لم تعد الهالات السوداء تقتصر على الكبار، بل باتت تظهر بوضوح لدى الأطفال، ما يثير قلق الأهل ويطرح تساؤلات كثيرة حول أسبابها المتعددة وغير المتوقعة، التي لا تتوقف فقط عند الوراثة أو التعب، بل تشمل عوامل صحية وسلوكية متنوعة.
من بين الأسباب الرئيسية قلة النوم والإرهاق المزمن اللذان يؤديان إلى ضعف الدورة الدموية واحتباس السوائل، ما ينتج عنه انتفاخ وتغير لون الجلد حول العين. كما أن الإجهاد يعطل تجدد الخلايا ويؤدي إلى تكسر الكولاجين وفقدان مرونة البشرة.
وتعتبر الحساسية، وخصوصاً الأنفية من العوامل المهمة، حيث يؤدي تحفيز الهيستامين إلى احتقان وتورم الأوعية الدموية وزيادة التصبغ بسبب فرك العينين، في حين يُسهم الربو التحسسي وبعض الأدوية في تفاقم الهالات.
فقر الدم الناتج عن نقص الحديد سبب آخر شائع، إذ يقلل الأكسجين المحمول في الدم ويجعل الجلد باهتاً، فتظهر الهالات بوضوح تحت العينين، ويرافق ذلك أعراض مثل الشحوب والدوار، ما يتطلب فحوصات طبية وتعديلاً غذائياً.
العوامل الوراثية تلعب دوراً لا يمكن تجاهله، إذ تحدد طبيعة الجلد وشكل الأوعية، ما يجعل بعض الأطفال أكثر عرضة من غيرهم، ولا يُعد ذلك أمراً قابلاً للعلاج التام، لكنه قابل للتحسن عبر روتين العناية والنوم الجيد.
السلوكيات اليومية أيضاً تسهم في المشكلة؛ ففرك العينين يؤذي الشعيرات الدقيقة ويزيد التصبغ، في حين أن الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية يجهد العين ويقلل ساعات النوم، ما يفاقم ظهور السواد.
وينصح الأطباء بالتركيز على نمط حياة صحي يتضمن نوماً كافياً ومنتظماً، وتجنب الممارسات التي تجهد العين، بدلاً من الاعتماد على مستحضرات التجميل التي لا تقدم حلاً جذرياً للمشكلة.
الراحة النفسية والجسدية للطفل يجب أن تحظى بالأولوية، حيث إن التوتر والإرهاق العام لهما تأثير مباشر في مظهر البشرة، وهو ما يتطلب وعياً من الأهل في تنظيم جدول نوم الطفل ونشاطاته.
من المهم أن تتم متابعة الحالة طبياً عند استمرار الهالات أو تفاقمها، فقد تكون مؤشراً على اضطرابات صحية أعمق تتطلب فحصاً دقيقاً، مثل مشاكل الغدة أو الحساسية الشديدة أو سوء التغذية.
وفي النهاية، تبقى الهالات السوداء عند الأطفال ظاهرة متعددة الأسباب، ويعتمد التعامل معها على فهم جذور المشكلة، وتغيير العادات اليومية، والحصول على العناية الطبية اللازمة إن لزم الأمر.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك