عالم يتغير

فوزية رشيد
هل تأكد العرب أنه صراع وجود مع الكيان؟!
{ عبر العقود الماضية وتحديداً السنوات الأخيرة منها، انتشرت السردية الإعلامية والفكرية في الإعلام العربي، حول قابلية الكيان الصهيوني للسلام، خاصة في ظل استشراء مفهوم «الاتفاقيات الابراهيمية» التي أطلقها الرئيس الأمريكي «ترامب» ويريد توسيعها لتشمل كل العرب! وليتنادى «المتصهينون العرب» في ذات الدائرة الوهمية لحل القضية الفلسطينية، والصراع في المنطقة منذ تأسيس الكيان على تراب فلسطين العربية، بأوهام وأساطير توراتية وتلمودية تم تبنيها من هؤلاء المتصهينين! فيما بقي جوهر الصراع قائماً لتتضح ملامحه الكاملة خلال حرب الإبادة الجماعية على غزة وتصريحه الأخير حول مهمته الدينية والروحية!
{ ما وصل إليه الاعتقاد العربي هو حل الصراع بشكل سلمي، ولكنه مطلب السلام مع كيان غير قابل للسلام! وحقق الصهاينة في العقدين الأخيرين الكثير من الاختراقات الفكرية والنفسية والإعلامية في العقل العربي! إلى جانب الاختراق الأهم حول المفاهيم التي كانت سائدة حول طبيعة الصراع وجوهره! فمثلاً لم يعد متداولاً أنه صراع عربي / صهيوني، فقد تراجع هذا التوصيف ليصبح صراعا صهيونيا / فلسطينيا، ثم تراجع أكثر ليصبح نزاعا «إسرائيليا» / فلسطينيا، ثم تقلص أكثر ليتحول إلى نزاع بين الكيان وحماس!
رغم أنه مجرد فصيل واحد في المقاومة الفلسطينية! وبذلك تم نسف البعد الحقيقي للقضية وامتدادها العربي!
{ أثناء حرب الإبادة على غزة، انكشف للكيان ضعف الرد العربي والإسلامي والدولي، على ما يرتكبه من مجازر وجرائم حرب! واكتشف أن لا رادع دولي أو عربي أو إسلامي لذلك، وأنه ما دامت الولايات المتحدة وبريطانيا تحديداً خلفه كجهة قوة كبرى وداعمة لهمجيته! فلا أهمية بعد ذلك سواء للرأي العام الشعبي العالمي، أو الإدانات العربية والاسلامية!
هذا جعله يتمادى في ظل سيطرة المتطرفين الإرهابيين في حكومة الكيان، ليكشف «نتنياهو» بكل أريحية عن أجندته الحقيقية المنبثقة من الصهيونية الدينية أو الأصولية الصهيونية، حول الأطماع الاستعمارية التوسعية للكيان الصهيوني، وليعلن «نتنياهو» على قناة «إسرائيلية».. أنه (في مهمة تاريخية دينية وروحية لتحقيق رؤية إسرائيل الكبرى)! هكذا وعلى المكشوف، وبتهديد صارخ لسيادة دول عربية مستقلة، تم رسمها كحدود جديدة للكيان في الخريطة التي كان قد استعرضها بنفسه في الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل عامين!
{ الآن بات كل شيء واضحاً وضوح الشمس! وعادت المفاهيم الأصلية لتحديد هوية الكيان الصهيوني في المنطقة العربية، وبان الصراع معه هو صراع عربي / صهيوني حقيقي وليس مجرد نظرية مؤامرة!
أولاً: هو صراع وجود وليس حدود، فالصهيونية الدينية، أصبحت مصدر تهديد وجودي للعرب، وهي الأساس الذي عليه تأسس الكيان، رغم خفوته وتواريه كمخطط لبعض الوقت! ولكنه عاد هذه الفترة وبقوة، ولذلك لن يكف الكيان عن تصدير رؤاه التوراتية الملفقة، لأنها الأساس الصهيوني للتوسع الاستعماري ضد جغرافيا الدول العربية الطامع فيها، وليس كما يقول البعض إن مفهوم «إسرائيل الكبرى» ظهر بعد حرب 1967!
ثانياً: ان الصراع الذي يديره قادة «الصهيونية الدينية» هو صراع ديني بخلفيات أصولية متطرفة وعنصرية وإرهابية، تجد في اليهود الصهاينة سادة وبقية العالم خدم لها وعبيد!
وماهية هذا الصراع موجه من القائمين على «التوراة الملفقة» ضد الإسلام والقرآن تحديداً! ولذلك السعي المطرد لتذويب الإسلام فيما أسموه (بالديانة الإبراهيمية الموحدة) التي ستخضع في النهاية للرؤية التوراتية الملفقة، والتلمودية الموضوعة، وسيادتها على المسلمين وقرآنهم ومحاربة النصوص القرآنية! وحيث قيام «إسرائيل الكبرى» لن يتم إلا بذلك! وأن «المسيح الدجال» لن يخرج إلا بتحقيق ذلك التوسع الاستعماري! وهو ما استعرضه أحد الفيديوهات المنتشرة منذ زمن بين «الحاخام اليهودي» ونتنياهو، ويوبخه فيه أنه تأخر كثيراً في تنفيذ الأمر!
ثالثاً: الصراع العربي / الصهيوني أخذ منحى آخر في ظل الأطماع الصهيونية، ليترافق معه الصراع الصهيوني / الإقليمي، لتأزيم كل دول المنطقة من خلال الحرب مع إيران! والتي تم توظيفها لعقود سابقة في خدمة الصهيونية بإضعاف الدول العربية وتفتيتها! واليوم لا يُراد لها مكاناً على الساحة في مواجهة (الأجندة الدينية الاستعمارية) التي يريد الكيان فرضها على المنطقة، وتغيير ملامح الشرق الأوسط كما يتم الترويج اليومي له!
رابعاً: وقد تحددت حقيقة الصراع الدائر في المنطقة، الذي بدأ بحرب الإبادة على غزة ومحاولة ضم الضفة الغربية أيضاً بذات الاستناد إلى الأصولية الصهيونية وتهديد كامل فلسطين، ثم واصل خطواته باحتلال أجزاء من لبنان وسوريا، فانه ما إن ينتهي من غزة والضفة، فإنه وبحسب رؤيته التوسعية سيتوجه إلى تنفيذ مخطط «إسرائيل الكبرى»!
{ الآن العرب في مواجهة الحقيقة من دون ماكياج أو رتوش أو ادعاءات لاحتواء الكيان بالتطبيع، أو بحل الدولتين الذي سقط في وحل التطرف التلمودي! وحيث بعد القضاء على وجود أي مقاومة فلسطينية تحت واقع التهجير والتطهير العرقي، وتهديد كامل فلسطين، فان الكيان سيكون مباشرة أمام الجيوش العربية، إن أراد تحقيق رؤيته التوراتية الملفقة! وقد سقطت تحت أقدام تلك الرؤية أي أوهام حول إمكانية السلام مع هذا الكيان الإرهابي النشاز على العالم كله! والكيان هو الذي يفرض المواجهة لتحقيق مهمة نتنياهو!
{ في هذه المرحلة لا بد من صحوة ويقظة عربية حقيقية، والالتزام برؤية سياسية واستراتيجية واضحة، خاصة أن المواجهة يريد الكيان فرضها على الدول العربية إن أراد التوسع!
ولا بد من تخليص المنطقة من كل خطابات المهادنة والمداهنة، والاختراقات الصهيونية للعقل العربي، وتبريرات «المتصهينين العرب» الذين منذ عقود وهم يعملون على تحجيم حقيقة الصراع وتقزيمه بأنه صراع أو نزاع إسرائيلي / فلسطيني، ولا علاقة للعرب به! ماذا يقول هؤلاء و«نتنياهو» أعلنها مباشرة أنه في (مهمة دينية تاريخية وروحية لتحقيق إسرائيل الكبرى) التي ستكون على حساب جغرافيا دولهم هذه المرة، وليس فقط في فلسطين وتهويدها بالكامل؟! على العرب أن يستنفروا كل طاقاتهم ويفكروا في كيفية مواجهة هذا المخطط الخطير! فهذه هي مهمتهم التاريخية والدينية والسياسية!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك