الرأي الثالث

محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
رواية «شرينة».. ومطار البحرين
لو سألت سؤالا وقلت: أين يقع أول مطار في البحرين؟ لكان الجواب المعروف: مطار البحرين الدولي بالمحرق.. ولكن ستفاجأ لو قلت لك إن الإجابة خطأ.. وإن أول مطار في البحرين كان يقع في العاصمة المنامة، بمنطقة العدلية!
ولو سألت سؤالا وقلت: ما «أجمل» لؤلؤة في الخليج العربي؟ لكان الجواب المتداول: لؤلؤة «الدانة».. ولكن ستفاجأ لو عرفت أن لؤلؤة «الدانة» هي الأفضل والأغلى، ولكن اللؤلؤة «الأجمل» هي ««شرينة» وتسمى في الكويت «شيرين»، وهي واحدة من أجمل أنواع اللؤلؤ التي استخرجها الغواصون.. ذات شكل كروي كامل الاستدارة، واللون الوردي، وذات منظر جميل خلاب، وهي أصغر من لؤلؤة «الدانة» من حيث الحجم، إلا أن لها قيمة مادية مرتفعةً جدا.
من هذا المنطلق جاءت رواية الأستاذ يوسف البنخليل بعنوان (شرينة).. وقد أحسنت هيئة البحرين للثقافة والآثار وبالتعاون مع جمعية «كلنا نقرأ» بتنظيم لقاء مفتوح مع الكاتب لمناقشة الرواية، مساء يوم السبت الماضي، في مكتبة متحف البحرين الوطني.
استمعت مع الحضور الذين اكتظت بهم قاعة المكتبة، بالسرد الممتع والحديث الشيق والإجابات المتميزة للكاتب يوسف البنخليل حول روايته (شرينة)، وكيف استعرض أحداث الرواية، وانتقل إلى شرح فترة زمنية شهدتها دول الخليج العربي وشعوبها، أيام الغوص واللؤلؤ.. بين البحرين والإمارات والكويت.. وكيف حاول جاهدا التركيز على قيمة الإنسان الخليجي، وحث الذاكرة الاجتماعية الخليجية للتوقف عند مرحلة بالغة الأهمية والتأثير.
وعلى الرغم من تأكيد الكاتب بأن الرواية هي لأحداث من خياله وليست حقيقية، وشخوصها رمزية.. فإن ثمة رغبة لدى القارئ بأن أحداث الرواية حقيقية، وإن حاول الكاتب نفي ذلك، ومزجها ببعض الخيال الإبداعي، وخاصة في ظل أسماء الشخصيات الخليجية والأوروبية الواردة في الرواية.
«شرينة» سلطت الأضواء على فترة انتشار الطاعون، وهي الجائحة التي غزت دول الخليج العربي في حقبة زمنية، وكانت في سنة 1831م، وهي التي أطلق عليها أهل الخليج اسم: «سنة الطاعون».. حيث استوقفني حديث البنخليل في روايته عن الألوان الثلاثة: «الأحمر، الأصفر، الأزرق».. وهي الألوان التي حكمت مصير أهالي بلدان الخليج العربي في «سنة الطاعون».. وهنا يتجلى لنا أصل كلمة (شلونك..؟؟) التي نتداولها حتى يومنا هذا للسؤال عن حال الشخص.. وهي «عراقية» الأصل، حيث كانت تستخدم تلك الكلمة للاستفسار عن حال وصحة المصاب بالطاعون.. والدرجة التي وصل إليها من المرض.. فالأحمر بداية الإصابة، والأصفر لتوغل المرض، والأزرق لوصول المريض إلى حافة الموت.. والجميل في سرد البنخليل وتحليله لتلك الألوان بأن اللون الأحمر واللون الأزرق بقيا في أعلام دول الخليج، كأحد الشواهد للزمن الذي عاشه الأجداد.
بعد انتهاء اللقاء اتصلت برجل الأعمال الأستاذ يوسف صلاح الدين والمهتم بالشؤون التاريخية وعاشق الطيران، وسألته عن تاريخ المطارات في البحرين؟ فأعطاني معلومة -جديدة بالنسبة إليّ- أن مملكة البحرين كان لها مطار تجاري بري في العدلية عام 1918، ومطار آخر هو مطار بحري في القضيبية.. وأن قصة الانتقال إلى مقر المطار بالمحرق حدثت حينما «غرزت» إحدى الطائرات في مطار العدلية، وبعد أن تم انتشالها من التراب والرمل.. طار الطيار بطائرته ووجد أن أفضل موقع للمطار الجديد في البحرين إما في منطقة «عالي»، وإما منطقة «المحرق»، التي تم اختيارها بعد ذلك عام 1932.
وهذه المعلومات تعكس تاريخ التطور والتقدم في مملكة البحرين بالمنطقة.. وهي من المعلومات الواجب إبرازها ونشرها تأكيدا للمستوى المتطور الذي كانت تعيشه آنذاك.. لذلك وصف البنخليل مثل تلك المعلومات بـ«المهمشة»، والتي من الواجب إحياؤها من جديد، لأننا نمتلك تاريخا عريقا ورصيدا عظيما في هذا الوطن.
فشكرا لهيئة الثقافة وجمعية كلنا نقرأ.. على الفعالية الممتعة، لرواية البنخليل الجميلة.. كجمال لؤلؤة «شرينة».
إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك