أن تقطع تذكرة طائرتك وتحلق خصيصاً لحضور عرض مسرحي فهذا معناه أن الفن عبارة عن رسالة وهدف وغاية وانعكاس للمعنى الحقيقي لدور الفن ومدى تأثيره على السياحة والاقتصاد والقطاعات الأخرى. نعم، هذا ما حدث معي بمجرد ما شاهدت إعلان مسرحية (الطقاقة نورة / عرس الجن) والتي عرضت مؤخراً على خشبة مسرح نادي القادسية بدولة الكويت الشقيقة. هممت بحجز تذكرتي وفندقي وتذكرة المسرحية وذهبت محملاً بالشوق متعطشاً لمشاهدة فن راقٍ أصبح عملة نادرة في هذا الزمن.
في مسرحية (الطقاقة نورة / عرس الجن) توفرت جميع عوامل الفن الهادف، فأساس المسرحية الفنان والمنتج والمخرج والمؤلف القدير عبدالعزيز المسلم، فالدكتور تاريخه حافل بالأعمال الفنية المشرفة، مسرحيات كانت أم مسلسلات، ولعلي لا أذيع سراً فأنا من عشاق مسرح السلام منذ طفولتي، فكنت أحرص على حضور أعماله عندما تعرض في بلدي مملكة البحرين (صرخة رعب / البيت المسكون / مثلث برمودا).
ومن أهم أساسيات نجاح المسرحية بل ركيزة من ركائز هذا العمل هو وجود الفنانة هدى حسين وقيامها بدور البطولة بشخصية (الطقاقة نورة)، تألق ووهج على المسرح وخفة دم وكوميدية موقف ممزوج بالدراما وكمية من الرعب، كما تمكنت الفنانة من أداء رقصة السامري الرقصة المعروفة على مستوى الخليج، ولا أنسى الغناء بصوت كرواني يسر السامع مسجلاً كان أو غناءً حياً، وكذلك أبدعت الفنانة في إحياء أغنية (يا أهل السامر) للفنان القدير (عبدالله رويشد) وأغنية (يا حسين) والعديد من الأغاني، كالعادة أبدعت هدى حسين في هذا العمل وأثبتت أنها الرقم الصعب في عالم الفن دراما ومسرح وفنانة شاملة دون منازع.
ومن جانب آخر كان أداء الممثلين وإتقانهم لأداء شخصياتهم بمنتهى الإبداع، فالفنان القدير محمد العجيمي تألق بشخصية (كرومي) وكان خفيف الظل كالمعتاد وبرشاقة وتألق (الذئب) الذي عرفناه منذ سنة 1988 في مسرحية (ليلى والذيب)، أما الفنانة ميس قمر تألقت في شخصية (زهور) نظيرة ومنافسة (نورة) وتميزت بأداء يدخل الجمهور في اندماج مع الشخصية، وأما الفنان مشعل الشايع قام بشخصية (صلاح مدير الأفراح) على أكمل وجه وبحضور متميز أمام كم هائل من النجوم والجمهور، ولا أنسى أن أشكر جميع الممثلين في المسرحية ودون استثناء على الإبداع وإتقانهم للشخصيات التي جسدوها.
كما قلت في العنوان إن هذه المسرحية نقلة نوعية في مسرح الرعب، فقد كانت القصة محبوكة على أكمل وجه وفي طياتها العديد من الرسائل الهامة للفرد والمجتمع وأهمها الاعتماد على النفس ودون الاتكال على الغير في المهنة. ولا أريد أن أخوض في تفاصيل القصة لكي لا أحرقها على الجمهور إيماناً مني بأن العمل سيستمر عرضه في المستقبل وأنصح بعمل جولة به في دول الخليج الحبيبة حتى يتمكن من مشاهدته أكبر عدد من الجمهور، وأما على صعيد السينوغرافيا والموسيقى والديكور والأزياء والمجاميع فدائماً مسرح السلام سباق في التطور ودائماً ينافس نفسه ويتفوق على نفسه وبكل تجربة يزداد نضوجاً. وآخرًا وليس آخراً أقدم الشكر والعرفان لسيد العمل مخرج العمل محمد عبدالعزيز المسلم وأهنيه على هذه التجربة المسرحية الناضجة متمنياً له دوام التوفيق والنجاح. حقاً مسرحية فخمة وعرض متكامل يستحق المشاهدة و(العنوة).
خالد خليل جناحي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك