الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
«الرقية الشرعية».. والترخيص الرسمي
في مسلسل (الأقدار) الكويتي الشهير، يقوم «الملا حسن» بالقراءة والرقية على «منيرة الطواش».. ويتمتم بكلمات وعبارات وطلاسم غير مفهومة، ثم يطلب من أخيها «حمود الطواش» الذي يمثل دوره الفنان الراحل «عبدالحسين عبدالرضا» مبلغا من المال كي يأكلها «الفأر» كنوع من العلاج اللازم وإبطال السحر والمس.. فيدرك عندها «حمود الطواش» أن هذا المبلغ ليس لحيوان «الفأر».. ولكنه «للفأر العود».. ويشير بأصبعه إلى «الملا حسن»!
مسلسل (الأقدار) تم إنتاجه وعرضه عام 1978، وعلى الرغم من مرور (47 عاما) على المسلسل، وتنبيه المسلسل عن خطورة «المقرئ والراقي النصاب».. إلا أن هذه الظاهرة لا تزال موجودة في وطننا العربي وبلادنا الخليجية.. الأمر الذي جعل العديد من الدول تصدر قرارات وقوانين وتشريعات، للحد من هذه الظاهرة، ووضع غرامات وعقوبات مشددة، والقيام بتقنين عملية الرقية الشرعية، والإلزام بإصدار ترخيص رسمي لمن يرغب في مزاولتها، حفاظا على الدين والأموال، وحماية للأعراض والمصلحة العامة.
بين فترة وأخرى.. نسمع ونقرأ ونشاهد قصصا غريبة وعجيبة، قيام بعض تجار «الرقية الشرعية» بالنصب على الناس البسطاء، ويتسببون في هدم البيوت وتشتيت الأسر، وإصابة البعض بالأمراض وحتى التحرش، ويكون المبرر هو التخلص من العين والحسد، والسحر والمس بالجن، وغيرها.
وكثيرا ما يشكو «الرقاة الشرعيون» من استغلال البعض لهذه المسألة، والمتاجرة بها، والتكسب من ورائها، بل وصرف أدوية ووصفات طبية للعلاج، من دون أي تصريح طبي من الجهات المختصة.
في دولنا الخليجية هناك إلزام لإصدار ترخيص رسمي لمزاولة مهنة «المأذون الشرعي»، وترخيص لحلقات القرآن الكريم، وترخيص لإمام المسجد والمؤذن وخطيب الجامع وأصحاب الفتاوى.. وحتى المعالج بالحجامة.. فلماذا لا نرى ترخيصا رسميا في بلادنا للراقي الشرعي؟
الترخيص الرسمي للراقي الشرعي معمول به في دولة الإمارات ودولة قطر والمملكة العربية السعودية وغيرها.. ولكننا هنا نجد أن «بعض» من أصبح مؤذنا أو إماما للمسجد، أو حافظا لجزء «عمّ»، أو حتى محاضرا دينيا، خوّل نفسه لأن يمارس «الرقية الشرعية»، وتاجرا في هذا المجال، ويصطاد الضحايا المساكين.. والمشكلة أن الموضوع دخل فيه بعض السحرة من الآسيويين والأفارقة والأجانب! وأخبار وقضايا الحوادث تكشف هذه المسألة.
على الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر الشقيقة «مثلا»، توجد قائمة أسماء الرقاة الشرعيين المعتمدين في قطر، وأرقام هواتفهم ومناطق عملهم، ويتم نشرها علنا، وتحديثها بين فترة وأخرى، وتشترط الوزارة على من تدرج أسماؤهم في القائمة المعتمدة للرقاة الشرعيين، حفظ القرآن الكريم كاملا، والعلم بالسنة النبوية المطهرة، لتقديم الرقية بشكلها الشرعي الصحيح.. للحفاظ على العقيدة الصحيحة للناس، وحمايتهم من المشعوذين والسحرة والدجالين والعرافين.
مكافحة هذه الظاهرة السلبية، ليست مسؤولية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وحدها، ولا وزارة الداخلية أو وزارة الصحة.. ولكنها مسؤولية مجتمعية مشتركة.. لأن الضحايا هم من يذهبون بأنفسهم إلى «الراقي النصاب».
«الملا حسن» في مسلسل (الأقدار).. انكشفت حكايته مع عدم علاج «منيرة الطواش» وموتها، وارتباط زوجها «خليفة الدهان» بامرأة أخرى.. إلا أن حكاية «الراقي النصاب» لا تزال مستمرة في دولنا.. وكأنها من (الأقدار) المتواصلة في مجتمعاتنا.. على الرغم من تطور الحياة والطب والقانون، ووعي وثقافة الناس.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك