برلين – (رويترز): دفعت الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة وخطط إسرائيل لإعادة احتلال القطاع ألمانيا إلى تعليق صادرات أسلحة إلى إسرائيل، وهي خطوة حساسة بالنسبة لبرلين مدفوعة بغضب شعبي متزايد.
وأعلن المستشار المحافظ فريدريش ميرتس، الذي كان لآخر لحظة مؤيدا بشدة لإسرائيل، هذا القرار الجمعة قائلا إن أفعال إسرائيل لن تحقق أهدافها الحربية المعلنة المتمثلة في القضاء على مقاتلي حركة حماس أو استعادة الرهائن الإسرائيليين.
تعد هذه خطوة جريئة من زعيم قال بعد فوزه في الانتخابات في فبراير إنه سيدعو بنيامين نتنياهو لزيارة ألمانيا في تحد لمذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.
ويعكس هذا التحول كيف أن دعما بلا حدود لإسرائيل، بسبب مسؤولية ألمانيا التاريخية عن المحرقة النازية، يتعرض لاختبار لم يسبق له مثيل.
وبدأت سياسات ألمانيا القائمة منذ عقود تجاه إسرائيل تتأثر مع ارتفاع عدد الشهداء المدنيين الفلسطينيين في غزة والدمار الهائل الذي سببه العدوان وانتشار صور الأطفال الجائعين.
وقالت موريل أسبورج الباحثة في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية «من اللافت للنظر أنه أول إجراء ملموس تتخذه هذه الحكومة الألمانية. لكنني لا أراه تحولا في السياسة الألمانية بل (طلقة تحذيرية)».
يأتي القرار بعد أشهر شددت فيها الحكومة الألمانية لهجتها بشأن العدوان الإسرائيلي المتصاعد في القطاع الفلسطيني الصغير المكتظ بالسكان، ومع ذلك فهي لا تزال تتجنب اتخاذ خطوات أكثر صرامة تدعو إليها دول أوروبية أخرى وبعض الأصوات في الائتلاف الحاكم بزعامة ميرتس.
وسيؤثر تعليق تسليم الأسلحة إلى إسرائيل فقط على تلك التي يمكن استخدامها في غزة.
وتعكس هذه الخطوة شعورا بالغضب في ألمانيا حيث أصبح الرأي العام أكثر انتقادا لإسرائيل وسط مطالب متزايدة للحكومة بالمساعدة في تخفيف الكارثة الإنسانية في غزة حيث بات معظم السكان البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة مشردين وسط تلال من الأنقاض.
وفقا لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة دويتشلاند تريند لصالح تلفزيون(إيه.آر.دي) وصدرت نتائجه يوم الخميس، أي قبل يوم واحد من إعلان ميرتس لقراره، فإن 66 بالمائة من الألمان يريدون من حكومتهم ممارسة المزيد من الضغط على إسرائيل لتغيير سلوكها.
وهذه النسبة أعلى مما كانت عليه في أبريل 2024 حين أظهر استطلاع رأي أجراه معهد فورسا أن حوالي 57 بالمائة من الألمان قالوا إن على حكومتهم تشديد انتقادها لإسرائيل بسبب أفعالها في غزة.
واتهمت مجلة دير شبيجل إسرائيل، في مقالين افتتاحيين رئيسيين أواخر يوليو، بانتهاك القانون الإنساني الدولي ونددت بما وصفته بأنه تواطؤ الحكومة الألمانية. وحمل الغلاف الأمامي صورة لنساء من غزة يحملن أوعية فارغة وعنوانا رئيسيا بكلمة «جريمة».
وخلال الفترة ذاتها استنكرت صحيفة بيلد اليومية واسعة الانتشار المملوكة لمجموعة أكسل شبرينجر، أكبر مجموعة إعلامية في ألمانيا، غياب الغضب تجاه حركة حماس التي أشعل هجومها عبر الحدود على تجمعات سكنية إسرائيلية فتيل الحرب مشيرة إلى ما اعتبرته تناميا للمشاعر المعادية لإسرائيل واحتجاجات أحادية الجانب.
وقبل اتخاذ ألمانيا موقفها الأحدث بسبب مستجدات الصراع كانت تبدي حذرا تجاه فرض أي عقوبة ولو صغيرة على إسرائيل. وعلى سبيل المثال رفضت ألمانيا دعم تعليق جزئي لاستفادة إسرائيل من برنامج تمويل الأبحاث الرائد في الاتحاد الأوروبي.
يقول محللون إن هناك أسبابا أخرى لتردد ألمانيا في انتقاد إسرائيل تتجاوز ماضيها المرتبط بالمحرقة النازية (الهولوكوست)، ومنها علاقاتها التجارية القوية مع إسرائيل والولايات المتحدة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك