العدد : ١٧٣٣١ - الخميس ٠٤ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣١ - الخميس ٠٤ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٢ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

ماذا أعددنا لأبنائنا في الإجازة الصيفية؟

بقلم: د. نبيل العسومي

الجمعة ١١ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬في‭ ‬عنوان‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬نطرحه‭ ‬سنويا‭ ‬مع‭ ‬بدء‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية،‭ ‬وذلك‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬الجهود‭ ‬الرسمية‭ ‬والأهلية‭ ‬والخاصة‭ ‬لاستيعاب‭ ‬الأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬وتوفير‭ ‬برامج‭ ‬مناسبة‭ ‬لهم‭ ‬لشغل‭ ‬أوقات‭ ‬فراغهم،‭ ‬وهي‭ ‬جهود‭ ‬مشكورة‭ ‬ومقدرة‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬لاستيعاب‭ ‬الأعداد‭ ‬الكبيرة‭ ‬من‭ ‬أبنائنا‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬الكبرى‭ ‬لهذا‭ ‬الموضوع‭ ‬لأنه‭ ‬يتعلق‭ ‬بروح‭ ‬المجتمع‭ ‬وقلبه‭ ‬النابض‭ ‬وهم‭ ‬الأطفال‭ ‬والشباب،‭ ‬وإذا‭ ‬قمنا‭ ‬بعملية‭ ‬حسابية‭ ‬بسيطة‭ ‬فسوف‭ ‬ندرك‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيه‭:‬

أولا‭: ‬إن‭ ‬أعداد‭ ‬الأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬في‭ ‬النطاق‭ ‬المدرسي‭ ‬والجامعي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬طفل‭ ‬وشاب‭ ‬وطالب،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬جمعنا‭ ‬طلاب‭ ‬المدارس‭ ‬حوالي‭ ‬150‭ ‬ألفا‭ ‬وعدد‭ ‬طلاب‭ ‬المدارس‭ ‬الخاصة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ ‬ألفا‭ ‬وعدد‭ ‬طلاب‭ ‬الجامعات‭ ‬الحكومية‭ ‬والخاصة‭ ‬حوالي‭ ‬50‭ ‬ألفا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنهم‭ ‬يشكلون‭ ‬حوالي‭ ‬40%‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬سكان‭ ‬المواطنين‭ ‬وحوالي‭ ‬20%‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬السكان‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬والوافدين‭ ‬وهذا‭ ‬الحجم‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬يجعل‭ ‬منها‭ ‬قوة‭ ‬ضخمة‭ ‬وهي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الرعاية‭ ‬والاهتمام‭ ‬والمتابعة‭ ‬التي‭ ‬تعجز‭ ‬الأسر‭ ‬حاليا‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬بالشكل‭ ‬المناسب‭ ‬والمفيد‭.‬

ثانيا‭: ‬إن‭ ‬معظم‭ ‬هؤلاء‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬يقضون‭ ‬جل‭ ‬أوقاتهم‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬يكونون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬ويترك‭ ‬هؤلاء‭ ‬في‭ ‬منازلهم‭ ‬وذلك‭ ‬لقلة‭ ‬الإمكانات‭ ‬مما‭ ‬يدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬إضاعة‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬تقنيات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أو‭ ‬مشاهدة‭ ‬التلفزيون‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رقيب‭ ‬والانغماس‭ ‬في‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬تـأكد‭ ‬أن‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬منهم‭ ‬يتأثر‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العقلية‭ ‬والنفسية‭.‬

ثالثا‭: ‬إن‭ ‬البيئة‭ ‬الترفيهية‭ ‬والثقافية‭ ‬والتربوية‭ ‬محدودة‭ ‬أو‭ ‬إنها‭ ‬غير‭ ‬جاذبة‭ ‬للأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬تستقطب‭ ‬عددا‭ ‬محدودا‭ ‬منهم‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬مثل‭ ‬الأندية‭ ‬الثقافية‭ ‬المحدودة‭ ‬والأندية‭ ‬الرياضية‭ ‬المحدودة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمتلك‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الكافية‭ ‬والأجهزة‭ ‬والوسائل‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬جذب‭ ‬هؤلاء‭ ‬لاستيعابهم‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭.‬

إن‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬تكون‭ ‬سنويا‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬اشتداد‭ ‬الحر‭ ‬والرطوبة،‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬يشجع‭ ‬على‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإجازة‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬أغلبهم‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬وقضاء‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬النوم‭ ‬والألعاب‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وإما‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬سواء‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬أنواع‭ ‬من‭ ‬الألعاب‭ ‬أو‭ ‬لتناول‭ ‬الوجبات‭ ‬السريعة‭.‬

هذه‭ ‬النقاط‭ ‬التي‭ ‬أشرنا‭ ‬إليها‭ ‬لا‭ ‬تنفي‭ ‬أهمية‭ ‬الجهود‭ ‬الموجودة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬ولكنها‭ ‬جهود‭ ‬محدودة‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الاستثمار‭ ‬وإلى‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬عليه‭ ‬إلا‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬ونحتاج‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬للترفيه‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬على‭ ‬الأقل،‭ ‬ولذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬جدية‭ ‬وليكن‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬جدول‭ ‬الأعمال‭ ‬الرسمي‭ ‬والخاص‭ ‬والأهلي‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نستثمر‭ ‬طاقة‭ ‬الأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬فيما‭ ‬ينفعهم‭ ‬ويوجههم‭ ‬الوجهة‭ ‬الصحيحة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬التأثيرات‭ ‬السلبية‭ ‬للجهات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬استقطاب‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬توجيهها‭ ‬والتأثير‭ ‬فيها‭ ‬وفي‭ ‬توجيهها‭ ‬بشكل‭ ‬سلبي‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان‭.‬

إن‭ ‬استثمار‭ ‬وقت‭ ‬فراغ‭ ‬الأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬المشاكل‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬المجتمعات‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬وتتفاقم‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عدم‭ ‬توافر‭ ‬الإمكانات‭ ‬اللازمة‭ ‬للخطط‭ ‬والبرامج‭ ‬الجادة‭ ‬والجاذبة‭ ‬لهم‭ ‬لتجعل‭ ‬من‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬فرصة‭ ‬لتعزيز‭ ‬الثقافة‭ ‬والمعارف‭ ‬الرياضية‭ ‬والترفيهية‭ ‬المناسبة‭ ‬حتى‭ ‬يتمكن‭ ‬الأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬من‭ ‬صرف‭ ‬طاقتهم‭ ‬فيما‭ ‬يخدمهم‭ ‬عقليا‭ ‬وجسديا‭ ‬ونفسيا‭ ‬وثقافيا‭ ‬وتربويا‭ ‬ورياضيا‭.‬

وحتى‭ ‬لا‭ ‬نظلم‭ ‬المجتهدين‭ ‬الذين‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬برامج‭ ‬ثقافية‭ ‬وشبابية‭ ‬ورياضية‭ ‬ورحلات‭ ‬للأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬تحقق‭ ‬أفضل‭ ‬النتائج‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المعرفي‭ ‬والترفيهي،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نستذكر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬الأندية‭ ‬الثقافية‭ ‬والرياضية‭ ‬الرسمية‭ ‬والأهلية‭ ‬مثل‭ ‬مركز‭ ‬سلمان‭ ‬الثقافي‭ ‬الذي‭ ‬يلعب‭ ‬دورا‭ ‬ثقافيا‭ ‬مهما‭ ‬ودور‭ ‬جمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬التي‭ ‬تستقطب‭ ‬سنويا‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬لشغل‭ ‬أوقاتهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنظيم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬والأنشطة‭ ‬الثقافية‭ ‬والرياضية‭ ‬والترفيهية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا