العدد : ١٧٢٣٤ - الجمعة ٣٠ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٣٤ - الجمعة ٣٠ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

سمو ولي العهد.. رؤية شاملة لمستقبل القارة الآسيوية

في‭ ‬مملكة‭ ‬ماليزيا‭ ‬هناك‭ ‬مثل‭ ‬مشهور‭ ‬وحكمة‭ ‬دارجة،‭ ‬تقول‭: ((‬إن‭ ‬البذر‭ ‬الجيد‭ ‬ولو‭ ‬سقط‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬لأنبت‭ ‬جزيرة‭)).. ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحكمة‭ ‬دلالة‭ ‬وإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأساس‭ ‬المتين‭ ‬ركيزة‭ ‬للبناء‭ ‬والنماء‭ ‬والإنجاز‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬موقع‭.‬

ومن‭ ‬الأمثال‭ ‬الصينية‭ ‬الشعبية‭: ((‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬تزرع‭ ‬لسنة‭ ‬فأزرع‭ ‬قمحا‭.. ‬وإذا‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬تزرع‭ ‬لعشر‭ ‬سنوات‭ ‬فازرع‭ ‬شجرة‭.. ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬تزرع‭ ‬لمائة‭ ‬سنة‭ ‬فازرع‭ ‬إنسانا‭)).. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المثل‭ ‬حث‭ ‬على‭ ‬رسم‭ ‬الأهداف‭ ‬وتحقيقها‭ ‬عبر‭ ‬التخطيط‭ ‬المدروس،‭ ‬وأن‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬الاستثمار‭ ‬الحقيقي‭ ‬للدول‭ ‬والمجتمعات‭.‬

بالأمس‭ ‬وصفت‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬التايمز‮»‬‭ ‬الماليزية،‭ ‬القمة‭ ‬الثانية‭ ‬لدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬ورابطة‭ ‬‮«‬الآسيان‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬لقاء‭ ‬عقول‮»‬،‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬شركاء‭ ‬يؤمنون‭ ‬بالتعددية،‭ ‬والتنمية،‭ ‬والثقة‭ ‬المتبادلة‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬وجهها‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬المعظم،‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬القمة‭ ‬الثانية‭ ‬بين‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬مع‭ ‬رابطة‭ ‬دول‭ (‬الآسيان‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬القمة‭ ‬الافتتاحية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬ودول‭ (‬الآسيان‭) ‬وجمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية،‭ ‬بالعاصمة‭ ‬الماليزية‭ ‬كوالالمبور‭.. ‬حملت‭ ‬مضامين‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى،‭ ‬وتحليلا‭ ‬دقيقا‭ ‬للقواسم‭ ‬المشتركة،‭ ‬وتشخيصا‭ ‬ماهرا‭ ‬للحاضر‭ ‬المزدهر،‭ ‬ورؤية‭ ‬مستقبلية‭ ‬متميزة‭.‬

ذلك‭ ‬أن‭ ‬الإشادة‭ ‬بالدور‭ ‬المحوري‭ ‬السعودي‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬الأولى،‭ ‬واستضافت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الاجتماع‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬الأول‭ ‬للحوار‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬ودول‭ ‬الآسيان،‭ ‬قبل‭ ‬15‭ ‬عاما‭.. ‬وضعت‭ ‬الأسس‭ ‬المتينة،‭ ‬ورسمت‭ ‬فصلا‭ ‬جديدا‭ ‬من‭ ‬العلاقات‭ ‬البارزة‭.. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تركيز‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬التوافق‭ ‬الحقيقي‭ ‬في‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬والسياحة‭ ‬المستدامة،‭ ‬والاستثمار‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري‭ ‬عبر‭ ‬التعليم‭ ‬والبحث‭.. ‬مع‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬التحديات‭ ‬العالمية‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬تغيّر‭ ‬المناخ،‭ ‬والاضطرابات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬والتوترات‭ ‬الجيوسياسية‭.. ‬بجانب‭ ‬تأكيد‭ ‬الرؤية‭ ‬المستقبلية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة،‭ ‬والتقدم‭ ‬في‭ ‬الابتكار‭ ‬الرقمي،‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭.. ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأمور‭ ‬وضعت‭ ‬رؤية‭ ‬بحرينية‭ ‬شاملة‭ ‬ومتكاملة‭ ‬لمستقبل‭ ‬المنطقة‭ ‬والقارة‭ ‬الآسيوية‭.‬

وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬الثوابت‭ ‬الوطنية‭ ‬والعربية،‭ ‬جاء‭ ‬تأكيد‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬ارتكازا‭ ‬على‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬الحكيمة‭ ‬في‭ ‬تجديد‭ ‬الموقف‭ ‬البحريني‭ ‬الراسخ‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الشقيق،‭ ‬وإبراز‭ ‬مبادرات‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬البحرين‮»‬‭ ‬في‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬للسلام‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬السلام‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الوحدة‭ ‬والحوار‭ ‬والدبلوماسية‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬تجديد‭ ‬موقف‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الداعم‭ ‬لخطة‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك،‭ ‬وتأييد‭ ‬إطلاق‭ ‬مفاوضات‭ ‬اتفاقيات‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬بين‭ ‬الخليجية‭ ‬الآسيوية،‭ ‬والخليجية‭ ‬الماليزية،‭ ‬أكدت‭ ‬الحرص‭ ‬البحريني‭ ‬على‭ ‬الاستثمار‭ ‬الأمثل،‭ ‬وخاصة‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬تجاوز‭ ‬288‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬بجانب‭ ‬ما‭ ‬يشكله‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬والآسيان‭ ‬والصين‭ ‬مجتمعين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬سكان‭ ‬العالم،‭ ‬ونحو‭ ‬20%‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬العالمي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يمنح‭ ‬هذه‭ ‬الشراكة‭ ‬إمكانات‭ ‬هائلة،‭ ‬ومسؤوليات‭ ‬عظيمة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭.‬

هناك‭ ‬نقطة‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية،‭ ‬وذات‭ ‬بعد‭ ‬ثقافي‭ ‬وإنساني‭ ‬رفيع،‭ ‬تضمنتها‭ ‬كلمات‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البعثات‭ ‬الدراسية‭ ‬والتعليمية،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬تجديد‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬إبرام‭ ‬معاهدة‭ ‬دولية‭ ‬تُنظم‭ ‬تطوير‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بطريقة‭ ‬مسؤولة‭ ‬وأخلاقية‭.‬

الشراكة‭ ‬الفاعلة‭ ‬والمستدامة‭.. ‬عبارة‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬تأكيدها‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء،‭ ‬تعكس‭ ‬رؤية‭ ‬ثاقبة‭ ‬وحكيمة،‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬أصبحت‭ ‬اليوم‭ ‬شريكا‭ ‬موثوقا‭ ‬ومحوريا‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬منظومة‭ ‬اقتصادية‭ ‬وسياسية‭ ‬جديدة‭ ‬أكثر‭ ‬توازنًا‭ ‬وتعاونًا،‭ ‬مرتكزة‭ ‬على‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل،‭ ‬وتوافق‭ ‬الأولويات،‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬القيم‭ ‬المشتركة‭.‬

ختاما‭.. ‬من‭ ‬أشهر‭ ‬الأقوال‭ ‬والحكم‭ ‬المأثورة‭ ‬عن‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الصيني‭ ‬‮«‬كونفوشيوس‮»‬،‭ ‬قوله‭: ((‬عندما‭ ‬تتيقن‭ ‬بأن‭ ‬أهدافك‭ ‬باتت‭ ‬مستحيلة‭ ‬التحقيق،‭ ‬لا‭ ‬تغير‭ ‬أهدافك‭.. ‬فقط‭ ‬غير‭ ‬طريقتك‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭)).. ‬وهذا‭ ‬بالتمام‭ ‬ما‭ ‬تترجمه‭ ‬المشاريع‭ ‬القائمة‭ ‬والمشاريع‭ ‬القادمة‭ ‬الخليجية‭ ‬والآسيان‭ ‬والصينية،‭ ‬وتفعيل‭ ‬دور‭ ‬قوى‭ ‬عالمية،‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف،‭ ‬فاعلة‭ ‬ومؤثرة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا