العدد : ١٧٣٠٨ - الثلاثاء ١٢ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٠٨ - الثلاثاء ١٢ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ صفر ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

لعنة الطائفية التي تلاحقنا

على‭ ‬امتداد‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬لاحقتنا‭ ‬لعنة‭ ‬الطائفية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ودفعنا‭ ‬ولا‭ ‬نزال‭ ‬ندفع‭ ‬ثمنا‭ ‬فادحا‭ ‬لهذه‭ ‬اللعنة‭.‬

لعنة‭ ‬الطائفية‭ ‬لم‭ ‬تحل‭ ‬بنا‭ ‬لأن‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬العربية‭ ‬تعرف‭ ‬تنوعا‭ ‬دينيا‭ ‬وطائفيا‭ ‬او‭ ‬بها‭ ‬أقليات،‭ ‬فهذا‭ ‬هو‭ ‬حالها‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬مصدر‭ ‬اثراء‭ ‬وقوة‭.‬

اللعنة‭ ‬حلت‭ ‬بنا‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬مشاريع‭ ‬لدول‭ ‬وقوى‭ ‬أجنبية‭ ‬تستهدف‭ ‬دولنا‭ ‬ومجتمعاتنا،‭ ‬وتسعى‭ ‬لتحقيق‭ ‬اهداف‭ ‬استراتيجية‭ ‬كبرى‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬والقوى،‭ ‬وتعتبر‭ ‬الورقة‭ ‬الطائفية‭ ‬أكبر‭ ‬اوراقها‭ ‬على‭ ‬الاطلاق‭ ‬وسعت‭ ‬الى‭ ‬استخدامها‭ ‬سياسيا‭.‬

نشير‭ ‬هنا‭ ‬خصوصا‭ ‬الى‭ ‬مشروعين‭ ‬كبيرين‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬شهدنا‭ ‬ما‭ ‬لحق‭ ‬بنا‭ ‬من‭ ‬اخطار‭ ‬بسببهما‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬الماضية‭:‬

1-‭ ‬المشروع‭ ‬الإيراني‭ ‬الذي‭ ‬انطلق‭ ‬بعد‭ ‬قيام‭ ‬الثورة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬وهو‭ ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬مشروع‭ ‬طائفي‭ ‬توسعي‭ ‬سعى‭ ‬إلى‭ ‬اضعاف‭ ‬وتدمير‭ ‬دول‭ ‬عربية‭  ‬املا‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬هيمنة‭ ‬إيرانية‭.‬

المشروع‭ ‬الإيراني‭ ‬سعى‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬ورقة‭ ‬الشيعة‭ ‬العرب‭ ‬كأكبر‭ ‬ورقة‭ ‬لحساب‭ ‬المصالح‭ ‬الإيرانية‭. ‬وفي‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك‭ ‬اجج‭ ‬الخلافات‭ ‬والصراعات‭ ‬الطائفية،‭ ‬وانشأ‭ ‬قوى‭ ‬ومليشيات‭ ‬عميلة‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬وسعى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬إلى‭ ‬تدمير‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭. ‬ونعرف‭ ‬جميعا‭ ‬ما‭ ‬حل‭ ‬بدولنا‭ ‬العربية‭ ‬بسبب‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭.‬

2‭ ‬‭ ‬المشروع‭ ‬الغربي،‭ ‬وهو‭ ‬أيضا‭ ‬مشروع‭ ‬استراتيجي‭ ‬أهدافه‭ ‬وابعاده‭ ‬معلنة‭ ‬ومعروفة‭.‬

المشروع‭ ‬الغربي‭ ‬قام‭ ‬على‭ ‬تمزيق‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وتقسيمها‭ ‬إلى‭ ‬دويلات،‭ ‬وفي‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬استخدام‭ ‬الطائفية‭ ‬وورقة‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربي‭ ‬أداة‭ ‬أساسية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافه‭.‬

المشروعان‭ ‬الإيراني‭ ‬والغربي‭ ‬التقيا‭ ‬اذن‭ ‬عند‭ ‬اهداف‭ ‬واحدة‭ ‬هي‭ ‬اضعاف‭ ‬وتدمير‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬واغراقها‭ ‬في‭ ‬الفوضى،‭ ‬واستخدام‭ ‬الطائفية‭ ‬أداة‭ ‬أساسية‭.‬

شهدنا‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬الماضية‭ ‬النتائج‭ ‬الكارثية‭ ‬لاستخدام‭ ‬الطائفية‭ ‬أداة‭ ‬للمشروعين‭ ‬والثمن‭ ‬الفادح‭ ‬الذي‭ ‬دفعته‭ ‬دولنا‭.‬

أول‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬كان‭ ‬تأجيج‭ ‬الفتن‭ ‬والصراعات‭ ‬الطائفية‭ ‬في‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭. ‬لم‭ ‬تقف‭ ‬هذه‭ ‬الفتن‭ ‬والصراعات‭ ‬عند‭ ‬الحدود‭ ‬السياسية،‭ ‬وانما‭ ‬شهدت‭ ‬عديد‭ ‬من‭ ‬دولنا‭ ‬صراعات‭ ‬طائفية‭ ‬دموية‭ ‬مسلحة‭ ‬راح‭ ‬ضحيتها‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭.‬

وثاني‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬انه‭ ‬جرى‭ ‬تدمير‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬بحيث‭ ‬أصبحت‭ ‬عاجزة‭ ‬تماما‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬لها‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬القوى‭ ‬والمليشيات‭ ‬الطائفية‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬سطوتها‭ ‬وهيمنت‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬الدولة‭.‬

ثالث‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬انه‭ ‬ارتبطت‭ ‬باستفحال‭ ‬الطائفية‭ ‬ظاهرة‭ ‬قوى‭ ‬ومليشيات‭ ‬عميلة‭ ‬للخارج‭ ‬تخدم‭ ‬اجندات‭ ‬اجنبية‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بأي‭ ‬مصلحة‭ ‬وطنية‭. ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬كرست‭ ‬قيم‭ ‬عدم‭ ‬الولاء‭ ‬للوطن‭ ‬واعلاء‭ ‬المصلحة‭ ‬الطائفية‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مصلحة‭ ‬وطنية‭.‬

نعلم‭ ‬جميعا‭ ‬انه‭ ‬بسبب‭ ‬لعنة‭ ‬الطائفية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬ضاعت‭ ‬أربع‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬بالمعنى‭ ‬الحرفي،‭ ‬هي‭ ‬لبنان،‭ ‬وسوريا،‭ ‬والعراق،‭ ‬واليمن‭. ‬ضاعت‭ ‬بمعنى‭ ‬ان‭ ‬الدولة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬موجودة‭ ‬بالمعنى‭ ‬المفهوم‭ ‬المتعارف‭ ‬عليه،‭ ‬وأصبحت‭ ‬القوى‭ ‬والمليشيات‭ ‬الطائفية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬وتقرر،‭ ‬واستفحل‭ ‬الصراع‭ ‬الطائفي‭ ‬الى‭ ‬حدود‭ ‬خطيرة‭ ‬نعلمها‭. ‬وفي‭ ‬خضم‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬تحقيق‭ ‬أي‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع‭.‬

لماذا‭ ‬نثير‭ ‬موضوع‭ ‬لعنة‭ ‬الطائفية‭ ‬اليوم؟

لأنه‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬قرأت‭ ‬تقارير‭ ‬خطيرة‭ ‬تحذر‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬الطائفية‭ ‬كورقة‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬تطورات‭ ‬تشهدها‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬وخصوصا‭ ‬سوريا‭ ‬ولبنان‭.‬

بعبارة‭ ‬ادق،‭ ‬سوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬شهدا‭ ‬قيادة‭ ‬جديدة‭ ‬تحاول‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬لعنة‭ ‬الطائفية‭ ‬واستعادة‭ ‬الدولة‭ ‬وبناء‭ ‬نظام‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬جديدة‭. ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬هناك‭ ‬مخططات‭ ‬جديدة‭ ‬لتأجيج‭ ‬الطائفية‭ ‬واستخدامها‭ ‬لمحاولة‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬الجديد‭ ‬وافشاله‭.‬

وهذا‭ ‬حديث‭ ‬آخر‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا