الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
حتى لا تصبح حياتنا.. «الشِّيص في الغِبَّه حِلو»
من الأمثال الشعبية الخليجية، المرتبطة بحياة البحر وثقافة الزراعة والنخلة.. ((الشِّيص في الغِبَّه حِلو)).. و«الشيص» هو نوع رديء ومر من التمر، و«الغبة» هي عرض البحر.. وكان هذا المثل الدارج ينطبق على أهل البحر، حينما يضطرون إلى أكل التمر الرديء، حينما يوشك الطعام أن ينفد، ويكاد البحارة أن يموتوا، فيلجأون إلى «الشيص» ليأكلوه كي يعيشوا.
ويضرب هذا المثل عندما يتوافر شيء ما رديء، في وقت يعز معه الحصول على الشيء الجيد.. فالشيص الذي لا يؤكل في الظروف الاعتيادية يصبح عزيزاً في عرض البحر، عندما لا يكون معك رطب أو تمر.. ((مجلة الثقافة الشعبية العدد 60)).
في حياتنا اليومية، يكون «الشيص» هو الحل المتاح في موقف عصيب.. وهو العلاج المر الذي يتجرعه المريض عندما لا يتوافر أي دواء مناسب.. وهو الأمر الذي يسير نحوه المضطر حينما يفقد كل الحلول.. وبناء عليه كان «الشيص» هو الاستثناء، فيما «التمر والرطب» هما الأصل والأساس.. ومع تحوّل الأمور وتعاقب الأيام، يحل الاستثناء مكان الأصل.
والغريب في الموضوع أن تجد الكثير من المؤسسات تلجأ إلى منهجية «الشيص».. باعتباره الحل الأوفر والأقل تكلفة، وأن العاملين أو المستهلكين سوف يقبلون بالعرض، لأنه أقل مرارة عن باقي العروض «المُرة».. وبالمقارنة يصبح حل «الشيص» أكثر حلاوة من باقي العروض.. ويبدو أن منهجية «الشيص» هذه تكاد تُفرض عنوة على حياة الناس اليومية في بعض المجتمعات.
تابعنا مؤخرا إعلان شركة استثمارية وقوع خسائر مالية بسبب قيام بعض الموظفين بصرف أموال المودعين في أغراض غير سليمة.. مما كبد الخسائر وأضاع أحلام الناس، الذين باتوا ينتظرون أي تحرك أو طوق إنقاذ ينتشلهم من الورطة التي وقعوا فيها، ويأملون أن يتم تعويضهم، أو رد رأس المال لهم أو حتى جزء منه.. وكما نقول شيء أحسن من لا شيء.. «والشيص في الغبة حلو».
أصحاب العمارات والشقق السكنية، الذين سئموا مماطلة المستأجرين في سداد الإيجار الشهري، وفي تهرب البعض وهروبهم خارج البلاد، وفي طول الإجراءات القانونية والقضائية لردّ حق المؤجر.. يتمنون اليوم خروج المستأجر سواء دفع نصف المبلغ المتراكم أو حتى ربعه.. كي يتسنى لصاحب الملك أن يؤجر الشقة أو البيت أو العقار لمستأجر آخر، وحتى يتمكن من تحريك أموره المتراكمة والتزاماته المتأخرة وخسائره المتكدسة.. و«الشيص في الغبة حلو».
تبقى مسألة أخيرة.. ربما أصبحت حديث الشارع الرياضي في بلادنا اليوم، إثر خروج المنتخب الأول لكرة القدم من تصفيات التأهل لكأس العالم 2026، وخسارة المنتخب من الصين أمس، مما جعل منتخبنا «بطل كأس الخليج» يحتل المركز الأخير في المجموعة.. فبات وضع المنتخب بحاجة إلى قرارات حاسمة وحازمة، وبقاء الجهاز الفني والإداري واستمرارهم في مناصبهم.. أصبح مستحيلا.. ولم نسمع عن استقالة أو إقالة أحد.. بعد الفشل في تحقيق الحلم المونديالي، أو على الأقل الخروج المشرف.. إلا إذا كان القائمون على المنتخب الكروي يرون أن «الشيص في الغبة حلو»..!!
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك