العدد : ١٧٢٩٦ - الخميس ٣١ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٩٦ - الخميس ٣١ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٦ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

الهوية الوطنية الفلسطينية الراسخة تستعصي على إسرائيل

بقلم: د. رمزي بارود

الثلاثاء ٢٩ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

لقد‭ ‬ظلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬تسعى‭ ‬بكل‭ ‬السبل‭ ‬وبكل‭ ‬عدوانية‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطط‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تشكيل‭ ‬مستقبل‭ ‬فلسطين‭ ‬ومنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع،‭ ‬وترسم‭ ‬رؤيتها‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التكرار‭ ‬الغريب‭ ‬والأحدث‭ ‬لهذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬العدوانية‭ ‬يقترح‭ ‬تجزئة‭ ‬كامل‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬المحتلة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬إمارات‮»‬،‭ ‬بدءًا‭ ‬بـما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬إمارة‭ ‬الخليل‮»‬‭.‬

لقد‭ ‬ظهر‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬في‭ ‬بحث‭ ‬إسرائيل‭ ‬المطول‭ ‬عن‭ ‬قيادة‭ ‬فلسطينية‭ ‬بديلة‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‭ ‬الأمريكية،‭ ‬المؤيدة‭ ‬بشدة‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬وسرعان‭ ‬ما‭ ‬تصدرت‭ ‬عناوين‭ ‬جميع‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

يتضمن‭ ‬التقرير‭ ‬تفاصيل‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬وصفته‭ ‬صحيفة‭ ‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬زعيم‭ ‬أقوى‭ ‬عشيرة‭ ‬في‭ ‬الخليل‮»‬‭. ‬لقد‭ ‬وُجّهت‭ ‬الرسالة‭ ‬من‭ ‬الشيخ‭ ‬وديع‭ ‬الجعبري‭ ‬إلى‭ ‬نير‭ ‬بركات،‭ ‬رئيس‭ ‬بلدية‭ ‬القدس‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬السابق،‭ ‬داعيةً‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬التعايش‮»‬‭.‬

هذا‭ ‬‮«‬التعايش‮»‬،‭ ‬بحسب‭ ‬‮«‬زعيم‭ ‬العشيرة‮»‬،‭ ‬سيتجسد‭ ‬في‭ ‬‮«‬إمارة‭ ‬الخليل‮»‬‭. ‬هذه‭ ‬‮«‬الإمارة‮»‬‭ ‬ستعترف‭ ‬بدولة‭ ‬إسرائيل‭ ‬كدولة‭ ‬قومية‭ ‬للشعب‭ ‬اليهودي،‭ ‬مقابل‭ ‬اعتراف‭ ‬متبادل‭ ‬بـ‮«‬إمارة‭ ‬الخليل‭ ‬كممثلة‭ ‬للسكان‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬الخليل‮»‬‭.‬

قد‭ ‬تبدو‭ ‬القصة‭ ‬مزعجة‭ ‬ومُحيّرة،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الخطاب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬انتماءاته‭ ‬الجغرافية‭ ‬أو‭ ‬السياسية،‭ ‬لم‭ ‬يرَ‭ ‬قطّ‭ ‬مفهومًا‭ ‬سخيفًا‭ ‬مثل‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬إمارات‮»‬‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬الموحدة‭.‬

ومن‭ ‬مظاهر‭ ‬العبث‭ ‬الأخرى‭ ‬أن‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬واعتزازها‭ ‬بصمود‭ ‬شعبها‭ ‬الثابت،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬بلغا‭ ‬ذروة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭. ‬إن‭ ‬طرح‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬البدائل‭ ‬العشائرية‭ ‬للقيادة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الشرعية‭ ‬يبدو‭ ‬خاطئًا‭ ‬ومصيره‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع‭.‬

لقد‭ ‬تجلى‭ ‬يأس‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭. ‬ففي‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬هزيمة‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬والفصائل‭ ‬الفلسطينية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬قاومت‭ ‬الاستيلاء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬القطاع‭ ‬مدة‭ ‬21‭ ‬شهرًا،‭ ‬وقد‭ ‬انهارت‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬هندسة‭ ‬قيادة‭ ‬فلسطينية‭ ‬بديلة‭ ‬هناك‭ ‬تمامًا‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع‭ ‬قد‭ ‬دفع‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬تسليح‭ ‬وتمويل‭ ‬عصابة‭ ‬إجرامية‭ ‬كانت‭ ‬تعمل‭ ‬قبل‭ ‬تاريخ‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭. ‬هذه‭ ‬العصابة‭ ‬تعمل‭ ‬بقيادة‭ ‬ياسر‭ ‬أبو‭ ‬شباب‭.‬

لقد‭ ‬تورطت‭ ‬هذه‭ ‬العصابة‭ ‬في‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬العنيفة،‭ ‬منها‭ ‬سرقة‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬لإدامة‭ ‬المجاعة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وارتكاب‭ ‬أعمال‭ ‬عنف‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتوزيع‭ ‬المساعدات،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬جرائم‭ ‬شنيعة‭ ‬أخرى‭.‬

وعلى‭ ‬غرار‭ ‬زعيم‭ ‬عشيرة‭ ‬الخليل،‭ ‬لا‭ ‬تتمتع‭ ‬عصابة‭ ‬أبو‭ ‬شباب‭ ‬الإجرامية‭ ‬بأي‭ ‬شرعية‭ ‬أو‭ ‬دعم‭ ‬شعبي‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬ولكن‭ ‬لماذا‭ ‬تلجأ‭ ‬إسرائيل‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬المشينة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬المنخرطة‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬‮«‬تنسيق‭ ‬أمني‮»‬‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬مستعدة‭ ‬ظاهريًا‭ ‬للتعاون؟

يكمن‭ ‬الجواب‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المتطرفة‭ ‬الحالية‭ ‬القاطع‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالفلسطينيين‭ ‬كشعب‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬وجود‭ ‬كيان‭ ‬وطني‭ ‬فلسطيني‭ ‬متعاون‭ ‬سيُشكل‭ ‬معضلة‭ ‬شائكة‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬إسرائيلية‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬ليست‭ ‬أول‭ ‬قيادة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬تستكشف‭ ‬البدائل‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬العشائر‭ ‬بين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬فإن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحلفائه‭ ‬المتطرفين‭ ‬عازمون‭ ‬بشكل‭ ‬استثنائي‭ ‬على‭ ‬تفكيك‭ ‬أي‭ ‬مطالبة‭ ‬فلسطينية‭ ‬بوضع‭ ‬الوطن‭.‬

وقد‭ ‬صرّح‭ ‬بذلك‭ ‬صراحةً‭ ‬وعلى‭ ‬الملأ‭ ‬وزير‭ ‬المالية‭ ‬المتطرف‭ ‬بتسلئيل‭ ‬سموتريتش،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬أعلن‭ ‬في‭ ‬باريس،‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬2023،‭ ‬زاعمًا‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬اختراع‮»‬‭.‬

وهكذا،‭ ‬ورغم‭ ‬استعداد‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬للتعاون‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬إسرائيل‭ ‬تشعر‭ ‬بالقلق‭ ‬المتزايد‭. ‬إن‭ ‬تمكين‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬كنموذج‭ ‬وطني‭ ‬يتعارض‭ ‬جوهريًا‭ ‬مع‭ ‬أهداف‭ ‬إسرائيل‭ ‬الشاملة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬حرمان‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولة،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬قد‭ ‬فشلت‭ ‬باستمرار‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬ودعم‭ ‬قيادة‭ ‬فلسطينية‭ ‬بديلة‭ ‬خاصة‭ ‬بها،‭ ‬فإن‭ ‬جهودها‭ ‬المتكررة‭ ‬أثبتت‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬أنها‭ ‬مدمرة‭ ‬وعنيفة‭ ‬ومضرة‭ ‬بالفلسطينيين‭.‬

وقبل‭ ‬حدوث‭ ‬نكبة‭ ‬عام‭ ‬1948،‭ ‬بذلت‭ ‬الحركة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬السلطات‭ ‬البريطانية‭ ‬المستعمرة‭ ‬لفلسطين،‭ ‬جهودًا‭ ‬حثيثة‭ ‬لتقويض‭ ‬الهيئة‭ ‬العربية‭ ‬العليا،‭ ‬وهي‭ ‬هيئة‭ ‬وطنية‭ ‬تضم‭ ‬عدة‭ ‬أحزاب‭ ‬سياسية،‭ ‬وقد‭ ‬حققت‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تمكين‭ ‬العشائر‭ ‬المتعاونة‭ ‬معها،‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬إضعاف‭ ‬الحركة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭.‬

وعندما‭ ‬احتلت‭ ‬إسرائيل‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬فلسطين‭ ‬التاريخية‭ ‬عام‭ ‬1967،‭ ‬عادت‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬فرّق‭ ‬تسد‮»‬‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أنشأت‭ ‬إسرائيل‭ ‬قوة‭ ‬شرطة‭ ‬فلسطينية‭ ‬بقيادة‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬الإدارات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬شبكة‭ ‬سرية‭ ‬من‭ ‬المتعاونين‭.‬

وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬الانتصار‭ ‬الساحق‭ ‬الذي‭ ‬حققه‭ ‬المرشحون‭ ‬الوطنيون‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬عام‭ ‬1976‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة،‭ ‬ردت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بشن‭ ‬حملة‭ ‬قمع‭ ‬ضد‭ ‬السياسيين‭ ‬المنتمين‭ ‬إلى‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬واعتقال‭ ‬بعضهم‭ ‬وترحيلهم‭ ‬واغتيالهم‭.‬

بعد‭ ‬عامين،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1978،‭ ‬أطلقت‭ ‬إسرائيل‭ ‬مشروع‭ ‬‮«‬روابط‭ ‬القرى‮»‬‭ ‬ضمن‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬تفكيك‭ ‬الهوية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬حيث‭ ‬اختارت‭ ‬بعناية‭ ‬شخصيات‭ ‬تقليدية‭ ‬مطيعة،‭ ‬واعتبرتهم‭ ‬الممثلين‭ ‬الشرعيين‭ ‬للفلسطينيين‭.‬

وكان‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأفراد‭ ‬المسلحون‭ ‬والمحميون‭ ‬والممولون‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جيش‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬تعيينهم‭ ‬لتمثيل‭ ‬عائلاتهم‭ ‬في‭ ‬الخليل‭ ‬وبيت‭ ‬لحم‭ ‬ورام‭ ‬الله‭ ‬وغزة‭ ‬وأماكن‭ ‬أخرى‭. ‬لقد‭ ‬استنكرهم‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬فورًا‭ ‬باعتبارهم‭ ‬متعاونين،‭ ‬وقُوطِعوا‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬ووجدوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬منبوذين‭ ‬اجتماعيًا‭.‬

وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬اتضح‭ ‬أن‭ ‬إسرائيل‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أمامها‭ ‬خيار‭ ‬سوى‭ ‬التعامل‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬التحرير‭ ‬الفلسطينية‭. ‬وتُوِّج‭ ‬هذا‭ ‬باتفاقات‭ ‬أوسلو‭ ‬عام‭ ‬1993،‭ ‬وما‭ ‬تلاها‭ ‬من‭ ‬تشكيل‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭.‬

ولكن‭ ‬المشكلة‭ ‬الأساسية‭ ‬ظلت‭ ‬قائمة‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الحكومات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬إذ‭ ‬يظل‭ ‬إصرار‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬على‭ ‬إقامة‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬بمثابة‭ ‬لعنة‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬نحو‭ ‬اليمين‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المعطى‭ ‬يُفسر‭ ‬إصرار‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬الراسخ‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬أي‭ ‬دور‭ ‬للسلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬سيناريو‭ ‬‮«‬لليوم‭ ‬التالي‮»‬‭. ‬وبينما‭ ‬قد‭ ‬تخدم‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬مصلحة‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬احتواء‭ ‬القطاع‭ ‬المتمرد،‭ ‬فإن‭ ‬انتصارًا‭ ‬كهذا‭ ‬سيُعيد‭ ‬حتمًا‭ ‬النقاش‭ ‬حول‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬‭ ‬وهو‭ ‬مفهومٌ‭ ‬يؤرق‭ ‬معظم‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ويقض‭ ‬مضجعهم‭.‬

لا‭ ‬شك‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬عصابة‭ ‬أبو‭ ‬شباب‭ ‬ولا‭ ‬إمارة‭ ‬الخليل‭ ‬ستحكم‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬إصرار‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬اختلاق‭ ‬هذه‭ ‬البدائل‭ ‬يؤكد‭ ‬عزمها‭ ‬التاريخي‭ ‬على‭ ‬حرمان‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شعور‭ ‬بالانتماء‭ ‬الوطني‭.‬

إن‭ ‬أوهام‭ ‬إسرائيل‭ ‬المُستمرة‭ ‬بالسيطرة‭ ‬تمنى‭ ‬دائما‭ ‬بالفشل‭ ‬الذريع‭. ‬ورغم‭ ‬جراحهم‭ ‬العميقة،‭ ‬فإن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬أكثر‭ ‬توحدًا‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬وقد‭ ‬رسخت‭ ‬مقاومتهم‭ ‬الدؤوبة‭ ‬وتضحياتهم‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تُحصى‭ ‬هويتهم‭ ‬الجماعية‭ ‬وانتماءهم‭ ‬الوطني‭.‬

 

{‭ ‬أكاديمي‭ ‬وكاتب‭ ‬فلسطيني‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا