السؤال المطروح في عنوان هذا المقال كثيرا ما نطرحه سنويا مع بدء الإجازة الصيفية، وذلك نظرا إلى حجم الجهود الرسمية والأهلية والخاصة لاستيعاب الأطفال والشباب وتوفير برامج مناسبة لهم لشغل أوقات فراغهم، وهي جهود مشكورة ومقدرة إلا أنها غير كافية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من أبنائنا بالرغم من الأهمية الكبرى لهذا الموضوع لأنه يتعلق بروح المجتمع وقلبه النابض وهم الأطفال والشباب، وإذا قمنا بعملية حسابية بسيطة فسوف ندرك ذلك بشكل واضح لا لبس فيه:
أولا: إن أعداد الأطفال والشباب في النطاق المدرسي والجامعي في البحرين يقرب من 300 ألف طفل وشاب وطالب، إذا ما جمعنا طلاب المدارس حوالي 150 ألفا وعدد طلاب المدارس الخاصة أكثر من 80 ألفا وعدد طلاب الجامعات الحكومية والخاصة حوالي 50 ألفا، وهو ما يعني أنهم يشكلون حوالي 40% من مجموع سكان المواطنين وحوالي 20% من مجموع السكان من المواطنين والوافدين وهذا الحجم الكبير من هذه الفئة يجعل منها قوة ضخمة وهي تحتاج إلى الرعاية والاهتمام والمتابعة التي تعجز الأسر حاليا عن القيام بها بالشكل المناسب والمفيد.
ثانيا: إن معظم هؤلاء في الواقع يقضون جل أوقاتهم في البيوت بالنظر إلى أن أولياء الأمور يكونون في الغالب في العمل ويترك هؤلاء في منازلهم وذلك لقلة الإمكانات مما يدفعهم إلى إضاعة الوقت في استخدام تقنيات التواصل الاجتماعي أو مشاهدة التلفزيون من دون رقيب والانغماس في الألعاب الإلكترونية التي تـأكد أن الجزء الأكبر منهم يتأثر منها من الناحية العقلية والنفسية.
ثالثا: إن البيئة الترفيهية والثقافية والتربوية محدودة أو إنها غير جاذبة للأطفال والشباب فهي في الواقع تستقطب عددا محدودا منهم خاصة من فئة الشباب مثل الأندية الثقافية المحدودة والأندية الرياضية المحدودة التي لا تمتلك البنية التحتية الكافية والأجهزة والوسائل التي تكون قادرة على جذب هؤلاء لاستيعابهم بشكل مستمر.
إن الإجازة الصيفية تكون سنويا في فترة اشتداد الحر والرطوبة، مما لا يشجع على الاستفادة من هذه الإجازة وهو ما يجعل أغلبهم يميلون إلى البقاء في البيوت وقضاء الجزء الأكبر من اليوم في النوم والألعاب الإلكترونية، وإما الذهاب إلى المجمعات التجارية سواء للبحث عن أنواع من الألعاب أو لتناول الوجبات السريعة.
هذه النقاط التي أشرنا إليها لا تنفي أهمية الجهود الموجودة على الأرض ولكنها جهود محدودة وتحتاج إلى المزيد من الاستثمار وإلى مزيد من الاهتمام الذي لا تقدر عليه إلا المؤسسات الرسمية ونحتاج إلى توفير بنية تحتية للترفيه قادرة على استيعاب الجزء الأكبر من الأطفال والشباب على الأقل، ولذلك لا بد من الالتفات إلى هذا الموضوع بشكل أكثر جدية وليكن على رأس جدول الأعمال الرسمي والخاص والأهلي إذا ما أردنا أن نستثمر طاقة الأطفال والشباب فيما ينفعهم ويوجههم الوجهة الصحيحة بعيدا عن التأثيرات السلبية للجهات التي تعمل على استقطاب هذه الفئة وتعمل على توجيهها والتأثير فيها وفي توجيهها بشكل سلبي في أغلب الأحيان.
إن استثمار وقت فراغ الأطفال والشباب لا يزال من أبرز المشاكل التي تواجه المجتمعات على مستوى العالم، وتتفاقم هذه المشكلة بشكل كبير في ظل عدم توافر الإمكانات اللازمة للخطط والبرامج الجادة والجاذبة لهم لتجعل من الإجازة الصيفية فرصة لتعزيز الثقافة والمعارف الرياضية والترفيهية المناسبة حتى يتمكن الأطفال والشباب من صرف طاقتهم فيما يخدمهم عقليا وجسديا ونفسيا وثقافيا وتربويا ورياضيا.
وحتى لا نظلم المجتهدين الذين يسعون إلى تقديم برامج ثقافية وشبابية ورياضية ورحلات للأطفال والشباب تحقق أفضل النتائج على المستوى المعرفي والترفيهي، يجب أن نستذكر في هذا السياق الأندية الثقافية والرياضية الرسمية والأهلية مثل مركز سلمان الثقافي الذي يلعب دورا ثقافيا مهما ودور جمعيات المجتمع المدني التي تستقطب سنويا عددا من الأطفال لشغل أوقاتهم من خلال تنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية والاجتماعية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك