عالم يتغير

فوزية رشيد
العالم في جهةوأمريكا والكيان في جهة أخرى!
{ يوم الاثنين الماضي 28/7 انطلقت في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، أعمال (المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بالطرق السلمية وتنفيذ حلّ الدولتين) برئاسة سعودية – فرنسية مشتركة ويستمر ثلاثة أيام، ويهدف المؤتمر إلى طرح مسار زمني يؤسس لدولة فلسطينية، ذات سيادة يُنهي الاحتلال على أرضها على أساس حلّ عادل ودائم وفقاً لمبادرة السلام العربية والقرارات الأممية ذات الصلة! فهل سينجح في خطوته هذه؟!
فرنسا ستكون أول دولة من مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى تعترف بدولة فلسطين، كما أعلن «ماكرون»، وسيكون ذلك خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل. والمتوقع أن الدول المشاركة في مؤتمر حلّ الدولتين ستؤكد نيتها الاعتراف بدولة فلسطين، وأن تقوم الدول العربية المشاركة ولأول مرة بإدانة حركة حماس.
{ في الكنيست «الإسرائيلي» والذي صوّت في يونيو 2024 على قرار رفض إقامة دولة فلسطينية، أعقبه قرار آخر هذا الشهر يوليو 2025 بالموافقة على ضمّ الضفة الغربية! مما يعني إنهاء أي تحرّك لدولة فلسطينية قادمة! وفي ذات الوقت إنهاء فعالية كل اتفاقيات السلام وأهمها «اتفاقيات أوسلو» بين الجانبين الصهيوني والفلسطيني! بل ومحاولة إفشال أي تحرّك دولي لحلّ الدولتين.
أو خطاب السلام وتسوية القضية الفلسطينية، رغم أن دولة فلسطين تحظى باعتراف 147 دولة، والولايات المتحدة ليست من بينها! بل إنها في 2024! استخدمت حق النقض «الفيتو» ضدّ عضوية فلسطين الكاملة في الأمم المتحدة!
بل إن يوم انعقاد المؤتمر الدولي الاثنين الماضي، صرّح السفير الأمريكي في الكيان الصهيوني في مقابلة مع «بلومبيرغ» بأن الولايات المتحدة لم تعد تؤيد تماماً قيام دولة فلسطينية مستقلة – بل وأضاف – أنه في حال قيامها، يمكن أن تكون في مكان آخر بالمنطقة بدلاً من الضفة الغربية)!
وبذلك يتماهى «ترامب» وإدارته مع موقف اليمين المتطرف والإرهابي في الكيان الصهيوني، لتصبح أمريكا والكيان طرفاً واحداً مقابل كل دول العالم الأخرى بما فيها بريطانيا التي أسست الكيان الصهيوني كطرف آخر في هذا المجال!
{ إن غالبية دول العالم واليوم هذا التحرّك الأوروبي بقيادة فرنسا للاعتراف بالدولة الفلسطينية، يجعل العالم كله في كفة كما قلنا، فيما أمريكا والكيان في كفة أخرى، رغم أن الاعتراف اللفظي والبيانات لن تغيرّ في النهاية، واقع الاحتلال الصهيوني ومحاولة القضاء على القضية الفلسطينية، ما لم يتجه هذا العالم، وتحديداً الدول الأوروبية الكبرى إلى اتخاذ إجراءات عملية لمحاصرة أجندة الكيان في القضاء على أي أمل في إقامة دولة فلسطينية والوصول إلى حلّ سلمي عادل وشامل!
{ و«ترامب» الذي اعترف مؤخراً، وأيضاً الاثنين الماضي، بوجود مجاعة في غزّة، يناقض نفسه، بل والموقف الأمريكي السابق عبر العقود الماضية، بادعاء حقوق الإنسان والاسهام في الوصول إلى حلّ سلمي، وحين جاء المؤتمر الدولي لذات الهدف، غاب الطرفان الأمريكي و«الإسرائيلي» عن المؤتمر وبتنسيق مشترك للسباحة ضدّ التيار العالمي الذي يريد الوصول إلى إنهاء المعاناة الفلسطينية! بل إن الولايات المتحدة حالياً تتبنى أجندة التجويع والتطهير العِرقي والتهجير ومخطط تهويد كامل الأرض الفلسطينية! وذلك بعد الدعم الأمريكي المطلق لكل ذلك رغم المظاهرات المليونية الشعبية في أمريكا لإنهاء حرب الإبادة والتعامل مع الفلسطينيين كأصحاب قضية عادلة، يتم اليوم إبادتهم بسبب حقهم المشروع في العيش في وطنهم بكرامة وإنسانية!
{ قد يكون هذا المؤتمر مهماً، ولكن كان على الجهد الدولي والعربي والإسلامي أن يوقف حرب الإبادة أولاً، ويصب كل جهوده وضغوطه في هذا الاتجاه! وبعدها أو مع الجهد العملي لإيقاف الحرب أن يقوم بالضغط الحقيقي على الكيان، ويواصل مساعيه في البحث عن حل الدولتين! خاصة آن الكيان الإرهابي العنصري، يستبق الأحداث سواء بالإبادة أو بقرار البرلمان عنده بضم الضفة وغزة! وبشراهة الشارع في بناء المستوطنات كل يوم في الضفة، إضافة إلى كل ما تم ابتلاعه سابقاً من الأرض الفلسطينية وجغرافيا الضفة، ليصبح قيام أي دولة فلسطينية أمراً مستحيلاً!
{ هذا العالم الذي تتحرك دوله تحرّك السلحفاة تجاه القتل اليومي للأطفال والمدنيين في غزة! وتجاه الممارسات غير القانونية وغير الشرعية في الضفة الغربية! في ظل النظام الدولي المتهرئ الذي لم يعد يعرف إلى أين يسير، تجاه ما يتم فرضه بالقوة! نقول هذا العالم إن كان جاداً في إنهاء جرائم الحرب والإبادة والتجويع وأجندة الكيان بالقضاء على القضية الفلسطينية، مطالب باستخدام لغة القوة ولغة الضغط الحقيقي وحصار الكيان ومنع امداده بالسلاح والمال، ومقاطعته من كل الدول سواء العربية أو الدولية ومنها الغربية الأوروبية، إن كان سعيهم حقيقياً وجاداً للوصول إلى حل سلمي! ولا بد من الضغط على الولايات المتحدة الداعم الأكبر والمتماهي مع المتطرفين الصهاينة، لتدرك أن مصالحها العربية والدولية أمام محك حقيقي، وعليها أن تتخلى عن الدعم الأعمى لأجندة الكيان الصهيوني، إذا أرادت الحفاظ على غبار المصداقية التي فقدتها بدورها، وليس فقط مصالحها! وعلى بريطانيا وألمانيا التحلي بالمصداقية أيضاً!
{ من الطريف اليوم أن يقف كل العالم ما عدا بعض الدول التي قبلت الضغط الأمريكي لعدم مشاركتها في مؤتمر حلّ الدولتين في جهة، فيما تقف أمريكا والكيان الصهيوني في الجهة المضادة! فهل يقبل العالم على نفسه هذا
التعسف الأمريكي الصهيوني ولا يقوم بأي خطوة حقيقية أو لا يفعل شيئاً؟! أم أن منطق القوة الأمريكية الدكتاتورية هو المنطق الذي على العالم القبول به، مثلما قبل بالإبادة الجماعية وانهيار النظام الدولي ومؤسساته القانونية والإنسانية ومخالفة الضمير الإنساني على مستوى دول العالم إلا باستثناءات محدودة؟! الكرة في ملعب دول العالم أمام الوحش الصهيوني الشيطاني وماما أمريكا!
إقرأ أيضا لـ"فوزية رشيد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك