القراء الأعزاء،
ذات مساء صيفي في الاسبوع الماضي وعند وصولي مع صديقتي القادمة من دولة شقيقة الى أحد المواقع المخصصة للمطاعم، تقدّم نحونا شاب في مقتبل العمر وكان يعتمر غطاء رأس شتوياً وبدلة بسيطة جداً، ومن الواضح أنه من جنسية غير عربية، وخاطبنا بلغة أجنبية قائلاً: (رجاء أنا جائع) وطالبنا بإعطائه مبلغا لشراء عشائه، فطلبت منه أن ينتظر قليلاً لإحضار الطعام له من المطعم القريب، إذ لم يكن خيار دفع مبلغ من المال لشابٍ غريب متاحاً في مثل هذا الموقف، ولأنه ادعى الجوع فسيُسكته الطعام، ولسان حالي وقتها يردد: أيجوع أحد في البحرين!! ذلك بأن هذا الأمر غير وارد أبداً لا رسمياً ولا أهلياً ولا أخلاقياً ولا دينيا، وتذكرت لحظتها الاعداد الكثيرة لحافظات الطعام المجاني المتناثرة في كل القرى والمدن التي لا تخلو أبداً من فائض الطعام الذي تودعه الأسر فيها، والتي غالباً ما تقع عيني على أشخاص محتارين في انتقاء طعامهم منه لتنوعه وكثرته.
بعد أن خرجت من المطعم وجدت أن الشاب قد اختفى، وهنا دار نقاش بيني وبين صديقتي حول الموقف وتوافقنا على أمرين، الأول أنه شاب وكان بإمكانه الحصول على أي عمل حتى ولو كان مُرتجلاً من اجل الحصول على المال بدلاً من تسوّله من المارّة، والثاني أنه أجنبي ومقيم حالياً في الدولة ولا يملك المال، فإذاً هو لا يملك عملاً يُعيله ومن ثم فإن وجوده على أرض الدولة لا يضيف إليها شيئاً بل على العكس يُشكل عبئاً وخطراً على أمن المجتمع، كما أنه غالباً لا تُطلب الاموال من قبل هذه الفئة العمرية إلا من أجل استخدامها في شراء مواد ممنوعة قانوناً. والسؤال الذي يدور هنا هو ما هي الضوابط التي تطبق على دخول أمثال هذا الاجنبي وغيره كُثر؟ وما هي آلية الرقابة على وجودهم في الدولة على اعتبار أن قدوم الأجنبي يجب أن يُشكل إضافة وفائدة لعجلة التنمية في البلاد، بينما لا يبدو أن أمثاله قادرون على تحقيق الغرض من وجودهم في الدولة.
وليس ببعيد عن وضع فئة المتسولين من الأجانب في مواقف السيارات وأمام المطاعم وضع الفئة الأخرى المنتشرة في كل منطقة من مناطق البحرين، اولئك الذين يمتهنون جمع العلب المعدنية وجمع اوراق الكارتون والتنقيب في القمامة كمصدر للرزق، ويثور بشأنهم نفس سؤال الاستغراب الذي طرحته سابقاً وهو على أي أساس حصلوا على اقامة في البلاد؟ ولا نعلم ما إذا كانت هذه المهن مسجلة رسمياً ولها شروط وضوابط.
أما الأخيرة فهي عمال النظافة الموجودين في الطرقات والشوارع العامة وجميعنا يعلم طرق التسول التي يمارسونها على المارة أو سائقي السيارات. أما على الصعيد الرسمي فمن الضرورة بمكان الالتفات إلى نقطة مهمة تتعلق بحق الإنسان في العمل، حيث إن العمالة التي تمارس التسول بطرقه المختلفة غالباً يكون وجودها في البلاد لأغراض العمل، وتقتضي المواثيق الدولية المتعلقة بهذا الحق ضرورة أن تتوافق شروط العمل مع حفظ الكرامة الإنسانية تماما كما نظّمها قانون العمل في القطاع الأهلي البحريني، ومن ثم فإن استقدامهم وترك حبلهم على غاربه في سوق العمل قد يترتب عليه التأثير على مستويات كفالة حقوق الإنسان التي تحرص مملكة البحرين أشد الحرص على الحفاظ عليها وعلى مركزها المتقدم دولياً في مجال صون وتعزيز واحترام حقوق الإنسان، وبناء عليه يجب العمل على رصد مثل هذه الحالات من قبل مأموري ضبط قضائي متخصصين في هذا الشأن.
Hanadi_aljowder@ hotmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك