العدد : ١٧٣١٤ - الاثنين ١٨ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣١٤ - الاثنين ١٨ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ صفر ١٤٤٧هـ

عالم يتغير

فوزية رشيد

قتل الصحفيين: يريدون إبادة من دون شهود!

{‭ ‬هم‭ ‬يعرفون‭ ‬جيدا‭ ‬أن‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬تقترن‭ ‬بالحقيقة‭ ‬والصدق‭ ‬والصورة‭ ‬التي‭ ‬توثق‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬لحظة‭ ‬وقوعه،‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬قوة،‭ ‬ومن‭ ‬كل‭ ‬الأكاذيب‭ ‬والتبريرات‭ ‬والتصريحات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تزييف‭ ‬الوقائع‭ ‬والحقائق،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬الصحفي‭ ‬الذي‭ ‬يدمج‭ ‬شهادته‭ ‬بالصورة‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬فقط‭ ‬ناقلا‭ ‬للحقيقة،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬أكبر‭ ‬كاشف‭ ‬للوجه‭ ‬الحقيقي‭ ‬البشع‭ ‬للكيان‭ ‬وما‭ ‬يرتكبه‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬ومجازر‭ ‬يريد‭ ‬الاستمرار‭ ‬فيها‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬العامين‭! ‬ولذلك‭ ‬قام‭ ‬مؤخرا‭ ‬وسط‭ ‬إدانة‭ ‬عالمية‭ (‬باستثناء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭)‬،‭ ‬باستهداف‭ ‬خيمة‭ ‬للصحفيين‭ ‬بغزة‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬استشهاد‭ ‬الصحفيين‭ ‬‮«‬أنس‭ ‬الشريف‮»‬‭ ‬و«محمد‭ ‬قريقع‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المصورين‭ ‬‮«‬إبراهيم‭ ‬ظاهر‮»‬‭ ‬و«محمد‭ ‬نوفل‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬الاستهداف‭ ‬مباشرا‭ ‬واعترف‭ ‬به‭ ‬الكيان،‭ ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حملة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬ومحاولة‭ ‬استهداف‭ ‬أسرهم‭ ‬ومنازلهم،‭ ‬لمنعهم‭ ‬من‭ ‬تغطية‭ ‬المجاعة‭ ‬والإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬واستعدادا‭ ‬لكتم‭ ‬أهم‭ ‬الأصوات‭ ‬الصحفية‭ ‬والإعلامية‭ ‬المؤثرة،‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬التصعيد‭ ‬الصهيوني‭ ‬الجديد‭ ‬باحتلال‭ ‬غزة‭!‬

{‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬قتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ (‬276‭ ‬صحفيا‭) ‬حتى‭ ‬الآن‭! ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬ما‭ ‬يردعه‭ ‬أو‭ ‬يحاسبه‭ ‬أو‭ ‬يعاقبه‭ ‬قانونيا،‭ ‬رغم‭ ‬الإدانة‭ ‬اللفظية‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬لتلك‭ ‬الجرائم‭ ‬ولكارثة‭ ‬التطهير‭ ‬العرقي‭ ‬الذي‭ ‬يمارسه‭ ‬في‭ ‬القطاع‭! ‬ورغم‭ ‬الغضب‭ ‬الشعبي‭ ‬العالمي،‭ ‬وسقوط‭ ‬صورة‭ ‬الكيان‭ ‬في‭ ‬الحضيض،‭ ‬والعالم‭ ‬كله‭ ‬يشاهد‭ ‬عبر‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬العامين‭ ‬المتواصلين‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬والسلوك‭ ‬المتوحش‭ ‬غير‭ ‬الإنساني‭ ‬وغير‭ ‬الأخلاقي‭ ‬وغير‭ ‬القانوني‭ ‬الذي‭ ‬يمارسه‭ ‬الكيان‭ ‬حتى‭ ‬ضد‭ ‬الصحفيين‭ ‬والإعلاميين‭! ‬وعدم‭ ‬السماح‭ ‬للصحفيين‭ ‬الأجانب‭ ‬بدخول‭ ‬القطاع،‭ ‬واستهداف‭ ‬الصحفيين‭ ‬وأماكن‭ ‬وجودهم‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬وليس‭ ‬لديهم‭ ‬سوى‭ ‬الكلمة‭ ‬والصورة‭!‬

{‭ ‬مسؤولة‭ ‬أممية‭ ‬قالت‭: ‬إن‭ ‬استهداف‭ ‬الصحفيين‭ ‬هو‭ ‬لمنع‭ ‬وصول‭ ‬الحقيقة‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬وكتم‭ ‬الأصوات‭ ‬التي‭ ‬تنقل‭ ‬تلك‭ ‬الحقيقة،‭ ‬ورغم‭ ‬احتجاجات‭ ‬الاتحادات‭ ‬الدولية‭ ‬للصحفيين‭ ‬والمراكز‭ ‬الإعلامية‭ ‬فإن‭ ‬الكيان‭ ‬النازي‭ ‬والفاشي‭ ‬يواصل‭ ‬جرائمه‭ ‬في‭ ‬قمع‭ ‬الكلمة‭ ‬والصورة‭ ‬والرأي‭! ‬وهو‭ ‬الذي‭ ‬يدعي‭ ‬أن‭ ‬جيشه‭ ‬الأكثر‭ ‬أخلاقية‭ ‬في‭ ‬العالم‭! ‬مثلما‭ ‬يواصل‭ ‬ادعاءه‭ ‬الذي‭ ‬فقد‭ ‬كل‭ ‬مصداقية‭ ‬له‭ ‬أنه‭ ‬الأكثر‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وتحضّرا‭! ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الادعاءات‭ ‬سقطت‭ ‬في‭ ‬بئر‭ ‬العتمة‭ ‬والظلامية‭ ‬التي‭ ‬فاقت‭ ‬بوحشيتها‭ ‬النازية‭ ‬والفاشية‭ ‬وأي‭ ‬إرهاب‭ ‬دولة‭ ‬سابق‭ ‬في‭ ‬العالم‭!‬

{‭ ‬إن‭ ‬قتل‭ ‬الصحفيين‭ ‬والإعلاميين‭ ‬بشكل‭ ‬متعمد‭ ‬مع‭ ‬سبق‭ ‬الإصرار،‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وهو‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬نعرف‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬للقضاة‭ ‬فيه‭ ‬حين‭ ‬أرادوا‭ ‬محاسبة‭ ‬مجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬الكيان‭! ‬وهو‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬استنزافه‭ ‬واستلابه‭ ‬حتى‭ ‬تجاه‭ ‬التقارير‭ ‬الأممية‭ ‬أو‭ ‬تقارير‭ ‬المنظمات‭ ‬التي‭ ‬أرادت‭ ‬الإقرار‭ ‬بحقيقة‭ ‬ما‭ ‬يرتكبه‭ ‬الكيان‭ ‬من‭ ‬إبادة‭ ‬عبر‭ ‬التجويع‭ ‬والتعطيش،‭ ‬فكان‭ ‬الرد‭ ‬هو‭ ‬العقاب‭ ‬لهم‭ ‬وليس‭ ‬للكيان‭!‬

{‭ ‬مع‭ ‬وصول‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الغاصب‭ ‬إلى‭ ‬كتم‭ ‬كل‭ ‬صوت‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬صحفيا‭ ‬أو‭ ‬إعلاميا‭ ‬أو‭ ‬أمميا‭ ‬مهمته‭ ‬أن‭ ‬يراقب‭ ‬ويقول‭ ‬الحقيقة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تهديد‭ ‬الفنانين‭ ‬والمفكرين‭ ‬الغربيين‭ ‬وعبر‭ ‬العالم،‭ ‬هو‭ ‬إعلان‭ ‬بالسقوط‭ ‬الكامل‭ ‬لأي‭ ‬بُعد‭ ‬أخلاقي‭ ‬ليس‭ ‬للكيان‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬فقد‭ ‬سقط‭ ‬منذ‭ ‬زمن،‭ ‬وإنما‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الداعمة‭ ‬له‭ ‬بشكل‭ ‬مطلق‭ ‬أو‭ ‬للقوى‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬تكتفي‭ ‬بالتصريحات‭ ‬فيما‭ ‬هي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تمد‭ ‬الكيان‭ ‬بالسلاح‭! ‬أو‭ ‬لأي‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬تقوم‭ ‬بواجب‭ ‬الضغط‭ ‬الحقيقي‭ ‬ومقاطعة‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬النازي‭ ‬المجرم‭ ‬ومنه‭ ‬العالمَان‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭!‬

{‭ ‬وللمفارقة،‭ ‬فإن‭ ‬الكيان‭ ‬بنى‭ ‬نفسه‭ ‬وتأسس‭ ‬على‭ ‬أساطير‭ ‬وخرافات‭ ‬ألبسها‭ ‬الغطاء‭ ‬الديني،‭ ‬والمظلومية‭ ‬التي‭ ‬ظل‭ ‬يردد‭ ‬اسطوانتها‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬سقطت‭ ‬في‭ ‬هاوية‭ ‬انكشاف‭ ‬وجهه‭ ‬الحقيقي‭ ‬البشع،‭ ‬فيما‭ ‬‮«‬الهولوكست‮»‬‭ ‬الحقيقي‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬عامين‭ ‬وعلى‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬العالم‭ ‬وبما‭ ‬لا‭ ‬يترك‭ ‬مجالا‭ ‬للتكذيب،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الاختلاف‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬حول‭ ‬سردياته‭ ‬عن‭ ‬المظلومية‭ ‬التي‭ ‬يشكك‭ ‬فيها‭ ‬اليوم‭ ‬حتى‭ ‬مثقفون‭ ‬ألمان‭ ‬حول‭ ‬حقيقة‭ ‬ما‭ ‬جرى‭! ‬وهو‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬فقط‭ ‬ممارسة‭ ‬الفاشية‭ ‬والنازية‭ ‬وكل‭ ‬أشكال‭ ‬الهمجية‭ ‬والأساليب‭ ‬الشيطانية،‭ ‬بل‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شهود‭! ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬ما‭ ‬يرويه‭ ‬الضحايا‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة‭ ‬عبر‭ ‬الشاشات‭! ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬صوت‭ ‬صحفي‭ ‬أو‭ ‬إعلامي،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬قمة‭ ‬الهمجية‭ ‬حين‭ ‬يمارس‭ ‬قتل‭ ‬الصحفيين‭ ‬بدم‭ ‬بارد‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خشية‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬حساب‭ ‬أو‭ ‬عقاب‭ ‬أو‭ ‬محاكمة،‭ ‬لمجرد‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تدعمه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قيد‭ ‬أو‭ ‬شرط‭! ‬فمتى‭ ‬ينتفض‭ ‬العالم‭ ‬انتفاضته‭ ‬الكبرى‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬المتوحش،‭ ‬وضد‭ ‬من‭ ‬يدعمه؟‭!‬

إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا