الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
سمو ولي العهد.. رؤية شاملة لمستقبل القارة الآسيوية
في مملكة ماليزيا هناك مثل مشهور وحكمة دارجة، تقول: ((إن البذر الجيد ولو سقط في البحر لأنبت جزيرة)).. وفي هذه الحكمة دلالة وإشارة إلى أن الأساس المتين ركيزة للبناء والنماء والإنجاز في أي موقع.
ومن الأمثال الصينية الشعبية: ((إذا أردت أن تزرع لسنة فأزرع قمحا.. وإذا أردت أن تزرع لعشر سنوات فازرع شجرة.. أما إذا أردت أن تزرع لمائة سنة فازرع إنسانا)).. وفي هذا المثل حث على رسم الأهداف وتحقيقها عبر التخطيط المدروس، وأن الإنسان هو الاستثمار الحقيقي للدول والمجتمعات.
بالأمس وصفت جريدة «التايمز» الماليزية، القمة الثانية لدول مجلس التعاون الخليجي ورابطة «الآسيان»، بأنها «لقاء عقول»، يجمع بين شركاء يؤمنون بالتعددية، والتنمية، والثقة المتبادلة.
ولا شك أن الكلمة التي وجهها نيابة عن صاحب الجلالة الملك المعظم، صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في أعمال القمة الثانية بين مجلس التعاون الخليجي مع رابطة دول (الآسيان)، وفي القمة الافتتاحية بين الدول الخليجية ودول (الآسيان) وجمهورية الصين الشعبية، بالعاصمة الماليزية كوالالمبور.. حملت مضامين رفيعة المستوى، وتحليلا دقيقا للقواسم المشتركة، وتشخيصا ماهرا للحاضر المزدهر، ورؤية مستقبلية متميزة.
ذلك أن الإشادة بالدور المحوري السعودي في القمة الأولى، واستضافت مملكة البحرين الاجتماع الاجتماع الوزاري الأول للحوار الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون ودول الآسيان، قبل 15 عاما.. وضعت الأسس المتينة، ورسمت فصلا جديدا من العلاقات البارزة.. كما أن تركيز سمو ولي العهد على أهمية التوافق الحقيقي في الأمن الغذائي، والسياحة المستدامة، والاستثمار في رأس المال البشري عبر التعليم والبحث.. مع الإشارة إلى التحديات العالمية الراهنة في قضايا تغيّر المناخ، والاضطرابات الاقتصادية، والتوترات الجيوسياسية.. بجانب تأكيد الرؤية المستقبلية في مجال الطاقة النظيفة، والتقدم في الابتكار الرقمي، والذكاء الاصطناعي.. كل تلك الأمور وضعت رؤية بحرينية شاملة ومتكاملة لمستقبل المنطقة والقارة الآسيوية.
وانطلاقا من الثوابت الوطنية والعربية، جاء تأكيد سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ارتكازا على الدبلوماسية البحرينية الحكيمة في تجديد الموقف البحريني الراسخ في دعم القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وإبراز مبادرات «قمة البحرين» في الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، باعتبار أن السلام لا يتحقق إلا من خلال الوحدة والحوار والدبلوماسية.
كما أن تجديد موقف مملكة البحرين الداعم لخطة التعاون المشترك، وتأييد إطلاق مفاوضات اتفاقيات التجارة الحرة بين الخليجية الآسيوية، والخليجية الماليزية، أكدت الحرص البحريني على الاستثمار الأمثل، وخاصة أن حجم التبادل التجاري بين الجانبين تجاوز 288 مليار دولار في عام 2024، بجانب ما يشكله مجلس التعاون الخليجي والآسيان والصين مجتمعين أكثر من ربع سكان العالم، ونحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما يمنح هذه الشراكة إمكانات هائلة، ومسؤوليات عظيمة في الوقت ذاته.
هناك نقطة بالغة الأهمية، وذات بعد ثقافي وإنساني رفيع، تضمنتها كلمات مملكة البحرين، من خلال البعثات الدراسية والتعليمية، ومن خلال تجديد الدعوة إلى إبرام معاهدة دولية تُنظم تطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وأخلاقية.
الشراكة الفاعلة والمستدامة.. عبارة حرص على تأكيدها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تعكس رؤية ثاقبة وحكيمة، في أن دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت اليوم شريكا موثوقا ومحوريا في بناء منظومة اقتصادية وسياسية جديدة أكثر توازنًا وتعاونًا، مرتكزة على الاحترام المتبادل، وتوافق الأولويات، ومجموعة من القيم المشتركة.
ختاما.. من أشهر الأقوال والحكم المأثورة عن الفيلسوف الصيني «كونفوشيوس»، قوله: ((عندما تتيقن بأن أهدافك باتت مستحيلة التحقيق، لا تغير أهدافك.. فقط غير طريقتك في الوصول إليها)).. وهذا بالتمام ما تترجمه المشاريع القائمة والمشاريع القادمة الخليجية والآسيان والصينية، وتفعيل دور قوى عالمية، متعددة الأطراف، فاعلة ومؤثرة.
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك