يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
صوت الحق والعدل والإنسانية والسلام
الآمال المعلقة على عضوية البحرين في مجلس الأمن الدولي
بعد يومين، سوف تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة على طلب البحرين أن تكون عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي للفترة 2026 – 2027.
بداية، عندما قررت البحرين الترشح لعضوية مجلس الأمن لم يكن هذا مجرد رغبة في التواجد فقط. كان وراء هذا إرادة من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وسمو الأمير سلمان بن حمد، بأن تلعب البحرين دورها الفاعل على الساحة الدولية خدمة للقضايا العالمية العادلة والإنسانية.
ولهذا السبب حين تقدمت البحرين بطلب ترشحها، لم تكتف بمجرد تقديم الطلب، وإنما بادرت وزارة الخارجية بقيادة الدكتور عبداللطيف الزياني وزير الخارجية بإعداد أجندة متكاملة قدمتها لدول العالم.
هذه الأجندة تتضمن أولويات اهتمامات البحرين حين تصبح عضوا في مجلس الأمن والتي ستحكم عملها وأداءها في المجلس، وعرضا للقضايا الدولية الكبرى التي ستكون محل متابعة واهتمام.
مجرد إعداد هذه الأجندة وعرضها يعكس في حد ذاته الجدية التامة التي تأخذ بها البحرين مسألة عضوية المجلس، وعزمها على أن تلعب دورها بكامل المسؤولية والالتزام.
***
أولويات البحرين
البحرين حددت أربع أولويات كبرى تحكم عملها وجهدها وأنشطتها من خلال عضويتها في مجلس الأمن هي:
أولا - ترسيخ السلام والاستقرار.
وتتضمن هذه الأولوية: الحوار وثقافة التعايش - احترام القانون الدولي – العمل الإنساني.
ثانيا - مواجهة التهديدات الأمنية التقليدية والناشئة.
وتتضمن هذه الأولوية: مكافحة الإرهاب والتطرف – الأمن السيبراني – تغير المناخ والأمن – أمن الملاحة البحرية.
ثالثا - ضمان الشمولية والمشاركة.
وتتضمن هذه الأولوية: تمكين المرأة – تمكين الشاب.
رابعا - تعزيز التعددية:
وتتضمن هذه الأولوية: الأطر والمنظمات الإقليمية – أساليب العمل.
وقدمت البحرين تصورا تفصيليا لرؤيتها في كل هذه المحاور والقضايا التي ستحكم عضويتها في مجلس الأمن.
إذا تأملنا هذه الأولويات والقضايا في أجندة البحرين، فسنجد أن وراءها قناعة أساسية كبرى.
هذه القناعة لخصها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في الكلمة التي ألقاها جلالته أمام أعمال الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في عبارة بليغة حين قال جلالته: «إن نجاح المجتمعات وازدهارها مقرون باستتباب الأمن والاستقرار فيها. وهذا ما انتهجته مملكة البحرين على الدوام».
إذن، وراء الأولويات التي طرحتها البحرين قناعة راسخة بأن الأمن والسلام يجب أن يسودا العالم، وأن يتم وضع حد للصراعات الدولية سلميا.
ووراءه قناعة بحرينية بأنه لا يمكن أن يسود السلام العالم إلا إذا تم الالتزام بالقانون الدولي والمواثيق الدولية، وأن يقوم العمل الدولي على الحوار وعلى احترام السيادة وعدم التدخل في شؤون الدول.. وهكذا.
ووراءه قناعة بأن الأمن والسلام قاعدة أساسية وضرورة كبرى كي يهتم مجلس الأمن والمنظمات الدولية بالقضايا الإنسانية التي تعني الدول والشعوب في المقام الأول، وتضمن التقدم والازدهار والعيش في أمن وسلام.
***
مصداقية عالمية
البحرين حين تطرح هذه الأولويات وتتعهد بالعمل وفقا لها في مجلس الأمن، لديها مصداقية عالمية. هناك ثقة عالمية فيما تطرحه البحرين وفي دورها المنتظر في المجلس.
هذه المصداقية والثقة لم تأت من فراغ.
هي نتاج عوامل كثيرة في مقدمتها عاملان كبيران:
الأول: أن البحرين لديها سجل تاريخي حافل في العمل وعلى أعلى مستويات القيادة في تنفيذ المبادرات الدولية الهادفة إلى ترجمة هذه الأولويات إلى واقع عملي.
والثاني: أن البحرين في سياستها الداخلية وعبر عقود طويلة تضع هذه القضايا بالفعل على رأس أولوياتها الوطنية في العمل الوطني.
المجال لا يتسع لاستعراض كل مبادرات البحرين الدولية وسياساتها الداخلية في هذا الإطار، لكن هناك محطات أساسية لا بد من الإشارة إليها.
لا بد من التوقف خصوصا عند المبادرات العالمية لجلالة الملك حمد في مجال الحوار وتكريس ثقافة التعايش السلمي في العالم. هذه المبادرات التي كان أبرزها إنشاء مركز الملك حمد للتعايش والتسامح، الذي أطلق برامج عالمية كبرى مثل، برنامج الملك حمد للإيمان بالقيادة بالتعاون مع جامعة أكسفورد، وجائزة الملك حمد للتعايش والتسامح، وكرسي الملك حمد للحوار بين الأديان والتعايش السلمي في جامعة سابينزا الإيطالية.
ولا بد من التوقف عند رعاية الملك حمد لجهد عالمي كبير للحوار بين الأديان، بالتنسيق مع الأزهر الشريف والفاتيكان.
وكان إنشاء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية بتوجيه من الملك خطوة كبرى تترجم التوجه الإنساني العالمي للبحرين، إذ نفذت عشرات المشاريع الإنسانية وأعمال الإغاثة في مختلف دول العالم.
أيضا قدمت جائزة عيسى لخدمة الإنسانية إسهاما دوليا مرموقا للبحرين في تشجيع ورعاية الأعمال الإنسانية الكبرى في العالم كله.
وحين تطرح البحرين في أولوياتها في مجلس الأمن قضية تمكين المرأة والشباب، فإن لديها أيضا إرثا طويلا في هذا المجال.
الملك حمد أطلق جائزة الملك حمد لتمكين الشباب لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وسمو الأميرة سبيكة أطلقت جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة بالتعاون مع الأمم المتحدة.
أيضا للبحرين جهود ومبادرات عالمية معروفة لتحقيق السلام في العالم أبرزها مثلا اقتراح عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط والتسوية العادلة للقضية الفلسطينية.
والبحرين معروفة بأنها نموذج للتعايش والتسامح بين كل أبناء شعبها بكل دياناتهم وطوائفهم وكل الثقافات والحضارات عبر تاريخها الطويل. هذا بحد ذاته من أكبر مصادر تعزيز مصداقية البحرين العالمية.
هذه مجرد أمثلة تؤكد المصداقية العالمية للبحرين، وما يحظى به ترشحها لمجلس الأمن من قبول دولي.
وبالإضافة إلى كل ما سبق، فإن إدارة البحرين لعلاقاتها الدولية تحظى بتقدير العالم.
البحرين علاقاتها طيبة بكل دول العالم. ليس لها عداوات ولا تثير أزمات أو مشاكل، وتدير علاقاتها الدولية بحكمة وعقلانية واتزان.
ولهذا كل دول العالم تحترم البحرين وتقدر مواقفها وسياساتها وإدارتها للعلاقات الدولية ودورها في القضايا العالمية.
وللبحرين تجربة سابقة في مجلس الأمن إذ شغلت عضوية غير دائمة في المجلس خلال الفترة 1998–1999. ولعبت البحرين في ذلك الوقت دورا فاعلا بناء في المجلس يعد رصيدا لها.
وأحد أكبر القضايا المثارة منذ فترة طويلة قضية إصلاح مجلس الأمن الدولي كي يكون أكثر فعالية وأكثر تعبيرا عن كل دول العالم. والبحرين تطرح القضية بالفعل كأحد أهم القضايا التي ستهتم بها. ومنذ سنوات طويلة تقود البحرين بالفعل، باسم المجموعة العربية، الجهود للدعوة إلى إصلاح المجلس وكي يكون أكثر تمثيلا وفعالية.
***
صوت البحرين
حين تصبح البحرين عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، ستكون الصوت المعبر عن كل الدول العربية والإسلامية، وكل دول العالم الثالث في الحقيقة، والتي تمثل أغلبية دول العالم.
ستكون البحرين مدعومة من كل هذه الدول، وتعبر عن قضاياها ومطالبها.
كل هذه الدول تعلق آمالا كبيرة على عضوية البحرين ودورها في المجلس.
والفترة القادمة التي تترشح البحرين لعضوية مجلس الأمن فيها، ستكون فترة من أصعب الفترات في تاريخ الدول العربية والعالم كله، وفي تاريخ الأمم المتحدة نفسها على ضوء ما نشهده من تحولات كبرى في العالم على كل الأصعدة.
صحيح أننا نعلم أن مجلس الأمن في عمله وفي قراراته محكوم في النهاية بتوازنات دولية، وبمواقف الدول دائمة العضوية في المجلس التي تملك حق الفيتو.
مع هذا، فإن دور الدول الأعضاء الأخرى حاسم وله أهمية كبرى في تقرير مواقف المجلس من القضايا العالمية.
والبحرين مؤهلة لأن تلعب دورا عالميا مؤثرا وفاعلا من خلال عضويتها في مجلس الأمن.
الآمال معلقة على البحرين كي تكون في المجلس صوت الحق والعدل والإنسانية والسلام.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك