يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
ماذا سنقول للأجيال القادمة؟!!
البشرية تعيش أسوأ فترات تاريخها تعاسة وبؤسا وألما.
لم يحدث في تاريخ البشرية أن شعبا بأسره -هو شعب فلسطين في غزة- يباد بأبشع صور الوحشية وعلى امتداد أشهر طويلة، والعالم لا يفعل سوى ان يتفرج ويقف عاجزا عجزا تاما.
لم يحدث في تاريخ البشرية رغم كل ما تزعمه من تقدم وتحضر أن كانت كل القيم الانسانية والقوانين الإنسانية تداس بالأقدام بهذا الشكل، ولا أحد قادر على حمايتها والدفاع عنها.
الشرفاء في العالم كله يفزعهم هذا الوضع. ويفزعهم خصوصا حكم التاريخ على ما يجري أمام اعيننا اليوم.. يفزعهم حكم الأجيال القادمة وماذا ستقول عن هذا الفصل المخزي في تاريخ البشرية.
في هذا السياق نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية قبل أيام مقالا مؤثرا مؤلما عن هذه القضية. المقال عن: ماذا سيقول العالم للأجيال القادمة عن الإبادة الجماعية في غزة؟ للكاتبة أروى مهداوي. المقال صرخة في وجه قادة الدول الغربية الذين شاركوا فعليا في إبادة غزة.
تتساءل الكاتبة عما سيقوله العالم للأجيال القادمة عندما تقرأ برعب عن غزة وما حدث فيها من إبادة جماعية تم بثها على الهواء مباشرة.
تقول ان غزة تمت تسويتها بالأرض، وتحولت إلى مقابر جماعية وأنقاض، وبعد أن حدث هذا بدأ من التزموا الصمت طوال الأشهر التسعة عشر الماضية بالتحدث ببطء وتوجيه بعض الانتقادات. بريطانيا مثلا بعد 19 شهرا من الابادة وما يقرب من ثلاثة أشهر من حملة تجويع، قررت وصف الوضع بأنه فظيع، وهددت إلى جانب فرنسا وكندا، باحتمالية «وجود رد (ملموس) إذا استمر القتل الجماعي والتجويع».
تعتبر الكاتبة ان كل هذا متأخر للغاية، فهو «لن يُعيد الطفلة هند رجب ذات الخمس سنوات التي قُتلت عندما أطلق جنود إسرائيليون 335 رصاصة على السيارة التي كانت الطفلة المذعورة محاصرة فيها، أو عمال الإغاثة الذين أعدمتهم إسرائيل ودُفنوا في قبور ضحلة.. كما أن هذا الأمر لن يُعيد بناء المستشفيات ورياض الأطفال ومراكز التلقيح الصناعي والجامعات التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي بشكل ممنهج، ولن يُعيد أطراف أطفال غزة -أكبر فئة من الأطفال مبتوري الأطراف في العالم- ولن يُصلح الضرر طويل الأمد الذي ألحقه سوء التغذية وما يقرب من عامين من الحرمان من التعليم بجيل كامل».
وتقول ان هذه الانتقادات التي توجهها بعض الدول الغربية ليست سوى محاولة للتغطية، ومجرد معارضة تمثيلية.
وتوجه الكاتبة هذه التساؤلات: «ماذا ستقولون؟ عندما تقرأ الأجيال القادمة عن غزة برعب، وتتساءل كيف سمح العالم الغربي، بكل تفوقه الأخلاقي، ونظامه القائم على القواعد، وتركيزه على القانون الدولي لحقوق الإنسان، بوقوع إبادة جماعية تُبث على الهواء مباشرة، ماذا ستقولون؟ عندما تعلم الأجيال القادمة أننا، لمدة 19 شهرا، استيقظنا كل صباح على مقاطع فيديو لأطفال يُحرقون أحياء -يُقصفون بأسلحة ساهم دافعو الضرائب الأمريكيون في دفع ثمنها، وساهم العالم الغربي في تبريرها- هل ستتمكنون من القول إنكم تكلمتم؟».
وتختتم المقال بالقول: «ما يحدث في غزة يختلف عن الأهوال التي تحدث في أي صراع آخر حول العالم، ولن تنسى الأجيال القادمة الصمت حيال هذه الإبادة».
هذه هي الصرخة التي أطلقتها الكاتبة في وجه قادة الدول الغربية. هي تقول هذا الكلام من منطلق مبدئي والمسؤولية الأخلاقية التي تحتم على كل دول العالم وقف حرب الاباة.
ماذا عنا نحن العرب؟.. ماذا عنا والقضية قضيتنا والذين يتعرضون للإبادة اهلنا وغزة التي تباد بلادنا؟
ماذا سنقول للأجيال العربية القادمة حين تسألنا: كيف تركتم أهل غزة يبادون هكذا وبلادهم يتم تسويتها بالأرض؟
ماذا سنقول حين تسألنا الأجيال القادمة: ماذا فعلتم كي توقفوا هذه الإبادة وتحموا أطفال فلسطين ونساءها وشبابها وشيوخها من الإبادة اليومية قتلا وجوعا؟
ماذا سنقول للأجيال القادمة حين تسألنا: ماذا فعلتم بكل القدرات والامكانيات العربية الهائلة ماليا واقتصاديا وعسكريا وبشريا؟
يجب ان نطرح هذه التساؤلات ونفكر فيها ليس فقط بسبب حكم التاريخ والأجيال القادمة، ولكن لسبب آخر مهم، أن الأوان لم يفت بعد كي نتحرك ونفعل شيئا يثبت وجودنا كعرب في مواجهة هذه الإبادة الهمجية.
صحيح ان أي تحرك عربي متأخر جدا، كما تقول الكاتبة عن الغرب، بعد ان أباد المحتلون ما أبادوا وقتلوا كل هذ الأعداد المهولة من أهلنا في غزة. لكن هذه المعركة طويلة وهي ليست معركة دفاع عن الفلسطينيين وحدهم وإنما عن كل العرب. وإذا استمر حال الدول العربية هكذا فلن تتوقف هذه الإبادة في فلسطين وغيرها.
ان كان يعنينا أمر المستقبل العربي، فيجب ان ندرك ان التاريخ لن يرحمنا والأجيال القادمة لن تغفر لنا إن استمر هذا هو حالنا.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك