العدد : ١٧٢٤٩ - السبت ١٤ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٤٩ - السبت ١٤ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

ألوان

إنتاج الحرير يعود للحياة في شمال ألبانيا بعدما شارف على الزوال

السبت ١٤ يونيو ٢٠٢٥ - 02:00

بعدما‭ ‬كان‭ ‬مهددا‭ ‬بالزوال،‭ ‬عاد‭ ‬إنتاج‭ ‬الحرير‭ ‬إلى‭ ‬الظهور‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬ألبانيا‭ ‬بفضل‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬اللواتي‭ ‬يُتقنّ‭ ‬مختلف‭ ‬مراحل‭ ‬الإنتاج،‭ ‬من‭ ‬الاهتمام‭ ‬بديدان‭ ‬القز‭ ‬إلى‭ ‬حياكة‭ ‬هذا‭ ‬النسيج‭ ‬الثمين‭. ‬

يتألف‭ ‬الزي‭ ‬التقليدي‭ ‬لمنطقة‭ ‬زادريما‭ ‬الواقعة‭ ‬بين‭ ‬الجبال‭ ‬والساحل‭ ‬من‭ ‬وشاح‭ ‬على‭ ‬الرأس‭ ‬وحزام‭ ‬تُربط‭ ‬به‭ ‬بلوزات‭ ‬من‭ ‬الشاش‭ ‬الحريري‭ ‬وقماش‭ ‬أحمر‭ ‬على‭ ‬الصدر،‭ ‬وكلها‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬الحرير‭. ‬وقد‭ ‬ورد‭ ‬توصيف‭ ‬هذا‭ ‬الملبس‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مذكّرات‭ ‬السفر‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭. ‬

وقالت‭ ‬عالمة‭ ‬الإناسة‭ ‬أفرديتا‭ ‬أونوزي‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭: ‬‮«‬يعود‭ ‬تاريخ‭ ‬الحرير‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬العاشر‮»‬‭. ‬

على‭ ‬مر‭ ‬القرون،‭ ‬كان‭ ‬إنتاج‭ ‬الحرير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الألبانية‭ ‬يُصدّر‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان،‭ ‬وكان‭ ‬موضع‭ ‬تقدير‭ ‬خاص‭ ‬من‭ ‬النبلاء‭ ‬الإيطاليين‭ ‬والفرنسيين‭. ‬

في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬جمع‭ ‬النظام‭ ‬الشيوعي‭ ‬كل‭ ‬مشاغل‭ ‬التصنيع‭ ‬لفتح‭ ‬مصنع‭ ‬واحد‭ ‬لمعالجة‭ ‬الحرير‭ ‬ونسجه،‭ ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬دُمّر‭ ‬بالكامل‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬الدكتاتورية‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬التسعينيات‭. ‬ثم‭ ‬كادت‭ ‬الهجرة‭ ‬الجماعية‭ ‬ومنافسة‭ ‬الألياف‭ ‬الصناعية‭ ‬تقضي‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التقليد‭. ‬

ولكن‭ ‬منذ‭ ‬حوالي‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬عاما،‭ ‬تعمل‭ ‬فرانشيسكا‭ ‬بيتراي‭ ‬وعائلتها،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬أخريات‭ ‬من‭ ‬نساء‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬على‭ ‬إحياء‭ ‬هذا‭ ‬التقليد‭.  ‬تشرح‭ ‬فرانشيسكا‭ ‬البالغة‭ ‬30‭ ‬عاما‭ ‬والتي‭ ‬فتحت‭ ‬مشغلها‭ ‬مع‭ ‬والدتها‭ ‬ميموزا‭ ‬‮«‬إنه‭ ‬تقليدٌ‭ ‬قديمٌ‭ ‬كقدم‭ ‬زادريما‭. ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬كانت‭ ‬النساء‭ ‬هنا‭ ‬يرتدين‭ ‬الحرير؛‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬متعة‭ ‬لديهن‮»‬‭. ‬ومثل‭ ‬غيرهن‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬العاملات‭ ‬هناك،‭ ‬ينسجن‭ ‬أيضا‭ ‬أحلاما‭ ‬بحياة‭ ‬أفضل‭. ‬

توضح‭ ‬ميموزا‭ ‬البالغة‭ ‬54‭ ‬عاما،‭ ‬وهي‭ ‬ممرضة‭: ‬‮«‬هنا،‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يتم‭ ‬بطريقة‭ ‬حرفية،‭ ‬من‭ ‬زراعة‭ ‬خيوط‭ ‬الحرير‭ ‬واستخراجها،‭ ‬إلى‭ ‬النسيج،‭ ‬وصولا‭ ‬إلى‭ ‬الإنتاج‭ ‬النهائي‮»‬‭. ‬

وتوفر‭ ‬منطقة‭ ‬زادريما‭ ‬الزاخرة‭ ‬بالحياة‭ ‬البرية‭ ‬والمناظر‭ ‬الخلابة‭ ‬ظروفا‭ ‬مثالية‭ ‬لزراعة‭ ‬وتربية‭ ‬أشجار‭ ‬التوت‭ ‬الأبيض‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬أوراقها‭ ‬الغذاء‭ ‬المفضل‭ ‬لدودة‭ ‬القز‭.  ‬تقول‭ ‬فرانشيسكا‭ ‬وهي‭ ‬تراقب‭ ‬اليرقات‭: ‬‮«‬تربية‭ ‬دودة‭ ‬القز‭ ‬عالمٌ‭ ‬آسر‮»‬‭.  ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬اليرقات‭ ‬الموضوعة‭ ‬على‭ ‬رفوف‭ ‬إسطبل‭ ‬مظلم‭ ‬يبدو‭ ‬منزعجا‭ ‬من‭ ‬أدنى‭ ‬صوت،‭ ‬بينما‭ ‬يواصل‭ ‬البعض‭ ‬الآخر،‭ ‬بلا‭ ‬مبالاة،‭ ‬غزل‭ ‬شرانقه‭ ‬لإفراز‭ ‬خيط‭ ‬الحرير‭ ‬الشهير‭.  ‬وتوضح‭ ‬فرانشيسكا‭: ‬‮«‬إنها‭ ‬كالطفل،‭ ‬إذ‭ ‬تتطلب‭ ‬القدر‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬التفاني‭ ‬والحب‭ ‬في‭ ‬الاهتمام‭. ‬تستمر‭ ‬دورة‭ ‬حياتها‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬إلى‭ ‬7‭ ‬أسابيع،‭ ‬وخلال‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬عليك‭ ‬إطعامها‭ ‬ومنحها‭ ‬كامل‭ ‬اهتمامك‮»‬‭. ‬

هذه‭ ‬الديدان‭ ‬رقيقة‭ ‬وحساسة‭ ‬للغاية،‭ ‬ولا‭ ‬تتحمل‭ ‬حرارة‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬28‭ ‬درجة‭ ‬مئوية،‭ ‬ولا‭ ‬البرد‭ ‬أو‭ ‬الرطوبة،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬المبيدات‭ ‬الحشرية،‭ ‬والعواصف‭ ‬الرعدية‭ ‬التي‭ ‬تُخيفها‭. ‬

وتقول‭ ‬ميموزا‭: ‬‮«‬من‭ ‬الشرنقة‭ ‬إلى‭ ‬الخيط،‭ ‬ثم‭ ‬من‭ ‬الخيط‭ ‬إلى‭ ‬النسيج،‭ ‬إنه‭ ‬فنٌّ‭ ‬بحق‮»‬،‭ ‬مضيفة‭: ‬‮«‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬خبرةً‭ ‬وصبرا،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضا‭ ‬شغفا‮»‬‭.  ‬تُحصد‭ ‬الشرانق‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬منها‭ ‬الفراشات‭. ‬تُغمر‭ ‬الخيوط‭ ‬أولا‭ ‬في‭ ‬حمام‭ ‬ماء‭ ‬مغلي‭ ‬لتليينها،‭ ‬ثم‭ ‬تُهزّ‭ ‬بممسحة‭ ‬صغيرة‭ ‬لإخراجها،‭ ‬ثم‭ ‬تُشدّ‭ ‬وتُنسج‭. ‬

في‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬تمكنت‭ ‬ميموزا‭ ‬وابنتها‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬10‭ ‬كيلوجرامات‭ ‬من‭ ‬خيوط‭ ‬الحرير‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬أوشحة‭ ‬وتنانير‭ ‬وبلوزات‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا