القاهرة - سيد عبد القادر :
طالبت الباحثة البحرينية رقية مكي عبدالله حسن، بضرورة وجود تشريع متكامل للمحاكمات الجنائية عن بُعد بحيث يتناولها بشكلٍ وافٍ من كافة أبعادها ويضع حلولاً للصعوبات التي يمكن أن تعترضها وتحد من فاعليتها.
وقالت الباحثة التي تعمل في مجال المحاماة في أطروحة نالت عنها درجة الدكتوراه بتقدير جيد جدا، من كلية الحقوق بجامعة القاهرة، إن نظام المحاكمات الجنائية عن بُعد جاء تلبية لضرورات عملية مُلحة، حتى أضحى يُجسد واقعاً لا يمكن إنكاره.
وتشير الباحثة المحامية في دراستها، التي جاءت تحت عنوان «المحاكمات الجنائية عن بُعد ما بين الضرورات العملية ومقتضيات تحقيق العدالة» (دراسة مُقارنة)، إلى أن نظام المحاكمات الجنائية عن بُعد جاء تلبية لضرورات عملية مُلحة، وهناك حالات تصبح فيها المحاكمات عن بعد عن طريق تقنية الاتصال المرئي والمسموع والتي تُعرف بتقنية الـVideo conference، ملحة أهمها حالات، الكوارث الطبيعية، أو حالات الاغلاق نتيجة الأوبئة والمخاطر الصحية، كما حدث في فترة جائحة كوفيد، أو نتيجة البعد الجغرافي، أو بسبب المحاذير الأمنية المتعلقة بنقل المتهمين أو الشهود.
وتؤكد الدكتورة رقية مكي إن الدراسة ترمي إلى خلق مناخ أكثر ملاءمة لاحتضان نظام المحاكمات الجنائية عن بُعد على النحو الذي يكفل تطبيقه على أفضل صورة ويُشجع الدول على اتباعه، بحيث تنقاد له وهي واثقة الخُطى من دون أن يثير لديها أي مخاوف أو قلق على مستقبل العدالة من ناحية الضمانات المُقررة لمصلحة المتهم وكذلك بقية أطراف الدعوى الجنائية.
قدمت الدراسة العديد من التوصيات من أجل ضمان تحقيق العدالة الناجزة في المحاكمات الجزائية التي تجري عن بُعد أهمها في مرحلة ما قبل المحاكمة، وطالبت بتنظيم ورش وندوات إرشادية داخل المؤسسات العقابية تتضمن شرحاً تفصيلياً حول نظام المحاكمات الجنائية عن بُعد وآلية تنفيذها وكيفية سير الإجراءات بما في ذلك: اجتماع المتهم مع مُحاميه، وكيفية تقديم هذا الأخير لدفاعه وكيفية استجواب الشهود وتوزيع مقالات مكتوبة في هذا الخصوص على جميع عنابر السجون لتمكين المتهمين الموقوفين بداخلها من الاطلاع عليها وفهم مضمونها.
وفي أثناء مرحلة المحاكمة أوصت الدراسة بتعيين خبراء فنيين مختصين بوسائل التكنولوجيا وتقنية الاتصال المرئي للتحقق من جودة الصوت والصورة قبل بدء الجلسة في داخل كلٍ من المحكمة والمكان الذي يوجد به المتهم أو الشاهد، ويُراعى وجوده طيلة الجلسة تحسباً لأي أعطال فنية قد تطرأ أثناء سير الإجراءات لضمان تدارك الأمر ومعالجة المشاكل التقنية من أجل استمرارية الجلسة من دون انقطاع.
وتعيين مفتش قضائي تابع للمجلس الأعلى للقضاء، تكون مهمته الرقابة والإشراف على سير إجراءات المحاكمة التي تتم عبر تقنية الاتصال المرئي، للتأكد من سلامة الإجراءات وعدم تعارضها مع مقتضيات العدالة، وفي حال وُجد انتهاك للضمانات المقررة في هذا الشأن أو الانتقاص منها يتم رفع الأمر إلى المجلس الأعلى للقضاء، بحيث يتولى هذا الأخير إصدار توصية مستعجلة لهيئة المحكمة التي نظرت الدعوى بإعادة جلسة المحاكمة التي جرى فيها هذا الانتهاك.
وأخير أوصت الدكتورة رقية مكي عبد الله حسن، بتشكيل لجنة تكون مهمتها الاطلاع على المحاكمات الجنائية التي تمت عبر الأثير، وإصدار تقارير دورية كل ستة أشهر تتضمن تلخيصاً حول مدى فاعلية هذه المحاكمات ونجاح الإجراءات التي تم مباشرتها عن بُعد، ومدى توافقها مع ضمانات المحاكمة العادلة، وما إذا كانت الإجراءات قد شابها البطلان نتيجة بعض الانتهاكات الحاصلة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك