العدد : ١٧٢٣١ - الثلاثاء ٢٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٣١ - الثلاثاء ٢٧ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٩ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

رواية «شرينة».. ومطار البحرين

لو‭ ‬سألت‭ ‬سؤالا‭ ‬وقلت‭: ‬أين‭ ‬يقع‭ ‬أول‭ ‬مطار‭ ‬في‭ ‬البحرين؟‭ ‬لكان‭ ‬الجواب‭ ‬المعروف‭: ‬مطار‭ ‬البحرين‭ ‬الدولي‭ ‬بالمحرق‭.. ‬ولكن‭ ‬ستفاجأ‭ ‬لو‭ ‬قلت‭ ‬لك‭ ‬إن‭ ‬الإجابة‭ ‬خطأ‭.. ‬وإن‭ ‬أول‭ ‬مطار‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬كان‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬المنامة،‭ ‬بمنطقة‭ ‬العدلية‭!‬

ولو‭ ‬سألت‭ ‬سؤالا‭ ‬وقلت‭: ‬ما‭ ‬‮«‬أجمل‮»‬‭ ‬لؤلؤة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬العربي؟‭ ‬لكان‭ ‬الجواب‭ ‬المتداول‭: ‬لؤلؤة‭ ‬‮«‬الدانة‮»‬‭.. ‬ولكن‭ ‬ستفاجأ‭ ‬لو‭ ‬عرفت‭ ‬أن‭ ‬لؤلؤة‭ ‬‮«‬الدانة‮»‬‭ ‬هي‭ ‬الأفضل‭ ‬والأغلى،‭ ‬ولكن‭ ‬اللؤلؤة‭ ‬‮«‬الأجمل‮»‬‭ ‬هي‭ ‬‮««‬شرينة‮»‬‭ ‬وتسمى‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬‮«‬شيرين‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬أنواع‭ ‬اللؤلؤ‭ ‬التي‭ ‬استخرجها‭ ‬الغواصون‭.. ‬ذات‭ ‬شكل‭ ‬كروي‭ ‬كامل‭ ‬الاستدارة،‭ ‬واللون‭ ‬الوردي،‭ ‬وذات‭ ‬منظر‭ ‬جميل‭ ‬خلاب،‭ ‬وهي‭ ‬أصغر‭ ‬من‭ ‬لؤلؤة‭ ‬‮«‬الدانة‮»‬‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الحجم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬لها‭ ‬قيمة‭ ‬مادية‭ ‬مرتفعةً‭ ‬جدا‭.‬

من‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق‭ ‬جاءت‭ ‬رواية‭ ‬الأستاذ‭ ‬يوسف‭ ‬البنخليل‭ ‬بعنوان‭ (‬شرينة‭).. ‬وقد‭ ‬أحسنت‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬كلنا‭ ‬نقرأ‮»‬‭ ‬بتنظيم‭ ‬لقاء‭ ‬مفتوح‭ ‬مع‭ ‬الكاتب‭ ‬لمناقشة‭ ‬الرواية،‭ ‬مساء‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬الماضي،‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬متحف‭ ‬البحرين‭ ‬الوطني‭.‬

استمعت‭ ‬مع‭ ‬الحضور‭ ‬الذين‭ ‬اكتظت‭ ‬بهم‭ ‬قاعة‭ ‬المكتبة،‭ ‬بالسرد‭ ‬الممتع‭ ‬والحديث‭ ‬الشيق‭ ‬والإجابات‭ ‬المتميزة‭ ‬للكاتب‭ ‬يوسف‭ ‬البنخليل‭ ‬حول‭ ‬روايته‭ (‬شرينة‭)‬،‭ ‬وكيف‭ ‬استعرض‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية،‭ ‬وانتقل‭ ‬إلى‭ ‬شرح‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬شهدتها‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬وشعوبها،‭ ‬أيام‭ ‬الغوص‭ ‬واللؤلؤ‭.. ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬والإمارات‭ ‬والكويت‭.. ‬وكيف‭ ‬حاول‭ ‬جاهدا‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬قيمة‭ ‬الإنسان‭ ‬الخليجي،‭ ‬وحث‭ ‬الذاكرة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الخليجية‭ ‬للتوقف‭ ‬عند‭ ‬مرحلة‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية‭ ‬والتأثير‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬الكاتب‭ ‬بأن‭ ‬الرواية‭ ‬هي‭ ‬لأحداث‭ ‬من‭ ‬خياله‭ ‬وليست‭ ‬حقيقية،‭ ‬وشخوصها‭ ‬رمزية‭.. ‬فإن‭ ‬ثمة‭ ‬رغبة‭ ‬لدى‭ ‬القارئ‭ ‬بأن‭ ‬أحداث‭ ‬الرواية‭ ‬حقيقية،‭ ‬وإن‭ ‬حاول‭ ‬الكاتب‭ ‬نفي‭ ‬ذلك،‭ ‬ومزجها‭ ‬ببعض‭ ‬الخيال‭ ‬الإبداعي،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أسماء‭ ‬الشخصيات‭ ‬الخليجية‭ ‬والأوروبية‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬الرواية‭.‬

‮«‬شرينة‮»‬‭ ‬سلطت‭ ‬الأضواء‭ ‬على‭ ‬فترة‭ ‬انتشار‭ ‬الطاعون،‭ ‬وهي‭ ‬الجائحة‭ ‬التي‭ ‬غزت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬زمنية،‭ ‬وكانت‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬1831م،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬أطلق‭ ‬عليها‭ ‬أهل‭ ‬الخليج‭ ‬اسم‭: ‬‮«‬سنة‭ ‬الطاعون‮»‬‭.. ‬حيث‭ ‬استوقفني‭ ‬حديث‭ ‬البنخليل‭ ‬في‭ ‬روايته‭ ‬عن‭ ‬الألوان‭ ‬الثلاثة‭: ‬‮«‬الأحمر،‭ ‬الأصفر،‭ ‬الأزرق‮»‬‭.. ‬وهي‭ ‬الألوان‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬مصير‭ ‬أهالي‭ ‬بلدان‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬‮«‬سنة‭ ‬الطاعون‮»‬‭.. ‬وهنا‭ ‬يتجلى‭ ‬لنا‭ ‬أصل‭ ‬كلمة‭ (‬شلونك‭..‬؟؟‭) ‬التي‭ ‬نتداولها‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬للسؤال‭ ‬عن‭ ‬حال‭ ‬الشخص‭.. ‬وهي‭ ‬‮«‬عراقية‮»‬‭ ‬الأصل،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬تستخدم‭ ‬تلك‭ ‬الكلمة‭ ‬للاستفسار‭ ‬عن‭ ‬حال‭ ‬وصحة‭ ‬المصاب‭ ‬بالطاعون‭.. ‬والدرجة‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬المرض‭.. ‬فالأحمر‭ ‬بداية‭ ‬الإصابة،‭ ‬والأصفر‭ ‬لتوغل‭ ‬المرض،‭ ‬والأزرق‭ ‬لوصول‭ ‬المريض‭ ‬إلى‭ ‬حافة‭ ‬الموت‭.. ‬والجميل‭ ‬في‭ ‬سرد‭ ‬البنخليل‭ ‬وتحليله‭ ‬لتلك‭ ‬الألوان‭ ‬بأن‭ ‬اللون‭ ‬الأحمر‭ ‬واللون‭ ‬الأزرق‭ ‬بقيا‭ ‬في‭ ‬أعلام‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬كأحد‭ ‬الشواهد‭ ‬للزمن‭ ‬الذي‭ ‬عاشه‭ ‬الأجداد‭.‬

بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬اللقاء‭ ‬اتصلت‭ ‬برجل‭ ‬الأعمال‭ ‬الأستاذ‭ ‬يوسف‭ ‬صلاح‭ ‬الدين‭ ‬والمهتم‭ ‬بالشؤون‭ ‬التاريخية‭ ‬وعاشق‭ ‬الطيران،‭ ‬وسألته‭ ‬عن‭ ‬تاريخ‭ ‬المطارات‭ ‬في‭ ‬البحرين؟‭ ‬فأعطاني‭ ‬معلومة‭ -‬جديدة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليّ‭- ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬مطار‭ ‬تجاري‭ ‬بري‭ ‬في‭ ‬العدلية‭ ‬عام‭ ‬1918،‭ ‬ومطار‭ ‬آخر‭ ‬هو‭ ‬مطار‭ ‬بحري‭ ‬في‭ ‬القضيبية‭.. ‬وأن‭ ‬قصة‭ ‬الانتقال‭ ‬إلى‭ ‬مقر‭ ‬المطار‭ ‬بالمحرق‭ ‬حدثت‭ ‬حينما‭ ‬‮«‬غرزت‮»‬‭ ‬إحدى‭ ‬الطائرات‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬العدلية،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬انتشالها‭ ‬من‭ ‬التراب‭ ‬والرمل‭.. ‬طار‭ ‬الطيار‭ ‬بطائرته‭ ‬ووجد‭ ‬أن‭ ‬أفضل‭ ‬موقع‭ ‬للمطار‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬إما‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬عالي‮»‬،‭ ‬وإما‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬المحرق‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬اختيارها‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬عام‭ ‬1932‭.‬

وهذه‭ ‬المعلومات‭ ‬تعكس‭ ‬تاريخ‭ ‬التطور‭ ‬والتقدم‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بالمنطقة‭.. ‬وهي‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬الواجب‭ ‬إبرازها‭ ‬ونشرها‭ ‬تأكيدا‭ ‬للمستوى‭ ‬المتطور‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تعيشه‭ ‬آنذاك‭.. ‬لذلك‭ ‬وصف‭ ‬البنخليل‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬المعلومات‭ ‬بـ‮«‬المهمشة‮»‬،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬الواجب‭ ‬إحياؤها‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬لأننا‭ ‬نمتلك‭ ‬تاريخا‭ ‬عريقا‭ ‬ورصيدا‭ ‬عظيما‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭.‬

فشكرا‭ ‬لهيئة‭ ‬الثقافة‭ ‬وجمعية‭ ‬كلنا‭ ‬نقرأ‭.. ‬على‭ ‬الفعالية‭ ‬الممتعة،‭ ‬لرواية‭ ‬البنخليل‭ ‬الجميلة‭.. ‬كجمال‭ ‬لؤلؤة‭ ‬‮«‬شرينة‮»‬‭. ‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا