العدد : ١٧٢٢٦ - الخميس ٢٢ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٢٦ - الخميس ٢٢ مايو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ ذو القعدة ١٤٤٦هـ

قضايا و آراء

قراءة في نتائج زيارة ترامب لمنطقة الخليج.. رؤية غربية

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الأربعاء ٢١ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

اختتم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬زيارة‭ ‬استمرت‭ ‬أربعة‭ ‬أيام‭ ‬إلى‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج،‭ ‬حظي‭ ‬خلالها‭ ‬باستقبال‭ ‬حافل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬السعودية،‭ ‬وقطر،‭ ‬والإمارات‭. ‬ووصفها‭ ‬‮«‬فريدريك‭ ‬كيمبي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬الأطلسي‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬زيارات‭ ‬الرؤساء‭ ‬الأمريكيين‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الترحيب‭ ‬الذي‭ ‬لقيه‭ ‬يفوق‭ ‬بكثير‭ ‬ما‭ ‬ناله‭ ‬نظراؤه‭ ‬الغربيون‭ ‬في‭ ‬زيارات‭ ‬سابقة‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬أشاد‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬بالزيارة‭ ‬وبما‭ ‬وصفه‭ ‬‮«‬العصر‭ ‬الذهبي‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط‮»‬،‭ ‬والذي‭ ‬تجسّد‭ ‬في‭ ‬توقيع‭ ‬صفقات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتجارية‭ ‬ضخمة‭ ‬تُقدَّر‭ ‬قيمتها‭ ‬بتريليونات‭ ‬الدولارات،‭ ‬شملت‭ ‬مجالات‭ ‬الأمن،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬والتكنولوجيا‭.‬

وفي‭ ‬تقييمه‭ ‬للزيارة،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬جون‭ ‬كالابريس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬الأساس‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬لتحرك‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬تمثل‭ ‬في‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬مواجهة‭ ‬النفوذ‭ ‬الصيني‮»‬‭ ‬المتنامي‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬كيمبي‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬جاء‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة؛‭ ‬بهدف‭ ‬‮«‬التفوق‮»‬‭ ‬على‭ ‬‮«‬بكين‮»‬‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اشتداد‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬عالميًا‭. ‬أما‭ ‬‮«‬دينا‭ ‬إسفندياري‮»‬،‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬بلومبرج‭ ‬إيكونوميكس‮»‬،‭ ‬فرأت‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬حرصت‭ ‬خلالها‭ ‬على‭ ‬إبراز‭ ‬‮«‬انفتاحها‭ ‬على‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية‮»‬،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬تحقيقه،‭ ‬بدعم‭ ‬واضح‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬لطموحاتها‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬حضورها‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتكنولوجي‭.‬

وقبل‭ ‬الزيارة،‭ ‬اعتبر‭ ‬‮«‬حسين‭ ‬إيبش‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬ستأتي‭ ‬بـ«مكسب‭ ‬كبير‮»‬،‭ ‬لجميع‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭. ‬فيما‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬إميل‭ ‬حكيم‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬كلا‭ ‬الجانبين‭ ‬نال‭ ‬مبتغاه‮»‬،‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬‮«‬إبراز‭ ‬تواجدهم،‭ ‬وتبادل‭ ‬حسن‭ ‬النوايا،‭ ‬والنفع‭ ‬المتبادل‮»‬،‭ ‬وأنه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬تنفيذ‭ ‬50%‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الطموحة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليها؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬سيظل‭ ‬‮«‬فوزًا‭ ‬كبيرًا‮»‬‭ ‬للدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬للخليج‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تحديات‭ ‬إقليمية‭ ‬معقدة؛‭ ‬أبرزها‭ ‬‮«‬استمرار‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الوحشية‭ ‬على‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬و«الغموض‭ ‬الذي‭ ‬يكتنف‭ ‬مستقبل‭ ‬المفاوضات‭ ‬حول‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‮»‬؛‭ ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬‮«‬دينيس‭ ‬روس‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬معهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى‮»‬،‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تكن‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬جيوسياسي‮»‬،‭ ‬و«لا‭ ‬هدفت‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬المنظومة‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬المنطقة»؛‭ ‬بل‭ ‬ركزت‭ ‬بالأساس‭ ‬على‭ ‬‮«‬المشاريع‭ ‬الاقتصادية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬تعزيزها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأمين‭ ‬استثمارات‭ ‬خليجية‭ ‬ضخمة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأمريكي‭. ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬كيمبي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬معيار‭ ‬نجاح‭ ‬الزيارة‭ ‬لن‭ ‬يُقاس‭ ‬بالدبلوماسية‭ ‬التقليدية،‭ ‬أو‭ ‬بعقد‭ ‬صفقات‭ ‬سلام‭ ‬أو‭ ‬صفقات‭ ‬تسليح؛‭ ‬بل‭ ‬بحجم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭ ‬الجديدة‭ ‬الهائلة،‭ ‬التي‭ ‬ستتدفق‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬توقيع‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ -‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اتفاقيات‭ ‬بقيمة‭ ‬600‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬مع‭ ‬السعودية،‭ ‬و«تبادل‭ ‬اقتصادي‮»‬،‭ ‬بقيمة‭ ‬1‭.‬2‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬مع‭ ‬قطر‭ -‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اتفاقية‭ ‬بقيمة‭ ‬96‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لشراء‭ ‬الدوحة‭ ‬210‭ ‬طائرات‭ ‬بوينج‭ ‬أمريكية‭ ‬الصنع‭- ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬صفقات‭ ‬تصل‭ ‬قيمتها‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬200‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬مع‭ ‬الإمارات؛‭ ‬فيجب‭ ‬ملاحظة‭ ‬أيضًا‭ ‬كيفية‭ ‬موافقة‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬على‭ ‬صفقة‭ ‬أسلحة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الرياض‮»‬،‭ ‬بقيمة‭ ‬تقدر‭ ‬بنحو‭ ‬142‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إعلان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬شريك‭ ‬أقوى‮»‬‭ ‬من‭ ‬السعودية‭.‬

وفي‭ ‬تقييمه‭ ‬لكيفية‭ ‬عزم‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬‭ ‬الواضح‭ ‬على‭ ‬‮«‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخليجية‮»‬،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬‮«‬التورط‭ ‬في‭ ‬مشاكل‭ ‬المنطقة‭ ‬المستمرة»؛‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬كيمبي‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الجدير‭ ‬بالملاحظة‭ ‬أيضًا‭ ‬إشارة‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬بلاده‭ ‬الخارجية‭ ‬تجاه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ستكون‭ ‬سياسة‭ ‬مناهضة‭ ‬للتدخل‭ ‬بشكل‭ ‬قاطع‭. ‬

وفي‭ ‬خطاب‭ ‬ألقاه‭ ‬في‭ ‬‮«‬الرياض‮»‬‭ -‬والذي‭ ‬اعتبره‭ ‬كيمبي‭ ‬محددًا‭ ‬لجوهر‭ ‬الرحلة‭ ‬بأكملها‭- ‬تحدث‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬جيلًا‭ ‬جديدًا‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬يتجاوز‭ ‬أمام‭ ‬أعيننا‭ ‬الصراعات‭ ‬القديمة،‭ ‬والانقسامات‭ ‬المضنية‭ ‬في‭ ‬الماضي‮»‬،‭ ‬و‮«‬يصنعون‭ ‬مستقبلًا‭ ‬يُعرّف‭ ‬فيه‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬بالتجارة،‭ ‬لا‭ ‬بالفوضى‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬روس‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تأكيده‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬تحت‭ ‬قيادته‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬للوعظ‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬‮«‬للتدخل‭ ‬عسكريًا‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬الإدارات‭ ‬الأخرى‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬فهم‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المنطقة‭ ‬نفسها‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬حالاتها‭ ‬عندما‭ ‬تُترك‭ ‬لحالها‮»‬‭. ‬

من‭ ‬جانبه،‭ ‬سلط‭ ‬‮«‬ستيفن‭ ‬كوك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‮»‬،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الأدوار‭ ‬البارزة‭ ‬التي‭ ‬لعبتها‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬وساطة‭ ‬السعودية‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬وأوكرانيا‮»‬،‭ ‬و«دور‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬تسهيل‭ ‬عودة‭ ‬المحتجزين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬من‭ ‬موسكو‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬‮«‬الجهود‭ ‬القطرية‭ ‬لدفع‭ ‬تسوية‭ ‬سلمية‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬وكتب‭ ‬‮«‬كوك‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬شركائها‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬بوصفهم‭ ‬‮«‬محاورين‭ ‬موثوقين‭ ‬يمكن‭ ‬الاعتماد‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬ملفات‭ ‬إقليمية‭ ‬ودولية‭ ‬معقدة‭.‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬هذا‭ ‬التحليل،‭ ‬تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬قد‭ ‬وثق‭ ‬بنصيحة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬السعودي‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬‮«‬محمد‭ ‬بن‭ ‬سلمان‮»‬،‭ ‬بشأن‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬عن‭ ‬سوريا،‭ ‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬بشار‭ ‬الأسد،‭ ‬وكيف‭ ‬التقى‭ ‬شخصيًا‭ ‬الرئيس‭ ‬السوري‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬‮«‬أحمد‭ ‬الشرع‮»‬،‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬وصفته‭ ‬‮«‬ليز‭ ‬دوسيت‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للتصديق‮»‬‭ ‬قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬خصصت‭ ‬مكافأة‭ ‬قدرها‭ ‬10‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬لمن‭ ‬يدلي‭ ‬بمعلومات‭ ‬عن‭ ‬الشرع،‭ ‬ولم‭ ‬تُرفع‭ ‬هذه‭ ‬المكافأة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أشارت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬الإيكونوميست‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬تجاهل‭ ‬الصقور‭ ‬داخل‭ ‬إدارته‮»‬،‭ ‬والذين‭ ‬نصحوه‭ ‬بعدم‭ ‬عقد‭ ‬هذا‭ ‬الاجتماع،‭ ‬وعدم‭ ‬تخفيف‭ ‬العقوبات،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬كيف‭ ‬أصبحت‭ ‬علاقاته‭ ‬الشخصية‭ ‬مع‭ ‬قادة‭ ‬الخليج،‭ ‬مؤثرة‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬المسار‭ ‬المستقبلي‭ ‬للمنطقة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أيضًا‭ ‬التوقف‭ ‬عند‭ ‬جولة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والتي‭ ‬كشفت‭ ‬بحسب‭ ‬‮«‬كسينيا‭ ‬سفيتلوفا‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬‮«‬عزلة‭ ‬متزايدة‮»‬‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬ولرئيس‭ ‬وزرائها‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬ابتعد‭ ‬عن‭ ‬الدعم‭ ‬الكامل‮»‬‭ ‬للحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستمرة‭ ‬على‭ ‬غزة‭. ‬ونتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬بات‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ -‬وفقًا‭ ‬لسفيتلوفا‭- ‬أمام‭ ‬خيارين‭: ‬إما‭ ‬‮«‬اتباع‭ ‬مسار‭ ‬خفض‭ ‬التصعيد‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬المخاطرة‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬العزلة‭ ‬الدولية،‭ ‬والتآكل‭ ‬السياسي‭ ‬الداخلي‭ ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬نهجه‭ ‬الحالي‮»‬‭.‬

من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬فقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬للمنطقة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬حكومته‭ ‬منخرطة‭ ‬بالكامل‭ ‬في‭ ‬مفاوضات‭ ‬جادة‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبل‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‮»‬،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬طهران‮»‬،‭ ‬‮«‬وافقت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‮»‬‭ ‬على‭ ‬الشروط‭ ‬المقترحة‭. ‬واعتبرت‭ ‬‮«‬سنام‭ ‬فاكيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬التبادل‭ ‬الحالي‮»‬،‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬ينبغي‭ ‬النظر‭ ‬إليه‭ ‬كـ«إشارة‭ ‬إيجابية‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الزخم،‭ ‬بينما‭ ‬يجري‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬تفاصيل‭ ‬الصفقة‮»‬‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحسابات‭ ‬الأمريكية‭ ‬لهذه‭ ‬الزيارة؛‭ ‬فقد‭ ‬رأى‭ ‬‮«‬كيمبي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬التنافس‭ ‬على‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الخليجية‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬بدأه‭ ‬ترامب‭ ‬يرتبط‭ ‬برغبة‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬في‭ ‬كسب‭ ‬اليد‭ ‬العليا‭ ‬في‭ ‬‮«‬المواجهة‭ ‬التجارية‭ ‬المستمرة‭ ‬والتنافس‭ ‬التكنولوجي‭ ‬مع‭ ‬الصين‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬البيانات‭ ‬الصادرة‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬إلى‭ ‬الإمارات‭ ‬لا‭ ‬تتضمن‭ ‬تنازلات‭ ‬إماراتية‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬تطمينات‭ ‬لواشنطن‭ ‬بشأن‭ ‬العلاقات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬مع‭ ‬بكين‭. ‬وكتب‭ ‬‮«‬كالابريس‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬ظبي‮»‬،‭ ‬واثقة‭ ‬من‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬شراكات‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين،‭ ‬ولذلك‭ ‬فهي‭ ‬تواصل‭ ‬ما‭ ‬وصفه‭ ‬بـ«استراتيجيتها‭ ‬التحوطية‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬السياق‭ ‬نفسه،‭ ‬ذكرت‭ ‬‮«‬ناتاشا‭ ‬توراك‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬سي‭ ‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬قادة‭ ‬السعودية،‭ ‬وقطر،‭ ‬والإمارات‭ ‬استقبلوا‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬،‭ ‬باحتفال‭ ‬مبهر‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬ضخامة‭ ‬الأرقام‭ ‬المُعلنة‭ ‬في‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والتجارية،‭ ‬فإن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬تسعى‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬تصدر‭ ‬المشهد‭ ‬في‭ ‬شراكاتها‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬أو‭ ‬العسكري،‭ ‬أو‭ ‬التكنولوجي‭.‬

وفيما‭ ‬يخص‭ ‬الإمارات‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬أقر‭ ‬‮«‬كالابريس‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬حساباتها‭ ‬الاستراتيجية‮»‬‭ ‬في‭ ‬الميل‭ ‬نحو‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ذات‭ ‬بعدين‭: ‬الأول،‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مزايا‭ ‬اقتصادية‭ ‬وتكنولوجية‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية‭. ‬والثاني،‭ ‬الاعتبارات‭ ‬الأمنية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬العلاقة‭ ‬الأمنية‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬بالغة‭ ‬الأهمية‮»‬‭.‬

ويتجلى‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬قواعد‭ ‬تصدير‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مطبقة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬‮«‬إدارة‭ ‬بايدن‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬مكّن‭ ‬الإمارات‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬أحدث‭ ‬رقائق‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات‭ ‬أمريكية‭ ‬الصنع‭. ‬فيما‭ ‬أعلنت‭ ‬‮«‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬الأمريكية‮»‬‭ ‬أيضًا‭ ‬عن‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬إطار‭ ‬عمل‭ ‬شراكة‭ ‬يهدف‭ ‬لتسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬استخدام‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‮»‬،‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والإمارات‭. ‬وذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬نيويورك‭ ‬تايمز‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬واشنطن‮»‬،‭ ‬تدرس‭ ‬إرسال‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬رقائق‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬جي‭ ‬42‮»‬‭ ‬الإماراتية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يُعد‭ ‬دليلاً‭ ‬على‭ ‬الفوائد‭ ‬الكبيرة‭ ‬لهذا‭ ‬التعاون‭. ‬فيما‭ ‬اعتبرت‭ ‬‮«‬فاكيل‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬‮«‬تعزز‭ ‬فعليًا‭ ‬مكانة‭ ‬‮«‬أبو‭ ‬ظبي‮»‬،‭ ‬كـلاعب‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‮»‬‭. ‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أوضح‭ ‬‮«‬كيمبي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬البيت‭ ‬الأبيض‮»‬،‭ ‬أعلن‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬مايو‭ ‬عن‭ ‬صفقات‭ ‬مع‭ ‬السعودية‭ ‬تتضمن‭ ‬التزام‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬هيوماين‮»‬،‭ ‬التابعة‭ ‬للصندوق‭ ‬السيادي‭ ‬السعودي‭ ‬ببناء‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬باستخدام‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬شرائح‭ ‬‮«‬نفيديا‮»‬‭ ‬المتقدمة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬المقبلة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬شراكة‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬أمازون‭ ‬لخدمات‭ ‬الإنترنت‭ ‬لتنفيذ‭ ‬استثمارات‭ ‬تفوق‭ ‬5‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬لبناء‭ ‬‮«‬منطقة‭ ‬ذكاء‭ ‬اصطناعي‮»‬،‭ ‬هي‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬السعودية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬تحفظات‭ ‬حول‭ ‬التأثيرات‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬لزيارة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬الخليج،‭ ‬منها‭ ‬الصمت‭ ‬الملحوظ‭ ‬تجاه‭ ‬فكرة‭ ‬تطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وكذلك‭ ‬قبوله‭ ‬بطائرة‭ ‬بوينغ‭ ‬بديلة‭ ‬لطائرة‭ ‬الرئاسة‭ ‬الأولى،‭ ‬ما‭ ‬أثار‭ ‬انتقادات‭ ‬داخلية‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬مؤيديه‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬‮«‬لنجعل‭ ‬أمريكا‭ ‬عظيمة‭ ‬مجددًا‮»‬،‭ ‬يمكن‭ ‬الاستنتاج‭ ‬أن‭ ‬كلًا‭ ‬من‭ ‬‮«‬الولايات‭ ‬المتحدة‮»‬،‭ ‬و«دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‮»‬،‭ ‬قد‭ ‬أنهوا‭ ‬هذه‭ ‬الزيارة‭ ‬بنجاحات‭ ‬اقتصادية‭ ‬وجيوسياسية‭ ‬مهمة‭. ‬

فمن‭ ‬الجانب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬شدد‭ ‬‮«‬كيمبي‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬كسب‭ ‬جولة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الصين‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الأهم‭ ‬لواشنطن‮»‬‭. ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬كالابريس‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬التي‭ ‬أبرمتها‭ ‬واشنطن،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬توفير‭ ‬رقائق‭ ‬أشباه‭ ‬الموصلات‭ ‬المتقدمة،‭ ‬ستُعزز‭ ‬مكانة‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬كمراكز‭ ‬عالمية‭ ‬للاستثمار‭ ‬والتكنولوجيا‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا