عالم يتغير

فوزية رشيد
قتل الصحفيين: يريدون إبادة من دون شهود!
{ هم يعرفون جيدا أن الكلمة التي تقترن بالحقيقة والصدق والصورة التي توثق ما يحدث لحظة وقوعه، لها تأثير أكبر من أي قوة، ومن كل الأكاذيب والتبريرات والتصريحات التي تعمل على تزييف الوقائع والحقائق، لذلك فإن الصحفي الذي يدمج شهادته بالصورة لا يكون فقط ناقلا للحقيقة، وإنما هو أكبر كاشف للوجه الحقيقي البشع للكيان وما يرتكبه من جرائم حرب ومجازر يريد الاستمرار فيها رغم مرور ما يقارب العامين! ولذلك قام مؤخرا وسط إدانة عالمية (باستثناء الولايات المتحدة)، باستهداف خيمة للصحفيين بغزة أدت إلى استشهاد الصحفيين «أنس الشريف» و«محمد قريقع»، بالإضافة إلى المصورين «إبراهيم ظاهر» و«محمد نوفل»، وكان الاستهداف مباشرا واعترف به الكيان، وجاء في ظل حملة كبيرة من التهديدات ومحاولة استهداف أسرهم ومنازلهم، لمنعهم من تغطية المجاعة والإبادة الجماعية، واستعدادا لكتم أهم الأصوات الصحفية والإعلامية المؤثرة، على خلفية التصعيد الصهيوني الجديد باحتلال غزة!
{ الكيان الذي قتل أكثر من (276 صحفيا) حتى الآن! لم يجد ما يردعه أو يحاسبه أو يعاقبه قانونيا، رغم الإدانة اللفظية من دول العالم لتلك الجرائم ولكارثة التطهير العرقي الذي يمارسه في القطاع! ورغم الغضب الشعبي العالمي، وسقوط صورة الكيان في الحضيض، والعالم كله يشاهد عبر ما يقارب العامين المتواصلين الإبادة الجماعية، والسلوك المتوحش غير الإنساني وغير الأخلاقي وغير القانوني الذي يمارسه الكيان حتى ضد الصحفيين والإعلاميين! وعدم السماح للصحفيين الأجانب بدخول القطاع، واستهداف الصحفيين وأماكن وجودهم بشكل مباشر وليس لديهم سوى الكلمة والصورة!
{ مسؤولة أممية قالت: إن استهداف الصحفيين هو لمنع وصول الحقيقة إلى العالم وكتم الأصوات التي تنقل تلك الحقيقة، ورغم احتجاجات الاتحادات الدولية للصحفيين والمراكز الإعلامية فإن الكيان النازي والفاشي يواصل جرائمه في قمع الكلمة والصورة والرأي! وهو الذي يدعي أن جيشه الأكثر أخلاقية في العالم! مثلما يواصل ادعاءه الذي فقد كل مصداقية له أنه الأكثر ديمقراطية وتحضّرا! كل تلك الادعاءات سقطت في بئر العتمة والظلامية التي فاقت بوحشيتها النازية والفاشية وأي إرهاب دولة سابق في العالم!
{ إن قتل الصحفيين والإعلاميين بشكل متعمد مع سبق الإصرار، يعتبر من الجرائم الكبرى في القانون الدولي، وهو القانون الذي نعرف ما حدث للقضاة فيه حين أرادوا محاسبة مجرمي الحرب في الكيان! وهو القانون الذي تم استنزافه واستلابه حتى تجاه التقارير الأممية أو تقارير المنظمات التي أرادت الإقرار بحقيقة ما يرتكبه الكيان من إبادة عبر التجويع والتعطيش، فكان الرد هو العقاب لهم وليس للكيان!
{ مع وصول دولة الاحتلال الغاصب إلى كتم كل صوت سواء كان صحفيا أو إعلاميا أو أمميا مهمته أن يراقب ويقول الحقيقة، إلى جانب تهديد الفنانين والمفكرين الغربيين وعبر العالم، هو إعلان بالسقوط الكامل لأي بُعد أخلاقي ليس للكيان هذه المرة فقد سقط منذ زمن، وإنما للولايات المتحدة الداعمة له بشكل مطلق أو للقوى الغربية التي تكتفي بالتصريحات فيما هي لا تزال تمد الكيان بالسلاح! أو لأي دولة في العالم لا تقوم بواجب الضغط الحقيقي ومقاطعة هذا الكيان النازي المجرم ومنه العالمَان العربي والإسلامي!
{ وللمفارقة، فإن الكيان بنى نفسه وتأسس على أساطير وخرافات ألبسها الغطاء الديني، والمظلومية التي ظل يردد اسطوانتها على العالم سقطت في هاوية انكشاف وجهه الحقيقي البشع، فيما «الهولوكست» الحقيقي هو الذي يقوم به اليوم على مدار عامين وعلى مرأى ومسمع العالم وبما لا يترك مجالا للتكذيب، كما هو الاختلاف حتى في الغرب حول سردياته عن المظلومية التي يشكك فيها اليوم حتى مثقفون ألمان حول حقيقة ما جرى! وهو اليوم لا يريد فقط ممارسة الفاشية والنازية وكل أشكال الهمجية والأساليب الشيطانية، بل يريد أن يفعل كل ذلك من دون شهود! ومن دون ما يرويه الضحايا بالصوت والصورة عبر الشاشات! ومن دون صوت صحفي أو إعلامي، وهذا هو قمة الهمجية حين يمارس قتل الصحفيين بدم بارد من دون خشية من أي حساب أو عقاب أو محاكمة، لمجرد أن الولايات المتحدة تدعمه من دون قيد أو شرط! فمتى ينتفض العالم انتفاضته الكبرى ضد هذا الكيان المتوحش، وضد من يدعمه؟!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك