العدد : ١٧٢٩٦ - الخميس ٣١ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٩٦ - الخميس ٣١ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

فشل العقوبات النفطية الغربية في تحقيق أهدافها الجيوسياسية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ٣٠ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬إطار‭ ‬تبنيها‭ ‬نظام‭ ‬عقوبات‭ ‬عالميا‭ ‬لمعاقبة‭ ‬منافسيها‭ ‬العالميين‭ ‬وإضعافهم،‭ ‬سعت‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الرئيسية‭ ‬‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي،‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬‭ ‬إلى‭ ‬استهداف‭ ‬عائدات‭ ‬تصدير‭ ‬النفط‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬الدولية‭. ‬وتُعد‭ ‬روسيا،‭ ‬وإيران،‭ ‬وفنزويلا‭ ‬حاليًا‭ ‬المستهدفين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات،‭ ‬التي‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬‮«‬فرض‭ ‬سقوف‭ ‬سعرية‮»‬،‭ ‬و«حظر‭ ‬عالمي‮»‬،‭ ‬و«التهديد‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬على‭ ‬المشترين‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬غريغوري‭ ‬برو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬أوراسيا‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬‮«‬أخفقت‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مآربها‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬نفسها‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تعد‭ ‬ناجعة‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬ذكرت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬فورين‭ ‬بوليسي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عصر‭ ‬العقوبات‭ ‬النفطية‭ ‬يوشك‭ ‬على‭ ‬الانتهاء‮»‬،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬موافقة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬غارات‭ ‬جوية‭ ‬ضد‭ ‬منشآت‭ ‬نووية‭ ‬إيرانية‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬يونيو،‭ ‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬‮«‬اعتراف‭ ‬ضمني‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬الضغوط‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وحدها‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬كافية‭ ‬لدفع‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬سياسية‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬نمطًا‭ ‬متكررًا‭ ‬شهدته‭ ‬الإجراءات‭ ‬العقابية‭ ‬الغربية‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬موسكو‭ ‬وكاراكاس‭ ‬أيضًا‭.‬

ويشكل‭ ‬استهداف‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬‭ ‬وحلفائها‭ ‬عائدات‭ ‬تصدير‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬منظومة‭ ‬عقوبات‭ ‬دولية‭ ‬أوسع‭ ‬نطاقًا،‭ ‬تمتد‭ ‬لتشمل‭ ‬المعاملات‭ ‬المالية،‭ ‬والأنشطة‭ ‬التجارية،‭ ‬والتنقل،‭ ‬والتعاون‭ ‬السياسي‭. ‬ووفقًا‭ ‬لما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬سلوك‭ ‬المسؤولين‭ ‬داخل‭ ‬تلك‭ ‬الدول،‭ ‬عبر‭ ‬رفع‭ ‬كلفة‭ ‬قراراتهم‭ ‬ومخاطرها،‭ ‬سواء‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقليص‭ ‬قدرتهم‭ ‬على‭ ‬السفر‭ ‬أو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬التمويل،‭ ‬أو‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬عبر‭ ‬تعزيز‭ ‬الضغوط‭ ‬الشعبية‭ ‬نتيجة‭ ‬تفاقم‭ ‬الأزمات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الداخلية‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أقرّ‭ ‬‮«‬المعهد‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تُمنى‭ ‬بالفشل،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬‮«‬النخب‭ ‬الحاكمة‭ ‬لا‭ ‬تُعير‭ ‬عادةً‭ ‬اهتمامًا‭ ‬برفاه‭ ‬شعوبها،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تهتم‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلطتها‮»‬‭. ‬وفيما‭ ‬يخص‭ ‬سوق‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمية‭ ‬تحديدًا،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬برو‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العقوبات‭ ‬لا‭ ‬تغيّر‭ ‬سلوك‭ ‬الدول‭ ‬المستهدفة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تُعيد‭ ‬تشكيل‭ ‬الأسواق،‭ ‬وتُعيد‭ ‬رسم‭ ‬خريطة‭ ‬العلاقات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬حيث‭ ‬يُعاد‭ ‬توجيه‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬مسارات‭ ‬تتحدد‭ ‬وفق‭ ‬اعتبارات‭ ‬جيوسياسية،‭ ‬لا‭ ‬وفق‭ ‬منطق‭ ‬تجاري‮»‬‭.‬

ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬لم‭ ‬تتوافر‭ ‬أدلة‭ ‬كافية‭ ‬تؤكد‭ ‬نجاح‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭. ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬العقوبات‭ ‬الغربية‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الروسية،‭ ‬التي‭ ‬فُرضت‭ ‬عقب‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬2022،‭ ‬ورغم‭ ‬قيام‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬الدول‭ ‬السبع‭ ‬الكبرى‮»‬،‭ ‬بفرض‭ ‬سقف‭ ‬سعري‭ ‬قدره‭ ‬60‭ ‬دولارًا‭ ‬لبرميل‭ ‬النفط‭ ‬الروسي‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2022،‭ ‬مع‭ ‬اتجاهها‭ ‬لخفض‭ ‬هذا‭ ‬السقف‭ ‬إلى‭ ‬47‭ ‬دولارًا‭ ‬فقط،‭ ‬واصلت‭ ‬‮«‬موسكو‮»‬،‭ ‬تصدير‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬يوميًا،‭ ‬بحسب‭ ‬‮«‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ (‬47%‭)‬،‭ ‬والهند‭ (‬38%‭)‬،‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬‮«‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬،‭ ‬يشكل‭ ‬6%‭ ‬من‭ ‬صادراتها‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام،‭ ‬و51%‭ ‬من‭ ‬مبيعات‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬المسال‭. ‬وحتى‭ ‬يوليو‭ ‬2025،‭ ‬لم‭ ‬تُحدث‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬أي‭ ‬أثر‭ ‬ملموس‭ ‬على‭ ‬موقفها‭ ‬من‭ ‬الحرب،‭ ‬إذ‭ ‬تجاهل‭ ‬وزير‭ ‬خارجيتها‭ ‬‮«‬سيرجي‭ ‬لافروف‮»‬،‭ ‬تهديدات‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬بفرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬بنسبة‭ ‬100%‭ ‬على‭ ‬روسيا‭ ‬وشركائها‭ ‬التجاريين،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬‮«‬مرت‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬التهديدات‭ ‬سابقًا‮»‬‭.‬

وبالمثل،‭ ‬أثار‭ ‬‮«‬كريستوفر‭ ‬ساباتيني‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬جدوى‭ ‬العقوبات‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الفنزويلية،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تُحدث‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬يُذكر‭ ‬في‭ ‬كاراكاس،‭ ‬إذ‭ ‬بقي‭ ‬حجم‭ ‬الصادرات‭ ‬مستقرًا‭ ‬رغم‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬مارستها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بحالة‭ ‬‮«‬إيران‮»‬،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬صادراتها‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬فرض‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬الأولى‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يُسمى‭ ‬بحملة‭ ‬‮«‬الضغط‭ ‬الأقصى‮»‬‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬‭ ‬حيث‭ ‬سجلت‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬معلومات‭ ‬الطاقة‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬تراجع‭ ‬صادراتها‭ ‬الخارجية‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬أدنى‭ ‬مستوى‭ ‬لها‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬عامًا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020‮»‬‭ ‬‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬زادت‭ ‬مشتريات‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬الإيراني‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬بحلول‭ ‬أواخر‭ ‬2024،‭ ‬شكلت‭ ‬حوالي‭ ‬15%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬واردات‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭. ‬ورأت‭ ‬‮«‬أغاث‭ ‬ديماريس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬أحد‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬‮«‬السياسة‭ ‬غير‭ ‬الرسمية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬انتهجتها‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬الأوروبيون،‭ ‬والتي‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬غض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬شحنات‭ ‬النفط‭ ‬الإيرانية،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لدفع‭ ‬الأخيرة‭ ‬نحو‭ ‬إبرام‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬جديد‭.‬

وبشكل‭ ‬واضح‭ ‬زادت‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الإيرانية،‭ ‬رغم‭ ‬استمرار‭ ‬خضوعها‭ ‬للعقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الأمريكية‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬شنت‭ ‬فيه‭ ‬إسرائيل‭ ‬غاراتها‭ ‬الجوية‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬يونيو2025،‭ ‬تلتها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بهجمات‭ ‬مماثلة‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬نفسه،‭ ‬كانت‭ ‬تجارة‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬تشهد‭ ‬نموًا‭ ‬ملحوظًا‭. ‬وأكدت‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬فورتيكسا‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬صادراتها‭ ‬من‭ ‬الخام‭ ‬بلغت‭ ‬مستوى‭ ‬قياسيًا،‭ ‬متجاوزة‭ ‬1‭.‬8‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬يونيو‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬لخّص‭ ‬‮«‬دانييل‭ ‬جيربر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬بيترو‭-‬لوجيستكس‮»‬،‭ ‬الوضع‭ ‬بقوله‭: ‬‮«‬إن‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬2025‭ ‬بلغت‭ ‬أعلى‭ ‬مستوياتها‭ ‬منذ‭ ‬عدة‭ ‬سنوات‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬‮«‬سارعت‭ ‬طهران‭ ‬بتصدير‭ ‬الشحنات‮»‬،‭ ‬عقب‭ ‬الموجة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬تحسّبًا‭ ‬لأي‭ ‬ضربات‭ ‬إضافية‭ ‬قد‭ ‬تستهدف‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬وجّهت‭ ‬ضرباتها‭ ‬إلى‭ ‬مصافي‭ ‬النفط‭ ‬ومنشآت‭ ‬معالجة‭ ‬الغاز،‭ ‬فإنها‭ ‬لم‭ ‬تشنّ‭ ‬هجمات‭ ‬مباشرة‭ ‬على‭ ‬حقول‭ ‬النفط‭ ‬أو‭ ‬مرافق‭ ‬التصدير‭. ‬وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬إعلان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬وإسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر؛‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬جيربر‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬تباطؤ‮»‬‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬النقل،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬تحميل‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬استمر‭ ‬دون‭ ‬انقطاع‮»‬‭.‬

ويرجع‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬فشل‭ ‬نظام‭ ‬العقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغربية‭ ‬ضد‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬من‭ (‬روسيا،‭ ‬وإيران،‭ ‬وفنزويلا‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬عامل‭ ‬مشترك،‭ ‬هو‭ ‬الصين‭. ‬فيما‭ ‬أبدى‭ ‬‮«‬برو‮»‬،‭ ‬إعجابه‭ ‬بقدرة‭ ‬السوق‭ ‬الإيرانية‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬ذاتها‭ ‬‮«‬بما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬الواقع‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬العقوبات‮»‬،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تختفي‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬تتوقع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬تجسّد‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬صعود‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬باسم‭ ‬مصافي‭ ‬‮«‬إبريق‭ ‬الشاي‮»‬،‭ ‬المنتشرة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬أنحاء‭ ‬‮«‬الصين‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬وصفتها‭ ‬‮«‬إيريكا‭ ‬داونز‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬جامعة‭ ‬كولومبيا‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬مصافٍ‭ ‬مستقلة،‭ ‬تعمل‭ ‬بهوامش‭ ‬ربح‭ ‬ضئيلة‭ ‬للغاية،‭ ‬وتتميّز‭ ‬بانتهازيتها‭ ‬في‭ ‬شراء‭ ‬النفط‭ ‬الخام‮»‬،‭ ‬مدفوعة‭ ‬بخصومات‭ ‬مغرية‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬الخاضع‭ ‬للعقوبات‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬كلايد‭ ‬راسل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬رويترز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬اعتادت‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬كميات‭ ‬فائضة‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬عندما‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الأسعار‭ ‬منخفضة،‭ ‬ثم‭ ‬تقليص‭ ‬وارداتها‭ ‬عندما‭ ‬ترتفع‭ ‬الأسعار‭.‬

ومع‭ ‬تداول‭ ‬صادرات‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬المقرر‭ ‬تسليمها‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2025،‭ ‬بأسعار‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬المتداول‭ ‬في‭ ‬بورصة‭ ‬‮«‬إنتركونتيننتال‮»‬‭ (‬ICE‭)‬،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مفاجئًا‭ ‬أن‭ ‬تُسجّل‭ ‬‮«‬بكين‮»‬،‭ ‬‮«‬أعلى‭ ‬وارداتها‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬عامين‮»‬،‭ ‬بفائض‭ ‬بلغ‭ ‬1‭.‬42‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬يونيو،‭ ‬وهو‭ ‬الشهر‭ ‬الرابع‭ ‬على‭ ‬التوالي‭ ‬الذي‭ ‬يتجاوز‭ ‬فيه‭ ‬الفائض‭ ‬المليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭. ‬وبصفتها‭ ‬أكبر‭ ‬مستورد‭ ‬للنفط‭ ‬الخام‭ ‬عالميًا،‭ ‬بمتوسط‭ ‬واردات‭ ‬يتجاوز‭ ‬11‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬أشارت‭ ‬‮«‬داونز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خُمس‭ ‬وارداتها‭ ‬النفطية‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬العام‭ ‬كانت‭ ‬خاضعة‭ ‬للعقوبات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والغربية‮»‬‭.‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬ساباتيني‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬‮«‬المتعطشة‭ ‬للطاقة‮»‬،‭ ‬ستظل‭ ‬دائمًا‭ ‬‮«‬مستعدة‭ ‬لفتح‭ ‬أسواقها‭ ‬أمام‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬غير‭ ‬المشروع‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬مع‭ ‬تهديد‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬بفرض‭ ‬رسوم‭ ‬جمركية‭ ‬ثانوية‭ ‬على‭ ‬مشتري‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬الصين،‭ ‬وفنزويلا‭. ‬وردًا‭ ‬على‭ ‬تهديده‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬ثانوية‭ -‬والتي‭ ‬يُفترض‭ ‬تطبيقها‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬تتعامل‭ ‬تجاريًا‭ ‬مع‭ ‬خصوم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ولكنها‭ ‬عمليًا‭ ‬تستهدف‭ ‬الصين‭ ‬وحدها‭- ‬تساءل‭ ‬‮«‬برو‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬ستتمكن‭ ‬بها‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬من‭ ‬تنفيذ‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الإجراء،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬سيتطلب‭ ‬من‭ ‬‮«‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬تهديد‭ ‬الشركات‭ ‬الأوروبية‭ ‬التي‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬نظيراتها‭ ‬الصينية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬فرض‭ ‬قيود‭ ‬على‭ ‬شركات‭ ‬الطاقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬نفسها،‭ ‬التي‭ ‬تصدّر‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬والنفط‭ ‬الخام،‭ ‬ومشتقات‭ ‬مثل‭ ‬الإيثان‭ ‬إلى‭ ‬بكين،‭ ‬وهو‭ ‬احتمال‭ ‬يراه‭ ‬‮«‬برو‮»‬،‭ ‬غير‭ ‬واقعي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أحدث‭ ‬التقييمات‭ ‬لبرامج‭ ‬العقوبات‭ ‬النفطية‭ ‬الغربية‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬وإيران،‭ ‬وفنزويلا؛‭ ‬تُظهر‭ ‬إخفاقًا‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها؛‭ ‬فقد‭ ‬دافع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬دانييل‭ ‬بليتكا‮»‬،‭ ‬و‮«‬بريت‭ ‬شايفر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬‮«‬أمريكان‭ ‬إنتربرايز‮»‬‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬السياسة،‭ ‬حيث‭ ‬حذرا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تجاهل‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيين‭ ‬لفكرة‭ ‬فرض‭ ‬عقوبات‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬أو‭ ‬تقاربها‭ ‬مع‭ ‬بكين‭ ‬سيكون‭ ‬‮«‬خطأً‭ ‬جسيمًا‮»‬،‭ ‬مؤكدين‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‮»‬‭ ‬للغرب‭ ‬‮«‬لاستخدام‭ ‬كافة‭ ‬أدواته‭ ‬المتاحة‭ ‬لإجبار‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات،‭ ‬والتخلي‭ ‬عن‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬بطريقة‭ ‬يمكن‭ ‬التحقق‭ ‬منها‮»‬‭. ‬وبالمثل،‭ ‬دعا‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬‮«‬مارك‭ ‬دوبويتز‮»‬،‭ ‬و«سعيد‭ ‬نجاد‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطيات‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تشديد‭ ‬الخناق‮»‬‭ ‬على‭ ‬صادرات‭ ‬الطاقة‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬وصفاه‭ ‬بـ«حملة‭ ‬اقتصادية‭ ‬أمريكية‭ ‬شاملة‮»‬،‭ ‬تواكبها‭ ‬‮«‬ضغوط‭ ‬عسكرية‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬دعا‭ ‬‮«‬برو‮»‬،‭ ‬صنّاع‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬تقييم‭ ‬شاملة‭ ‬لجدوى‭ ‬العقوبات‭ ‬النفطية‮»‬،‭ ‬واقترح‭ ‬‮«‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬بالكامل‮»‬،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬محاولاتها‭ ‬لعزل‭ ‬خصومها‭ ‬الجيوسياسيين‭ ‬عبر‭ ‬العقوبات‭ ‬لم‭ ‬تفشل‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬سلوك‭ ‬هذه‭ ‬الدول؛‭ ‬بل‭ ‬أسهمت‭ ‬في‭ ‬جعلها‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬اعتمادًا‭ ‬على‭ ‬الطلب‭ ‬الصيني‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬منحت‭ ‬بكين‭ ‬‮«‬فرصة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬طاقة‭ ‬ثابتة‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬أيد‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭ ‬أيضًا‭ ‬‮«‬ساباتيني‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬شدد‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬‮«‬إجراء‭ ‬تقييم‭ ‬صريح‭ ‬لمدى‭ ‬فاعلية‭ ‬العقوبات‭ ‬وكيفية‭ ‬تطبيقها‮»‬،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬السياسات‭ ‬الحالية‭ ‬لا‭ ‬تُحقق‭ ‬الأهداف‭ ‬المرجوة‭ ‬منها‭.‬

ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬موقف‭ ‬هؤلاء‭ ‬الداعين‭ ‬إلى‭ ‬تشديد‭ ‬العقوبات،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإيران،‭ ‬سيظل‭ ‬يمثل‭ ‬الاتجاه‭ ‬السائد‭ ‬لدى‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب،‭ ‬رغم‭ ‬غياب‭ ‬النتائج‭ ‬الملموسة‭ ‬لهذه‭ ‬السياسة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وتعاظم‭ ‬الأضرار‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية‭ ‬الناجمة‭ ‬عنها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا