يحتفل العالم في 31 مايو من كل عام باليوم العالمي لمكافحة التدخين الذي أقرته منظمة الصحة العالمية في عام 1987 بهدف التوعية بأخطار التدخين وآثاره الضارة على الصحة العامة ولدعم الجهود العالمية لتقليل حالات الوفاة الناجمة عن أمراض التدخين.
وفي إطار التزامها بحماية الصحة العامة وتحقيق بيئة صحية خالية من التدخين، تقود مملكة البحرين جهودًا رائدة في مكافحة التدخين معتمدة على منظومة متكاملة من التشريعات الصارمة والإجراءات الرقابية الفعّالة حيث أرست أسسًا قانونية واضحة لمكافحة التدخين من خلال إصدار القانون رقم (8) لسنة 2009 بشأن مكافحة التدخين والتبغ، الذي يتضمن مجموعة من التدابير الرامية إلى الحد من انتشار التدخين حيث نص على حظر التدخين في الأماكن والمحال العامة المغلقة، بما في ذلك المطاعم والمؤسسات التعليمية وأماكن العمل وحظر زراعة وصناعة وإعادة تصنيع التبغ، وقيد الترويج والتشجيع على التدخين بحظر إعلان منتجات التبغ والسجائر في جميع وسائل الإعلان وحظر التوزيع المجاني للتبغ ومنتجاته أو تقديم الهدايا التي تحمل دعاية للتبغ ومنتجاته وتلك التي تهدف إلى الترويج أو التشجيع على استخدام أو شراء التبغ ومنتجاته، وإدخال المنتجات التي تتضمن إعلاناً أو دعاية للتبغ ومنتجاته أو تصنيعها كحلويات أو ألعاب أطفال سواء بغرض بيعها أو عرضها بأي وسيلة كانت، كما أولى القانون عناية خاصة لحماية الأطفال بأن حظر على من دون سن الثامنة عشرة ارتياد الأماكن المخصصة للتدخين وحظر بيع التبغ والسجائر أو تقديمها من دون مقابل لهم، فضلاً عن ما نص عليه القانون من حظر استيراد أو توزيع أو بيع أي مواد عشبية أو غير عشبية بغرض استعمالها كوسيلة بديلة لتدخين التبغ حتى إن كانت لا تحتوي على مادة النيكوتين، إضافةً إلى التدابير السابقة نص القانون على فرض ضوابط مشددة على استيراد وتداول منتجات التبغ، حيث لا يُسمح بدخول وتداول أي شحنة من التبغ أو منتجاته إلا بعد فحصها والتأكد من مطابقتها المواصفات القياسية المعتمدة وصدور تصريح معتمد من وزارة الصحة بذلك.
الجدير بالذكر أن المشرع فرض عقوبات صارمة لردع المخالفين تصل إلى الحبس مدة سنة وغرامات مالية يتراوح مقدارها بين عشرين دينارًا ومائة ألف دينار بحسب الجرم المرتكب، كما تشمل العقوبات التكميلية غلق المحل المخالف مدة تصل إلى ثلاثة أشهر أو مصادرة المواد المستعملة.
وعلاوة على ما ورد بالقانون من محظورات وتنظيم لعملية بيع التبغ فقد ألزم القانون المسؤولين عن الأماكن ذات العلاقة باتباع الاشتراطات الصحية الصادرة عن وزارة الصحة، وبموجب قرار القائم بأعمال وزير الصحة رقم (2) لسنة 2011 تم تحديد الاشتراطات الواجب توافرها في المطاعم والمقاهي وغيرها من المحلات التي تقدم التبغ ومشتقاته لأغراض التدخين من أبرزها تخصيص مساحة لا تتجاوز 50% من صالة الطعام أو الشراب للتدخين، وعزل المكان المخصص للمدخنين عن المكان المخصص لغير المدخنين، وحظر عرض التبغ بأنواعه ومنتجاته بطريقة يمكن الوصول إليها مباشرةً؛ إذ يجب تخصيص قسم خاص لبيع التبغ ومنتجاته ومستلزمات تحضيره ولا يسمح بوصول الزبائن إليه مباشرةً، كما تضمن القرار أيضاً حظر تقديم الشيشة في الحدائق والمتنزهات والنوادي الرياضية.
وتمثل هذه التشريعات جهودًا حثيثة للحد من مخاطر التدخين وتعزير الوعي العام بأضراره؛ ما يعكس حرص المشرع على حماية صحة وسلامة المواطنين والمقيمين في المملكة.
ورغم تقدمنا في مكافحة التدخين تظل هناك تحديات مستمرة مثل إقبال البعض على التدخين وانتشار منتجات التبغ البديلة، ويتطلب تحقيق بيئة خالية من التدخين تعاوناً مستمراً وجهوداً متضافرة من جميع أفراد المجتمع، حيث إن مكافحة التدخين ليست مسؤولية فردية، بل هي مسؤولية مجتمعية تستلزم تضافر الجهود لتحقيقها، وإن حماية الصحة العامة وتحقيق بيئة خالية من التدخين تعد تحدياً مهماً يجب علينا جميعاً التفاني في مواجهته.
رئيس نيابة الوزارات والجهات العامة
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك