الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
زايد لا يُغرّم.. زايد يُكرّم
يزخر التاريخ الإسلامي بمواقف إنسانية رفيعة لعدد من القضاة الأجلاء.. من أشهرهم القاضي «إياس بن معاوية بن قرة».. وفي عالمنا المعاصر فالجميع يذكر القاضي الرحيم «فرانك كابريو».. الذي ارتقى بمفهوم الإنسانية عند صدور الأحكام القضائية.. ومؤخرا انتشرت حكاية القاضي الإماراتي المستشار «حميد آل علي».. فما حكايته..؟
لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حاكم دولة الإمارات الشقيقة مقولة حكيمة، في دور ومهام وواجبات القضاء، مفادها: «إن القضاء ليس وظيفة أو مهنة.. بقدر ما هو رسالة سامية.. لها دور محوري في تقدم المجتمعات ونجاحها واستقرارها». ويوم الثلاثاء الماضي بادر سموه بتكريم القاضي الإماراتي «حميد آل علي»، وأصبح حديث العالم.. وأصبحت الإمارات وإرث «الشيخ زايد»، رحمه الله، محل إعجاب وتقدير الناس.. على الرغم من أن الحادثة التي حصل التكريم بشأنها وقعت منذ خمس سنوات.
يقول القاضي «حميد آل علي» لجريدة «الإمارات اليوم» في سرد الحكاية: اعتدنا في المحكمة، بالتعاون مع المؤسسات الخيرية، على الاحتفال بيوم زايد للعمل الإنساني الذي يصادف 19 من رمضان كل عام، وعلى استغلال المناسبة لتقديم مساعدات رمزية و(كوبونات) غذائية للعاملين في المحكمة من الحراس والعمال، للتخفيف عنهم، وتكريماً لجهودهم، لأننا نعتبر هذا اليوم مناسبة لاستذكار والدنا، مؤسس الدولة، وتعداد مناقبه، ونحن نحافظ على هذا التقليد السنوي لارتباطه باسم غالٍ علينا جميعا، هو اسم «زايد».
خلال جلسات المحكمة بدأت ذلك اليوم في الثامنة صباحاً، وكان مقرراً إقامة حفل التكريم في الحادية عشرة صباحاً، لكن إحدى القضايا لفتت انتباهي، وكانت لمقيم آسيوي خالف قوانين الإقامة هو وأفراد عائلته مدة خمس سنوات، وقد اصطحب المخالف طفلاً يرتدي (الثوب الإماراتي)، ووقف منتظراً استدعاءه إلى منصة القاضي، وأن قيمة المخالفات المتراكمة عليه بلغت 60 ألف درهم، بسبب تأخره في تجديد الإقامة له ولزوجته وأبنائه الأربعة.
ويضيف القاضي الإماراتي: عندما سألت الآسيوي عن سبب مخالفته القانون، شرح لي أن كفيله المواطن أصيب بمرض السرطان، ولم يكن لديه من يعينه، فكرس وقته للبقاء إلى جانبه في المستشفى، وتقديم كل ما يحتاج إليه من الخدمات والرعاية، طوال فترة مرضه حتى وافته المنية، وأكد أنه لم يكن يعرف حينها وضعه القانوني.. فسأل القاضي الرجل الآسيوي عن الطفل الموجود معه في قاعة المحكمة؟ فرد قائلا: إنه ابنه.
وتابع القاضي: «عندها التفت إلى الطفل وسألته عن اسمه، فأجاب بثقة: اسمي «زايد».. وفي تلك اللحظة أدركت أن القضية لم تعد مجرد ملف قانوني، بل تحولت إلى موقف يحمل دلالات رمزية كبيرة، إذ كنت أرتدي وشاح علم الدولة استعداداً لاحتفالية يوم زايد للعمل الإنساني، فخلعته بهدوء، ووضعته على كتف الطفل، وقلت له: «زايد لا يُغرّم.. زايد يُكرّم».. وأصدرت توجيهاً فورياً بإلغاء المخالفات المسجلة على الأسرة، بعدما سددها القاضي عنه شخصيا.. تكريماً لاسم «زايد» الذي يحتل مكانة عميقة في قلوب الإماراتيين.
يقول القاضي: إن ما جعل ذكرى ذلك اليوم مقيمة في نفسه، هو ما وجده من تكريم عندما التقى به صاحب السمو رئيس الدولة.. وتطرق إلى تلك الحادثة، مشيداً بمبادرته الإنسانية التي تعبر عن الشخصية الإماراتية، وقال سموه: «هكذا نكرم الناس.. وهكذا نكرم اسم زايد»، ليؤكد القاضي أن ما فعله لم يكن استثناء، بل هو التزام بنهج القائد المؤسس الذي بُنيت عليه هذه الدولة، ونماء شعبها.
رحم الله الشيخ زايد.. وبارك الله في سمو الشيخ محمد بن زايد وحكام الإمارات وشعبها.. وبارك في إنسانية الإمارات الحبيبة.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك