كتب: وليد دياب
تصوير: عبدالأمير السلاطنة
وصف نقيب الصحفيين المصريين الصحفي خالد البلشي ما يحدث بحق الصحفيين في غزة قائلا إننا امام جريمة من أكبر الجرائم في التاريخ الحديث بحق الصحافة، مضيفا انه استشهد أكثر من 230 صحفيا في عام ونصف كما ان 70 مؤسسة إعلامية دمرت، وعشرات من اسر الصحفيين استهدفوا ولم نر سوى اعتراضات محدودة، مشيرا الى انه لو حدث 10% مما حدث للصحفيين في فلسطين بدولة غربية لقامت الدنيا ولم تقعد، قائلا اننا رأينا جنازات بحق صحفي واحد شارك فيها قادة العالم.
وأوضح ان ما حدث الفترة الماضية من جرائم في غزة وفلسطين اهتزت وانكشفت من خلاله مفاهيم الحرية عند الغرب وكانت هناك فضيحة حقيقية لمن يدعون انهم يمارسون الحرية، ظهر ذلك بشكل واضح في طريقة المعاملة والتزوير والتزييف للواقع، وأصبح العقل المسيطر يميل إلى القاتل على حساب المقتول واكتشفنا انه فرض علينا خوارزميات معينة في وسائل التواصل جعلتنا لا نستطيع التعبير بحرية عن آرائنا في تلك الوسائل.
وقال خلال المحاضرة التي القاها ببيت عبدالله الزايد لتراث البحرين الصحفي، مساء أمس بعنوان «آفاق حرية الصحافة.. القوانين وحدها لا تكفي»: ان الصحافة هي إحدى أدوات تحرر المجتمعات والتعبير عن الناس، مشيرا الى ان الصحفي يجب ان يدرك انه لا يمتلك الحقيقة كاملة، بل ان كل صحفي ينشر الجانب الذي يراه انه الحقيقة، ولكن الحقيقة لديها عدة جوانب، وعلى كل صحفي ان يحاول ان يسعى الى الحقيقة ويتحرى الدقة، مضيفا ان منظومة الصحافة تتطلب حرية الملكية والاصدار وقوانين تحرر الصحافة من القيود وان يكون هناك قواعد وقيم يصنعها الصحفيون وإحداها ميثاق الشرف الإعلامي.
كما انتقد البلشي أداء منظمة «مراسلون بلا حدود» قائلا ان لديها ازمة كبيرة، حيث انها في العام الماضي وفي تقريرها تقول ان إسرائيل تراجعت مرتبتين في تصنيف حرية الصحافة بعد ان ارتكبت أكبر جريمة في التاريخ بحق الصحافة والصحفيين في فلسطين، وقمنا بمخاطبتها وقلنا ان إسرائيل في ظل هذه الجريمة كان يجب ان تخرج من التصنيف، على الرغم من انه في نفس التقرير تراجعت لبنان 5 مراتب بسبب استشهاد 5 صحفيين في لبنان برصاص الجيش الإسرائيلي، لذلك المعايير لدى تلك المنظمة مختلة.
وفيما يخص مستقبل الصحافة في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، أشار الى أهمية ان نتعامل معه على انه أداة من أدوات تطوير الصحافة وليس بديلا عنها، وانه يجب ان نشارك في تطوير معاييرها وقواعدها والا ننتظر حتى يضع اخرون تلك المعايير حتى لا نشتكي بعد ذلك من ظلم تلك القواعد.
وفي مداخلة للأستاذة سميرة رجب قالت ان من اهم ركائز منظومة الحريات هو تنمية الناشئة على ممارسة الحريات وقيمها ومبادئها وملازمتها المسؤولية الاجتماعية، لان ممارسة الحريات بدون مسؤولية تصبح فوضى وغوغاء، مضيفة في مداخلة لها خلال المحاضرة ان الحرية تنمية أخلاقية تحافظ على مبادئها وقيمها كما تحافظ على حقوق الآخرين في تلك الحريات وبدون تلك القيم تتحول الصحافة الى صفراء وكل شخص يضع المحتوى الذي يراه وبالتالي المتضرر سيكون المواطن.
وتابعت، ان الامر الاخر متعلق بالخطاب العربي، معتبرة ان الوقت قد حان لتغيير خطاب الصحفيين العرب بالنسبة الى الحريات بعد كل ما شاهدناه مما يجري في العالم اصابنا إحباط شديد بعد سنوات من الأكاذيب حول الحريات الموجودة في مواثيق حقوق الانسان التي تدافع عنها اغلب الديمقراطيات نكتشف فجأة انها كانت كذبة كبرى، وبالتالي يبدو اننا بحاجة الى تجديد خطابنا، ونلجأ الى خطاب عربي أكثر قوة وثقة.
فيما رأى البلشي ان المعايير المزدوجة ليس معناها اسقاط القيم، بل هذا يجعلنا نتمسك بها ونشتبك مع الجهات التي تمارس تلك المعايير المزدوجة، مؤكدا ان هؤلاء ليسوا رعاة للقيم واهدارهم للقيم لا يعني اهدار القيم نفسها، مؤكدا اننا نتبنى مفهوما بشريا للحرية وقيما بشرية أسسها وصنعها البشر ويجب ان نتشارك في تطويرها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك