العدد : ١٧٢٥٢ - الثلاثاء ١٧ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٥٢ - الثلاثاء ١٧ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

الإرهابي مجرم الحرب معكم!!

من‭ ‬سخريات‭ ‬القدر‭ ‬ومهازل‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬إرهابي‭ ‬مجرم‭ ‬حرب‭ ‬مثل‭ ‬نتنياهو‭ ‬ويخاطب‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬قائلا‭ ‬له‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬معكم‮»‬‭.‬

نتنياهو‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تفاخر‭ ‬بالدمار‭ ‬الذي‭ ‬أحدثه‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬وما‭ ‬سوف‭ ‬يحدثه،‭ ‬قال‭ ‬للشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬فرصته‭ ‬التاريخية‭ ‬كي‭ ‬يتحرك‭ ‬لإسقاط‭ ‬النظام‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬هذه‭ ‬فرصتكم‭ ‬للحرية‭. ‬نساء،‭ ‬حياة،‭ ‬حرية‭. ‬أنا‭ ‬معكم،‭ ‬وشعب‭ ‬إسرائيل‭ ‬معكم‮»‬‭.‬

قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬نتنياهو‭ ‬آخر‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الحرية‭ ‬أو‭ ‬الحياة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬قيمة‭ ‬إنسانية‭. ‬هذا‭ ‬إرهابي‭ ‬مجرم‭ ‬حرب‭ ‬بحكم‭ ‬المحكمة‭ ‬الجنائية‭ ‬الدولية‭ ‬ومطلوب‭ ‬اعتقاله‭ ‬دوليا‭. ‬مجرم‭ ‬الحرب‭ ‬هذا‭ ‬يبيد‭ ‬شعبا‭ ‬فلسطينا‭ ‬بأسره‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ودمر‭ ‬غزة‭ ‬بالكامل‭ ‬وارتكب‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬عرفه‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬إبادة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭. ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬لشخص‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الحرية‭ ‬أو‭ ‬الحياة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم؟

ونتنياهو‭ ‬يخاطب‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬بهذا‭ ‬الكلام‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يشن‭ ‬فيه‭ ‬عدوانا‭ ‬سافرا‭ ‬على‭ ‬بلاده‭ ‬وينتهك‭ ‬سيادته‭ ‬واستقلاله،‭ ‬ويدمر‭ ‬منشآته‭ ‬وقدراته‭ ‬ويغتال‭ ‬علماءه‭ ‬وقادته‭. ‬من‭ ‬المثير‭ ‬للسخرية‭ ‬أن‭ ‬يحاول‭ ‬نتنياهو‭ ‬تصوير‭ ‬هذا‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬خدمة‭ ‬للشعب‭ ‬الإيراني،‭ ‬وأن‭ ‬يتصور‭ ‬أن‭ ‬الإيرانيين‭ ‬سوف‭ ‬يسعدون‭ ‬بالعدوان‭ ‬ويستجيبون‭ ‬لما‭ ‬يقوله‭ ‬لهم‭.‬

الإيرانيون‭ ‬شعب‭ ‬له‭ ‬تاريخ‭ ‬عريق‭ ‬ويعتز‭ ‬بوطنه‭ ‬وأرضه‭. ‬ومهما‭ ‬كانت‭ ‬خلافاتهم‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬وعدم‭ ‬رضاهم‭ ‬عنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقبلوا‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬العدوان،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينقلبوا‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬أو‭ ‬يخرجوا‭ ‬ضده‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬بالذات،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتعرضون‭ ‬فيه‭ ‬لهذا‭ ‬العدوان‭ ‬الغاشم‭.‬

المهم‭ ‬هنا،‭ ‬ماذا‭ ‬وراء‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬نتنياهو؟‭.‬

نتنياهو‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬العدوان‭ ‬الحالي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬ألا‭ ‬يقتصر‭ ‬تأثيره‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬قدرات‭ ‬إيران‭ ‬النووية‭ ‬والعسكرية‭ ‬أو‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬منها،‭ ‬وإنما‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يقود‭ ‬إلى‭ ‬إسقاط‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭.‬

في‭ ‬المخطط‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أن‭ ‬مصلحة‭ ‬إسرائيل‭ ‬لا‭ ‬تقتضي‭ ‬فقط‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬إيران‭ ‬النووية‭ ‬والعسكرية،‭ ‬وإنما‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ذاته‭ ‬طالما‭ ‬ظل‭ ‬متمسكا‭ ‬بمواقفه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬المعلنة‭.‬

هذه‭ ‬استراتيجية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الخطورة‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬وحدها‭ ‬وإنما‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬بأسرها‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قطاعات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬غير‭ ‬راضية‭ ‬عن‭ ‬النظام،‭ ‬وسبق‭ ‬أن‭ ‬خرجت‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬انتفاضات‭ ‬ضده‭ ‬احتجاجا‭ ‬على‭ ‬أوضاعها‭ ‬المعيشية‭ ‬المتردية‭ ‬ورفضا‭ ‬لسياساته‭ ‬الخارجية‭. ‬وصحيح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬قطاعات‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬تتمنى‭ ‬تغيير‭ ‬النظام‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

لكن‭ ‬القضية‭ ‬المهمة‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فارقا‭ ‬شاسعا‭ ‬بين‭ ‬أن‭ ‬يسقط‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬عملية‭ ‬داخلية‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬الشعبية‭ ‬مثلا‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬وسيلة‭ ‬داخلية‭ ‬أخرى،‭ ‬وبين‭ ‬أن‭ ‬يسقط‭ ‬بسبب‭ ‬عدوان‭ ‬إسرائيلي،‭ ‬أو‭ ‬ينسب‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬سقوطه‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭.‬

إذا‭ ‬حدث‭ ‬هذا‭.. ‬إذا‭ ‬سقط‭ ‬النظام‭ ‬بسبب‭ ‬عدوان‭ ‬إسرائيلي‭ ‬أو‭ ‬بمخطط‭ ‬إسرائيلي،‭ ‬فسوف‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬كارثة‭ ‬استراتيجية‭ ‬كبرى‭ ‬ليس‭ ‬بالنسبة‭ ‬لإيران‭ ‬وحدها‭ ‬وإنما‭ ‬لكل‭ ‬المنطقة‭ ‬ودولها‭.‬

منذ‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬يتحدث‭ ‬نتنياهو‭ ‬عن‭ ‬سعي‭ ‬إسرائيل‭ ‬لإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وهو‭ ‬هدف‭ ‬استراتيجي‭ ‬إسرائيلي‭. ‬والمقصود‭ ‬بهذا‭ ‬فرض‭ ‬الهيمنة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬ومقدراتها‭.‬

وإذا‭ ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬سقط‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينسب‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل‭ ‬وعملائها‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬فسوف‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬كارثة‭ ‬استراتيجية‭ ‬كبرى‭ ‬على‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭.. ‬ستكون‭ ‬تدشينا‭ ‬لعهد‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ومن‭ ‬التهديدات‭ ‬بإسقاط‭ ‬نظم‭ ‬وتدمير‭ ‬دول‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬ترضخ‭ ‬للهيمنة‭ ‬الإسرائيلية‭.‬

التاريخ‭ ‬سوف‭ ‬يتوقف‭ ‬طويلا‭ ‬أمام‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭: ‬كيف‭ ‬يسمح‭ ‬العالم‭ ‬لإرهابي‭ ‬مجرم‭ ‬حرب‭ ‬مثل‭ ‬نتنياهو‭ ‬أن‭ ‬يمارس‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الإرهاب‭ ‬ويشن‭ ‬هذه‭ ‬الاعتداءات‭ ‬ويرتكب‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬رادع؟

يبقى‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬ذكرناه‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬مسؤولية‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬وحساباته‭ ‬عما‭ ‬يحل‭ ‬بإيران‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬دمار‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا