عدم وجود بيت ملك يمثل خطرا ماليا في واقع أغلب الافراد، وبنفس الوقت لا يمثل البيت الملك أمانا ماليا. والسؤال هنا: لو اعطينا شخصا عقارا كبيرا مؤثثا، ولكن بالمقابل لن يكون لديك أي مصدر دخل. بالطبع سيرفض ذلك، لأنه لو امتلك الفيلا من دون دخل، فإنه لن يصمد أياما، وهذا ما يعني ان امتلاك فيلا كبيرة ليس امانا. والنتيجة الطبيعية هي تسييل هذا العقار.
وبالمقابل، لو خيرت الشخص بعدم امتلاك أي عقار، مع امتلاك راتب جيد وثابت. بالتأكيد الشخص المتزن سيختار هذا الخيار. كل ذلك يقود الى أمر مهم هو ان الكثير من الافراد يخلطون في مفهوم الأمان. وهناك حالات كثيرة اشتروا بيتا واعتقدوا انهم أمنوا أنفسهم، ولكنهم بعد سنوات لاحقة لم يخرجوا من دائرة الفقر. والكثير منهم لديه عقار فخم وكبير، ولكن ليس لديه ما يصرف به على أسرته. وهنا تحول بيت العمر والأمان الذي اعتقده الى مصدر إذلال. وخلط مفهوم الأمان.
ويتابع الخبير العقاري عماد منشي: الأمان، كما يؤكد المتخصص في التنمية البشرية روبرت كيوساكي، هو أن يكون لديك مصدر دخل مستمر من أصول استثمارية. أي ان الأمان الحقيقي لا يشمل امتلاك بيت طالما لديك مصدر دخل عالي ومضمون. ومجرد ان تكون في وظيفة وتطور نفسك وتترقى في العمل وفي المرتب، ثم تصل إلى التقاعد وتحصل على استحقاقاتك، هذا بحد ذاته امانا حتى لو لم تمتلك بيتا. وبالطبع سيكون الوضع أفضل عندما تستثمر قدر الإمكان في الضخ بالأصول الاستثمارية لزيادة التدفق النقدي، وهذا ما يرفع مستوى الأمان. وهنا اذا وصل الفرد الى مستوى يمتلك فيه تدفقا ماليا جيدا، يمكنه اتخاذ قرار امتلاك عقار أو لا، في حين عندما يضع بيت العمل في صدارة قائمة مصادر الأمان، ويورط نفسه بعقارات وتمويل طويل الأمد يستهلك 60% من دخله الشهري، ويضطر الى الاقتراض من هذا وذاك شهريا، أين الأمان هنا؟، وفي أي لحظة تعثر قد يخسر العقار. وهنا يبرز السؤال: متى يقرر الشخص أن الوقت المناسب لشراء عقار قد حان؟ أو ان البقاء على الايجار هو الخيار الاذكى. وعلى ذلك يجيب منشي: الذكي في مجال التمويل العقاري هو الذي يستطيع شراء عقار قسطه قريب من تكلفة ايجار السكن الحالي. فهنا يشتري من دون تردد ومن دون الاعتبار بالعوامل الأخرى كالتضخم أو أسعار الفائدة، لأنك في كل الأحوال ستدفع القسط شهريا، وبالتالي الأفضل ان تدفع هذه الأقساط في عقار تمتلكه بعد عشرين عاما مثلا. وهذا ما يعني ان السكن يكون أحد البنود التي تضعها في اولوياتك وليس على رأس القائمة، وتحمل نفسك فوق طاقتها وتقترض قدر ما تستطيع.
الأمر الآخر، قبل ان تقدم طلبا للحصول على تمويل، عليك ان تجري حسابات دقيقة حول قيمة دخلك الشهري، وقيمة المصاريف الشهرية والمصاريف الدورية السنوية، وقسمها على 12 شهرا. والنتيجة هي التي تحدد الى حد ما إذا ما كان من الذكاء الإقدام على هذه الخطوة أم لا. بمعنى انه ليس من الخطأ ان تحصل على تمويل وقروض، ولكن يجب ان تتعامل معها بذكاء من خلال ثقافة مالية صحيحة، وإلا تقع الكارثة ويجد الشخص نفسه في ورطة مالية ويضطر الى تغيير نمط حياته، أولا يستطيع توفير اساسيات الحياة لعائلته، حتى يصل إلى مرحلة ان يتجه إلى بيع العقار، وبالتالي يرجع الى نقطة الصفر. لذلك بدل الوصول الى هذه المرحلة وهذا الضغط النفسي والمالي الكبير، احرص على ان تدرس امكانياتك المالية وقدرتك على تحمل تكاليف التمويل والعقار الذي في هذه الحالة لن يكون مصدر الأمان كما تعتقد.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك