العدد : ١٧٢٣٢ - الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٣٢ - الأربعاء ٢٨ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

جزء من سلوكيات مرفوضة

ذات‭ ‬مرة‭ ‬كتب‭ ‬الشيخ‭ ‬الأديب‭ ‬علي‭ ‬الطنطاوي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬يستنكر‭ ‬ويستغرب‭ ‬من‭ ‬ممارسات‭ ‬وتصرفات‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬أفراد‭ ‬من‭ ‬المشاهدين‭ ‬في‭ ‬‮«‬دار‭ ‬السينما‮»‬‭.. ‬حيث‭ ‬الأصوات‭ ‬والتصفيق،‭ ‬والأكل‭ ‬ورمي‭ ‬بقايا‭ ‬الطعام‭.. ‬من‭ ‬دون‭ ‬احترام‭ ‬لحق‭ ‬الآخرين،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬التزام‭ ‬بالهدوء،‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بمشاهدة‭ ‬الفيلم‭.. ‬واصفا‭ ‬تلك‭ ‬السلوكيات‭ ‬بأنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬ثقافة‭ ‬دخيلة،‭ ‬مرفوضة‭ ‬وغير‭ ‬حضارية‭.‬

تذكرت‭ ‬ذلك‭ ‬الكلام،‭ ‬ونحن‭ ‬نتابع‭ ‬ونشهد‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬أمورا‭ ‬وتصرفات‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬التحضر‭ ‬والاحترام‭ ‬والأخلاقيات،‭ ‬والثقافة‭ ‬المجتمعية‭ ‬البحرينية‭ ‬الأصيلة‭ ‬و«السنع‮»‬‭.. ‬حيث‭ ‬نتابع‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬ممارسات‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬الأفراد‭ ‬والأسر‭ ‬في‭ ‬الحدائق‭ ‬العامة‭ ‬والمتنزهات‭ ‬والسواحل،‭ ‬حيث‭ ‬عدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بالنظافة‭ ‬العامة،‭ ‬وترك‭ ‬بقايا‭ ‬الطعام‭ ‬في‭ ‬المكان،‭ ‬ورمي‭ ‬المخلفات‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬أماكنها،‭ ‬مع‭ ‬ترك‭ ‬الأطفال‭ ‬يقومون‭ ‬بتخريب‭ ‬المرافق‭ ‬العامة‭.. ‬هل‭ ‬عرفتم‭ ‬الآن‭ ‬لماذا‭ ‬أصرت‭ ‬البلديات‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬لدخول‭ ‬المتنزهات‭ ‬والحدائق‭ ‬العامة؟‭ ‬

وبين‭ ‬حين‭ ‬وآخر‭ ‬تصل‭ ‬إلي‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشكاوى‭ ‬والملاحظات‭ ‬المرورية،‭ ‬كتجاوز‭ ‬طابور‭ ‬السيارات،‭ ‬واستخدام‭ ‬مسار‭ ‬الطوارئ،‭ ‬والتوقف‭ ‬داخل‭ ‬المربع‭ ‬الأصفر،‭ ‬وعدم‭ ‬لبس‭ ‬الخوذة‭ ‬عند‭ ‬استخدام‭ ‬الدراجات‭ ‬النارية‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬الفرعية،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬التجاوزات‭ ‬المزعجة‭ ‬والخطرة‭.‬

مؤخرا‭ ‬أبلغني‭ ‬أحد‭ ‬المواطنين‭ ‬عن‭ ‬انتشار‭ ‬ظاهرة‭ ‬سلبية‭ ‬في‭ ‬المجمع‭ ‬السكني،‭ ‬حيث‭ ‬قيام‭ ‬بعض‭ ‬الشباب‭ ‬بالتجمع‭ ‬خارج‭ ‬المنزل،‭ ‬والسهر‭ ‬حتى‭ ‬آذان‭ ‬الفجر،‭ ‬وسد‭ ‬الطرق‭ ‬ورفع‭ ‬الأصوات‭ ‬وإزعاج‭ ‬الآخرين‭.. ‬في‭ ‬ظاهرة‭ ‬تصورنا‭ ‬أنها‭ ‬انتهت‭ ‬من‭ ‬مجتمعنا‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭.‬

وكثيرا‭ ‬ما‭ ‬نشاهد‭ ‬صورا‭ ‬وأشكال‭ ‬ملابس‭ ‬غير‭ ‬لائقة‭ ‬يرتديها‭ ‬أشخاص‭ ‬كبار‭ ‬وصغار‭.. ‬رجال‭ ‬ونساء‭ ‬وشباب‭ ‬لا‭ ‬تليق‭ ‬بالمكان‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬يوجدون‭ ‬فيه‭.. ‬حتى‭ ‬المساجد‭ ‬لم‭ ‬تخل‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الظاهرة‭ ‬بوجود‭ ‬مصلين‭ ‬يرتدون‭ ‬‮«‬جلابية‭ ‬النوم‮»‬‭ ‬في‭ ‬المسجد‭.. ‬والمشكلة‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬قد‭ ‬يتذمر‭ ‬أو‭ ‬يشتكي‭ ‬من‭ ‬التحرش‭ ‬أو‭ ‬كلمات‭ ‬غير‭ ‬لائقة‭ ‬وتنمر‭ ‬من‭ ‬الآخرين‭.‬

حتى‭ ‬في‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬برزت‭ ‬لنا‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬السلبية،‭ ‬من‭ ‬مشاهدات‭ ‬وصور،‭ ‬وفيديوهات‭ ‬وعبارات‭ ‬وتعليقات،‭ ‬تخدش‭ ‬الحياء،‭ ‬وتدعو‭ ‬وتحرض‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬الأخلاقيات‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬القانون‭ ‬والإساءة‭ ‬للآخرين،‭ ‬والتأثير‭ ‬السلبي‭ ‬على‭ ‬الناشئة‭ ‬والأطفال‭. ‬

أذكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬قامت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬الشقيقة‭ ‬بتطبيق‭ ‬لائحة‭ ‬الذوق‭ ‬العام،‭ ‬وعرفت‭ ‬باسم‭ ‬قانون‭ ‬الذوق‭ ‬العام،‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬19‭ ‬مخالفة‭ ‬يعاقب‭ ‬مرتكبها‭ ‬بغرامة‭ ‬مالية،‭ ‬وتحظر‭ ‬لائحة‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬قائمة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬التصرفات‭ ‬والمخالفات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تخدش‭ ‬الحياء‭ ‬العام‭.. ‬منها‭: ‬البصق‭ ‬ورمي‭ ‬النفايات‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬غير‭ ‬مخصصة‭ ‬لذلك‭.. ‬الجلوس‭ ‬في‭ ‬مقاعد‭ ‬ومرافق‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬أو‭ ‬مواقف‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭.. ‬ارتداء‭ ‬ملابس‭ ‬معدة‭ ‬للنوم‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة‭.. ‬أي‭ ‬ملابس‭ ‬يتم‭ ‬ارتداؤها‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬عبارات‭ ‬أو‭ ‬صور‭ ‬مخالفة‭ ‬وتخدش‭ ‬الحياء‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬الذوق‭ ‬العام،‭ ‬أو‭ ‬تحمل‭ ‬عبارات‭ ‬أو‭ ‬صورا‭ ‬أو‭ ‬أشكالا‭ ‬فيها‭ ‬إثارة‭ ‬للعنصرية‭ ‬أو‭ ‬التعاطي‭ ‬أو‭ ‬الإباحية‭ ‬ممنوعة‭.. ‬وضع‭ ‬الملصقات‭ ‬أو‭ ‬المنشورات‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العمومية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬امتلاك‭ ‬التراخيص‭ ‬اللازمة‭ ‬لذلك‭.‬

وبناء‭ ‬عليه‭.. ‬فإن‭ ‬الحديث‭ ‬الحاصل‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬الالتزام‭ ‬بقواعد‭ ‬واشتراطات‭ ‬النظافة‭ ‬في‭ ‬الحدائق‭ ‬والمتنزهات‭ ‬وغيرها‭.. ‬هي‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬سلوكيات‭ ‬مرفوضة‭.. ‬معروفة‭ ‬أسبابها‭.. ‬وأفرادها‭.. ‬وتداعياتها‭.. ‬ونتائجها‭.. ‬فماذا‭ ‬ننتظر؟‭ ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا